فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

( بابُُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والمبعث مصدر ميمي من الْبَعْث وَهُوَ الْإِرْسَال.

مُحَمَّدِ

بِالْجَرِّ عطف بَيَان للنَّبِي، وَهُوَ على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول من بابُُ التفعيل، صيغت للْمُبَالَغَة.
.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: كَانَت آمِنَة بنت وهب أم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تحدث أَنَّهَا أُوتيت حِين حملت برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَخ، وَفِيه: فَإِذا وَقع فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا فَإِن اسْمه فِي التَّوْرَاة أَحْمد، وَذكر الْبَيْهَقِيّ فِي ( الدَّلَائِل) بِإِسْنَاد مُرْسل: أَن عبد الْمطلب لما ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عمل لَهُ مأدبة، فَلَمَّا أكلُوا سَأَلُوهُ مَا سميته؟ قَالَ: مُحَمَّدًا.
قَالُوا: فبمَا رغبت بِهِ عَن أَسمَاء أهل بَيْتك، قَالَ: أردْت أَن يحمده الله فِي السَّمَاء وخلقه فِي الأَرْض.

ابنِ عَبْدِ الله
لَا خلاف فِي اسْمه أَنه عبد الله، قَالَ الْوَاقِدِيّ: ولد عبد الله فِي أَيَّام كسْرَى أنو شرْوَان لأربعة وَعشْرين سنة خلت من ملكه، وكنيته أَبُو أَحْمد، وَاخْتلفُوا فِي زمَان مَوته، فَقيل: إِنَّه مَاتَ وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حاملة بِهِ أمه.
.

     وَقَالَ  عَامَّة المؤرخين: إِنَّه مَاتَ قبل وِلَادَته بِشَهْر أَو بشهرين،.

     وَقَالَ  مقَاتل: بعد وِلَادَته بِثمَانِيَة وَعشْرين شهرا، وَقيل: بعد وِلَادَته بسبعة أشهر،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَأثبت الْأَقَاوِيل عندنَا أَنه مَاتَ وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حمل، وَكَانَت وَفَاته بِالْمَدِينَةِ فِي دَار النَّابِغَة عِنْد أَخْوَاله من بني النجار، وَيُقَال: إِنَّه دفن فِي دَار الْحَارِث بن إِبْرَاهِيم بن سراقَة الْعَدوي وَهُوَ من أخوال عبد الْمطلب، وَكَانَ أَبوهُ عبد الْمطلب بَعثه يمتار لَهُ تَمرا من الْمَدِينَة، وَقيل: إِنَّه خرج فِي تِجَارَة إِلَى الشَّام فِي عير لقريش، فَمَرض بِالْمَدِينَةِ شهرا وَمَات،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَتُوفِّي عبد الله وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة، وَقيل: ابْن ثَلَاثِينَ سنة، وَترك أم أَيمن وَكَانَت تحضن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعبد الله شَقِيق أبي طَالب.

ابنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
اسْمه شيبَة الْحَمد عِنْد الْجُمْهُور لجوده، وَقيل: شيبَة لقبه لقب بِهِ لشيبة كَانَت فِي رَأسه، وَيُقَال: اسْمه عَامر وكنيته أَبُو الْحَارِث، كني باسم وَلَده الْحَارِث وَهُوَ أكبر أَوْلَاده، وَله كنية أُخْرَى وَهِي أَبُو الْبَطْحَاء.
وَأمه سلمى بنت عَمْرو بن زيد بن لبيد بن خِدَاش بن عَامر بن غنم بن عدي بن النجار، وَإِنَّمَا قيل لَهُ عبد الْمطلب لِأَن أَبَاهُ هاشماً لما مر بِالْمَدِينَةِ فِي تِجَارَته إِلَى الشَّام، نزل على عَمْرو بن زيد بن لبيد الْمَذْكُور آنِفا، فَأَعْجَبتهُ ابْنَته سلمى فَخَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَزَوجهَا مِنْهُ، وَلما رَجَعَ من الشَّام بني بهَا وَأَخذهَا مَعَه إِلَى مَكَّة، ثمَّ خرج فِي تِجَارَة فَأَخذهَا مَعَه وَهِي حُبْلَى، وَتركهَا فِي الْمَدِينَة، وَدخل الشَّام وَمَات بغزة، وَوضعت سلمى وَلَدهَا فَسَمتْهُ: شيبَة، فَأَقَامَ عِنْد أَخْوَاله بني النجار سبع سِنِين، ثمَّ جَاءَ عَمه الْمطلب بن عبد منَاف فَأَخذه خُفْيَة من أمه، فَذهب بِهِ إِلَى مَكَّة فَلَمَّا رَآهُ النَّاس وَرَاءه على الرَّاحِلَة قَالُوا: من هَذَا مَعَك؟ فَقَالَ: عَبدِي، ثمَّ جاؤا فهنأوه بِهِ وَجعلُوا يَقُولُونَ لَهُ: عبد الْمطلب لذَلِك، فغلب عَلَيْهِ.
وَحكى الْوَاقِدِيّ عَن مخرمَة بن نَوْفَل الزُّهْرِيّ قَالَ: توفّي عبد الْمطلب فِي السّنة الثَّامِنَة من مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدفن فِي الْحجُون، وَاخْتلفُوا فِي سنه فَقيل: ثَمَانُون سنة، قَالَه الْوَاقِدِيّ، وَقيل: مائَة وَعشر سِنِين وَعشرَة أشهر،.

