فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الأجير

( بابُُ الأجِيرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْأَجِير فِي الْغَزْو هَل يُسهم لَهُ أم لَا؟ وَوَقع هَذَا الْبابُُ فِي رِوَايَة بَعضهم قبل: بابُُ مَا قيل فِي لِوَاء النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وقالَ الحَسَنُ وابنُ سِيرينَ يُقْسَمُ لِلأجِيرِ مِنَ المَغْنَمِ

أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَنْهُمَا بِلَفْظ: ( يُسهم للْأَجِير) ، وَوَصله ابْن أبي شيبَة عَنْهُمَا بِلَفْظ: العَبْد والأجير إِذا شَهدا الْقِتَال أعطيا من الْغَنِيمَة.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: لَا يُسهم للْأَجِير إلاَّ إِذا قَاتل، وَإِذا اُسْتُؤْجِرَ لِيُقَاتل لَا يُسهم لَهُ عِنْد الْحَنَفِيَّة والمالكية،.

     وَقَالَ  غَيرهم: يُسهم لَهُ،.

     وَقَالَ  أَحْمد: لَو اسْتَأْجر الإِمَام قوما على الْغَزْو لم يُسهم لَهُم غير الْأُجْرَة.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: هَذَا فِيمَن لم يجب عَلَيْهِ الْجِهَاد، وَأما الْحر الْبَالِغ الْمُسلم إِذا حضر الصَّفّ فَإِنَّهُ يتَعَيَّن عَلَيْهِ الْجِهَاد فيسهم لَهُ، وَلَا تجب الْأُجْرَة.

وأخذَ عَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ فرَساً علَى النِّصْفِ فبَلَغَ سَهْمُ الفرَسِ أرْبَعْمائَةِ دِينارٍ فأخذَ مائَتَيْنِ وأعْطَى صاحِبَهُ مِائَتَيْنِ

عَطِيَّة بن قيس الكلَاعِي أَبُو يحيى الْحِمصِي، وَيُقَال: الدِّمَشْقِي،.

     وَقَالَ  أَبُو مسْهر: كَانَ مولد عَطِيَّة بن قيس فِي حَيَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة سبع، وغزا فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَتُوفِّي سنة عشر وَمِائَة.
وَقيل: كَانَ من التَّابِعين، وَكَانَ لِأَبِيهِ صُحْبَة، وَهَذَا الَّذِي فعله عَطِيَّة لَا يجوز عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، لِأَنَّهَا إِجَارَة مَجْهُولَة، فَإِذا وَقع مثل هَذَا كَانَ لصَاحب الدَّابَّة كِرَاء مثلهَا، وَمَا أصَاب الرَّاكِب فِي الْمغنم فَلهُ، وَأَجَازَ الْأَوْزَاعِيّ، وَأحمد أَن يعْطى فرسه على النّصْف فِي الْجِهَاد.



[ قــ :2840 ... غــ :2976 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ عنْ عَطاءٍ عنْ صَفْوَانَ بنِ يَعْلَى عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ غزَوْتُ مَعَ رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ فَحَمَلْتُ علَى بَكْرٍ فَهْوَ أوْثَقُ أعْمَالِي فِي نَفْسِي فاسْتَأجَرْتُ أجِيراً فقاتَلَ رَجُلاً فَعَضَّ أحَدُهُمَا الآخرَ فانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ ونَزَعَ ثَنِيَّتَهُ فَأتى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأهْدَرَهَا فقَالَ أيَدْفَعُ يدَهُ إلَيْكَ فتَقْضَمُهَا كَما يَقْضَمُ الْفَحْلُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فاستأجرت أَجِيرا) .
وَعبد الله بن مُحَمَّد المسندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح، وَصَفوَان بن يعلى بن أُميَّة التَّمِيمِي أَو التَّيْمِيّ يروي عَن أَبِيه يعلى، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف على وزن يرضى: ابْن أُميَّة، وَيُقَال: ابْن منية، وَهِي أمه، وَكَانَ عَامل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على نَجْرَان، عداده فِي أهل مَكَّة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْإِجَارَة فِي: بابُُ الْأَجِير فِي الْغَزْو.

قَوْله: ( فأهدرها) أَي: أسقطها، وَيُقَال: هدر السُّلْطَان دم فلَان أَي: أَبَاحَهُ، وأهدره أَيْضا.
قَوْله: ( يقضمها) أَي: يمضغها كَمَا يمضغ الْفَحْل مَا يَأْكُلهُ، يُقَال: قضمت الدَّابَّة بِالْكَسْرِ شعيرها تقضمه إِذا أَكلته،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: تقضمها تقطعها، قَالَ: والفحل هُنَا الْجمل.