فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب طلب الولد

( بابُُ طَلَبِ الولَدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان طلب الرجل الْوَلَد بالاستكثار من جماع الْمَرْأَة على قصد الِاسْتِيلَاد لَا الِاقْتِصَار على مُجَرّد اللَّذَّة، وَطلب الْوَلَد مَنْدُوب إِلَيْهِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة حَفْص ابْن أخي أنس عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.



[ قــ :4967 ... غــ :5245 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ عنْ هَشِيمٍ عنْ سَيَّارٍ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ جابِرِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي غَزْوَةٍ فَلمَّا قَفلْنا تَعَجَّلْتُ علَى بعِيرٍ قطُوفٍ، فَلحِقَنِي راكبٌ مِنْ خَلْفِي فالْتَفَتُّ فإذَا أَنا بِرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا يُعَجِّلُكَ؟ قُلْتُ: إنِّي حَدِيثُ عَهد بِعُرْسٍ، قَالَ؛ فَبِكرا تَزَوَّجْتَ أمْ ثَيِّبا؟ قُلْتُ: بلْ ثَيِّبا قَالَ: فَهلاَّ جاريَةً تُلاَعِبُها وتُلاعِبُكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدمْنا ذَهَبْنا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: أمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً أيْ: عِشاءً لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ.

قَالَ: وحدّثني: الثِّقَةُ أنّهُ قَالَ فِي هاذا الحَدِيثِ: الكَيْسَ الكَيْسَ يَا جابِرُ، يَعْنِي الوَلَدَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة لَا يتأتي أَخذهَا إلاَّ من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الْكيس الْكيس يَا جَابر يَعْنِي الْوَلَد) وَالْمرَاد مِنْهُ الْحَث على ابْتِغَاء الْوَلَد.
يُقَال: أَكيس الرجل إِذا ولد لَهُ أَوْلَاد أكياس.

وهشيم مصغر هشم ابْن بشير الوَاسِطِيّ أَصله من بَلخ نزل وَاسِط للتِّجَارَة وسيار، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَبعد الْألف رَاء هُوَ ابْن أبي سيار واسْمه وردان أَن أَبُو الحكم الْعَنزي الوَاسِطِيّ، يروي عَن عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي النُّعْمَان وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد عَن غنْدر عَن شُعْبَة.
وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى وَفِي الْجِهَاد عَنهُ وَعَن إِسْمَاعِيل وَعَن أبي مُوسَى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن هشيم بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن الْحسن بن إِسْمَاعِيل وَغَيره.

قَوْله: ( عَن سيار عَن الشّعبِيّ) وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة من طَرِيق شُرَيْح بن النُّعْمَان: حَدثنَا سيار حَدثنَا الشّعبِيّ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد من وَجه آخر: سَمِعت الشّعبِيّ.
قَوْله: ( قَفَلْنَا) بِالْقَافِ وبفتح الْفَاء المخففة، أَي: رَجعْنَا.
قَوْله: ( قطوف) بِفَتْح الْقَاف أَي: بطيء الْمَشْي.
قَوْله: ( مَا يعجلك؟) بِضَم الْيَاء أَي: أَي شَيْء أَي يعجلك؟ قَوْله: حَدِيث عهد بعرس، أَي: جَدِيد التَّزْوِيج، وطابق السُّؤَال الْجَواب بلازمه وَهُوَ الحداثة.
قَوْله: ( فبكرا تزوجت؟) .
مَنْصُوب بقوله: زوجت، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ مَحْذُوف أَي تزوجته.
قَوْله: ( بل ثَيِّبًا) مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر أَي تزوجت ثَيِّبًا.
قَوْله: ( أَي عشَاء) إِنَّمَا فسر بِهِ لِئَلَّا يُعَارض مَا تقدم أَنه لَا يطْرق أَهله لَيْلًا، مَعَ أَن الْمُنَافَاة منتفية من حَيْثُ إِن ذَلِك فِيمَن جَاءَ بَغْتَة وَأما هُنَا فقد بلغ خبر مجيئهم وَعلم النَّاس وصولهم.
قَوْله: ( الشعثة) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَهِي المغبرة الرَّأْس المنتشرة الشّعْر.
قَوْله: ( وتستحد المغيبة) وَقد فسرناها عَن قريب، وَهِي الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوجهَا، والاستحداد اسْتِعْمَال الْحَدِيد فِي شعر الْعَانَة وَهِي إِزَالَته بِالْمُوسَى، هَذَا فِي حق الرِّجَال، وَأما النِّسَاء فَلَا يستعملن إلاَّ النورة أَو غَيرهَا مِمَّا يزِيل الشّعْر.

