فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب نوم الرجال في المسجد

( بابُُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان نوم الرِّجَال فِي الْمَسْجِد أَي: جَوَاز ذَلِك، فَإِن قلت: لِمَ مَا قَالَ نوم الرجل مثل مَا قَالَ فِي الْبابُُ السَّابِق نوم الْمَرْأَة على الْإِفْرَاد؟ قلت: أما الْإِفْرَاد هُنَاكَ فلأجل أَن الحَدِيث الَّذِي فِيهِ فِي قصَّة امْرَأَة وَاحِدَة، وَأما الْجمع هَهُنَا فَلِأَن الْأَثر الَّذِي ذكره فِي أول هَذَا الْبابُُ فِي الْجَمَاعَة، على أَن فِي بعض النّسخ بابُُ نوم الرجل.
والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة.

وَقَالَ أبُو قِلاَبَةَ عنْ أنَسٍ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَ النَّبيِّ فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ.

هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من قصَّة العرنيين، وَقد تقدم حَدِيثهمْ فِي الطَّهَارَة، وَهَذَا اللَّفْظ أوردهُ مَوْصُولا فِي الْمُحَاربين من طَرِيق وهيب عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة، وَهُوَ بِكَسْر الْقَاف وخفة اللَّام وبالباء الْمُوَحدَة: واسْمه عبد ابْن زيد: ( والرهط) مَا دون الْعشْرَة من الرِّجَال لَا يكون فيهم امْرَأَة.
و: ( عكل) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْكَاف وباللام: قَبيلَة من الْعَرَب.
و: ( الصّفة) بِضَم الصَّاد وَتَشْديد الْفَاء: مَوضِع مظلل من الْمَسْجِد يأوي إِلَيْهِ الْمَسَاكِين.

وقالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بَكْر كانَ أصحَابُ الصُّفَّةِ الفُقَرَاءُ.
هَذَا التَّعْلِيق أول حَدِيث طَوِيل يَأْتِي ذكره فِي بابُُ السمر مَعَ الْأَهْل، والضيف، وأوله: حدّثنا أَبُو النُّعْمَان، قَالَ: حدّثنا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، قَالَ: حدّثنا أبي، قَالَ: حدّثنا أَبُو عُثْمَان عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر: ( أَن أَصْحَاب الصّفة كَانُوا نَاسا فُقَرَاء، وَأَن النَّبِي، قَالَ: من كَانَ عِنْده طَعَام اثْنَيْنِ فليذهب بثالث) .
الحَدِيث، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ: ابْن أبي بكر الصّديق، و: الصّفة، كَانَت موضعا مظللاً فِي مَسْجِد النَّبِي، كَانَ الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرُونَ الَّذين لَيْسَ لَهُم منزل يسكنونها.
وَقيل؛ سموا بأصحاب الصّفة لأَنهم كَانُوا يصفونَ على بابُُ الْمَسْجِد، لأَنهم غرباء لَا مأوى لَهُم.
قَوْله: ( فُقَرَاء) ، ويروى ( الْفُقَرَاء) ، بِالْألف وَاللَّام.


[ قــ :431 ... غــ :440]
- ( حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن عبيد الله قَالَ حَدثنِي نَافِع قَالَ أَخْبرنِي عبد الله بن عمر أَنه كَانَ ينَام وَهُوَ شَاب أعزب لَا أهل لَهُ فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
( ذكر رِجَاله) وهم قد ذكرُوا غير مرّة وَأما الْإِسْنَاد بِعَيْنِه تقدم فِي بابُُ كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمَقَابِر وَيحيى هُوَ الْقطَّان وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَرِجَاله مَا بَين مصري ومدني ( ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن عبيد الله بن عمر وَترْجم البُخَارِيّ أَيْضا على هَذَا الحَدِيث فِي أَوَاخِر الصَّلَاة بابُُ فضل قيام اللَّيْل وَذكره مطولا وَفِيه " كنت غُلَاما شَابًّا وَكنت أَنَام فِي الْمَسْجِد على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرجه مُسلم وَابْن ماجة أَيْضا وَلَفظ مُسلم " كنت أَبيت فِي الْمَسْجِد وَلم يكن لي أهل " وَلَفظ ابْن ماجة " كُنَّا ننام فِي الْمَسْجِد على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
( ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه) قَوْله " وَهُوَ شَاب " جملَة اسمية وَقعت حَالا وأعزب صفة للشاب وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عزب بِدُونِ الْألف.

