فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب عتق المشرك

( بابُُ عِتْق الْمُشرِكِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم عتق الْمُشرك والمصدر مُضَاف إِلَى فَاعله، وَالْمَفْعُول مَتْرُوك،.

     وَقَالَ  بَعضهم يحْتَمل أَن يكون مُضَافا إِلَى الْفَاعِل أَو إِلَى الْمَفْعُول، وعَلى الثَّانِي جرى ابْن بطال، فَقَالَ: لَا خلاف فِي جَوَاز عتق الْمُشرك تَطَوّعا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي عتقه عَن الْكَفَّارَة.
انْتهى.
قلت: الِاحْتِمَال الَّذِي ذكره مَوْجُود، وَلَكِن المُرَاد الْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل وإلاَّ لَا تقع الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة.
وَقَول ابْن بطال: لَا خلاف فِي جَوَاز عتق الْمُشرك تَطَوّعا، لَا يسْتَلْزم تعْيين كَون الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول، وَلَو كَانَ قصد هَذَا يرد لِئَلَّا تنخرم الْمُطَابقَة.



[ قــ :2428 ... غــ :2538 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أَبُو أُسَامةَ عنْ هِشَامٍ قَالَ أخْبَرَنِي أبي أنَّ حكِيمَ ابنَ حِزَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أعْتَقَ فِي الجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبةٍ وحَمَلَ عَلى بَعِيرٍ فلَمَّا أسْلَمَ حَمَلَ عَلى مائَةِ بَعِيرٍ وأعْتَقَ مِائَةَ رَقَبةٍ قَالَ فَسَألْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلْتُ يَا رسولَ الله أرَأيْتَ أشْيَاءَ كُنْتُ أصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنْتُ أتَحَنَّثُ بِها يَعْنِي أتَبَرَّرُ بِها قَالَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسْلَمْتَ علَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة كَمَا نبهنا عَلَيْهِ الْآن.
وَعبيد، بِضَم الْعين: ابْن إِسْمَاعِيل، واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله يعْنى أَبَا مُحَمَّد الْقرشِي الْكُوفِي وَهُوَ من أَفْرَاده.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة.
وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير يروي عَن أَبِيه عُرْوَة.
وَحَكِيم، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْكَاف: ابْن حزَام، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي المخففة: ابْن خويلد بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي الْقرشِي الْأَسدي، وَهُوَ ابْن أخي خَدِيجَة بنت خويلد، وَابْن عَم الزبير بن الْعَوام، ولد فِي بطن الْكَعْبَة لِأَن أمه صَفِيَّة وَقيل: فَاخِتَة بنت زُهَيْر بن الْحَارِث دخلت الْكَعْبَة فِي نسْوَة من قُرَيْش وَهِي حَامِل، فَأَخذهَا الطلق فَولدت حكيماً بهَا، وَهُوَ من مُسلم الْفَتْح، وعاش مائَة وَعشْرين سنة، سِتُّونَ سنة فِي الْإِسْلَام وَسِتُّونَ سنة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَمَات سنة أَربع وَخمسين فِي أَيَّام مُعَاوِيَة، وَقد مضى بعض هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ من تصدق فِي الشّرك ثمَّ أسلم، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ تعدد مَوْضِعه وَأَن مُسلما أخرجه.
قَوْله: ( إِن حَكِيم بن حزَام) ، ظَاهره الْإِرْسَال، لِأَن عُرْوَة لم يدْرك زمن ذَلِك، لَكِن.
قَوْله: ( قَالَ: فَسَأَلت) يُوضح الْوَصْل، لِأَن فَاعل: قَالَ، هُوَ: حَكِيم، فَكَأَن عُرْوَة قَالَ: قَالَ حَكِيم، فَيكون بِمَنْزِلَة قَوْله عَن حَكِيم، وَالدَّلِيل على ذَلِك رِوَايَة مُسلم فَإِنَّهُ أخرجه من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام، فَقَالَ عَن أَبِيه عَن حَكِيم بن حزَام.
قَوْله: ( حمل على مائَة بعير) ، أَي: فِي الْحَج، لما رُوِيَ: أَنه حج فِي الْإِسْلَام وَمَعَهُ مائَة بَدَنَة قد جللها بالحبرة، ووقف بِمِائَة عبد، وَفِي أَعْنَاقهم أطواق الْفضة فَنحر وَأعْتق الْجَمِيع.
قَوْله: ( أَرَأَيْت؟) مَعْنَاهُ: أَخْبرنِي.
قَوْله: ( أتحنث) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة.
قَوْله: ( يَعْنِي: أتبرَّر بهَا) ، هَذَا تَفْسِير الْحِنْث، وَهُوَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبراءين: أولاهما ثَقيلَة أَي: أطلب بهَا الْبر وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس، والتقرب إِلَى الله تَعَالَى.
وَالْبر، بِكَسْر الْبَاء: الطَّاعَة وَالْعِبَادَة، وَهَذَا التَّفْسِير من هِشَام بن عُرْوَة دلّ عَلَيْهِ رِوَايَة مُسلم حَيْثُ قَالَ: عَن حَكِيم بن حزَام، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! أَشْيَاء كنت أَفعَلهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، قَالَ هِشَام: يَعْنِي: أتبرر بهَا، وَهَذَا صَرِيح أَن الَّذِي فسر بقوله، يَعْنِي: أتبرر بهَا، هُوَ هِشَام بن عُرْوَة دون غَيره من الروَاة، وَلَا البُخَارِيّ نَفسه فَافْهَم.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن عتق الْمُشرك على وَجه التَّطَوُّع جَائِز لهَذَا الحَدِيث حَيْثُ جعل عتق الْمِائَة رَقَبَة فِي الْجَاهِلِيَّة من فعال الْخَيْر المجازى بهَا عِنْد الله المتقرب بهَا إِلَيْهِ بعد الْإِسْلَام، وَهُوَ قَوْله: ( أسلمت على مَا سلم لَك من خير) ، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ صِحَة التَّقَرُّب فِي حَال الْكفْر، بل إِذا أسلم ينْتَفع بذلك الْخَيْر الَّذِي فعله فِي الْكفْر، وَدلّ ذَلِك على أَن مُسلما لَو أعتق كَافِرًا لَكَانَ مأجوراً على عتقه، لِأَن حكيماً لما جعل لَهُ الْأجر على مَا فعل فِي الْجَاهِلِيَّة بِالْإِسْلَامِ الَّذِي صَار إِلَيْهِ فَلم يكن الْمُسلم الَّذِي فعل مثل فعله فِي الْإِسْلَام بِدُونِ حَال حَكِيم، بل هُوَ أولى بِالْأَجْرِ، وَاخْتلف فِي عتق الْمُشرك فِي كَفَّارَة الْيَمين، وَالظِّهَار، فعندنا يجوز، وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز كَمَا فِي قتل الْخَطَأ، وَعَن أَحْمد كَقَوْلِنَا وَعنهُ: يجوز مُطلقًا، وَلنَا إِطْلَاق النُّصُوص وَآيَة الْقَتْل مُقَيّدَة بِالْإِيمَان، وَالْأَصْل فِي كل نَص أَن يعْمل بِمُقْتَضَاهُ إطلاقاً وتقييداً.