قَوْله: ( قَالَ: وحَدثني الثِّقَة) الْقَائِل هُوَ هشيم، أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَنه البُخَارِيّ أَو مُسَدّد.
قلت: هُوَ جرى على ظَاهر اللَّفْظ وَالْمُعْتَمد مَا قَالَه الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَا يُقَال هَذَا رِوَايَة عَن مَجْهُول لِأَنَّهُ إِذا ثَبت عِنْد الرَّاوِي عَنهُ أَنه ثِقَة فَلَا بَأْس بِعَدَمِ الْعلم باسمه.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: إِنَّمَا لم يُصَرح بِالِاسْمِ لِأَنَّهُ لَعَلَّه نَسيَه أَو لم يحققه.
وَفِيه تَأمل.
قَوْله: ( قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث) ، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن عبد الله بن الحكم عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ:.

     وَقَالَ ، بِإِثْبَات الْوَاو، وَكَذَا أخرجه أَحْمد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَلَفظه: قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخلت فَعَلَيْك الْكيس الْكيس.
قَوْله: ( الْكيس الْكيس) مَذْكُور مرَّتَيْنِ ومنصوب على الإغراء، والكيس وَالْجِمَاع وَالْعقل، وَالْمرَاد حثه على ابْتِغَاء الْوَلَد.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْكيس هُنَا يجْرِي مجْرى الحذر من الْعَجز عَن الْجِمَاع.
فَفِيهِ الْحَث على الْجِمَاع، وَقد يكون بِمَعْنى الرِّفْق وَحسن التائي،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: الْكيس الْعقل كَأَنَّهُ جعل طلب الْوَلَد عقلا.
وَفِي اللُّغَة: الكوس، بِالسِّين الْمُهْملَة والمعجمة: الْجِمَاع، يُقَال كاس الْجَارِيَة وكاسها وكارسها وكاوسها مكاوسة وكواسا واكتاسها كل ذَلِك: إِذا جَامعهَا.





[ قــ :4968 ... غــ :546 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيدِ حَدثنَا مُحَمَّدُ بن جَعْفَرٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ سَيَّارٍ عَن الشَّعْبِيِّ عَن جابِرِ بنِ عبْدِ الله رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إذَا دَخَلْتَ لَيْلاً فَلا تَدْخُلْ عَلى أهْلكَ حتَّى تَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ وتَمْتَشِط الشَّعَثَةُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَعَلَيْكَ بالكَيْسِ الكَيْسِ.


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن عبد الحميد الملقب بحمدان، روى عَنهُ مُسلم أَيْضا.
وَمُحَمّد بن جَعْفَر هُوَ غنْدر.

تابَعَهُ عُبَيْدُ الله عنْ وَهبٍ عنْ جابِرٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الكَيْسِ.

أَي: تَابع الشّعبِيّ عبيد الله بن عمر الْعمريّ عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رِوَايَة لفظ الْكيس، والمتابع فِي الْحَقِيقَة هُوَ وهب لكنه نَسَبهَا إِلَى عبيد الله لِتَفَرُّدِهِ بذلك عَن وهب، وَتَقَدَّمت رِوَايَة عبيد الله بن عمر مَوْصُولَة فِي أَوَائِل الْبيُوع فِي أثْنَاء حَدِيث أَوله: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَأَبْطَأَ بِي حملي الحَدِيث بِطُولِهِ.