فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الأعمال بالخواتيم، وما يخاف منها

( بابٌُ الأعْمالُ بِالخَواتِيمِ وَمَا يخافُ مِنْها)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ الْأَعْمَال بالخواتيم أَي: بالعواقب، وَهُوَ جمع خَاتِمَة.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : يُقَال: خَاتم بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا، وعد اللُّغَات السِّت الَّتِي فِيهِ ثمَّ قَالَ: وَالْجمع الخواتيم.

قلت: هَذَا تصرف عَجِيب فَإِنَّهُ ظن أَن الخواتيم هُنَا جمع الْخَاتم الَّذِي يلبس، وَلَيْسَ لهَذَا هُنَا دخل، وَإِنَّمَا المُرَاد بالخواتيم الْأَعْمَال الَّتِي يخْتم بهَا عمل الرجل عِنْد مَوته.



[ قــ :6155 ... غــ :6493 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بن عَيَّاشٍ حدّثنا أبُو غَسَّانَ قَالَ: حدّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: نَظَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رَجلٍ يُقاتِلُ المُشْرِكِينَ، وكانَ مِنْ أعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَناءً عَنْهُمْ، فَقَالَ: ( مَنْ أحَبَّ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظرْ إِلَى هاذا) فَتَبَعهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَزَلْ عَلى ذالِكَ حتَّى جُرِحَ فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ،.

     وَقَالَ  بِذُبابَُةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْه، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيما يَرى النَّاسُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ وإنهُ لِمَنْ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ فِيمَا يَرى النَّاسُ عَمَلَ أهْلِ النَّارِ وهْوَ مِنْ أهْلِ الجنةِ، وإنَّما الأعْمالُ بِخَواتِيمها) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَعلي بن عَيَّاش بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة الْأَلْهَانِي بالنُّون الْحِمصِي، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة مُحَمَّد بن مطرف، وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة ابْن دِينَار.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد مطولا فِي: بابُُ لَا يُقَال: فلَان شَهِيد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب بن عبد الرحمان عَن أبي حَازِم ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
وَمضى أَيْضا فِي الْمَغَازِي، وَسَيَأْتِي فِي الْقدر أَيْضا.

قَوْله: ( إِلَى رجل) اسْمه قزمان بِضَم الْقَاف وبالزاي ... قَوْله: ( غناء) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالمد يُقَال: غنى عَن فلَان غناء نَاب عَنهُ، وأجرى مجْرَاه.
قَوْله: ( وَقَالَ بذبابُة سَيْفه) يَعْنِي: طعن بذبابُة سَيْفه، وَهُوَ حَده وطرفه بَين ثدييه، وَقد تقدم فِيمَا مضى: بنصل سَيْفه، فَلَا مُنَافَاة لِإِمْكَان الْجمع بَينهمَا.
قَوْله: ( فتحامل عَلَيْهِ) أَي: اتكأ عَلَيْهِ بقوته.