     وَقَالَ  هِشَام مائَة وَعِشْرُونَ.

ابنِ هاشِمٍ
اسْمه عَمْرو، وَسمي بِهِ لهشمه الثَّرِيد مَعَ اللَّحْم لِقَوْمِهِ فِي زمن المجاعة، وَكَانَ أكبر ولد أَبِيه، وَعَن ابْن جرير: أَنه كَانَ توأم أَخِيه عبد شمس، وَأَن هاشماً خرج وَرجله ملتصقة بِرَأْس عبد شمس، فَمَا تخلصت حَتَّى سَالَ بَينهمَا دم، فتفاءل النَّاس بذلك أَن يكون بَين أولادهما حروب، فَكَانَت وقْعَة بني الْعَبَّاس مَعَ بني أُميَّة بن عبد شمس سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة من الْهِجْرَة، وشقيقهم الثَّالِث: الْمطلب، وَكَانَ أَصْغَر ولد أَبِيه، وأمهم عَاتِكَة بنت مرّة بن هِلَال، ورابعهم نَوْفَل من أم أُخْرَى، وَهِي واقدة بنت عَمْرو المازنية، وَقد ذكرنَا أَن هاشماً مَاتَ بغزة.
ابنِ عَبْدِ مَنافٍ
اسْمه الْمُغيرَة، كنيته أَبُو عبد شمس، وَكَانَ يُقَال لَهُ: قمر الْبَطْحَاء لجماله، وَإِنَّمَا لقبته بِهِ أمه حبى بنت خَلِيل بن حبشية بن سلول بن خُزَاعَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أخدمته منَاف وَكَانَ صنماً عَظِيما لَهُم.

ابنِ قُصَيِّ
اسْمه زيد، وَهُوَ تَصْغِير قاص سمي بِهِ لِأَنَّهُ قصي عَن قومه وَكَانَ فِي بني عذرة مَعَ أَخِيه لأمه، وَذَلِكَ لِأَن أمه تزوجت بعد أَبِيه بربيعة بن حزَام بن عذرة، فسافر بهَا إِلَى بِلَاده وَابْنهَا صَغِير فَسُمي بقصي لذَلِك، ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة وَهُوَ كَبِير، وَأمه فَاطِمَة بنت سعد بن سيل بن حمالَة، وَكَانَ قصي حَاز شرف مَكَّة وأمرها وَكَانَ سيداً مُطَاعًا رَئِيسا مُعظما وَبنى دَارا لإزاحة الظلامات وَفصل الْخُصُومَات سَمَّاهَا دَار الندوة، وَلما مَاتَ دفن بالحجون.

ابنِ كِلاَبٍ
اسْمه: حَكِيم، وَكَانَ مُولَعا بالصيد، وَأكْثر صَيْده بالكلاب، وَلذَلِك لقب بِهِ، وَيُقَال: اسْمه عُرْوَة، قَالَه أَبُو البركات، وَأمه هِنْد بنت سَرِير بن ثَعْلَبَة بن الْحَارِث بن فهر.

ابنِ مُرَّةَ
هُوَ مَنْقُول من وصف الحنظلة، وَيجوز أَن تكون الْهَاء للْمُبَالَغَة، فَيكون مَنْقُولًا من وصف الرجل بالمرارة، وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من الْقُوَّة والشدة، وَأمه نحشبة، وَقيل: وحشية بنت سُفْيَان بن محَارب بن فهر.