( بابُُ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَبِ رَقيقاً فوَهَبَ وباَعَ وجامعَ وفَداى وسَباى الذُّرِّيَّةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من ملك من الْعَرَب رَقِيقا، وَالْعرب الجيل الْمَعْرُوف من النَّاس وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَسَوَاء أَقَامَ بالبادية أَو المدن، والأعراب ساكنوا الْبَادِيَة من الْعَرَب الَّذين لَا يُقِيمُونَ فِي الْأَمْصَار وَلَا يدْخلُونَ بهَا إلاَّ لحَاجَة، وَالنّسب إِلَيْهَا أَعْرَابِي وعربي.
وَاخْتلف فِي نسبتهم، وَالأَصَح: أَنهم نسبوا إِلَى عربة، بِفتْحَتَيْنِ: وَهِي من تهَامَة، لِأَن أباهم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، نَشأ بهَا.
قَوْله: ( فوهب) إِلَى آخِره، تَفْصِيل قَوْله: ملك، فَذكر خَمْسَة أَشْيَاء: الْهِبَة وَالْبيع وَالْجِمَاع والفدى والسبي، وَذكر فِي الْبابُُ أَرْبَعَة أَحَادِيث وَبَين فِي كلِّ حديثٍ حُكْمَ كلِّ وَاحِد مِنْهَا غير البيع، وَهُوَ أَيْضا مَذْكُور فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي بعض طرقه، كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى، ومفعولات: وهب وَبَاعَ وجامع وفدى محذوفة.
قَوْله: ( وسبى) ، عطف على قَوْله: ملك ( والذرية) نسل الثقلَيْن، يُقَال: ذرا الله الْخلق، أَي: خلقهمْ وَأَرَادَ البُخَارِيّ بِعقد هَذِه التَّرْجَمَة بَيَان الْخلاف فِي استرقاق الْعَرَب، وَالْجُمْهُور على أَن الْعَرَبِيّ إِذا سبي جَازَ أَن يسترق، وَإِذا تزوج أمة بِشَرْطِهِ كَانَ وَلَدهَا رَقِيقا تبعا لَهَا، وَبِه قَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ، وحجتهم أَحَادِيث الْبابُُ، وَبِه قَالَ الْكُوفِيُّونَ:.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو ثَوْر: يلْزم سيد الْأمة أَن يقومه على أَبِيه ويلتزم أَبوهُ بأَدَاء الْقيمَة، وَلَا يسترق، وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: لَا يسترق ولد عَرَبِيّ من أَبِيه،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: أما مَا رُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من فدَاء ولد الْعَرَب من الولائد، إِنَّمَا كَانَ من أَوْلَاد الْجَاهِلِيَّة، وَفِيمَا أقرّ بِهِ الرجل من نِكَاح الْإِمَاء فَأَما الْيَوْم فَمن تزوج أمة وَهُوَ يعلم أَنَّهَا أمة، فولده عبد لسَيِّدهَا عَرَبيا كَانَ أَو قريشياً أَو غَيره.