     وَقَالَ  الْقَزاز فِي الْجَامِع العزب الَّذِي لَا امْرَأَة لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة الَّتِي لَا زوج لَهَا كل وَاحِد مِنْهُمَا عزب وعزبة وَقد عزب الرجل يعزب عزوبة فَهُوَ عزب وَلَا يُقَال أعزب ورد أَبُو إِسْحَاق الزّجاج على ثَعْلَب فِي الفصيح فِي قَوْله وَامْرَأَة عزبة فَقَالَ هَذَا خطأ إِنَّمَا يُقَال رجل أعزب وَامْرَأَة عزب وَلَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث لِأَنَّهُ مصدر قَالَ الشَّاعِر
( يَا من يدل عزبا على عزب ... على فتاة مثل نبراس الذَّهَب)
النبراس بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة الْمِصْبَاح قَالَه الْجَوْهَرِي.

     وَقَالَ  ابْن درسْتوَيْه فِي شَرحه الْعَامَّة تَقول عزبة وَهُوَ يجوز فِي المصادر إِذا غلبت على الصّفة حَتَّى جرت مجْرى الْأَسْمَاء وَلَيْسَ بالمختار وَفِي الْمُحكم رجل عزب ومعزابة لَا أهل لَهُ وَامْرَأَة عزبة وعزب وَالْجمع أعزاب وَجمع العازب عزاب والعزب اسْم للْجمع وَكَذَلِكَ العزيب اسْم للْجمع.

     وَقَالَ  صَاحب الْمُنْتَهى العزب بِالتَّحْرِيكِ نعت للذّكر وَالْأُنْثَى.

     وَقَالَ  الْكسَائي الْعزبَة الَّتِي لَا زوج لَهَا وَالْأول أشهر قَوْله " لَا أهل لَهُ " أَي لِابْنِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قيل العزب هُوَ الَّذِي لَا زوج لَهُ فَمَا فَائِدَة قَوْله " لَا أهل لَهُ " وَأجِيب بِأَنَّهُ للتَّأْكِيد أَو التَّعْمِيم لِأَن الْأَهْل أَعم من الزَّوْجَة قَوْله " فِي مَسْجِد " يتَعَلَّق بقوله " ينَام ".
( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) وَهُوَ جَوَاز النّوم فِي الْمَسْجِد لغير الْغَرِيب.
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فَمِمَّنْ رخص فِي النّوم فِيهِ ابْن عمر.

     وَقَالَ  " كُنَّا نبيت فِيهِ ونقيل على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَعَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَعَطَاء وَمُحَمّد بن سِيرِين مثله وَهُوَ وَاحِد قولي الشَّافِعِي وَاخْتلف عَن ابْن عَبَّاس فروى عَنهُ أَنه قَالَ " لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِد مرفدا " وروى عَنهُ أَنه قَالَ " إِن كنت تنام فِيهِ لصَلَاة فَلَا بَأْس ".

     وَقَالَ  مَالك لَا أحب لمن لَهُ منزل أَن يبيت فِي الْمَسْجِد ويقيل فِيهِ وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق.

