فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق وأكل أبو بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم، «فلم يتوضئوا»

( بابُُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي حكم من لم يتَوَضَّأ من أكل لحم الشَّاة، قيد بِلَحْم الشَّاة ليندرج مَا هُوَ مثلهَا وَمَا هُوَ دونهَا فِي حكمهَا.
قَوْله: ( والسويق) بِالسِّين وَالصَّاد، لُغَة فِيهِ لمَكَان المضارعة، وَالْجمع: أسوقة.
وَسمي بذلك لانسياقه فِي الْخلق، والقطعة من السويق سويقة، وَعَن أبي حنيفَة: الجذيذة السويق، لِأَن الْحِنْطَة جذت لَهُ.
يُقَال: جذذت الْحِنْطَة للسويق.
.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: إِذا أَرَادوا أَن يعملوا الفريصة، وَهِي ضرب من السويق، ضربوا من الزَّرْع مَا يُرِيدُونَ حِين يستفرك، ثمَّ يسهمونه، وتسهيمه أَن يسخن على المقلى حَتَّى ييبس، وَإِن شاؤا جعلُوا مَعَه على المقلى الفودنج، وَهُوَ أطيب الْأَطْعِمَة.
وَعَابَ رجل السويق بِحَضْرَة أَعْرَابِي فَقَالَ: لَا تَعبه، فَإِنَّهُ عدَّة الْمُسَافِر، وَطَعَام العجلان، وغذاء المبتكر، وبلغة الْمَرِيض، وَهُوَ يسر فؤاد الحزين، وَيرد من نفس المحرور، وجيد فِي التسمين، ومنعوت فِي الطِّبّ، وفقارة لحلق البلغم، وملتوته يصفي الدَّم؛ وَإِن شِئْت كَانَ شرابًا، وَإِن شِئْت كَانَ طَعَاما، وَإِن شِئْت ثريداً وَإِن شِئْت خبيصاً.
وثريت السويق: صببت عَلَيْهِ مَاء ثمَّ لتيته، وَفِي ( مجمع الغرائب) : ثرى يثري ثرية: إِذا بل التُّرَاب، وَإِنَّمَا بل السويق لما كَانَ لحقه من اليبس والقدم، وَهُوَ شَيْء يتَّخذ من الشّعير أَو الْقَمْح، يدق فَيكون شبه الدَّقِيق إِذا احْتِيجَ إِلَى أكله خلط بِمَاء، أَو لبن أَو رب أَو نَحوه.
.

     وَقَالَ  قوم: الكعك.
قَالَ السفاقسي: قَالَ بَعضهم: كَانَ ملتوتاً بِسمن.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: هُوَ دَقِيق الشّعير والسلت المقلو، وَيرد قَول من قَالَ: إِن السويق هُوَ الكعك قَول الشَّاعِر:
( يَا حبذا الكعك بِلَحْم مثرود ... وخشكنان مَعَ سويق مقنود.
)


وَقَالَ ابْن التِّين لَيْسَ فِي حَدِيثي الْبابُُ ذكر السويق،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أُجِيب بِأَنَّهُ دخل من بابُُ أولى، لِأَنَّهُ إِذا لم يتَوَضَّأ من اللَّحْم مَعَ دسومته، فعدمه من السويق أولى، وَلَعَلَّه أَشَارَ بذلك إِلَى الحَدِيث فِي الْبابُُ الَّذِي بعد.
قلت: وَإِن سلمنَا مَا قَالَه، فتخصيص السويق بِالذكر لماذا؟ وَقَوله: وَلَعَلَّه ... إِلَى آخِره، أبعد من الْجَواب الأول، لِأَنَّهُ عقد على السويق بابُُا، فَلَا يذكر إلاَّ فِي بابُُه، وَذكره إِيَّاه هَهُنَا لَا طائل تَحْتَهُ.
لِأَنَّهُ لَا يُفِيد شَيْئا زَائِدا.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهر، لِأَن أَكثر هَذِه الْأَبْوَاب فِي أَحْكَام الْوضُوء.

