فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تزويج اليتيمة "

( بابُُ تَزْوِيجِ اليَتِيمَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم تَزْوِيج الْيَتِيمَة.

{ وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا} ( النِّسَاء: 3) .

فِي أَكثر النّسخ لقَوْله عز وَجل: { وَإِن خِفْتُمْ} ( النِّسَاء: 3) ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجه لِأَنَّهُ ذكر هَذِه الْقطعَة من الْآيَة فِي معرض الِاحْتِجَاج، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء.

وإذَا قَالَ لِلْوَليِّ: زَوَّجْنِي فُلانَةَ، فَمَكُثَ ساعَةً أوْ قَالَ: مَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: مَعِي كَذَا وكذَا، أوْ لَبِثا ثُمَّ قَالَ: زَوَّجْتُكَها، فَهْوَ جائِزٌ يَعْنِي: إِذا قَالَ رجل لوَلِيّ من لَهُ عَلَيْهَا الْولَايَة: إِلَى آخِره، وَهَذِه ثَلَاث صور: الأولى: أَن يَقُول زَوجنِي فُلَانَة ثمَّ مكث الْوَلِيّ سَاعَة.
الثَّانِيَة: أَن يَقُول لَهُ: زوجنى فُلَانَة،.

     وَقَالَ  الْوَلِيّ: مَا مَعَك حَتَّى تصدق؟ فَقَالَ: معي كَذَا وَكَذَا، وَذكر شَيْئا مِمَّا يصدق بِهِ.
الثَّالِثَة: أَن يلبث كِلَاهُمَا بعد هَذَا القَوْل، ثمَّ قَالَ الْوَلِيّ: زوجتكها، فَهُوَ جَائِز فِي الصُّور الْمَذْكُورَة، وَالْحَاصِل أَنه التَّفْرِيق إِذا كَانَ بَين الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي الْمجْلس لَا يضر وَإِن تخَلّل بَينهمَا، كَلَام، وَإِذا حصل الْإِيجَاب فِي مجْلِس وَالْقَبُول فِي آخر لَا يجوز العقد قيل: أَخذ هَذَا من حَدِيث الْبابُُ فِيهِ نظر، لِأَن قصَّته وَاقعَة عين فيطرقها احْتِمَال أَن يكون قبل عقيب الْإِيجَاب.

فِيهِ سَهْلٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَي: فِي هَذَا الْبابُُ حَدِيث سهل بن سعد، وَفِيه قَالَ رجل: زوجنيها إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة الحَدِيث بِطُولِهِ، وَفِي آخِره: ملكتكها أَو زوجتكها، وَجرى بَين قَوْله: زوجينها وَبَين قَوْله، عَلَيْهِ السَّلَام: زوجتكها، أَشْيَاء كَثِيرَة كَمَا ذكرهَا فِي الحَدِيث وَلم يضر ذَلِك لِاتِّحَاد الْمجْلس.



[ قــ :4863 ... غــ :5140 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَن الزُّهْرِيِّ،.

     وَقَالَ  اللَيْث: حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابْن شِهابٍ أخْبَرني عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّهُ سَأَلَ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَ لَها يَا أُمَّتاهْ: { وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} إِلَى { مَا ملكت أَيْمَانكُم} ( النِّسَاء: 3) قالَتْ عائِشَةُ: يَا ابنَ أُخْتِي! هذِهِ اليَتِمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ ولِيِّها فَيَرْغَبُ فِي جمَالِها ومالِها ويُرِيدُ أنْ يَنْتَقصَ مِنْ صَدَاقِها، فَنُهُوا عنْ نِكاحِهِنَّ إلاَّ أنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إكمالِ الصَّدَاقِ، وأُمِرُوا بِنِكاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّساءِ، قالَتْ: عائِشَةُ: اسْتَفْتَى النَّاسُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَعْدَ ذلِكَ فأنْزَلَ الله: { ويستفتونك فِي النِّسَاء} إِلَى { وترغبون} ( النِّسَاء: 721) فأنْزَلَ الله عَزَّ وجَلَّ لَهُمْ فِي هاذِهِ الآيَةِ: أنَّ اليَتِيمَةَ إذَا كانَتْ ذَاتَ مالٍ وجَمالِ رغِبُوا فِي نِكاحِها ونَسَبِها، والصَّدَاقِ، وإذَا كانَتْ مَرْغُوبا عَنْها فِي قِلَّةِ المالِ والجَمالِ تَرَكُوها وأخذُوا غَيْرَها مِنَ النِّساءِ، قالَتْ: فَكَما يَتْرُكُونَها حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْها فَليْسَ لَهُمْ أنْ يَنْكِحُوها إِذا رَغبُوا فِيها إلاَّ أَن يُقْسِطُوا لَها ويُعْطُوها حَقَّها الأوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث، وَهُوَ أَن حكم الْيَتِيمَة فِي التَّزَوُّج بهَا مَا ذكره فِيهِ.

وَأخرجه عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة إِلَخ، وَقد مر هَذَا الحَدِيث مكررا فِي سُورَة النِّسَاء وَغَيرهَا فِي كتاب النِّكَاح، وَتقدم طَرِيق اللَّيْث مَوْصُولا فِي: بابُُ الْأَكفاء فِي المَال، وسَاق الْمَتْن هُنَاكَ على لَفظه وَهنا على لفظ شُعَيْب، وَقد أفرده بِالذكر فِي كتاب الْوَصَايَا.