     وَقَالَ  مَالك " وَقد كَانَ أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبيتُونَ فِي الْمَسْجِد " وَكره النّوم فِيهِ ابْن مَسْعُود وَطَاوُس وَمُجاهد وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقد سُئِلَ سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار عَن النّوم فِيهِ فَقَالَا كَيفَ تسْأَلُون عَنْهَا وَقد كَانَ أهل الصّفة ينامون فِيهِ وهم قوم كَانَ مسكنهم الْمَسْجِد وَذكر الطَّبَرِيّ عَن الْحسن قَالَ رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان نَائِما فِيهِ لَيْسَ حوله أحد وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَقد نَام فِي الْمَسْجِد جمَاعَة من السّلف بِغَيْر مَحْذُور للِانْتِفَاع بِهِ فِيمَا يحل كَالْأَكْلِ وَالشرب وَالْجُلُوس وَشبه النّوم من الْأَعْمَال وَالله أعلم



[ قــ :43 ... غــ :441]
- ( حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أبي سهل بن حَازِم عَن سعد قَالَ جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيت فَاطِمَة فَلم يجد عليا فِي الْبَيْت فَقَالَ أَيْن ابْن عمك قَالَت كَانَ بيني وَبَينه شَيْء فغاضبني فَخرج فَلم يقل عِنْدِي فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لإِنْسَان انْظُر أَيْن هُوَ فجَاء فَقَالَ يَا رَسُول الله هُوَ فِي الْمَسْجِد رَاقِد فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُضْطَجع قد سقط رِدَاؤُهُ عَن شقَّه وأصابه تُرَاب فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسحه عَنهُ وَيَقُول قُم أَبَا تُرَاب قُم أَبَا تُرَاب) مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
( ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة.
الأول قُتَيْبَة بن سعيد وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة الْمدنِي لم يكن بِالْمَدِينَةِ أفقه مِنْهُ بعد مَالك مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
الثَّالِث أَبوهُ أَبُو حَازِم واسْمه سَلمَة بِفَتْح اللَّام بن دِينَار الْأَعْرَج.
الرَّابِع سُهَيْل بن سعد الصَّحَابِيّ وَهُوَ آخر من مَاتَ من الصَّحَابَة ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَهُوَ إِسْنَاد رباعي وَرُوَاته مدنيون غير شيخ البُخَارِيّ فَإِنَّهُ بلخي ( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن قُتَيْبَة أَيْضا وَأخرجه فِي فضل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيْضا عَن القعْنبِي وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن قُتَيْبَة ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَيْن ابْن عمك " أَرَادَ بِهِ عَليّ بن أبي طَالب وَفِي الْحَقِيقَة ابْن عَم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّمَا اخْتَار هَذِه الْعبارَة وَلم يقل أَيْن زَوجك أَو أَيْن عَليّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهم أَنه جرى بَينهمَا شَيْء فَأَرَادَ استعطافها عَلَيْهِ بِذكرِهِ الْقَرَابَة النسبية الَّتِي بَينهمَا قَوْله " فغاضبني " من بابُُ المفاعلة الْمَوْضُوع لمشاركة اثْنَيْنِ قَوْله " فَلم يقل " بِكَسْر الْقَاف من القيلولة والقيلولة نوم نصف النَّهَار ذكره ابْن درسْتوَيْه وَفِي الفصيح ( قلت) من القائلة قيلولة وَزعم الزَّمَخْشَرِيّ أَن الْهَاء فِي القائلة تدل على السَّاعَة كَقَوْلِهِم الهاجرة وَفِي المصادر للفراء ( قلت) وَأَنا أقيل قيلا وَمَقِيلا وقيلولة وقائلة وَفِي نَوَادِر اللحياني أَنا قَائِل وَالْجمع قَائِلُونَ وقيال وَفِي الْمُخَصّص قوم قيل وَفِي الصِّحَاح قيل بِالتَّخْفِيفِ مثل صَاحب وَصَحب قَوْله " وَهُوَ مُضْطَجع " جملَة اسمية وَقعت حَالا وَلَكِن فِي الْكَلَام مُقَدّر تَقْدِيره فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَسْجِد وَرَآهُ وَهُوَ مُضْطَجع وَكَذَلِكَ قَوْله " قد سقط رِدَاؤُهُ " جملَة حَالية قَوْله " عَن شقَّه " أَي عَن جَانِبه قَوْله " أَبَا تُرَاب " حذف مِنْهُ حرف النداء وَالتَّقْدِير يَا أَبَا تُرَاب ( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام) الأول فِيهِ جَوَاز دُخُول الْوَالِد فِي بَيت وَلَده بِغَيْر إِذن زَوجهَا.
الثَّانِي فِيهِ استعطاف الشَّخْص على غَيره بِذكر مَا بَينهمَا من الْقَرَابَة.
الثَّالِث فِيهِ إِبَاحَة النّوم فِي الْمَسْجِد لغير الْفُقَرَاء ولغير الْغَرِيب وَكَذَا القيلولة فِي الْمَسْجِد فَإِن عليا لم يقل عِنْد فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ونام فِي الْمَسْجِد وَفِي كتاب الْمَسَاجِد لأبي نعيم من حَدِيث بشر بن جبلة عَن أبي الْحسن عَن عَمْرو بن دِينَار عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه يرفعهُ " لَا تمنعوا القائلة فِي الْمَسْجِد مُقيما وَلَا ضيفا ".
الرَّابِع فِيهِ الممازحة للغاضب بالتكنية بِغَيْر كنية إِذا كَانَ ذَلِك لَا يغضبه بل يؤنسه.
الْخَامِس فِيهِ مدارة الصهر وتسلية أمره فِي غيابه.
السَّادِس فِيهِ جَوَاز التكنية بِغَيْر الْوَلَد فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كناه أَبَا تُرَاب وَفِي البُخَارِيّ فِي كتاب الاسْتِئْذَان مَا كَانَ لعَلي اسْم أحب إِلَيْهِ من أبي تُرَاب وَإنَّهُ كَانَ يفرح إِذا دعِي بهَا.
السَّابِع فِيهِ الْفَضِيلَة الْعَظِيمَة لعَلي بن أبي طَالب كرم الله وَجهه



