فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت

( بابٌُ لَا يحْلَفُ بِاللاَّتِ والعُزَّى وَلَا بالطَّواغِيتِ)

أَي: هَذَا بابُُ يُقَال فِيهِ: لَا يحلف، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ لَا تحلفُوا بِاللات، بِصِيغَة أَمر الْجمع، وَاللات قَالَ الثَّعْلَبِيّ: أَخذ اللاَّت من لَفْظَة الله فألحقت بهَا تَاء التَّأْنِيث، كَمَا قيل للذّكر: عَمْرو، ثمَّ قيل للْأُنْثَى: عمْرَة.

قلت: أَرَادوا أَن يسموا آلِهَتهم بِلَفْظَة الله فصرفها الله إِلَى اللات صِيَانة لهَذَا الِاسْم الشريف، وَعَن قَتَادَة: اللات صَخْرَة بِالطَّائِف، وَعَن أبي زيد: بَيت بنخلة كَانَت قُرَيْش تعبده، وَقيل: كَانَ رجل يلت السويق للْحَاج فَلَمَّا مَاتَ عكفوا على قَبره فعبدوه، وَعَن الكعبي: كَانَ رجل من ثَقِيف يُسمى حُرْمَة ابْن تَمِيم كَانَ يسلي السّمن فيصعد على صَخْرَة ثمَّ يَأْتِي الْعَرَب فيلت بِهِ أسوقتهم، فَلَمَّا مَاتَ الرجل حولتها ثَقِيف إِلَى منازلها فعبدوها، والعزى اخْتلف فِيهَا، فَعَن مُجَاهِد؛ هِيَ شَجَرَة لغطفان يعبدونها، هِيَ الَّتِي بعث إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فقطعها فَخرجت مِنْهَا شَيْطَانَة نَاشِرَة شعرهَا دَاعِيَة وَيْلَهَا وَاضِعَة يَدهَا على رَأسهَا، فَقَتلهَا خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَعَن الضَّحَّاك: هِيَ صنم لغطفان وَضعهَا لَهُم سعد بن ظَالِم الْغَطَفَانِي، وَذَلِكَ أَنه لما قدم مَكَّة وَرَأى أَن أَهلهَا يطوفون بهَا وَبَين الصَّفَا والمروة أَخذ حجرا من الصَّفَا وحجراً من الْمَرْوَة فنقلهما إِلَى نَخْلَة، ثمَّ أَخذ ثَلَاثَة أَحْجَار فأسندها إِلَى صَخْرَة.

     وَقَالَ : هَذَا ربكُم فاعبدوه، فَجعلُوا يطوفون بَين الحجرين ويعبدون الْحِجَارَة حَتَّى افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة، فَأمر بهدمها.
وَعَن ابْن زيد: الْعُزَّى بَيت بِالطَّائِف كَانَت تبعده ثَقِيف، وَمن أصنامهم المناة، قَالَ قَتَادَة: كَانَت لخزاعة وَكَانَت بقديدة، وَعَن ابْن زيد بَيت كَانَ بالسليل تعبده بَنو كَعْب،.

     وَقَالَ  الضَّحَّاك: مَنَاة صنم لهذيل وخزاعة تعبدها أهل مَكَّة،.

     وَقَالَ : اللات والعزى وَمَنَاة أصنام من حِجَارَة كَانَت فِي جَوف الْكَعْبَة يعبدونها.
قَوْله: ( وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ) ، أَي: وَلَا يحلف بِالطَّوَاغِيتِ أَيْضا وَهُوَ جمع الطاغوت وهم صنم، وَقيل: شَيْطَان، وَقيل: كل رَأس ضلال.
وَعَن جَابر وَسَعِيد بن جُبَير: الكاهن:.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: هُوَ عِنْدِي فعلوت من الطغيان كالجبوت من الْجَبْر، قيل ذَلِك لكل من طغا على الله فعبد من دونه إنْسَانا كَانَ ذَلِك الطاغي أَو شَيْطَانا أَو صنماً.

قلت: أَصله طغيوت قدمت الْيَاء على الْغَيْن فَصَارَ طيغوت ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا.



[ قــ :6303 ... غــ :6650 ]
- حدّثني عبُد الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشامُ بنُ يُوسفَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ حُمَيْدِ بن عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفهِ: بالَّلات والعُزصى، فَلْيَقُلْ: لَا إلَهَ إِلَّا الله، ومْ قَالَ لِصاحِبهِ: تعالَ أقامرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير، والنجم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن بِعَيْنِه، وَمضى فِي الْأَدَب أَيْضا عَن إِسْحَاق وَفِي الاسْتِئْذَان عَن يحيى بن بكير.

قَوْله: ( فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله) إِنَّمَا أَمر بذلك لِأَنَّهُ تعاطى صُورَة تَعْظِيم الْأَصْنَام حِين حلف بهَا وَأَن كَفَّارَته هُوَ هَذَا القَوْل لَا غير.
قَوْله: ( تعال أقامرك) تعال بِفَتْح اللَّام أَمر، وأقامرك مجزوم لِأَنَّهُ جَزَاؤُهُ وَإِنَّمَا أَمر بِالصَّدَقَةِ تكفيراً للخطيئة فِي كَلَامه بِهَذِهِ الْمعْصِيَة، وَالْأَمر بِالصَّدَقَةِ مَحْمُول عِنْد الْفُقَهَاء على النّدب بِدَلِيل أَن مُرِيد الصَّدَقَة إِذا لم يَفْعَلهَا لَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَة وَلَا غَيرهَا بل يكْتب لَهُ حَسَنَة.