وأكَلَ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمانُ رَضِي الله عَنْهُم فَلَمْ يَتَوَضَّؤوُا

لَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر لَحْمًا، وَإِنَّمَا روى: أكل أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم يتوضؤوا، وَوجد ذَلِك فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَالْأولَى أَعم، لِأَن فِيهَا حذف الْمَفْعُول، وَهُوَ يتَنَاوَل أكل كل مَا مسته النَّار لَحْمًا أَو غَيره، وَكَذَا وصل هَذَا التَّعْلِيق الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُسْند الشاميين) بِإِسْنَاد حسن من طَرِيق سُلَيْمَان بن عَامر، قَالَ: ( رَأَيْت أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان أكلُوا مِمَّا مست النَّار وَلم يتوضؤوا) وروى ابْن أبي شيبَة عَن هَيْثَم: أخبرنَا عَليّ بن زيد حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، قَالَ: ( أكلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان خبْزًا وَلَحْمًا فصلوا وَلم يتوضؤوا) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن ابْن أبي عمر عَن ابْن عُيَيْنَة حَدثنَا ابْن عقيل فَذكره مطولا، وَرَوَاهُ ابْن حبَان عَن عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أَبُو عَلْقَمَة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي فَرْوَة حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَنهُ، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة حَدثنَا مُوسَى بن سهل حَدثنَا عَليّ بن عَبَّاس حَدثنَا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن ابْن الْمُنْكَدر، وروى الطَّحَاوِيّ عَن أبي بكرَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا رَبَاح بن أبي مَعْرُوف عَن عَطاء عَن جَابر، قَالَ: ( أكلنَا مَعَ ابي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خبْزًا وَلَحْمًا ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ) .
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من عشر طرق، وروى أَيْضا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، نَحوه.
قَوْله: ( فَلم يتوضؤوا) : غَرَضه مِنْهُ بَيَان الْإِجْمَاع السكوتي.


[ قــ :203 ... غــ :207 ]
- ( حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكل كتف شَاة ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
( بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة.
كلهم ذكرُوا.
وَمن لطائف إِسْنَاده التحديث بِصِيغَة الْجمع والإخبار بِصِيغَة الْجمع والعنعنة.
( بَيَان من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد جَمِيعًا فِي الطَّهَارَة عَن القعْنبِي عَن مَالك.
( بَيَان الْمَعْنى) قَوْله " أكل كتف شَاة " أَي أكل لَحْمه وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة " تعرق " أَي أكل مَا على الْعرق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ الْعظم وَيُقَال لَهُ الْعرَاق بِالضَّمِّ أَيْضا وَفِي لفظ " انتشل عرقا من قدر " وَعند مُسلم " أَنه أكل عرقا أَو لَحْمًا ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ وَلم يمس مَاء " وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السراج فِي مُسْنده بِزِيَادَة " وَلم يمضمض " وَفِي مُسْند أَحْمد " انتهش من كتف " وَعند ابْن ماجة " ثمَّ مسح يَده بمسح كَانَ تَحْتَهُ " وَفِي الْمنصف " أكل من عظم أَو تعرق من ضلع " وَفِي سنَن أبي دَاوُد " فرأيته يسيل على لحيته أمشاج من دم دَمًا ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة " وَفِي مُسْند القَاضِي إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق كَانَ ذَلِك فِي بَيت ضباعة بنت الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهِي بنت عَم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
( بَيَان الحكم) وَهُوَ أكل مَا مسته النَّار لَا يُوجب الْوضُوء وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد واسحق وَأبي ثَوْر وَأهل الشَّام وَأهل الْكُوفَة وَالْحسن بن الْحسن وَاللَّيْث بن سعد وَأَبُو عبيد وَدَاوُد بن عَليّ وَابْن جرير الطَّبَرِيّ إِلَّا أَن أَحْمد يرى الْوضُوء من لحم الْجَزُور فَقَط.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وعامر بن ربيعَة وَأَبُو أُمَامَة وَأبي بن كَعْب وَأَبُو الدَّرْدَاء لَا يرَوْنَ الْوضُوء مِمَّا مست النَّار.

     وَقَالَ  الْحسن الْبَصْرِيّ وَالزهْرِيّ وَأَبُو قلَابَة وَأَبُو مجلز وَعمر بن عبد الْعَزِيز يجب الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَأبي طَلْحَة وَأبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَأنس وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَأم حَبِيبَة أم الْمُؤمنِينَ وَأبي أَيُّوب وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا حَدِيث أبي طَلْحَة صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أكل ثَوْر أقط فَتَوَضَّأ مِنْهُ قَالَ عمر والثور الْقطعَة " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَمِنْهَا حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " توضؤا مِمَّا غيرت النَّار " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَمِنْهَا حَدِيث أم حَبِيبَة قَالَت " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ توضؤا مِمَّا مست النَّار " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأحمد فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " توضؤا مِمَّا غيرت النَّار وَلَو من ثَوْر أقط " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأحمد فِي مُسْنده وَأخرجه التِّرْمِذِيّ والسراج فِي مُسْنده وَمِنْهَا حَدِيث سهل بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من أكل لَحْمًا فَليَتَوَضَّأ " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد حسن واحتجت الْجَمَاعَة الأولى بِأَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث عَمْرو بن أُميَّة وَغَيرهمَا وَأَحَادِيث هَؤُلَاءِ مَنْسُوخَة بِمَا روى عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ " كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار " أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالُوا أَيْضا يجوز أَن يكون المُرَاد من الْوضُوء فِي الْأَحَادِيث الأول غسل الْيَد لَا وضوء الصَّلَاة فَإِن قلت روى تَوَضَّأ وروى وَلم يتَوَضَّأ قلت هُوَ دائر بَين الْأَمريْنِ فَحَدِيث جَابر بَين أَن المُرَاد الْوضُوء الَّذِي هُوَ غسل الْيَد



