فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب في الهدي الصالح

( بابٌُ فِي الهَدْيِ الصَّالِحِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْهَدْي الصَّالح، وَالْهَدْي بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الْهَدْي السِّيرَة والهيئة والطريقة، وَفِي الحَدِيث: واهد وَالْهَدْي عمار، أَي: رَأْي: سِيرُوا بسيرته وتهيئوا بهيئته، يُقَال: هدى هدي فلَان إِذا سَار بسيرته، وَهَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي ( الْأَدَب الْمُفْرد) من طَرِيق قَابُوس بن أبي ظبْيَان عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس رَفعه: الْهَدْي الصَّالح والسمت الصَّالح والاقتصاد جُزْء من خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَأحمد أَيْضا.



[ قــ :5768 ... غــ :6097 ]
- حدَّثنا إسْحاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ:.

قُلْتُ ل أبِي أُسامَةَ: حدَّثَكُمُ الأعْمَشُ سَمِعْتُ شَقِيقاً قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: إنَّ أشْبَهَ النَّاس دَلاًّ وسَمْتاً وهَدْياً بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لابنُ أُمِّ عَبْدِ مِنْ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أنْ يَرْجَعَ إلَيْهِ، لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أهْلِهِ إذَا خَلاَ.
( انْظُر الحَدِيث 3762) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وهدياً) وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، قَالَه بَعضهم.
قلت: يحْتَمل أَن يكون إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم بن نصر أَبُو إِبْرَاهِيم السَّعْدِيّ البُخَارِيّ، لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا قد روى عَن أبي أُسَامَة، فالجزم بِأَنَّهُ ابْن رَاهَوَيْه من أَيْن؟ ويروي عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع فِي كِتَابه، مرّة يَقُول: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر، وَمرَّة يَقُول: حَدثنَا إِسْحَاق ابْن نصر، فينسبه إِلَى جده، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وشقيق أَبُو وَائِل، وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان الْعَبْسِي.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( حَدثكُمْ) ويروى: أحدثكُم؟ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَالسُّكُوت عَن الْجَواب قَائِم مقَام التَّصْدِيق وَالتَّسْلِيم عِنْد الْقَرَائِن.
قَوْله: ( دلاً) بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام، قَالَ الْكرْمَانِي: الدل قريب الْمَعْنى من الْهَدْي وهما من السكينَة وَالْوَقار فِي الْهَيْئَة والمنظر وَالشَّمَائِل، وَالْهَدْي هُوَ السِّيرَة والسمت بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْمِيم الطَّرِيق والمقصد وهيئة أهل الْخَيْر.
قَوْله: ( لِابْنِ أم عبد) بِفَتْح اللَّام للتَّأْكِيد، وَابْن أم عبد الله بن مَسْعُود، وَأمه أم عبد بنت عبدود وَلها صُحْبَة وَكَانَ أَصْحَابه يدْخلُونَ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ قولا وفعلاً حَرَكَة وسكوناً حَالا وملكة وَغَيرهَا، فيتشبهون بِهِ رَضِي الله عَنهُ.
قَوْله: ( من حِين يخرج من بَيته)
إِلَى آخِره أَرَادَ بذلك أَنه يُشَاهد مَا قَالَه عَن عبد الله بن مَسْعُود من حِين يخرج من بَيته إِلَى أَن يرجع إِلَيْهِ أَي: إِلَى بَيته، ثمَّ قَالَ: ( لَا نَدْرِي مَا يصنع فِي أَهله إِذا خلا بهم) لِأَنَّهُ رُبمَا ينبسط بهم وَلم يرد بذلك إِثْبَات نقص فِي حق عبد الله فَافْهَم.

وَفِيه من الْفِقْه: أَنه يَنْبَغِي للنَّاس الِاقْتِدَاء بِأَهْل الْفضل وَالصَّلَاح فِي جَمِيع أَحْوَالهم، فِي هيئتهم وتواضعهم لِلْخلقِ ورحمتهم وإنصافهم من أنفسهم، وَفِي مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ واقتصادهم فِي أُمُورهم تبركاً بذلك.





[ قــ :5769 ... غــ :6098 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ مُخارِقٍ قَالَ: سَمِعْتُ طارِقاً قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: إنَّ أحسَنَ الحَدِيثِ كِتابُ الله، وأحْسَنَ الْهَدْيُ هدي مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، ومخارق بِضَم الْمِيم وبالخاء الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء ابْن عبد الله وَقيل: ابْن عبد الرَّحْمَن، وَقيل: ابْن خَليفَة بن جَابر.
أَبُو سعيد الأحمسي بالمهملتين، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وطارق بِكَسْر الرَّاء ابْن شهَاب الأحمسي، رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: طَارق بن شهَاب بن عبد شمس أَبُو عبد الله أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وروى بِإِسْنَادِهِ عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب، قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغزوت فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، ثَلَاثًا وَأَرْبَعين بَين غَزْوَة وسرية.
والْحَدِيث من أَفْرَاده وَمر تَفْسِير الْهَدْي وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء كَمَا ذكرنَا، ويروى بضَمهَا ضد الضلال.