فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الضرب بالجريد والنعال

( بابُُ الضَّربِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الضَّرْب فِي شرب الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال، وَأَشَارَ بذلك إِلَى جَوَاز الِاكْتِفَاء فِي شرب الْخمر بِالضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنعال،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أجمعو على الِاكْتِفَاء فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال، وأطراف الثِّيَاب، ثمَّ قَالَ: وَالأَصَح جَوَازه بِالسَّوْطِ، وشذ من قَالَ: هُوَ شَرط وَهُوَ غلط منابذ للأحاديث الصَّحِيحَة.

قلت: اخْتلف فِيهِ بعض الْأَئِمَّة من الشَّافِعِيَّة فَصرحَ أَبُو الطّيب وَمن تبعه بِأَنَّهُ لَا يجوز بِالسَّوْطِ، وَصرح القَاضِي حُسَيْن بِتَعْيِين السَّوْط، وَاحْتج بِأَنَّهُ إِجْمَاع الصَّحَابَة.



[ قــ :6422 ... غــ :6775 ]
- حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حدّثنا وُهَيْبُ بنُ خالِدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي مُلَيْكَةَ عنْ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بِنُعَيْمانَ أَو: بابُنِ نُعَيْمانِ وهْوَ سَكْرَان فَشَقَّ عَلَيْهِ وأمَرَ مَنْ فِي البَيْتِ أنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بالجَرِيدِ والنِّعال، وكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ.
( انْظُر الحَدِيث 6132 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَهُوَ الحَدِيث الَّذِي تقدم فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، أخرجه عَن قُتَيْبَة بن عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب إِلَى آخِره، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ.





[ قــ :643 ... غــ :6776 ]
- حدّثنا مُسْلِمٌ حدّثنا هِشامٌ حدّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسِ، قَالَ: جَلدَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الخَمْرِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ، وجَلَدَ أبُو بَكْرِ أرْبَعِينَ.
( انْظُر الحَدِيث 3776) .


مُطَابقَة هَذَا أَيْضا للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَقد تقدم هَذَا أَيْضا عَن قريب فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي ضرب شَارِب الْخمر.
فَإِن قلت: ذكر هُنَاكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ضرب فِي الْخمر وَهَهُنَا قَالَ: جلد؟ .

قلت: لَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَن المُرَاد هُنَا من قَوْله: ( جلد ضربه) فَأصَاب جلده، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ: ضربه بِالْجلدِ، وَمُسلم شيخ البُخَارِيّ وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ وَهِشَام هُوَ الدستوَائي.





[ قــ :644 ... غــ :6777 ]
- حدّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا أبُو ضَمْرَةَ أنَسٌ عنْ يَزِيدَ بنِ الهادِ عنْ مُحَمَّدٍ بنِ إبْرَاهِيمَ عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: أُتِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ: ( اضْرِبُوه) قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فلمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أحْزَاكَ الله.
قَالَ: لَا تَقُولُوا هكَذا، لَا تُعينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطانَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو ضَمرَة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء اسْمه أنس بن عِيَاض، وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة بن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد نسب إِلَى جده الْأَعْلَى، وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ، وَسَلَمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَيزِيد وَشَيْخه وَشَيخ شَيْخه مدنيون تابعيون.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحُدُود أَيْضا عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن غَيره.
قَوْله: ( بِرَجُل) قيل: يحْتَمل أَن يكون هَذَا عبد الله الَّذِي كَانَ يلقب حمارا، وَسَيَأْتِي فِي الحَدِيث عَن عمر فِي الْبابُُ الَّذِي بعده، وَيحْتَمل أَن يكون نعيمان وَيحْتَمل أَن يكون ثَالِثا.
قَوْله: ( قَالَ: اضْرِبُوهُ) لم يعين فِيهِ الْعدَد لِأَنَّهُ لم يكن مؤقتاً حينئذٍ، وَقد روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يقت فِي الْخمر حدا أَي لم: يُوَقت، وَيُقَال أَي: لم يقدر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ مِقْدَارًا، وَلم يحدده بِعَدَد مَخْصُوص.
قَوْله: ( أخزاك الله) أَي: لَا تدعوا عَلَيْهِ بالخزي بالمعجمتين، وَهُوَ الذل والهوان، يُقَال: خزى يخزى من بابُُ علم بِعلم خزياً بِالْكَسْرِ وَأما خزي يخزى خزاية بِالْفَتْح فَمَعْنَاه اسْتَحى.
قَوْله: ( لَا تعينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان) يَعْنِي: إِذا دعوتم عَلَيْهِ بالخزي فقد اعنتم الشَّيْطَان، فَإِنَّهُ إِذا دعِي عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم ينْه عَنهُ ينفر عَنهُ، أَو لِأَنَّهُ يتَوَهَّم أَنه مُسْتَحقّ لذَلِك، فيوقع الشَّيْطَان فِي قلبه وساوس.





