فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إثم من لا يأمن جاره بوايقه

( بابُُ إثْمِ مَنْ يأمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من لَا يَأْمَن جَاره يوائقه، وَهُوَ جمع بائقة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْقَاف وَهِي الداهية وَالشَّيْء المهلك وَالْأَمر الشَّديد الَّذِي يُؤْتى بَغْتَة،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: بوائقه ظلمه وغشه،.

     وَقَالَ  الْكسَائي: غوائله وشره.

يُوبِقْهُنَّ: يُهْلِكْهُنَّ، مَوْبِقاً: مَهْلِكاً
أَشَارَ بقوله: يوبقهن، إِلَى قَوْله تَعَالَى: { ( 24) أَو يوبقهن بِمَا كسبوا} ( الشورى: 34) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَي يهْلكُونَ، وَأَخذه عَنهُ وَأَشَارَ بقوله: موبقاً إِلَى قَوْله تَعَالَى: { ( 81) وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً} ( الْكَهْف: 52) وَفَسرهُ بقوله: مهْلكا، وَهَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس، أخرجه ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.



[ قــ :5693 ... غــ :6016 ]
- حدَّثنا عاصِمُ بنُ عَلِيّ حَدثنَا ابنُ أبي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أبي شُرَيْحِ أنَّ النبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله لَا يُؤْمِنُ وَالله لَا يُؤْمِنُ وَالله لَا يُؤْمِنُ! قِيلَ: ومَنْ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: الَّذِي لَا يأمَنُ جارُهُ بَوائقَهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَعَاصِم بن عَليّ بن عَاصِم بن صُهَيْب أَبُو الْحُسَيْن من أهل وَاسِط مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَابْن أبي ذِئْب بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري، وَأَبُو شُرَيْح مصغر الشَّرْح بالشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه خويلد وَهُوَ الْمَشْهُور، وَقيل: عَمْرو، وَقيل: هانىء، وَقيل: كَعْب الصَّحَابِيّ الْخُزَاعِيّ المدوي الكعبي.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَالله لَا يُؤمن) هَكَذَا وَقع تكريرها ثَلَاثًا صَرِيحًا، وَوَقع عِنْد أَحْمد: وَالله لَا يُؤمن، ثَلَاثًا، وَلأبي يعلى من حَدِيث أنس: وَالله مَا هُوَ بِمُؤْمِن، وللطبراني من حَدِيث كَعْب بن مَالك: لَا يدْخل الْجنَّة، وَلأَحْمَد نَحوه عَن أنس بِسَنَد صَحِيح، وَالْمرَاد بِهِ كَمَال الْإِيمَان، وَلَا شكّ أَنه مَعْصِيّة والعاصي لَا يكون كَامِل الْإِيمَان.
قَوْله: ( وَمن يَا رَسُول الله) ؟ أَي: وَمن الَّذِي لَا يُؤمن؟ وَالْوَاو فِيهِ عطف على مُقَدّر أَي: سمعنَا قَوْلك وَمَا عرفنَا من هُوَ، وَقيل: يجوز أَن تكون زَائِدَة أَو استئنافية، وَبَين قَوْله: ( لَا يُؤمن) ( وَلَا يُؤمن) جناس محرف فَالْأول: من الْإِيمَان، وَالثَّانِي: من الْأمان.

تابَعَهُ شَبابَُةُ وأسَدُ بنُ مُوسَى
أَي: تَابع عَاصِم بن عَليّ الْمَذْكُور شبابُةُ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن سوار بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وبالواو وَالرَّاء الْفَزارِيّ فِي رِوَايَته عَن ابْن أبي ذِئْب، واخرج هَذِه الْمُتَابَعَة الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله: ( ولسد بن مُوسَى) ، أَي: وتابع اسدُ أَيْضا عَاصِم بن عَليّ، وَأخرج هَذِه الْمُتَابَعَة الطَّبَرَانِيّ فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق.

وَقَالَ حُمَيْدُ بنُ الأسْوَد وعُثْمانُ بنُ عُمَرَ وأبُو بَكْرِ بنُ عَيَّاسٍ وشُعَيْبُ بنُ إسْحاقَ: عَنِ ابنِ أبي ذِئْبٍ عَنِ المَقْبُرِيِّ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ.

لما خرج البُخَارِيّ الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عَاصِم بن عَليّ عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح وَقواهُ بمتابعة شَبابَُة وَأسد بن مُوسَى عَاصِم بن عَليّ فِي رِوَايَته عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد عَن أبي شُرَيْح، أَشَارَ بِمَا ذكره مُعَلّقا عَن حميد بن الْأسود وَمن مَعَه أَنهم روو الحَدِيث الْمَذْكُور عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يرجح رِوَايَة هَؤُلَاءِ، وَلَا سِيمَا أَن سعيد المَقْبُري مَشْهُور بالرواية عَن أبي هُرَيْرَة، وصنيع البُخَارِيّ يدل على صِحَة الْوَجْهَيْنِ، وَمَعَ هَذَا الرِّوَايَة عِنْده عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد عَن أبي شُرَيْح أصح، وَلَا سِيمَا سمع من ابْن أبي ذِئْب يزِيد بن هَارُون وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وحجاج بن مُحَمَّد وروح بن عبَادَة وآدَم بن أبي إِيَاس، وَكلهمْ قَالُوا: عَن أبي شُرَيْح، وَهُوَ كَذَلِك فِي ( مُسْند الطَّيَالِسِيّ) وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
وَحميد بن الْأسود أَبُو الْأسود الْبَصْرِيّ الْكَرَابِيسِي وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعُثْمَان بن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ، وَأَبُو بكر بن عَيَّاش بِالْعينِ الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة الْقَارِي، وَشُعَيْب بن إِسْحَاق الدِّمَشْقِي.