فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، أولئك لا خلاق لهم} [آل عمران: 77]: لا خير


[ قــ :4299 ... غــ :4551 ]
- ح دَّثنا عَلِيٌّ هُوَ ابنُ أبِي هَاشِمٍ سَمِعَ هُشَيْما أخْبَرَنَا العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ عنْ إبْرَاهِيمَ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي أوْفَى رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّ رَجُلاً أقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا لَقَدْ أعْطِيَ بهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ لِيُوقِعَ فِيها رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً} ( آل عمرَان: 77) إلَى آخِرِ الآيَةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعلي بن أبي هَاشم الْبَغْدَادِيّ من أَفْرَاده: وهشيم: مصغر هشيم بن بشير مصغر بشرّ الوَاسِطِيّ والعوام.
بتَشْديد الْوَاو بن حَوْشَب: بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ مَا يكره من الْحلف فِي البيع.

قَوْله: ( لقد أعْطى) على صِيغَة الْمَجْهُول وَكَذَا قَوْله: ( مَا لم يُعْطه) وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ أَن ذَاك فِي الْبِئْر وَهَذَا فِي السّلْعَة لِأَن الْآيَة نزلت بالسببين جَمِيعًا.
وَلَفظ الْآيَة عَام يتناولهما وَغَيرهمَا، وَقيل: لَعَلَّ الْآيَة لم تبلغ عبد الله بن أبي أوفى، إِلَّا عِنْد إِقَامَة السّلْعَة.
فَظن أَنَّهَا نزلت فِي ذَلِك.