[ قــ :04 ... غــ :08 ]
- حدّثنا يَحْيىَ بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ قالَ أخْبرَنِي جَعْفَرُ بنُ عَمْرِ وابِن أُمَيَّةَ أنّ أخْبَرهُ أَبَاهُ أنَّهُ رأى رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاَةِ فألْقى السِّكِّينَ فَصَلَّى ولَمْ يَتَوضَّأْ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة.
الأول: يحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ.
الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: بن خَالِد الْأَيْلِي الْمصْرِيّ، سبقوا فِي كتاب الْوَحْي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة.
السَّادِس: أَبوهُ عَمْرو بن امية.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع والعنعنة والإخبار.
وَمِنْهَا: أَن ثَلَاثَة من رُوَاته مصريون وَالثَّلَاثَة الْبَاقِيَة مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فيهم إمامين كبيرين.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَفِي الْجِهَاد كَذَلِك، وَفِي الْأَطْعِمَة عَن أبي الْيَمَان، وفيهَا عَن مُحَمَّد بن مقَاتل أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَعَن أَحْمد بن عِيسَى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن مَحْمُود بن غيرن.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن أَحْمد بن مُحَمَّد.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن دُحَيْم.

بَيَان الْمَعْنى وَغَيره قَوْله: ( يحتز) بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي اي: يقطع، يُقَال احتزه اي: قطعه.
وَزَاد البُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ: ( يَأْكُل مِنْهَا) ، وَفِي الصَّلَاة من طَرِيق صَالح عَن الزُّهْرِيّ: ( يَأْكُل ذِرَاعا يحتز مِنْهَا) ، وَفِي أُخْرَى: ( يحتز من كتف يَأْكُل مِنْهَا) .
قَوْله: ( من كتف شَاة) قَالَ ابْن سَيّده: الْكَتف الْعَظِيم بِمَا فِيهِ، وَهِي أُنْثَى، وَالْجمع أكتاف.
يُقَال: كتف، بِفَتْح الْكَاف وَكسر التَّاء، و: كتف، بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون التَّاء، وَقيل: هِيَ عظم عريض خلف الْمنْكب، وَهِي تكون للنَّاس وَغَيرهم، والكتف من الْإِبِل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَغَيرهَا: مَا فَوق الْعَضُد.
وَقيل: الكتفان أَعلَى الْيَدَيْنِ، وَالْجمع أكتاف.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لم يجاوزوا بِهِ هَذَا الْبناء، وَحكى اللحياني فِي جمعه: كتفه.
قَوْله: ( فالقى السكين) زَاد فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: ( فألقاها) .
و: السكين، على وزن: فعيل، كشريب يذكر وَيُؤَنث.
وَحكى الْكسَائي: سكينَة، وَلَعَلَّه سمى بِهِ لِأَنَّهُ يسكن حَرَكَة الْمَذْبُوح بِهِ.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: فِيهِ دلَالَة على أَن أكل مَا مسته النَّار لَا يُوجب الْوضُوء، وَقد ذَكرْنَاهُ.
الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز قطع اللَّحْم بالسكين.
فَإِن قلت: ورد النَّهْي عَن ذَلِك فِي ( سنَن ابي دَاوُد) .
قلت: حَدِيث ضَعِيف، فَإِذا ثَبت خص بِعَدَمِ الْحَاجة الداعية إِلَى ذَلِك لما فِيهِ من التَّشَبُّه بالأعاجم وَأهل الترف.
الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز دُعَاء الْأَئِمَّة إِلَى الصَّلَاة، وَكَانَ الدَّاعِي فِي الحَدِيث بِلَالًا، رَضِي الله عَنهُ.
الرَّابِع: فِيهِ قبُول الشَّهَادَة على النَّفْي محصوراً، مثل هَذَا أعنى قَوْله: ( وَلم يتَوَضَّأ) .