وقوْلِهِ تَعَالَى: { ضرَبَ الله مَثَلاً عبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ومَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وجَهْرَاً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لله بَلْ أكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ( النَّحْل: 57) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: ( من ملك) ، لِأَنَّهُ فِي مَحل الْجَرّ بِالْإِضَافَة، وَفِيه التَّقْدِير الْمَذْكُور، وَهُوَ: بابُُ فِي بَيَان من ملك الْعَرَب، وَفِي ذكر قَول الله تَعَالَى: { ضرب الله مثلا} ( النَّحْل: 57) .
وَفِي بعض النّسخ: وَقَول الله تَعَالَى.

قيل: وَجه مُنَاسبَة الْآيَة للتَّرْجَمَة من جِهَة أَن الله تَعَالَى أطلق العَبْد الْمَمْلُوك وَلم يُقَيِّدهُ بِكَوْنِهِ عجمياً، فَدلَّ على أَن لَا فرق فِي ذَلِك بَين الْعَرَبِيّ والعجمي.

قَوْله: { ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا} ( النَّحْل: 47) .
لما نهى الله تَعَالَى الْمُشْركين عَن ضرب الْأَمْثَال بقوله: قبل هَذِه الْآيَة: { فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال} ( النَّحْل: 47) .
أَي: الْأَشْبَاه والأشكال، إِن الله يعلم مَا يكون قبل أَن يكون وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، علمهمْ كَيفَ يضْرب الْأَمْثَال، فَقَالَ: مثلكُمْ فِي إشراككم بِاللَّه الْأَوْثَان من سوَّى بَين عبد مَمْلُوك عَاجز عَن التَّصَرُّف، وَبَين حر مَالك قد يرزقه الله مَالا، ويتصرف فِيهِ وَينْفق كَيفَ يَشَاء.
قَوْله: ( عبدا مَمْلُوكا) إِنَّمَا ذكر الْمَمْلُوك ليمين بَينه وَبَين الْحر، لِأَن اسْم العَبْد يَقع عَلَيْهِمَا إِذْ هما من عباد الله تَعَالَى.
قَوْله: ( لَا يقدر على شَيْء) أَي: لَا يملك مَا بِيَدِهِ وَإِن كَانَ بَاقِيا مَعَه، لِأَن للسَّيِّد انْتِزَاعه مِنْهُ وَيخرج مِنْهُ الْمكَاتب والمأذون لَهُ، لِأَنَّهُمَا يقدران على التَّصَرُّف.
فَإِن قلت: من، فِي { وَمن رزقناه} ( النَّحْل: 57) .
مَا هِيَ؟ قلت: الظَّاهِر أَنَّهَا مَوْصُوفَة كَأَنَّهُ قيل: وحراً رزقناه ليطابق عبدا، وَلَا يمْتَنع أَن تكون مَوْصُولَة، وَإِنَّمَا قَالَ: هَل يستوون، بِالْجمعِ، لِأَن الْمَعْنى: هَل يَسْتَوِي الْأَحْرَار وَالْعَبِيد، فَالْمُرَاد الشُّيُوع فِي الْجِنْس لَا التَّخْصِيص، ثمَّ قَالَ: { الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} ( النَّحْل: 57) .
أَن الْحَمد لي وَجَمِيع النعم مني.
ثمَّ اعْلَم أَن الْمُفَسّرين اخْتلفُوا فِي معنى هَذِه الْآيَة، فَقَالَ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: هَذَا الْمثل لله تَعَالَى وَمن عبد دونه،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: هَذَا الْمثل لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر، فَذهب إِلَى أَن العَبْد الْمَمْلُوك هُوَ الْكَافِر، لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع فِي الْآخِرَة بِشَيْء من عمله.
قَوْله: { وَمن رزقناه منَّا رزقا حسنا} ( النَّحْل: 57) .
هُوَ الْمُؤمن.

