فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من ذبح ضحية غيره

( بابُُُ: {مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَةَ غَيْرِهِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من ذبح أضْحِية غَيره يَعْنِي: بِإِذْنِهِ، وَوضع هَذِه التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى أَن التَّرْجَمَة الَّتِي قبلهَا للاشتراط.

{وَأعانَ رَجُلٌ ابنَ عُمَرَ فِي بَدَنَتِهِ}
يَعْنِي: أَعَانَهُ عِنْد ذبحه قيل: لَا يُطَابق هَذَا الْأَثر التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَا يلْزم من إِعَانَة الرجل إِذا ذبح أضحيته أَن يكون ذابح أضْحِية غَيره لِأَن حَقِيقَة ذبح الرجل أضْحِية غَيره أَن يكون هُوَ الذَّابِح بِنَفسِهِ وإلاَّ فَالَّذِي يُعينهُ فِي مسكها وَنَحْوه لَا يُسمى ذابحا وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر ينْحَر بَدَنَة بمنى وَهِي باركة معقولة وَرجل يمسك بِحَبل فِي رَأسهَا وَابْن عمر يطعن، وَأجِيب بِأَن الِاسْتِعَانَة إِذا كَانَت مَشْرُوعَة التحقت بهَا الِاسْتِنَابَة.
قلت: وَفِيه تَأمل وَنظر.

{وَأمَرَ أبُو مُوسَى بَناتِهِ أنْ يُضَحِّينَ بِأيْدِيهِنَّ}
لَا مُطَابقَة لهَذِهِ التَّرْجَمَة بل بَينهمَا مباينة.
وَكَانَ مَحَله فِي الْبابُُ الَّذِي قبله على مَا لَا يخفى.
وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ وَوصل هَذَا التَّعْلِيق الْحَاكِم فِي ( الْمُسْتَدْرك) من طَرِيق الْمسيب بن رَافع أَن أَبَا مُوسَى كَانَ يَأْمر بَنَاته أَن يذبحن نسائكهن بأيديهن، وَسَنَده صَحِيح وَفِيه: أَن ذبح النِّسَاء نسائكهن يجوز إِذا كن يحسنَّ الذّبْح.



[ قــ :5263 ... غــ :5559 ]
- ح دَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا.
قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِسَرِفَ وَأنا أبْكِي فَقَالَ: مَالَك {أنَفِسْت؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: هاذا أمْرٌ كَتَبَهُ الله عَلَى بَنَاتِ آدَمَ اقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ غَيْرَ أنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، وَضَحَّى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ نِسَائِهِ بِالبَقَرْ.


لَيْسَ فِيهِ مُطَابقَة تَامَّة للتَّرْجَمَة فَإِن تعسف فِيهِ فَيُؤْخَذ من قَوْله: ( وضحى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نِسَائِهِ بالبقر) لأَنهم قَالُوا: إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام، ضحى عَن نِسَائِهِ بإذنهن.

والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي بابُُ: الْأُضْحِية للْمُسَافِر وَالنِّسَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان، وَهنا عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن سُفْيَان إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( اقضي) ، لَا يُرَاد بِهِ الْقَضَاء الاصطلاحي بل الْقَضَاء اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ معنى الْأَدَاء.