فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدعاء في الاستسقاء قائما

( بابُُ الدُّعاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ قائِما)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء فِي الاسْتِسْقَاء حَال كَونه قَائِما فِي الْخطْبَة وَغَيرهَا، لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْخُشُوع والتواضع، وَقيل: ليراه النَّاس فيقتدوا بِهِ فِيمَا صنع.



[ قــ :990 ... غــ :1022 ]
- وقَالَ لنا أبُو نُعَيْمٍ عنْ زُهَيْرٍ عنْ أبِي إسْحَاقَ خَرَجَ عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ الأنْصَارِيُّ وخَرَجَ مَعَهُ البَرَاءُ بنُ عازِبٍ وَزَيْدُ بنُ أرْقَمَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فاسْتَسْقَى فقامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ فاسْتَغْفَرَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالقِرَاءَةِ وَلَمْ يْؤَذِّنْ ولَمْ يُقِمْ.
قَالَ أبُو إسْحَاقَ وَرَأى عَبْدُ الله ابنُ يَزِيدَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَقَامَ لَهُم على رجلَيْهِ من غير مِنْبَر) .

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون: وَهُوَ الْفضل بن دُكَيْن، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْكُوفِي.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، واسْمه: عَمْرو بن عبد الله الْكُوفِي.
الرَّابِع: عبد الله بن يزِيد بن زيد بن حُصَيْن بن عَمْرو الأوسي الخطمي أَبُو مُوسَى، قَالَ الذَّهَبِيّ: شهد الْحُدَيْبِيَة وَمَات قبل ابْن الزبير.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَشهد الْحُدَيْبِيَة وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة، وَكَانَ أَمِيرا على الْكُوفَة، وَشهد مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، صفّين والجمل والنهروان، وَذكره ابْن طَاهِر أَيْضا فِي الصَّحَابَة الَّذين خرج لَهُم فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) ،.

     وَقَالَ : كَانَ صَغِيرا على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ أَمِير اعلى الْكُوفَة على عهد ابْن الزبير.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَ فِي زمن ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد الأجري: قلت لأبي دَاوُد: عبد الله بن يزِيد الخطمي لَهُ صُحْبَة؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَهُ رُؤْيَة، سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول، هَذَا،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: سَمِعت مصعبا الزبيرِي يَقُول: لَيْسَ لَهُ صُحْبَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: قَالَ البُخَارِيّ قَالَ لنا أَبُو نعيم، قَالَ الْكرْمَانِي: وَالْفرق بَين قَالَ لنا، وَحدثنَا: أَن القَوْل يسْتَعْمل إِذا سمع من شَيْخه فِي مقَام المذاكرة والمحاورة، والتحديث إِذا سمع فِي مقَام التحميل وَالنَّقْل.
قيل: لَيْسَ اسْتِعْمَال البُخَارِيّ لذَلِك منحصرا فِي المذاكرة، فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلهُ فِيمَا يكون ظَاهره الْوَقْف، وَفِيمَا يصلح للمتابعات.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار، كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق بِهِ فِي حَدِيث لزيد بن أَرقم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( خرج عبد الله بن يزِيد) يَعْنِي: خرج إِلَى الصَّحرَاء، وَذَلِكَ لما كَانَ أَمِيرا على الْكُوفَة من جِهَة عبد الله بن الزبير فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ قبل غَلَبَة الْمُخْتَار بن أبي عبيد عَلَيْهَا، ذكره ابْن سعد وَغَيره.
قَوْله: ( فَقَامَ) ، أَي: عبد الله بن يزِيد.
قَوْله: ( لَهُم) ، ويروى ( بهم) ، قَوْله: ( فَاسْتَغْفر) هَذِه رِوَايَة أبي الْوَقْت، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( فَاسْتَسْقَى) ، قَوْله: ( ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ) ظَاهره أَنه أخر الصَّلَاة عَن الْخطْبَة، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ.
قَوْله: ( يجْهر) ، فِي مَوضِع النصب على الْحَال.
قَوْله: ( وَلم يُؤذن وَلم يقم) ، قَالَ ابْن بطال: أَجمعُوا على أَن لَا أَذَان وَلَا إِقَامَة للاستسقاء.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو إِسْحَاق) هُوَ: أَبُو إِسْحَاق الْمَذْكُور فِي السَّنَد.
قَوْله: ( روى عبد الله بن يزِيد عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ويروى: ( وَرَأى عبد الله بن يزِيد) ، قَالَ الْكرْمَانِي: وعَلى تَقْدِير الرِّوَايَة إِن أَرَادَ رِوَايَة مَا صدر عَنهُ من الصَّلَاة والجهر فيهمَا وَغَيرهمَا صَار مَرْفُوعا، وَإِن أَرَادَ الرِّوَايَة فِي الْجُمْلَة فَهُوَ مَوْقُوف عَلَيْهِ.
قلت: رأى عبد الله بن يزِيد رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَرِوَايَة الْحَمَوِيّ وَحده: وروى عبد الله، وَقد أخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان فِي ( تَارِيخه) هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة قبيصَة عَن الثَّوْريّ: ( عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: بعث ابْن الزبير إِلَى عبد الله بن يزِيد الخطمي: أَن استسق بِالنَّاسِ، فَخرج وَخرج النَّاس مَعَه، وَفِيهِمْ زيد بن أَرقم والبراء بن عَازِب) ، وَخَالفهُ عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ فَقَالَ فِيهِ: ( ان ابْن الزبير خرج يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ.
.
)
الحَدِيث.
وَقَوله: ( إِن ابْن الزبير هُوَ الَّذِي فعل ذَلِك) وهم، وَإِنَّمَا الَّذِي فعله هُوَ عبد الله بن يزِيد بِأَمْر ابْن الزبير، وَفِي ( سنَن الْكَجِّي) مَا يدل على أَن الَّذِي صلى بهم ذَلِك الْيَوْم هُوَ زيد بن أَرقم.





[ قــ :991 ... غــ :103 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عَبَّادُ بنُ تَمِيمٍ أنَّ عَمَّهُ وكانَ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبَرَهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي لَهُمْ فقامَ فَدَعَا الله قائِما ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ القِبْلَةِ وَحَوَّلَ ردَاءَهُ فَأُسْقُوا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَقَامَ فَدَعَا الله قَائِما) ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ تَحْويل الرِّدَاء فِي الاسْتِسْقَاء، أخرجه هُنَا: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه عبد الله بن زيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( قبل الْقبْلَة) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: جِهَة الْقبْلَة.
قَوْله: ( فاسقوا) ، بِضَم الْهمزَة وَالْقَاف على بِنَاء الْمَجْهُول، وَأَصله: اسقيوا، استثقلت الضمة على الْيَاء فنقلت إِلَى مَا قبلهَا بعد حذف حركتها، فَصَارَ: اسقوا، على وزن: افعوا.
ويروى: ( فسقوا) ، على بِنَاء الْمَجْهُول أَيْضا وإعلاله مثل إعلال: اسقوا، لَكِن الأول من الْمَزِيد وَهُوَ: الاسْتِسْقَاء، وَالثَّانِي من الْمُجَرّد وَهُوَ: السَّقْي.