[ قــ :48 ... غــ :540 ]
- حدَّثنا ابنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ أخْبَرني اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ ذكَرَ عُرْزَةُ أأ مَرْوانَ والمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ قَالَ أخبراهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ حِينَ جاءَهُ وفْدُ هَوازِنَ فَسألُوهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ وسَبْيَهُمْ فَقَالَ إنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ وأحَبُّ الحَدِيثِ إليَّ أصْدَقُهُ فاخْتاروا إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إمَّا المَالَ وإمَّا السَّبْيَ وقدْ كُنْتُ اسْتَأنَيْتُ بِهِمْ وكانَ النبيُّصلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتظرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ فلَمَّا تبَيَّنَ لهمْ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غيرُ رَادٍّ إلَيْهِمْ إلاَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا إنَّا نَخْتارُ سَبْيَنا فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاسِ فأثْناى علَى الله بِما هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ إخْوَانَكُمْ جاؤنا تائِبينَ وإنِّي رأيْتُ أنْ أرُدَّ إلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ فَمَنْ أحَبَّ مِنْكُمْ أنْ يُطَيِّبَ ذالِكَ فلْيَفْعَلْ ومنْ أحَبَّ أنْ يَكُونَ على حظِّهِ حتَّى نُعْطِيَهُ إيَّاهُ منْ أوَّلِ مَا يفيءُ الله علَيْنا فلْيَفْعَلْ فقالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا ذالِكَ قَالَ إنَّا لاَ نَدْرِي منْ أذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فارْجِعُوا حتَّى يَرْفعَ إلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أمْرَكُمْ فرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُم ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبروهُ أنَّهُمْ طَيَّبُوا وأذِنُوا فهاذا الَّذِي بلَغَنا عَنْ سَبْيِ هَوازنَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من ملك رَقِيقا من الْعَرَب فوهب) وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْوكَالَة فِي: بابُُ إِذا وهب شَيْئا لوكيل أَو شَفِيع قومٍ جَازَ إِلَى قَوْله: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَصِيبي لكم.
وَأخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل ... إِلَى آخِره، وَهنا أخرجه: عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن اللَّيْث ... إِلَى آخِره.
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( ذكر عُرْوَة) ، هُوَ ابْن الزبير، وَسَيَأْتِي فِي الشُّرُوط من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي عُرْوَة.
قَوْله: ( أَن مَرْوَان والمسور بن مخرمَة) مَرْوَان هُوَ ابْن الحكم، قَالَ الْكرْمَانِي: صَحَّ سَماع مسور من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما مَرْوَان فقد قَالَ الْوَاقِدِيّ: رأى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلكنه لم يحفظ عَنهُ شَيْئا،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: الحَدِيث مُرْسل، لم يسمع الْمسور من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا، ومروان لم يره قطّ.
قَوْله: ( اسْتَأْنَيْت) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْهمزَة وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: أَي انتظرت.
قَوْله: ( حِين قفل) ، أَي: حِين رَحل.
قَوْله: ( حَتَّى يفِيء الله) ، بِفَتْح الْيَاء، أَي: حَتَّى يرجع الله إِلَيْنَا من مَال الْكفَّار وَيُعْطِينَا خراجاً أَو غنيمَة أَو غير ذَلِك، وَلَيْسَ المُرَاد الْفَيْء الاصطلاحي مَخْصُوصًا.
قَوْله: ( عُرَفَاؤُكُمْ) جمع عريف، وَهُوَ النَّقِيب وَهُوَ دون الرئيس.
قَوْله: ( فَهَذَا الَّذِي بلغنَا عَن سبي هوَازن) ، هُوَ قَول ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة فِي سنة ثَمَان.