فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب فضل فاتحة الكتاب

( بابُُ فَضْلِ فاتِحَةِ الكِتابِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل فَاتِحَة الْكتاب، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ فِي فَضَائِل فَاتِحَة الْكتاب، وَفِي بَعْضهَا: بابُُ فضل الْفَاتِحَة، وَمن أول قَوْله: بابُُ فَضَائِل الْقُرْآن، إِلَى هُنَا لَيْسَ فِيهَا شَيْء يتَعَلَّق بفضائل الْقُرْآن، نعم يتَعَلَّق بِأُمُور الْقُرْآن وَهِي التراجم الَّتِي ذكرهَا إِلَى هُنَا.

[ قــ :4740 ... غــ :5006 ]
- حدَّثنا عَليُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ: حدّثني خُبَيْبُ بنُ عبْدِ الرحْمانِ عنْ حَفْصٍ بنِ عاصِمٍ عنْ أبي سَعِيدٍ بنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي، فَدَعَاني النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُول الله {إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي.
قَالَ: ألَمْ يَقُلِ الله: { اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} ( الْأَنْفَال: 42) .
ثُمَّ قَالَ: ألاَ أُعَلِّمُكَ أعْظَمَ سورَةٍ فِي القُرْآن قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِد؟ فأخذَ بِيَدِي، فَلمَّا أرَدْنا أنْ نَخْرُجَ قُلْتُ: يَا رسُولَ الله} إنَّكَ قُلْتَ: لاَ عَلَّمَنَّك أعْظَمَ سُورَة مِنَ القُرْآنِ، قَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ( الْفَاتِحَة: 2) هيَ السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن) إِلَى آخِره.

وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الرَّحْمَن الخزرجي، وَحَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَبُو سعيد اسْمه الْحَارِث على اخْتِلَاف فِيهِ ابْن الْمُعَلَّى بِلَفْظ اسْم الْمَفْعُول من التعلية.

والْحَدِيث قد مر فِي أول كتاب التَّفْسِير فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي فاتحتة الْكتاب، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.





[ قــ :4741 ... غــ :5007 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حَدثنَا وهْبٌ حَدثنَا هِشامٌ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ مَعْبَدٍ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا فِي مَسيرٍ لَنا، فَنَزَلْنا فَجاءَتْ جاريَةٌ فقالَتْ: إنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وإنَّ نَفَرَ ناغيَبٌ فَهَلْ منْكمْ رَاقٍ؟ فقامَ رجُلٌ مَا كُنا نأْبُنُهُ بِرُقْيَة، فَرَقاهُ فَبَرَأ، فأمَرَ لهُ بِثَلاَثِينَ شَاة وَسَقَانَا لِبَنَا، فلَما رجَعَ قُلْنا لهُ: أكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ قَالَ: لَا مَا رَقَيْتُ إلاَّ بأُمِّ الكِتاب، قُلْنا: لَا تُحدِثُوا شيْئا حَتَّى نأتِيَ أوْ نَسأَلَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ ذَكَرْناهُ لِلنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: وكا كانَ يُدْرِيهِ أنَّها رُقُيَةٌ؟ اقْسِمُوا واضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يدل على فضل الْفَاتِحَة ظَاهرا.
وَقد مضى هَذَا الحَدِيث مطولا فِي كتاب الْإِجَارَة فِي: بابُُ مَا يعْطى فِي الرّقية، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي النُّعْمَان عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهنا أخرجه عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن وهب بن جرير عَن هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن معبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالدال الْمُهْملَة ابْن سِيرِين أخي مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك مَشْهُور باسمه وكنيته وبكنيته أَكثر وَبَينهمَا تفَاوت فِي الْإِسْنَاد وَفِي الْمَتْن أَيْضا، بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان، وَهُنَاكَ قَالَ أَبُو سعيد: انْطلق نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرة سافروها الحَدِيث، وَهنا قَالَ: كُنَّا فِي مسير لنا، وَهَذَا يدل على أَن أَبَا سعيد كَانَ مَعَ النَّفر الَّذين سافروا فِي الحَدِيث الَّذِي هُنَاكَ، وَلِهَذَا قَالُوا: إِن الرجل الراقي هُوَ أَبُو سعيد نَفسه الرَّاوِي للْحَدِيث.

قَوْله: ( سليم) أَي: لديغ، وَكَأَنَّهُم تفاءلوا بِهَذَا اللَّفْظ.
قَوْله: ( غيب) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف المخففة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَهُوَ جمع غَائِب ويروي: غيب، بِضَم الْغَيْن وَتَشْديد الْيَاء الْمَفْتُوحَة.
قَوْله: ( راقٍ) اسْم فَاعل من رقي يرقي من بابُُ ضرب يضْرب، وَأَصله راقي فأعل إعلال قاصٍ.
قَوْله: ( مَا كُنَّا نأبنه) أَي: ماكنا نعلمهُ أَنه يرقي فنعينه، ومادته همزَة وباء مُوَحدَة وَنون، من أبنت الرجل ابْنه وَابْنه إِذا رميته بخلة سوء، وَهُوَ مأبون وَالِابْن بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء التُّهْمَة.
قَوْله: ( وَكنت ترقي) بِكَسْر الْقَاف.
قَوْله: ( مَا رقيت) بِفَتْح الْقَاف.
قَوْله: ( إلاَّ بِأم الْكتاب) وَهِي الْفَاتِحَة.
قَوْله: ( لَا تحدثُوا) من الإحداث أَي: لَا تحدثُوا أمرا وَلَا تعلمُوا شَيْئا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( أَو نسْأَل) شكّ من الرَّاوِي.
فَإِن قلت: يروي أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود، قَالَ: كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الرقيا إلاَّ بالمعوذات.
قلت: قَالَ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه: لَا يَصح،.

     وَقَالَ  ابْن الْمَدِينِيّ: وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف: وَابْن حَرْمَلَة لَا نعرفه فِي أصَاب عبد الله.
.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِحَدِيث عبد الرَّحْمَن بَأْس وَلم أر أحدا يُنكره أَو يطعن عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  السَّاجِي: لَا يَصح حَدِيثه، وَأما ابْن حبَان فَذكره فِي ثقاته، وَأخرج حَدِيثه فِي صَحِيح.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَبَقِيَّة الْكَلَام تقدّمت هُنَاكَ.

وَقَالَ أبُو مَعْمَرٍ: حَدثنَا عبْدُ الوَارِثِ حَدثنَا هِشَامٌ حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ حدّثني مَعْبَدُ بن سِيرِينَ عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ بِهاذَا

أَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو المقعد مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَهِشَام بن حسان، وَأَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ من مُحَمَّد بن سِيرِين لهشام وَمن معبد لمُحَمد فَإِنَّهُ فِي الْإِسْنَاد اذي سَاقه أَولا بالعنعنة فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عَن أبي معمر كَذَلِك.