فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ميراث ابنة الابن مع بنت

( بابُُ مِيرَاثِ ابْنَةِ ابنٍ مَعَ ابْنَةٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مِيرَاث ابْنة ابْن مَعَ وجود ابْنة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَعَ بنت.



[ قــ :6384 ... غــ :6736 ]
- حدّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ حَدثنَا أبُو قَيْسٍ سَمِعْتُ هُزَيْلَ بنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ: سُئِلَ أبُو مُوسَى عَنْ ابْنَةٍ وابْنَةٍ ابنٍ وأُخْتٍ فَقَالَ: لِلابْنَةِ النِّصْفُ، وللاخْتِ النِّصْفُ وأتِ ابنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتابِعُنِي، فَسُئِلَ ابنُ مَسْعُودٍ وأُخْبِرَ بِقَوْلِ أبي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ { ضَلَلْتُ إذَا وَمَا أَنا مِنَ المُهْتَدِين} ( الْأَنْعَام: 65) أقْضِي فِيها بِما قَضَي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: للابْنَةِ النِّصْفُ ولابْنَةِ الابنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فلِلأخْتِ.
فأتَيْنا أَبَا مُوسَى فأخْبرَناهُ بِقَوْلِ ابنِ مسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا تَسألوني مَا دَامَ هاذَا الخَبْرُ فِيكُمْ.
( الحَدِيث 6376 طرفه فِي: 2476) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَأَبُو قيس بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة واسْمه عبد الرَّحِم بن ثروان بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الرَّاء وبالواو وَالنُّون الأودي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة، وهزيل بِضَم الْهَاء وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وباللام، وَلَقَد صحف من قَالَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة مَوضِع الزَّاي، ابْن شُرَحْبِيل بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وباللام، قَالَ الْكرْمَانِي: وَلم يتَقَدَّم ذكرهمَا.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفَرَائِض عَن عبد الله بن عَامر بن زُرَارَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن الْحسن بن عَرَفَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع.

قَوْله: ( سُئِلَ أَبُو مُوسَى) وَرِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة عَن النَّسَائِيّ: جَاءَ رجل إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَهُوَ الْأَمِير، وَإِلَى سلمَان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ فَسَأَلَهُمَا.
.
وَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد، وَكَذَا لِلتِّرْمِذِي وَابْن مَاجَه والطَّحَاوِي والدارمي من طرق عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِزِيَادَة: سلمَان بن ربيعَة، مَعَ أبي مُوسَى، وَقد ذكرُوا أَن سلمَان الْمَذْكُور كَانَ على قَضَاء الْكُوفَة.
قَوْله: ( وائتِ ابْن مَسْعُود) ، قَالَ ذَلِك للاستثبات.
قَوْله: { لقد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين} ( الْأَنْعَام: 65) قَالَ الْكرْمَانِي: غَرَض عبد الله بن مَسْعُود من قِرَاءَة هَذِه الْآيَة هُوَ أَنه لَو قَالَ بحرمان بنت الابْن لَكَانَ ضَالًّا.

قلت: الْحَاصِل من ذَلِك أَن قَول ابْن مَسْعُود هَذَا جَوَاب عَن قَول أبي مُوسَى أَنه سيتابعني، وَأَشَارَ إِلَى أَنه لَو تَابعه لخالف صَرِيح السّنة الَّتِي عِنْده، وَأَنه لَو خالفها عَامِدًا لضل.
قَوْله: ( أقضى فِيهَا) أَي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَو فِي هَذِه الْقَضِيَّة ( بِمَا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَالَّذِي قَضَاهُ هُوَ قَوْله: ( للابنة النّصْف) إِلَى آخِره، وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق حجاج بن أَرْطَأَة عَن عبد الرَّحْمَن بن ثروان: فَقَالَ ابْن مَسْعُود: كَيفَ أَقُول يَعْنِي مثل قَول أبي مُوسَى وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول؟ ... فَذكره، وَكَانَت هَذِه الْقَضِيَّة فِي زمن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أمَّر أَبَاهُ مُوسَى على الْكُوفَة، وَكَانَ ابْن مَسْعُود قبل ذَلِك أميرها ثمَّ عزل قبل ولَايَة أبي مُوسَى عَلَيْهَا بِمدَّة.
قَوْله: ( فأتينا أَبَاهُ مُوسَى) فِيهِ إِشْعَار بِأَن هزيلاً الرَّاوِي الْمَذْكُور توجه مَعَ السَّائِل إِلَى ابْن مَسْعُود فَسمع جَوَابه، فَعَاد، إِلَى أبي مُوسَى مَعَه فَأخْبرهُ، فَلذَلِك ذكر الْمزي فِي ( الْأَطْرَاف) : هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة هزيل عَن ابْن مَسْعُود.
قَوْله: ( مَا دَامَ هَذَا الحبر) بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء، وَأَرَادَ بِهِ ابْن مَسْعُود، والحبر هُوَ الَّذِي يحسن الْكَلَام ويزينه.
وَذكر الْجَوْهَرِي الحبر بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَرجح الْكسر، وَجزم الْفراء بِالْكَسْرِ،.

     وَقَالَ  سمي: بالحبر الَّذِي يكْتب بِهِ.
قلت: هُوَ بِالْفَتْح فِي رِوَايَة جَمِيع الْمُحدثين، وَأنكر أَبُو الْهَيْثَم الْكسر.

وَفِيه: أَن الْحجَّة عِنْد التَّنَازُع سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيجب الرُّجُوع إِلَيْهَا.
وَفِيه: بَيَان مَا كَانُوا عَلَيْهِ من الْإِنْصَاف وَالِاعْتِرَاف بِالْحَقِّ وَالرُّجُوع إِلَيْهِ وَشَهَادَة بَعضهم لبَعض بِالْعلمِ وَالْفضل وَكَثْرَة إطلاع ابْن مَسْعُود على السّنة، وَتثبت أبي مُوسَى عَن الْفتيا حَيْثُ دلّ على من ظن أَنه أعلم مِنْهُ.
قَالَ ابْن بطال: وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِيمَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود، وَفِي جَوَاب أبي مُوسَى إِشْعَار بِأَنَّهُ رَجَعَ عَمَّا قَالَه،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: لم يُخَالف فِي ذَلِك إلاَّ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وسلمان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ، وَقد رَجَعَ أَبُو مُوسَى عَن ذَلِك، وَلَعَلَّ سلمَان أَيْضا رَجَعَ كَأبي مُوسَى، وسلمان هَذَا مُخْتَلف فِي صحبته وَله أثر فِي فتوح الْعرَاق أَيَّام عمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَاسْتشْهدَ فِي زمَان عُثْمَان وَكَانَ يُقَال لَهُ: سلمَان الْخَيل، لمعرفته بهَا،.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: يُؤْخَذ من قصَّة أبي مُوسَى وَابْن مَسْعُود جَوَاز الْعَمَل بِالْقِيَاسِ قبل معرفَة الْخَبَر وَالرُّجُوع إِلَى الْخَبَر بعد مَعْرفَته، وَنقض الحكم إِذا خَالف النَّص.