[ قــ :4300 ... غــ :455 ]
- ( حَدثنَا نصر بن عَليّ بن نصر حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت أَو فِي حجرَة فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد أنفذ بإشفى فِي كفها فادعت على الْأُخْرَى فَرفع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لذهب دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ ذكروها بِاللَّه واقرؤا عَلَيْهَا إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله فذكروها فَاعْترفت فَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَنصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَعبد الله بن دَاوُد بن عَامر الْمَعْرُوف بالخريبي كُوفِي الأَصْل سكن الخريبة محلّة بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ من أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ ثِقَة زاهدا يروي عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج وَهُوَ يروي عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة والْحَدِيث مضى مُخْتَصرا فِي الرَّهْن وَالشَّرِكَة عَن أبي نعيم وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة وَقد ذَكرْنَاهُ قَوْله أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان من خرز الْخُف وَنَحْوه يخرز بِضَم الرَّاء وَكسرهَا قَوْله فِي بَيت أَو فِي حجرَة كَذَا بِالشَّكِّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَحده والحجرة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وبالراء قَالَ ابْن الْأَثِير وَهِي الْموضع الْمُنْفَرد وَفِي الْمطَالع وكل مَوضِع حجر عَلَيْهِ بِالْحِجَارَةِ فَهُوَ حجرَة.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي الْحُجْرَة حَظِيرَة الْإِبِل وَمِنْه حجرَة الدَّار تَقول أحجرت حجرَة أَي اتخذتها وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين فِي بَيت وَفِي حجرَة بِالْوَاو دون أَو الَّتِي للتشكيك قَالَ بَعضهم وَالْأول هُوَ الصَّوَاب يَعْنِي الَّذِي بِالْوَاو وَإِنَّمَا قَالَ الأول لِأَن الَّذِي فِي نسخته ذكر بِالْوَاو أَولا ثمَّ ذكر بِأَو وَنسب رِوَايَة أَو الَّتِي للشَّكّ إِلَى الْخَطَأ ثمَّ قَالَ وَسبب الْخَطَأ أَن فِي السِّيَاق حذفا بَينه ابْن السكن فِي رِوَايَته جَاءَ فِيهَا فِي بَيت وَفِي حجرَة حداث فالواو عاطفة لَكِن الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف وحداث بِضَم الْمُهْملَة وَالتَّشْدِيد وَآخره مُثَلّثَة أَي يتحدثون وَحَاصِله أَن الْمَرْأَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْبَيْت وَكَانَ فِي الْحُجْرَة الْمُجَاورَة للبيت نَاس يتحدثون فَسقط الْمُبْتَدَأ من الرِّوَايَة فَصَارَ مُشكلا فَعدل الرَّاوِي عَن الْوَاو إِلَى أَو الَّتِي للشَّكّ فِرَارًا من اسْتِحَالَة كَون الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْبَيْت وَفِي الْحُجْرَة مَعًا انْتهى قلت هَذَا تصرف عَجِيب وَفِيه تعسف من وُجُوه لَا يحْتَاج إِلَى ارتكابها ( الأول) أَن نسبته رِوَايَة أَو للشَّكّ إِلَى الْخَطَأ خطأ لِأَن كَون أَو للشَّكّ مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَ فِيهِ مَانع هُنَا لَا من جِهَة اللَّفْظ وَلَا من جِهَة الْمَعْنى ( الثَّانِي) أَن قَوْله فالواو للْعَطْف غير مُسلم هُنَا لفساد الْمَعْنى ( الثَّالِث) دَعْوَاهُ أَن الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف لَا دَلِيل عَلَيْهِ لِأَن حذف الْمُبْتَدَأ إِنَّمَا يكون وجوبا أَو جَوَازًا فَلَا مُقْتَضى لوَاحِد مِنْهُمَا هُنَا يعرفهُ من لَهُ يَد فِي الْعَرَبيَّة ( الرَّابِع) أَنه ادّعى أَن الْوَاو للْعَطْف ثمَّ قَالَ وَحَاصِله أَن الْمَرْأَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْبَيْت وَكَانَ فِي الْحُجْرَة الْمُجَاورَة للبيت نَاس يتحدثون فَهَذَا يُنَادي بِأَعْلَى صَوته أَن الْوَاو هُنَا لَيست للْعَطْف بل هِيَ وَاو الْحَال ( الْخَامِس) أَن قَوْله الْحُجْرَة الْمُجَاورَة للبيت يحْتَاج إِلَى بَيَان أَن تِلْكَ الْحُجْرَة كَانَت مجاورة للبيت فَلم لَا يجوز أَن تكون الْحُجْرَة نفس الْبَيْت لأَنا قد ذكرنَا أَن الْحُجْرَة مَوضِع مُنْفَرد فَلَا مَانع من أَن يكون فِي الْبَيْت مَوضِع مُنْفَرد ( السَّادِس) أَنه ادّعى اسْتِحَالَة كَون الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْبَيْت وَفِي الْحُجْرَة فَلَا اسْتِحَالَة هُنَا لجَوَاز كَون من كَانَ فِي الْحُجْرَة وَهِي فِي الْبَيْت كَونه فِي الْحُجْرَة وَالْبَيْت وَدَعوى اسْتِحَالَة مثل هَذَا هُوَ الْمحَال قَوْله " وَقد أنفذ بإشفى " الْوَاو فِيهِ للْحَال وَقد للتحقيق وأنفذ من النَّفاذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة على صِيغَة الْمَجْهُول والإشفى بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالفاء مَقْصُورا وَهُوَ مثل المسلة لَهُ مقبض يخرز بهَا الإسكاف قَوْله " فَرفع " أَي أَمر الْمَرْأَتَيْنِ المذكورتين وَرفع على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " لَو يعْطى " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " فذكروها " الضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى لفظ الْأُخْرَى وَهِي الْمُدعى عَلَيْهَا وَهُوَ بِصِيغَة الْأَمر للْجَمَاعَة وَأَرَادَ بالتذكير تخويفها من الْيَمين لِأَن فِيهَا هتك حُرْمَة اسْم الله عِنْد الْحلف الْبَاطِل وَكَذَلِكَ الضَّمِير فِي قَوْله عَلَيْهَا وَفِي قَوْله فذكروها وَهُوَ بِفَتْح الْكَاف لِأَنَّهُ جملَة مَاضِيَة قَوْله " الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ " يَعْنِي عِنْد عدم بَيِّنَة الْمُدَّعِي.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح قَوْله " الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ " أَي فَإِن نكل حلف الْمُدَّعِي قلت هَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ معنى قَول ابْن عَبَّاس بل الْمَعْنى فِيهِ أَن الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا رد الْيَمين على الْمُدَّعِي لَا يَصح لِأَن الْيَمين وَظِيفَة الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِذا نكل عَن الْيَمين يلْزمه مَا يَدعِيهِ الْمُدَّعِي -