[ قــ :645 ... غــ :6778 ]
- حدّثنا عبْدُ الله بنُ عبْدِ الوَهَّابِ حدّثنا خالِدُ بنُ الحارِثِ حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا أَبُو حَصِينٍ: سَمِعْتُ عُمَيْرَ بنَ سَعِيدٍ النَّخَعِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلَيَّ بنَ أبي طالِبٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: مَا كُنْتُ لأقِيمَ حَدًّا عَلَى أحَدٍ فَيَمُوتَ فأجدَ فِي نَفْسِي إلاَّ صاحِبَ الخَمْرِ، فإنَّه لوْ ماتَ ودَيْتُهُ وذالِكَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَسُنَّهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث لِأَن معنى قَوْله: ( لم يسنه) لم يقدر فِيهِ حدا، مضبوطاً كَذَا فسره النَّوَوِيّ، وَقيل: مَعْنَاهُ لم يُعينهُ بِضَرْب السِّيَاط، وَهُوَ مُطَابق للتَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حد مَعْلُوم.

وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَأَبُو حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ واسْمه عُثْمَان بن عَاصِم الْأَسدي الْكُوفِي، وَعُمَيْر بِضَم الْعين وَفتح الْمِيم بن سعيد بِالْيَاءِ بعد الْعين النَّخعِيّ كَذَا ضَبطه الْكرْمَانِي.

     وَقَالَ : لم يتَقَدَّم ذكره، ويروى: سعد، بِدُونِ الْيَاء، وَهُوَ سَهْو قَالَه الغساني،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هَكَذَا وَقع فِي جَمِيع النّسخ من ( الصَّحِيحَيْنِ) : وَوَقع للحميدي فِي الْجَمِيع: سعد، بِسُكُون الْعين وَهُوَ غلط، وَوَقع فِي ( الْمُهَذّب) : عمر بن سعد بِحَذْف الْيَاء مِنْهُمَا وَهُوَ غلط فَاحش،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَوَقع للنسائي والطَّحَاوِي: عمر، بِضَم الْعين وَفتح الْمِيم.

قلت: لم يَقع للطحاوي مَا ذكره فَإِنِّي شرحت ( مَعَاني الْآثَار) : لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ عُمَيْر بن سعيد، مثل مَا وَقع للْبُخَارِيّ وَغَيره، وَهُوَ تَابِعِيّ كَبِير ثِقَة مَاتَ سنة خمس عشرَة وَمِائَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الْمنْهَال وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بِهِ وَعَن غَيره.