ابنِ كَعْبِ
قيل: هُوَ مَنْقُول من الكعب الَّذِي هُوَ قِطْعَة من السّمن، وَهِي الكتلة الجامدة فِي الزق أَو فِي غَيره من الظروف، أَو من كَعْب الْقدَم، وَهُوَ أشبه،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: قيل: سمي بذلك لستره على قومه ولين جَانِبه لَهُم، مَنْقُول من كَعْب الْقدَم،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: من كَعْب الْقَنَاة لارتفاعه على قومه وشرفه فيهم، فَلذَلِك كَانُوا يخضعون لَهُ حَتَّى أَرخُوا لمَوْته، وَهُوَ أول من جمع قومه يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانُوا يسمونه: يَوْم الْعرُوبَة، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام.

ابنِ لُؤَيِّ
بِضَم اللَّام وبالهمزة، قَول الْأَكْثَرين، وَهُوَ تَصْغِير لائي، وَهُوَ الثور الوحشي،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: من لِوَاء الْجَيْش وَهُوَ مَمْدُود، وَإِن كَانَ من لوى الرجل فَهُوَ مَقْصُور، وَأمه عَاتِكَة بنت مخلد بن النَّضر بن كنَانَة وَهِي أحد العواتك اللَّاتِي ولدت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: بل أمه سلمى بنت عَمْرو بن ربيعَة الْخُزَاعِيَّة.

ابنِ غالبِ
يكني أَبَا تَمِيم، وَأمه ليلى بنت الْحَارِث بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل بن مدركة.

ابنِ فِهْرِ
بِكَسْر الْفَاء، قَالَ ابْن دُرَيْد: الفهر الْحجر الأملس يمْلَأ الْكَفّ أَو نَحوه، وَهُوَ مؤنث،.

     وَقَالَ  أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ: يذكر وَيُؤَنث،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: الفهر من الْحِجَارَة الطَّوِيل، وكنيته أَبُو غَالب، وَهُوَ جماع قُرَيْش فِي قَول الْكَلْبِيّ،.

     وَقَالَ  عَليّ بن كيسَان: فهر هُوَ أَبُو قُرَيْش، وَمن لم يكن من ولد فهر فَلَيْسَ من قُرَيْش.

ابنِ مالِكِ
كنيته أَبُو الْحَارِث، وَأمه عَاتِكَة بنت غَزوَان.

ابنِ النَّضْرِ
اسْمه: قيس، سمي بالنضر لوضاءته وجماله وإشراق لون وَجهه، وَالنضْر هُوَ الذَّهَب الْأَحْمَر وَهُوَ النضار، وَأمه برة بنت مر بن أد ابْن طابخة بن إلْيَاس بن مُضر وكنية النَّضر أَبُو يخلد، كني بِابْنِهِ يخلد.

ابنِ كَنانَةَ
هُوَ بِلَفْظ وعَاء السِّهَام إِذا كَانَت من جُلُود، قَالَه ابْن دُرَيْد، والكنانة الجعبة وكنيته أَبُو النَّضر، وَأمه عوَانَة بنت سعد بن قيس.

ابنِ خُزَيْمَةَ
تَصْغِير: خزمة، بِفَتْح المعجمتين وَاحِدَة، الخزم بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ شجر يتَّخذ من لحائه الحبال،.

     وَقَالَ  الزّجاج: يجوز أَن يكون الخزم بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الزَّاي، تَقول: خزمته فَهُوَ مَخْزُوم إِذا أدخلت فِي أَنفه الخزام.

ابنِ مُدْرِكَةَ
اسْمه عَمْرو، عِنْد الْجُمْهُور،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: عَامر، وَاسم أَخِيه طابخة، فاصطاد صيدا فَبَيْنَمَا هما يطبخانه إِذْ نفرت الْإِبِل فَذهب عَامر فِي طلبَهَا حَتَّى أدْركهَا، وَجلسَ الآخر يطْبخ، فَلَمَّا رَاحا على أَبِيهِمَا ذكرا لَهُ ذَلِك، فَقَالَ لعامر: أَنْت مدركة،.

     وَقَالَ  لِأَخِيهِ عَمْرو: أَنْت طابخة.

ابنِ إلياسِ
بِكَسْر الْهمزَة عِنْد ابْن الْأَنْبَارِي وَجعله مُوَافقا لاسم إلْيَاس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن إلْيَاس النَّبِي، بِكَسْر الْهمزَة لَا غير،.

