فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما جاء في السقائف

( بابُُ مَا جاءَ فِي السَّقَائِفِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي السقائف، وَهُوَ جمع سَقِيفَة، على وزن فعيلة بِمَعْنى مفعولة، وَهِي الْمَكَان المظلل كالساباط والحوانيت بِجَانِب الدَّار، وَكَانَ مُرَاده من وضع هَذِه التَّرْجَمَة الْإِشَارَة إِلَى أَن الْجُلُوس فِي الْأَمْكِنَة الْعَامَّة جَائِز، وَأَن اتِّخَاذ صَاحب الدَّار ساباطاً أَو مستظلاً جَائِز إِذا لم يضر الْمَارَّة.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: لما كَانَ لأهل الْمَوَاضِع أَن يرتفقوا بسقائفهم وأفنيتهم جَازَ الْجُلُوس فِيهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: السقائف والحواني قد علم النَّاس لِمَ وضعت، وَمن اتخذ فِيهَا مَجْلِسا فَذَلِك مُبَاح لَهُ إِذا الْتزم مَا فِي ذَلِك من: غض الْبَصَر، ورد السَّلَام، وهداية الضال، وَجَمِيع شُرُوطه.

وجَلَسَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ

هَذَا قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل رَوَاهُ البُخَارِيّ من طَرِيق سهل بن سعد فِي الْأَشْرِبَة على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وسقيفة بني سَاعِدَة كَانُوا يَجْتَمعُونَ فِيهَا، وَكَانَت مُشْتَركَة بَينهم، وَجلسَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَهم فِيهَا، وفيهَا وَقعت الْمُبَايعَة بخلافة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَبَنُو سَاعِدَة فِي الْأَنْصَار فِي الْخَزْرَج، وساعدة هُوَ ابْن كَعْب بن الْخَزْرَج، قَالَ ابْن دُرَيْد: سَاعِدَة اسْم من أَسمَاء الْأسد.



[ قــ :2357 ... غــ :2462 ]
- حدَّثنا يَحْياى بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ حدَّثني مالِكٌ ح وأخْبَرَنِي يونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ عنْ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُم قَالَ حِينَ تَوَفَّى الله نَبِيَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الأنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، قيل: لَيْسَ لإدخال هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الْمَظَالِم وَجه، قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: الْغَرَض بَيَان أَن الْجُلُوس فِي السَّقِيفَة الَّتِي للعامة لَيْسَ ظلما، وَفِيه مَا فِيهِ.
وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي نزيل مصر، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ.

قَوْله: ( وَأَخْبرنِي) أَي: قَالَ ابْن وهب وَيُونُس أَيْضا: أَخْبرنِي بِهِ، وَهَذَا تَحْويل من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد آخر، وَكَانَ ابْن وهب حَرِيصًا على التَّفْرِقَة بَين التحديث والإخبار مُرَاعَاة للاصطلاح، وَيُقَال: إِنَّه أول من اصْطلحَ على ذَلِك بِمصْر، والْحَدِيث مُخْتَصر من قصَّة بيعَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْهِجْرَة، وَفِي كتاب الْحُدُود بِطُولِهِ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.