قَوْله: ( مَا كنت لأقيم) اللَّام فِيهِ مَكْسُورَة لتأكيد النَّفْي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمَا كَانَ الله لِيُضيع أَيْمَانكُم} ( الْبَقَرَة: 341) وأقيم مَنْصُوب بِأَن الْمقدرَة فِيهِ.
قَوْله: ( فَيَمُوت) ، بِالنّصب.
قَوْله: ( فأجد) بِالرَّفْع قَالَه الْكرْمَانِي من وجد الرجل يجد إِذا حزن،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ.
قَوْله: ( فَيَمُوت) مسبب عَن أقيم.
وَقَوله: ( فأجد) مسبب عَن مَجْمُوع السَّبَب، والمسبب وَالِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله: ( إلاَّ صَاحب الْخمر) ، مُنْقَطع أَي: لَكِن أجد من صَاحب الْخمر إِذا مَاتَ شَيْئا وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: مَا أجد من موت أحد يُقَام عَلَيْهِ الْحَد شَيْئا، إلاَّ من موت صَاحب الْخمر فَيكون مُتَّصِلا.
قَوْله: ( وديته) أَي: أَعْطَيْت دِيَته وغرمتها من ودى يَدي دِيَة أَصْلهَا ودية.
قَوْله: ( وَذَلِكَ) إِشَارَة إِلَى مَا قَالَه: ( مَا كنت لأقيم.
.
)
إِلَى آخِره.
قَوْله: ( لم يسنه) قد مر تَفْسِيره الْآن، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسن فِيهِ شَيْئا إِنَّمَا هُوَ شَيْء جَعَلْنَاهُ نَحن.
فَإِن قلت: روى الطَّحَاوِيّ حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد بن مسرهد قَالَ: حَدثنَا يحيى، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن الداناج عَن حُصَيْن بن الْمُنْذر الرقاشِي أبي ساسان عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: جلد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخمر أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَرْبَعِينَ وكملها عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثَمَانِينَ وكل سنة.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد نَحوه.
قَوْله: ( وكل سنة) أَي: كل وَاحِد من الْأَرْبَعين والثمانين سنة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: تَقول: إِن الْأَرْبَعين سنة قد عمل بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي زَمَانه، والثمانين سنة قد عمل بهَا عمر رَضِي الله عَنهُ، فِي زَمَانه.

قلت: وَلما روى الطَّحَاوِيّ هَذَا قَالَ: ذهب قوم إِلَى أَن الْحَد الَّذِي يجب على شَارِب الْخمر إِنَّمَا هُوَ أَرْبَعُونَ، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، فَادعوا فَسَاد هَذَا الحَدِيث، وأنكروا أَن يكون عَليّ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ من ذَلِك شَيْئا، لِأَنَّهُ قد روى عَنهُ مَا يُخَالف ذَلِك، ويدفعه ثمَّ روى حَدِيث عُمَيْر بن سعيد عَنهُ الَّذِي مضى الْآن، ثمَّ أَطَالَ الْكَلَام فِي دفع هَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الداناج الْمَذْكُور عَن حُصَيْن عَنهُ،.

     وَقَالَ  غَيره: حَدِيث الداناج غير صَحِيح لِأَن حَدِيث البُخَارِيّ، أَعنِي: الْمَذْكُور هُنَا يردهُ وَيُخَالِفهُ، وَفِي قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ: مَا كنت لأقيم حدا ... الخ حجَّة لمن قَالَ: لَا قَود على أحد إِذا مَاتَ الْمَحْدُود فِي الضَّرْب.
.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: لَا دِيَة فِيهِ على الإِمَام وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة، وَقيل: على بَيت المَال، لكِنهمْ اخْتلفُوا فِيمَن مَاتَ من التَّعْزِير، فَقَالَ الشَّافِعِي: عقله على عَاقِلَة الإِمَام وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة، وَقيل: على بَيت المَال، وَجُمْهُور الْعلمَاء على أَنه: لَا يجب شَيْء على أحد.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : اخْتلف إِذا مَاتَ فِي ضربه على أَقْوَال: فَقَالَ مَالك وَأحمد: لَا ضَمَان على الإِمَام وَالْحق قَتله.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي إِن مَاتَ الْمَحْدُود وَكَانَ ضربه بأطراف الثِّيَاب وَالنعال لَا يضمن الإِمَام قولا وَاحِدًا، وَإِن كَانَ ضربه بِالسَّوْطِ فَإِنَّهُ يضمن، وَفِي صفة مَا يضمن وَجْهَان: أَحدهمَا: يضمن جَمِيع الدِّيَة، وَالثَّانِي: لَا يضمن إلاَّ مَا زَاد على ألم النِّعَال، وَعنهُ أَيْضا إِن ضرب بالنعال وأطراف الثِّيَاب ضربا يُحِيط الْعلم أَنه لَا يبلغ الْأَرْبَعين، أَو يبلغهَا أَو لَا يتجاوزها فَمَاتَ، فَالْحق قَتله.
فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَا عقل وَلَا دِيَة وَلَا كَفَّارَة على الإِمَام، وَإِن ضربه أَرْبَعِينَ سَوْطًا فَمَاتَ، فديته على عَاقِلَة الإِمَام دون بَيت المَال.