     وَقَالَ  غَيره بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْهمزَة ضد الرَّجَاء، وَاللَّام فِيهِ للمح الصّفة وَهُوَ أول من أهْدى الْبدن إِلَى الْبَيْت،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي وَيذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لَا تسبوا إلْيَاس فَإِنَّهُ كَانَ مُؤمنا وَذكر أَنه كَانَ يسمع تَلْبِيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلبه، وَيُقَال إلْيَاس لقب لَهُ واسْمه إلياسين، وَهُوَ أول من لقب بِهِ،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَيُقَال: النَّاس، بالنُّون وَهُوَ وهم، وَأمه الربابُُ بنت حيدة بن معد بن عدنان، وَيُقَال: هُوَ أول من وضع الرُّكْن فِي الْبَيْت بعد الطوفان، وَكَانَت بَنو إِسْمَاعِيل قد غيرت معالم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لما طَال الزَّمَان فَرفعُوا الرُّكْن من الْبَيْت وتركوه فِي أبي قبيس، فَرده إلْيَاس إِلَى مَوْضِعه.

ابنِ مُضَرَ
من المضيرة وَهُوَ شَيْء يصنع من اللَّبن، سمي بِهِ لبياض لَونه، وَالْعرب تسمي الْأَبْيَض أَحْمَر فَلذَلِك قيل: مُضر الْحَمْرَاء، وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ يحب شرب اللَّبن الماضر وَهُوَ الحامض، وَهُوَ أول من سنّ الحداء لِأَنَّهُ كَانَ حسن الصَّوْت، وَأمه سَوْدَة بنت عك، وَقيل: خبية بنت عك، بخاء مُعْجمَة وباء مُوَحدَة.

ابنِ نِزَارٍ
بِفَتْح النُّون وَيُقَال بِكَسْرِهَا، وَهُوَ الْأَصَح من النزر، وَهُوَ الشَّيْء الْقَلِيل، وَكَانَ أَبوهُ حِين ولد لَهُ نظر إِلَى النُّور بَين عَيْنَيْهِ وَهُوَ نور النُّبُوَّة، وَفَرح فَرحا شَدِيدا، وَنحر وَأطْعم،.

     وَقَالَ  إِن هَذَا كُله نزر فِي حق هَذَا الْمَوْلُود، فَسُمي نزاراً لذَلِك، وَأمه معانة بنت حوشم بن جلهمة بن عَمْرو بن هلينبة ابْن دوه بن جرهم،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: وَيُقَال: إسمها ناعمة، ويكنى نزار أَبَا إياد، وَقيل: أَبَا ربيعَة.

ابنِ مَعَدِّ
بِفَتْح الْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَنْبَارِي: فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: الأول: أَن يكون مفعلاً من الْعد.
وَالثَّانِي: أَن يكون فعلا من معد فِي الأَرْض إِذا فسد.
وَالثَّالِث: أَن يكون من المعدين وهما: مَوضِع عَقبي الْفَارِس من الْفرس،.

     وَقَالَ  أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ: معد من تمعد إِذا اشْتَدَّ، وَيُقَال تمعدد أَيْضا إِذا أبعد فِي الذّهاب، وَأم معد مهدد، وَقيل: مهاد بنت لَهُم، وَقيل: اللَّهُمَّ بن جلحت، وَفِي رِوَايَة: خُلَيْد بن طسم بن يلمع بن إسليحيا بن لوذان بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام.

حَتَّى ص 303
ابنِ عَدْنَانَ
على وزن فعلان من عدن إِذا أَقَامَ، وَمِنْه الْمَعْدن، بِكَسْر الدَّال لِأَنَّهُ يُقَام فِيهِ على طلب جواهره.

وَاقْتصر البُخَارِيّ فِي ذكر نسبه الشريف على هَذَا وَلم يذكرهُ إِلَى آدم، عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَن أهل النّسَب أَجمعُوا عَلَيْهِ إِلَى هُنَا، وَمَا وَرَاء ذَلِك فِيهِ اخْتِلَاف كثير جدا، وَاخْتلفُوا فِيمَا بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، من الْآبَاء، فَقيل: سَبْعَة آبَاء بَينهمَا، وَقيل: تِسْعَة، وَقيل: خَمْسَة عشر أَبَا، وَقيل: أَرْبَعُونَ، وَأخذُوا ذَلِك من كتاب رخيا وَهُوَ يورخ كَاتب إرمياء، عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَ قد حملا معد بن عدنان إِلَى جَزِيرَة الْعَرَب ليَالِي بخت نصر فَأثْبت رخيا فِي كتبه نِسْبَة عدنان فَهُوَ مَعْرُوف عِنْد أَخْبَار أهل الْكتاب وعلمائهم، مُثبت فِي أسفارهم، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن فِي نسب عدنان قَالُوا: عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب ابْن يشجب بن نبت بن قيدار بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن بن تارح وَهُوَ آزر بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن إرفخشذ بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، بن لامك بن متوشلخ بن أَخْنُوخ، وَهُوَ إِدْرِيس، عَلَيْهِ السَّلَام، ابْن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم عَلَيْهِ السَّلَام.



