فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب

( بابُُ خاتمِ الفِضَّةِ)

أَي هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر خات الْفضة وَجَوَاز اسْتِعْمَاله وَالْإِضَافَة فِيهِ مثل إِضَافَة ثوب خَز.



[ قــ :5552 ... غــ :5866 ]
- حدَّثنا يُوسُفُ بنُ مُوسَى حدّثنا أبُو أُسامَةَ حَدثنَا عُبَيْدُ الله عَنْ نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اتَّخَذَ خاتَماً مِنْ ذَهَبٍ وجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي باطنَ كَفِّهِ ونَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رسولُ الله، فاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلما رآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوها رَمَى بِهِ،.

     وَقَالَ : لَا ألْبَسُهُ أبَداً، ثُمَّ اتَّخَذَ خاتَماً مِنْ فِضَّةٍ فاتخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الفِضَّة.

قَالَ ابنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الخاتَمَ بَعْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمانُ حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمانَ فِي بِئْرِ أرِيسَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ثمَّ اتخذ خَاتمًا من فضَّة) .
ويوسف بن مُوسَى بن رَاشد الْقطَّان الْكُوفِي سكن بَغْدَاد وَمَات بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخَاتم عَن نصير بن الْفرج بِهِ على مَا نذكرهُ.
قَوْله: ( فصه) بِفَتْح الْفَاء وتقوله الْعَامَّة بِكَسْرِهَا.
قَوْله: ( مِمَّا يَلِي بَاطِن كَفه) فِي رِوَايَة الكشنيهني، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: بطن كَفه، وَزَاد جوَيْرِية عَن نَافِع: إِذا لبس.
قَوْله: ( مثله) أَي: مثل مَا اتخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذهب، ويوضحه مَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد حَيْثُ قَالَ فِي رِوَايَته: عَن نصير بن الْفرج عَن أبي أُسَامَة عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: اتخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ذهب وَجعل فصه مِمَّا يَلِي بطن كَفه وَنقش: مُحَمَّد رَسُول الله، فَاتخذ النَّاس خَوَاتِيم الذَّهَب، فَلَمَّا رَآهُمْ قد اتَّخَذُوهَا رمى بِهِ ... الحَدِيث،.

     وَقَالَ  بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالمثلية كَونه من فضَّة وَكَونه على صُورَة النقش الْمَذْكُورَة، وَيحْتَمل أَن يكون لمُطلق الاتخاذ.
انْتهى.
قلت: هَذَا كُله لَا يجدي شَيْئا، فَقَوله: كَونه من فضَّة، غير مُسْتَقِيم على مَا لَا يخفى، وَكَذَا قَوْله: وَيحْتَمل أَن يكون لمُطلق الاتخاذ، لِأَن النَّهْي اتِّخَاذ من ذهب لَا مُطلق الاتخاذ، وَالْمعْنَى الصَّحِيح مَا ذَكرْنَاهُ كَمَا بَينه مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَوْله: ( فَلَمَّا رَآهُمْ قد اتَّخَذُوهَا) الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: رَآهُمْ، يرجع إِلَى النَّاس، وَالَّذِي فِي اتَّخَذُوهَا يرجع إِلَى الخواتيم الَّتِي اتَّخَذُوهَا من ذهب، فالقرينة تدل عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد قد صرح بِهِ كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( رمى بِهِ) جَوَاب: لما، أَي: رمى بالخاتم الَّذِي اتخذ من ذهب وَحصل لَهُ مَا حصل من ذَلِك حَتَّى قَالَ: لَا ألبسهُ أبدا.

قَوْله: ( قَالَ ابْن عمر فَلبس الاتم بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر) يَعْنِي: فِي أَيَّام خِلَافَته.
( ثمَّ لبسه عمر) فِي أَيَّام خِلَافَته.
( ثمَّ لبسه عُثْمَان حَتَّى وَقع) أَي: إِلَى أَن وَقع ( فِي بِئْر أريس) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة وَهِي حديقة بِالْقربِ من مَسْجِد قبا ينْصَرف وَلَا ينْصَرف، وَالأَصَح الصّرْف وَعند ابْن منجويه الَّذِي وَقع مِنْهُ الْخَاتم رجل من الْأَنْصَار الَّذِي اتخذ عُثْمَان على خَاتمه، وَفِي ( الْعِلَل) لأبي جَعْفَر: ذهب يَوْم الدَّار فَلَا يدْرِي أَيْن ذهب، وَعند ابْن منجويه: هلك من يَد معيقيب الدوسي.
<

( بابٌُ)

هَكَذَا هُوَ مُجَرّد، وَهُوَ كالفصل للبابُ الَّذِي قبله.