[ قــ :646 ... غــ :6779 ]
- حدّثنا مَكْيٌّ بنُ إبْراهِيمَ عنِ الجُعَيْدِ عنْ يَزِيدَ بنِ خُصَيْفَةَ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإمْرَةِ أبي بَكْرٍ وصَدْراً مِنْ خِلاَفَةِ عُمَر، فَنَقُومُ إلَيْهِ بأيْدِينا ونعالِنا وأرْدِيَتِنا حتَّى كانَ آخِرُ إمْرَةِ عُمَرَ فَجلَدَ أرْبَعِينَ، حتَّى إذَا عَتَوْا وفَسَقُوا جَلَدَ ثَمانِينَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والجعيد بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مصغر جعد بن عبد الرَّحْمَن التَّابِعِيّ من صغَار التَّابِعين وَسَنَد البُخَارِيّ هَذَا فِي غَايَة الْعُلُوّ لِأَن بَينه وَبَين التَّابِعِيّ فِيهِ وَاحِد فَهُوَ فِي حكم الثلاثيات، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن خصيفَة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء الْكُوفِي، والسائب بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف ابْن يزِيد من الزِّيَادَة الْكِنْدِيّ.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( كُنَّا نؤتى) على صِيغَة الْمَجْهُول.
فَإِن قلت: كَانَ السَّائِب صَغِيرا جدا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ابْن سِتّ سِنِين فَكيف أَدخل نَفسه فِي جمَاعَة الْحَاضِرين وَقت إتْيَان الشَّارِب فِي زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ .

قلت: الظَّاهِر أَن مُرَاده من قَوْله: كُنَّا الصَّحَابَة، وَلَكِن يحْتَمل أَن يكون قد حضر هُنَاكَ مَعَ أَبِيه أَو غَيره فشاركهم فِيهِ فَيكون الْإِسْنَاد على الْحَقِيقَة.
قَوْله: ( وإمرة أبي بكر) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْمِيم أَي: إمارته.
قَوْله: ( وصدراً) من خلَافَة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَي: أَوَائِل خِلَافَته.
قَوْله: ( وأرديتنا) جَمِيع رِدَاء.
قَوْله: ( حَتَّى كَانَ آخر إمرة عمر) أَي آخر خِلَافَته.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا عتوا) أَي: إِذا انهمكوا فِي الطغيان وبالغوا فِي الْفساد.
قَوْله: ( وفسقوا) أَي: خَرجُوا عَن الطَّاعَة فَلم يرتدعوا جلدهمْ ثَمَانِينَ جلدَة، وَلَو أدْرك هَذَا الزَّمَان لجلدهم أَضْعَاف ذَلِك، وروى عبد الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح عَن عبيد بن عُمَيْر، أحد كبار التَّابِعين، نَحْو حَدِيث السَّائِب وَفِيه: أَن عمر جعله أَرْبَعِينَ سَوْطًا، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يتناهون جعله سِتِّينَ سَوْطًا، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يتناهون جعله ثَمَانِينَ سَوْطًا.
.

     وَقَالَ : هَذَا أدنى الْحُدُود.