فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب توبة السارق

( بابُُ تَوْبَةِ السَّارِقِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَوْبَة السَّارِق إِذا تَابَ أَي: هَل تفيده فِي رفع اسْم الْفسق عَنهُ حَتَّى تقبل شَهَادَته أم لَا؟ فَحَدِيث الْبابُُ يدل على قبُول تَوْبَته لقَوْل عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: فتابت وَحسنت توبتها، فَإِذا كَانَ كَذَلِك تسمع شَهَادَته، وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي قبُول شَهَادَته فِي كل شَيْء مِمَّا حد فِيهِ وَفِي غَيره فَقَالَ مَالك فِي الْقَذْف وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَغَيرهَا، إِذا تَابُوا قبلت شَهَادَتهم إِذا زادوا فِي الصّلاح، وَعنهُ: تقبل فِي كل شَيْء إلاَّ فِي الْقَذْف وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: لَا تقبل شَهَادَة الْقَاذِف وَإِن تَابَ وَحسنت تَوْبَته وحاله، وَنقل الْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: يحْتَمل أَن يسْقط كل حق لله تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ، وَعَن اللَّيْث وَالْحسن: لَا يسْقط شَيْء من الْحُدُود، وَعَن الطَّحَاوِيّ: لَا يسْقط إلاَّ قطع الطَّرِيق لوُرُود النَّص فِيهِ.



[ قــ :6447 ... غــ :6800 ]
- حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ: حدّثني ابنُ وهْبٍ عنْ يُونسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَطَعَ يَدَ امْرأةٍ، قالَتْ عائِشَةَ وكانَتْ تأتِي بَعْدَ ذلِكَ فأرْفَعُ حاجَتَها إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فتابَتْ وحَسُنَتْ تَوْبَتُها.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من آخر الحَدِيث لِأَن الْوَصْف بالْحسنِ يَقْتَضِي أَن هَذَا الْوَصْف إِنَّمَا يثبت للتائب مثل هَذَا.

وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي الشَّهَادَات عَن إِسْمَاعِيل ابْن عبد الله إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ.





[ قــ :6448 ... غــ :6801 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ حدّثنا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أبي إدْرِيسَ عنْ عُبادَةَ بن الصَّامِتِ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: بايَعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَهْطٍ فَقَالَ: ( أُبايِعُكُمْ عَلى أنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئاً وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ وَلَا تَأْتوا بِبُهْتانٍ تَفْتَرُونهُ بَيْنَ أيْدِيَكُمْ وأرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوف، فَمَنْ وَفاى مِنْكُمْ فأجْرُهُ عَلى الله، ومَنْ أصابَ من ذالِكَ شَيْئاً فأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنيْا فَهْوَ كَفَّارَةٌ لهُ وطهُورٌ، ومَنْ سَتَرَهُ الله فَذالِكَ إِلَى الله إنْ شاءَ عَذَّبَهُ وإنْ شاءَ غَفَرَ لهُ) .

طابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن من أقيم عَلَيْهِ الْحَد وصف بالتطهر فَإِذا انْضَمَّ إِلَى ذَلِك أَنه تَابَ فَإِنَّهُ يعود إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فيقتضى ذَلِك قبُول شَهَادَته أَيْضا.

وَأخرجه عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْيَمَان أبي جَعْفَر الْجعْفِيّ بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالفاء نِسْبَة إِلَى جَعْفَر بن سعد الْعَشِيرَة من مذْحج،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هُوَ أَبُو قَبيلَة من الْيمن وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ كَذَلِك وَهُوَ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد، وَأَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله.

والْحَدِيث مضى فِي الْإِيمَان عقيب: بابُُ عَلامَة الْإِيمَان فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَائِد الله بن عبد الله عَن عبَادَة بن الصَّامِت إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله: إِذا تابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ قُبِلَتْ شَهادَتُهُ، وكُلُّ مَحْدُودٍ كَذالِكَ إِذا تَابَ قُبِلَتْ شَهادَتُهُ.

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، هَذَا ثَبت فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني وَحده، وَفِيه خلاف، وَمضى الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
قَوْله: ( إِذا تَابَ قبلت شَهَادَته) وَفِي بعض النّسخ: إِذا تَابَ أَصْحَابهَا قبلت شَهَادَتهم، وَالله أعلم.