فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول الله عز وَجل: { وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} تيسير الْقُرْآن للذّكر تسهيله على اللِّسَان ومسارعته إِلَى الْقِرَاءَة حَتَّى إِنَّه رُبمَا يسْبق اللِّسَان إِلَيْهِ فِي الْقِرَاءَة فيجاوز الْحَرْف إِلَى مَا بعده، وتحذف الْكَلِمَة حرصاً على مَا بعْدهَا.
قيل: المُرَاد بِالذكر الْأَذْكَار والأتعاظ، وَقيل: الْحِفْظ.
قَوْله: { فَهَل من مدكر} أَصله مفتعل من الذّكر، قلبت التَّاء دَالا وأدغمت الدَّال فِي الدَّال.

وَقَالَ النبيُّ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلقَ لهُ
الْآن يَأْتِي هَذَا مَوْصُولا من حَدِيث عمرَان وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

يُقَالُ: مُيَسَّرٌ: مُهَيَّأٌ.

هَذَا تَفْسِير البُخَارِيّ إِذا تيَسّر أَمر من الْأُمُور يُقَال: تهَيَّأ.

وَقَالَ مُجاهِدٌ: يَسَّرْنا القُرْآنَ بِلِسانِك: هَوَّنَّا قِراءَتَهُ عَلَيْكَ.

وَصله الْفرْيَابِيّ عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} قَالَ هوَّنا قِرَاءَته، وَالْمَذْكُور رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: هوناه عَلَيْك.

وَقَالَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} { وَلَقَد يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ} قَالَ: هَلْ مِنْ طالِب عِلْمٍ فَيُعانَ عَلَيْهِ.

مطر هُوَ ابْن طهْمَان أَبُو رَجَاء الْخُرَاسَانِي الْوراق، سكن الْبَصْرَة وَكَانَ يكْتب الْمَصَاحِف، مَاتَ سنة تسع عشرَة وَمِائَة، وَوَقع هَذَا التَّعْلِيق عِنْد أبي ذَر عَن الْكشميهني وَحده، وَثَبت أَيْضا للجرجاني عَن الْفربرِي، وَوَصله الْفرْيَابِيّ عَن ضَمرَة بن ربيعَة عَن عبد الله بن سودب عَن مطر.



[ قــ :7152 ... غــ :7551 ]
- حدّثنا أبُو مَعْمَرٍ، حدّثنا عَبْدُ الوارِثِ قَالَ يَزِيدُ: حدّثني مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ الله، عنْ عِمْرَانَ قَالَ: قلْتُ: يَا رسولَ الله فِيمَا يَعْمَلُ العامِلُونَ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ
انْظُر الحَدِيث 6596
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي لفظ التَّيْسِير.

وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو الْبَصْرِيّ المقعد، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي يزِيد واسْمه سِنَان القسام، وَيُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: رشك، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة كَانَ يقسم الدّور وَيمْسَح بِمَكَّة، ومطرف على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من التطريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة ابْن عبد الله العامري يروي عَن عمرَان بن حُصَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَهَذَا مُخْتَصر من حَدِيث مضى فِي كتاب الْقدر عَن عمرَان وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: فِيمَا ويروى: فيمَ، بِحَذْف الْألف بِكَلِمَة: مَا، الاستفهامية، قَالَ ذَلِك حِين قَالَ رَسُول الله، مَا مِنْكُم إِلَّا كتب مَكَانَهُ فِي الْجنَّة أَو النَّار كل وَاحِد مِنْهُمَا يسهل عَلَيْهِ مَا كتب من عملهما.



[ قــ :7153 ... غــ :755 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشّارٍ، حَدثنَا غُنْدَرٌ، حدّثنا شُعْبَةُ عنْ مَنْصُورٍ والأعْمَش سَمِعا سَعْدَ بنَ عُبَيْدَةَ عنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَليَ، رَضي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ كانَ فِي جَنازَةٍ، فأخَذَ عُوداً فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الأرْضِ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ إلاّ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّار أوْ مِنَ الجَنَّةِ قالُوا: أَلا نتَّكِلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآيَةَ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث الأول.

وغندر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَسعد بن عُبَيْدَة أَبُو حَمْزَة بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي السّلمِيّ بِالضَّمِّ الْكُوفِي ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ واسْمه عبد الله بن حبيب الْكُوفِي الْقَارِي ولأبيه صُحْبَة.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز مطولا فِي: بابُُ موعظة الْمُحدث عِنْد الْقَبْر.

قَوْله: ينكت أَي: يضْرب فِي الأَرْض فيؤثر فِيهَا.
قَوْله: إِلَّا كتب أَي: قدر فِي الْأَزَل أَن يكون من أهل النَّار أَو من أهل الْجنَّة.
فَقَالُوا: أَلا نعتمد على مَا قدر الله عَليّ نَا ونترك الْعَمَل؟ فَقَالَ: لَا، اعْمَلُوا فَإِن أهل السَّعَادَة ييسرون لعملهم، وَأهل الشقاوة لعملهم.