فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {حتى إذا استيأس الرسل} [يوسف: 110]

(بابُُ قَوْلِهِ: { حتَّى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ} (يُوسُف: 110) 2.

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله: { حَتَّى إِذا استيأس الرسلوظنوا أَنهم قد كذبُوا} (يُوسُف: 110) الْآيَة، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بابُُ، واستيأس على وزن استفعل من الْيَأْس وَهُوَ ضد الرَّجَاء، وَمَعْنَاهُ: حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل من إِيمَان قَومهمْ وَظن قَومهمْ أَن الرُّسُل قد كذبتهم رسلهم فِي وعد الْعَذَاب، وَقيل: حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل من قَومهمْ أَن يصدقوهم وَظن الْمُرْسل إِلَيْهِم أَن الرُّسُل كذبوهم.
.

     وَقَالَ  عَطاء وَالْحسن وَقَتَادَة: ظنُّوا أيقنوا أَن قَومهمْ قد كذبوهم.
وَمعنى التَّخْفِيف: ظن الْأُمَم أَن الرُّسُل كذبوهم فِيمَا أخبروهم بِهِ من نصر الله إيَّاهُم بإهلاك أعدائهم وَقَرَأَ مُجَاهِد كذبُوا بِفَتْح الْكَاف وَتَخْفِيف الذَّال وكسره،.

     وَقَالَ  ابْن عَرَفَة الْكَذِب الِانْصِرَاف عَن الْحق.
فَالْمَعْنى: كذبُوا تَكْذِيبًا لَا تَصْدِيق بعده.



[ قــ :4440 ... غــ :4695 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عَن ابنِ شِهابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ لهُ وهْوَ يَسْألُها عَن قَوْلِ الله تَعَالَى حتَّى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ قَالَ.

قُلْتُ أكُذِبُوا أمْ كُذِّبُوا قالَتْ عائِشَةُ كُذِّبُوا.

قُلْتُ فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَما هُوَ بالظَنِّ قالَتْ أجَلْ لَعَمْرِي لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهَا وظنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قالَتْ معَاذَ الله لمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذالِكَ بِرَبِّها.

قُلْتُ فَما هاذِهِ الآيَةُ قالَتْ هُمْ أتْباعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ فَطال عَلَيْهِمُ البَلاَءُ واسْتأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وظَنَتِ الرُّسُلُ أنَّ أتْباعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جاءَهُمْ نَصْرُ الله.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان: والْحَدِيث قد مر فِي قصَّة يُوسُف فِي آخر: بابُُ قَوْله تَعَالَى { لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات للسائلين} (يُوسُف: 7) وَمر الْكَلَام فِيهِ قَوْله: (وَهُوَ يسْأَلهَا) الْوَاو وَفِيه للْحَال أَي: وَعُرْوَة يسْأَل عَائِشَة.
قَوْله: (أكذبوا أَو كذبُوا) يَعْنِي: مثقلة أم مُخَفّفَة، قَوْله: (قَالَت عَائِشَة كذبُوا) يَعْنِي بالتثقيل.
قَوْله: (ذَلِك) أَي الْكَذِب فِي حق الله تَعَالَى.
قَوْله: (أَتبَاع الرُّسُل) وهم الْمُؤْمِنُونَ.
فالمظنون تَكْذِيب الْمُؤمنِينَ لَهُم والمتيقن تَكْذِيب الْكفَّار.
قَوْله: (معَاذ الله) تعوذت من ظن الرُّسُل أَنهم مكذبون من عِنْد الله، بل ظنهم ذَلِك من قبل المصدقين لَهُم الْمُؤمنِينَ بهم.





[ قــ :4440 ... غــ :4696 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني عرْوَةُ فَقُلْتُ لعَلَّها كُذِبُوا مُخَفَّفَةً قالَتْ مَعاذَ الله
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث أخرجه عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ أوردهُ مُخْتَصرا وَقد سافه أَبُو نعيم فِي ( مستخرجه) بِتَمَامِهِ، وَلَفظه: عَن عُرْوَة أَنه سُأل عَائِشَة فَذكر نَحْو حَدِيث صَالح بن كيسَان.