[ قــ :433 ... غــ :44]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بنُ عِيسَى قَالَ حدّثنا ابنُ فُضَيْلٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبي حازِمٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أصْحَابِ الصفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ إِمَّا إِزَارٌ وإِمَّا كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوا فِي أعْنَاقِهِمْ فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ ومِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أنْ تُرَى عَوْرَتُهُ.


يُوسُف بن عِيسَى هُوَ الْمروزِي سبق فِي بابُُ من تَوَضَّأ من الْجَنَابَة، وَابْن فُضَيْل، بِضَم الْفَاء وَفتح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: هُوَ مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي، مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة، وَأَبوهُ فُضَيْل مر فِي بابُُ التستر فِي الْغسْل، وَأَبُو حَازِم هُوَ سلمَان الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي، وَهُوَ أكبر من أبي حَازِم الَّذِي قبله فِي السن واللقاء، وَإِن كَانَا جَمِيعًا مدنيين تابعيين ثقتين، وَيحْتَاج الْوَاقِف هُنَا أَن يكون على التيقظ لِئَلَّا يَقع التلبيس لأجل التشابه.
قَوْله: ( لقد رَأَيْت سبعين من أَصْحَاب الصّفة) ، هَؤُلَاءِ الَّذين رَآهُمْ أَبُو هُرَيْرَة غير السّبْعين الَّذين بَعثهمْ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي غَزْوَة بِئْر مَعُونَة وَكَانُوا من أهل الصّفة أَيْضا، لكِنهمْ اسْتشْهدُوا قبل إِسْلَام أبي هُرَيْرَة.
قَوْله: ( عَلَيْهِ رِدَاء) هُوَ: مَا يستر النّصْف الْأَعْلَى من الْبدن، والإزار مَا يكسو النّصْف الْأَسْفَل.
قَوْله: ( إِمَّا إِزَار) أَي: فَقَط، ( وَإِمَّا كسَاء) ، على الْهَيْئَة المشروحة فِي الْمَتْن.
قَوْله: ( قد ربطوا) أَي: الأكسية، فَحذف الْمَفْعُول للْعلم بِهِ.
قَوْله: ( فَمِنْهَا) أَي: فَمن الأكسية بِاعْتِبَار أَن الكساء جنس.
قَوْله: ( فيجمعه بِيَدِهِ) ، أَي: الْوَاحِد مِنْهُم، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ زِيَادَة وَهِي: إِن ذَلِك فِي حَال كَونهم فِي الصَّلَاة.