[ قــ :3672 ... غــ :3851 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ أبِي رَجَاءٍ حدَّثنا النَّضْرُ عنْ هِشَامٍ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا قَالَ انْزِلَ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ ابنُ أرْبَعِينَ فمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بالْهِجْرةِ فَهَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ فمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأحمد بن أبي رَجَاء واسْمه عبد الله بن أَيُّوب أَبُو الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْهَرَوِيّ، توفّي بهراة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وقبره مَشْهُور يزار، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَالنضْر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن شُمَيْل أَبُو الْحسن الْمَازِني، وَهِشَام هُوَ ابْن حسان الْبَصْرِيّ، وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس.

قَوْله: ( أنزل على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: الْوَحْي.
قَوْله: ( وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ) أَي: وعمره أَرْبَعُونَ سنة، فَأَقَامَ بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة بعد الْوَحْي ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا عشر سِنِين، ثمَّ توفّي فَيكون عمره ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة، هَذَا حَاصِل كَلَام ابْن عَبَّاس، وروى ابْن سعد من رِوَايَة عمار بن أبي عمار عَن ابْن عَبَّاس: أَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة خمس عشرَة: سبع سِنِين يرى الضَّوْء والنور وَيسمع الصَّوْت وثمان سِنِين يُوحى إِلَيْهِ، وَكَذَا ذكره الْحسن، وَعَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: نزل الْقُرْآن بِمَكَّة عشرا أَو خمْسا، يَعْنِي: سِنِين أَو أَكثر، وَعَن الْحسن أَيْضا: أنزل عَلَيْهِ ثَمَان سِنِين بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة وَعشر سِنِين بِالْمَدِينَةِ.
قلت: قَول البُخَارِيّ هُوَ قَول الْأَكْثَر، وَكَانَ النُّزُول يَوْم الْإِثْنَيْنِ لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان وَقيل: لتسْع، وَقيل: لأَرْبَع وَعشْرين لَيْلَة، فِيمَا ذكره ابْن عَسَاكِر، وَعَن أبي قلَابَة: نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن لثمان عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان، وَعند المَسْعُودِيّ يَوْم الْإِثْنَيْنِ لعشر خلون من ربيع الأول وَعند ابْن إِسْحَاق: ابْتِدَاء التَّنْزِيل يَوْم الْجُمُعَة من رَمَضَان وعمره أَرْبَعُونَ سنة وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَهُوَ تَاسِع شباط لسبع مائَة وَأَرْبَعَة وَعشْرين عَاما من سني ذِي القرنين،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثمان خلون من ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين من الْفِيل، وَقيل: فِي أول ربيع وَفِي ( تَارِيخ يَعْقُوب بن سُفْيَان الْفَسَوِي) : على رَأس خمس عشرَة سنة من بُنيان الْكَعْبَة، وَعَن مَكْحُول: أُوحِي إِلَيْهِ بعد اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين سنة،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ وَابْن أبي عَاصِم والدولابي فِي ( تَارِيخه) : نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَأَرْبَعين سنة، لسبع وَعشْرين من رَجَب، قَالَه الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَعند الْحَاكِم مصححاً: إِن إسْرَافيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وكل بِهِ أَولا ثَلَاث سِنِين، قبل جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَأنكر ذَلِك الْوَاقِدِيّ،.

     وَقَالَ : أهل الْعلم ببلدنا يُنكرُونَ أَن يكون وكل بِهِ غير جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَزعم السُّهيْلي أَن إسْرَافيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وكل بِهِ تدرباً وتدريجاً لجبريل، عَلَيْهِ السَّلَام، كَمَا كَانَ أول نبوته الرُّؤْيَا الصادقة.