[ قــ :5553 ... غــ :5867 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مالِكٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلْبَسُ خاتَماً مِنْ ذَهَب فَنَبذَهُ فَقَالَ: لَا ألْبَسُهُ أبَداً، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.

هَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: ( عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار) كَذَا رَوَاهُ عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار، وَرَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار وبأتم مِنْهُ، وَسَاقه نَحْو رِوَايَة نَافِع الَّتِي قبلهَا.
قَوْله: ( فنبذه) أَي: طَرحه.





[ قــ :5554 ... غــ :5868 ]
- حدَّثني يَحْيَى بنُ بكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابنِ شِهاب قَالَ: حدّثني أنَسُ ابنُ مالِكٍ رَضِي الله عنهُ، أنَّهُ رأى فِي يَدِ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خاتِماً مِنْ وَرق يَوْماً واحِداً، ثُمَّ إنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ ولَبِسُوها، فَطَرَحَ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاتَمَهُ فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.


مطابقته لترجمة: بابُُ خَاتم الْفضة، ظَاهِرَة وَالْبابُُ الْمُجَرّد لَا عُمْدَة عَلَيْهِ، ورواة هَذَا الحَدِيث على التَّرْتِيب الْمَذْكُور وَقد مضوا غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي اللبَاس أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَتْن.

قَوْله: ( فَطرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمه) قيل: لم طرح الْخَاتم الَّذِي من ورق وَهُوَ حَلَال؟ قَالَ النَّوَوِيّ نَاقِلا عَن عِيَاض: قَالَ جَمِيع أهل الحَدِيث: هَذَا وهم من ابْن شهَاب، لِأَن الْمَطْرُوح مَا كَانَ إلاَّ خَاتم الذَّهَب، وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه ولفق بَينه وَبَين سَائِر الرِّوَايَات،.

     وَقَالَ : الضَّمِير رَاجع إِلَى خَاتم الذَّهَب، يَعْنِي لما أَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحْرِيم خَاتم الذَّهَب اتخذ خَاتم فضَّة فهم أَيْضا اصطنعوا لأَنْفُسِهِمْ خَوَاتِم فضَّة، فَبعد ذَلِك طرح خَاتم الذَّهَب واستبدل الْفضة فطرحوا الذَّهَب واستبدلوا الْفضة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لَيْسَ فِي الحَدِيث أَن الْخَتْم الْمَطْرُوح كَانَ من الْوَرق، بل هُوَ مُطلق فَيحمل على خَاتم من ذهب، وَقد طول بَعضهم هُنَا وَذكر كلَاما كثيرا، وَفِيمَا ذكرنَا كِفَايَة، وَالله أعلم.

تابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ وزِيادٌ وشُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ،.

     وَقَالَ  ابنُ مُسافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أرَى خاتَماً مِنْ وَرِقٍ.

أَي: تَابع يُونُس إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَكَذَا تَابعه زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن سعد الْخُرَاسَانِي نزيل مَكَّة ثمَّ الْيمن مَاتَ بهَا، وَكَذَا تَابعه شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد ابْن مُسلم الزُّهْرِيّ، أما مُتَابعَة إِبْرَاهِيم فوصلها مُسلم: حَدثنَا أَبُو عمرَان مُحَمَّد بن جَعْفَر بن زِيَاد أخبرنَا إِبْرَاهِيم يَعْنِي: ابْن سعد عَن ابْن شهَاب عَن أنس بن مَالك أَنه أبْصر فِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ورق يَوْمًا وَاحِدًا فَصنعَ النَّاس الخواتيم من ورق فلبسوه، فَطرح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمه فَطرح النَّاس خواتيمهم.
وَأما مُتَابعَة زِيَاد فوصلها أَيْضا مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير حَدثنَا روح حَدثنَا ابْن جريج أَخْبرنِي زِيَاد أَن ابْن شهَاب أخبرهُ أَن أنس بن مَالك أخبرهُ أَنه رأى فِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ورق يَوْمًا وَاحِدًا ... الحَدِيث نَحْو الْمَذْكُور، غير أَن فِيهِ: اضْطَرَبُوا، بدل اصطنعوا وَأما مُتَابعَة شُعَيْب فوصلها الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْفضل بن عبد الله: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة حَدثنِي أبي عَن الزُّهْرِيّ قَوْله: ( وَقَالَ ابْن مُسَافر) هُوَ عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر أَبُو خَالِد الفهمي الْمصْرِيّ وإليها مولى اللَّيْث من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَحَدِيثه رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى: أخبرنَا أَبُو الْأَحْوَص حَدثنَا ابْن عفير حَدثنَا اللَّيْث عَنهُ، وَلَيْسَ فِيهِ لفظ: أرى، قيل: كَأَنَّهُ من البُخَارِيّ.