فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب يسلم حين يسلم الإمام وكان ابن عمر رضي الله عنهما: «يستحب إذا سلم الإمام أن يسلم من خلفه»

( بابٌُ يُسَلِّمُ حِينَ يُسَلِّمُ الإمامُ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: يسلم الْمَأْمُوم حِين يسلم الإِمَام، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لَا يتَأَخَّر الْمَأْمُوم فِي سَلَامه بعد الإِمَام متشاغلاً بِدُعَاء وَنَحْوه، دلّ عَلَيْهِ أثر ابْن عمر الْمَذْكُور هُنَا، وَفِي هَذَا عَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَة: يسلم مَعَ الإِمَام كالتكبير، وَفِي رِوَايَة: يسلم بعد سَلام إِمَامه.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: الْمُصَلِّي الْمُقْتَدِي يسلم بعد فرَاغ الإِمَام من التسليمة الأولى، فَلَو سلم مُقَارنًا بسلامه إِن قُلْنَا: نِيَّة الْخُرُوج بِالسَّلَامِ شَرط، لَا يجْزِيه، كَمَا لَو كبر مَعَ الإِمَام لَا تَنْعَقِد لَهُ صَلَاة الْجَمَاعَة، فعلى هَذَا تبطل صلَاته.
وَإِن قُلْنَا: إِن نِيَّة الْخُرُوج غير وَاجِبَة، فيجزيه كَمَا لَو ركع مَعَه، وَفِي نِيَّة الْخُرُوج عَن الصَّلَاة بِالسَّلَامِ وَجْهَان: أَحدهمَا: تجب، وَالثَّانِي لَا تجب، كَذَا فِي تتمتهم.
وَذكر فِي ( الْمَبْسُوط) : الْمُقْتَدِي يخرج من الصَّلَاة بِسَلام الإِمَام.
وَقيل: هُوَ قَول مُحَمَّد.
أما عِنْدهمَا يخرج بِسَلام نَفسه، وَتظهر ثَمَرَة الْخلاف فِي انْتِقَاض الْوضُوء بِسَلام الإِمَام قبل سَلام نَفسه بالقهقهة، فَعنده لَا ينْتَقض خلافًا لَهما.

وَكَانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَسْتَحِبُّ إذَا سَلَّمَ الإمامُ أنْ يُسلِّمَ منْ خَلْفَهُ مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَقيل: غير ظَاهِرَة، لِأَن الْمَفْهُوم من التَّرْجَمَة أَن يسلم الْمَأْمُوم مَعَ الإِمَام، لِأَن سَلَامه إِذا كَانَ حِين سَلام الإِمَام يكون مَعَه بِالضَّرُورَةِ، وَالْمَفْهُوم من الْأَثر أَن يسلم الْمَأْمُوم عقيب صَلَاة الإِمَام، لِأَن كلمة: إِذا، للشّرط، والمشروط يكون عَقِيبه.
قلت: لَا نسلم أَن: إِذا، هَهُنَا للشّرط، بل هِيَ هَهُنَا على بابُُهَا لمُجَرّد الظّرْف، على أَنه هُوَ الأَصْل، فَحِينَئِذٍ يحصل التطابق بَين التَّرْجَمَة والأثر.
فَافْهَم.



[ قــ :815 ... غــ :838 ]
- حدَّثنا حبَّانُ بنُ مُوسَى قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيُّ عنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ عنْ عِتْبَانَ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: حبَان، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مُوسَى أَبُو مُحَمَّد الْمروزِي، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي.
الثَّالِث: معمر بن رَاشد الْبَصْرِيّ.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: مَحْمُود بن الرّبيع أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ، عقل مجة مجها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي وَجهه من دنو فِي دَارهم وَهُوَ ابْن خمس سِنِين، وَهُوَ ختن عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
السَّادِس: عتْبَان، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، تقدم ذكره فِي: بابُُ، إِذا دخل بَيْتا يُصَلِّي.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: من رُوَاته أَولا مروزيان ثمَّ بَصرِي ثمَّ مدنِي.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ، يروي عَن الصَّحَابِيّ.

وَقد ذكرنَا فِي: بابُُ إِذا دخل بَيْتا يُصَلِّي، أَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث فِي ( صَحِيحه) فِي أَكثر من عشرَة مَوَاضِع ذَكرنَاهَا هُنَاكَ، وَذكرنَا أَيْضا من أخرجه غَيره.