فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها


[ قــ :6583 ... غــ :6950 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، حدّثنا شُعَيْبٌ، حدّثنا أبُو الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله هاجَرَ إبْرَاهِيمُ بِسارَةَ دَخَلَ بِها قَرْيَةً فِيها مَلِكٌ مِن المُلُوكِ أوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبابُرَة فأرْسَلَ إلَيْهِ: أنْ أرْسِلْ إلَيَّ بهَا، فأرْسَلَ بِها، فقامَ إلَيْها فقامَتْ تَوَضَّأ وتصَلِّي.
فقالَت: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وبِرَسُولِكَ، فَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكافِرِ، فَغُطَّ حتَّى ركَضَ بِرِجْلِهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِنَّه كَمَا لَا ملامة عَلَيْهَا فِي الْخلْوَة مَعَه إِكْرَاها، فَكَذَلِك المستكرهة فِي الزِّنَا لَا حد عَلَيْهَا، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَصَاحب التَّوْضِيح قلت: الْأَقْرَب أَن يُقَال: وَجه الْمُطَابقَة من حَيْثُ إِنَّه أكره إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، على إرسالها إِلَيْهِ.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرحمان بن هُرْمُز.

وَمضى الحَدِيث فِي آخر البيع، وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام.

قَوْله: هَاجر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْكرْمَانِي: من الْعرَاق إِلَى الشَّام.
قلت: قَالَ أهل السّير: من بَيت الْمُقَدّس إِلَى مصر، وَسَارة أم إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَوْله: دخل بهَا قَرْيَة قَالَ الْكرْمَانِي: هِيَ حران بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء وبالنون، وَهِي كَانَت مَدِينَة عَظِيمَة تعدل ديار مصر فِي حد الجزيرة بَين الْفُرَات ودجلة، وَالْيَوْم هِيَ خرابة، قيل: كَانَ مولد إِبْرَاهِيم بهَا، وَقَول الْكرْمَانِي: قَرْيَة هِيَ حران فِيهِ نظر، وَالَّذِي ذكره أهل السّير: هِيَ مصر، وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا الَّذِي ذكره قَول من قَالَ: إِن حران هِيَ الَّتِي ولد فِيهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله: أَو جَبَّار شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: فَأرْسل إِلَيْهِ أَي: أرسل ذَلِك الْجَبَّار إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، فَأرْسل بهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، كرها.
قَوْله: تَوَضَّأ بِضَم الْهمزَة أَصله: تتوضأ، فحذفت مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ.
قَوْله: إِن كنت لَيْسَ على الشَّك لِأَنَّهَا لم تكن شاكة فِي إيمَانهَا، وَإِنَّمَا هُوَ على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر، فيؤول بِنَحْوِ: إِن كنت مَقْبُولَة الْإِيمَان.
قَوْله: فغط بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة أَي: خنق وصرع،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: ورويناه هُنَا بِالْعينِ الْمُهْملَة، وَيحْتَمل أَن يكون من العطعطة وَهِي حِكَايَة صَوت،.

     وَقَالَ  الشَّيْبَانِيّ: العطوط المغلوب ذكره الْجَوْهَرِي فِي بابُُ الْعين الْمُهْملَة.
قَوْله: حَتَّى ركض بِرجلِهِ أَي: حركه وَدفع وَجمع، وَلم يذكر البُخَارِيّ حكم إِكْرَاه الرجل على الزِّنَى، فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه لَا حد عَلَيْهِ.
.

     وَقَالَ  مَالك وَجَمَاعَة: عَلَيْهِ الْحَد لِأَنَّهُ لَا تَنْتَشِر الْآلَة إلاَّ بلذة، وَسَوَاء أكرهه سُلْطَان أَو غَيره، وَعَن أبي حنيفَة: لَا يحد إِن أكرهه سُلْطَان، وَخَالفهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد، رحمهمَا الله تَعَالَى.