فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع الحطب والكلإ

( بابُُ بَيْعِ الحَطَبِ والْكَلإ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بيع الْحَطب والكلإ، بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام وَفِي آخِره همزَة، وَهُوَ العشب سَوَاء كَانَ رطبا أَو يَابسا، وَقد مر تَفْسِيره غير مرّة، وَجه إِدْخَال هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الشّرْب من حَيْثُ اشْتِرَاك المَاء والحطب والكلأ فِي جَوَاز الإنتفاع بهَا لِأَنَّهَا من الْمُبَاحَات، فَلَا يخْتَص بهَا أحد دون أحد، فَمن سبقت يَده إِلَى شَيْء من ذَلِك فقد ملكه.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِبَاحَة الاحتطاب فِي الْمُبَاحَات والاختلاء من نَبَات الأَرْض مُتَّفق عَلَيْهِ، حَتَّى يَقع ذَلِك فِي أَرض مَمْلُوكَة فترتفع الْإِبَاحَة.



[ قــ :2273 ... غــ :2373 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حَدثنَا وُهَيْبٌ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأنْ يَأخُذَ أحدُكُمْ أحْبُلاً فَياخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ فيَكُفَّ الله بِهِ وجْهَهُ خَيْرٌ مِنْ أَن يَسْألَ النَّاسَ أُعْطِيَ أمْ مُنِعَ.
( انْظُر الحَدِيث 1741 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَيَأْخُذ حزمة من حطب فيبيع) ووهيب مصغر وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَهِشَام بن عُرْوَة بن الزبير ابْن الْعَوام.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بابُُ الاستعفاف فِي الْمَسْأَلَة.
فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُوسَى عَن وهب عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن الزبير إِلَى آخِره.
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( وَجهه) ، أَي: مَاء وَجهه، أَي: عرضه.
قَوْله: ( أعطي أم مُنع) ، كِلَاهُمَا على بِنَاء الْمَجْهُول.





[ قــ :74 ... غــ :374 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبِي عُبَيدٍ مَوْلَى عبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً على ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسألَ أحدا فَيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ.
.


هَذَا الحَدِيث مضى أَيْضا فِي كتاب الزَّكَاة فِي الْبابُُ الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَبُو عبيد مصغر العَبْد، وَقد مر.





[ قــ :75 ... غــ :375 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخبرنَا هِشامٌ أنَّ ابنَ جرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ قَالَ أخبرَنِي ابنُ شِهَابٍ عنْ عَلِيِّ بنُ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍ ّ عَن أبيهِ حُسَيْنِ بنِ عَلِيّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أنَّهُ قَالَ أصَبْتُ شارفاً مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ وأعْطَانِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شارِفاً أُخْرَى فأنَخْتُهُما يَوْماً عِنْدَ بابُِ رجلٍ مِنَ الأنْصارِ وَأَنا أُرِيدُ أنْ أحْمِلَ عَلَيْهِمَا إذْخِراً لاَِبِيعَهُ ومَعِي صائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقاعَ فأسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فاطِمَةَ وحَمْزَةُ ابنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ ومَعَهُ قَيْنَةٌ فقالَتْ: أَلا يَا حَمْزَ لِلْشُّرُفِ النِّوَاءِ.
فَثارَ إلَيْهِمَا حَمْزَةُ بالسَّيْفِ فَجَب أسْنِمَتَهُمَا وبَقَرَ خَواصِرَهُما ثُمَّ أخَذَ مِنْ أكْبَادِهِما قُلْتِ لابنِ شِهَابٍ ومِنَ السَّنامِ قَالَ قَدْ جبَّ أسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِها قَالَ ابنُ شِهَابٍ قَالَ عَلِيٌّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أفْظَعَنِي فأتَيْتُ نَبيَّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعِنْدَهُ زَيْدُ بنُ حارِثَةَ فأخْبَرْتُهُ الخَبرَ فخَرَجَ ومَعهُ زَيْدٌ فانْطَلَقْتُ مَعه فَدخلَ على حَمْزَةَ فتَغَيَّظَ علَيْهِ فرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ.

     وَقَالَ  هَلْ أنْتُمْ إلاَّ عَبِيدٌ لآِبائِي فرَجَعَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَهْقِرُ حتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ وذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَأَنا أُرِيد أَن أحمل عَلَيْهِمَا إذخراً لأبيعه) ، فَإِنَّهُ يدل على مَا ترْجم بِهِ من جَوَاز الاحتطاب، وَقلع الْإِذْخر وَبيعه من نوع الاحتطاب وَبيع الْحَطب.

وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، يعرف بالصغير، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ قاضيها، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْمَكِّيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن صَالح وَفِيه وَفِي الْبيُوع وَفِي اللبَاس وَفِي الْخمس عَن عَبْدَانِ.
وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد، وَمضى بعض الحَدِيث فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ مَا قيل فِي الصواغ، وَمر تَفْسِير مَا ذكر هُنَاكَ.
ولنذكر مَا بَقِي وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن تكْرَار، لِأَن كل مَا تكَرر تقرر.

قَوْله: ( شارفاً) ، بالشين الْمُعْجَمَة وبالفاء: وَهِي المسنة من النوق.
قَوْله: ( يَوْم بدر) كَانَت غَزْوَة بدر فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة.
قَوْله: ( وَمَعِي صائغ) ، ويروى: وَمَعِي رجل صائغ، كَذَا هُوَ فِي الْأُصُول من الصوغ.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَعند أبي ذَر طالع، بِاللَّامِ، أَي: دَال على الطَّرِيق، وَفِي ( الْمطَالع) : وَمَعِي طالع كَذَا لأكثرهم، فسروه بِالدَّلِيلِ، يَعْنِي: الطليعة، وَوَقع للمستملي وَابْن السكن: صايغ، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي غير هَذَا الْموضع من هَذَا الْكتاب وَمُسلم وَغَيره،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وصائغ، بِالْمُهْمَلَةِ وبالهمزة بعد الْألف وبالمعجمة، و: طَابع، بِالْمُوَحَّدَةِ، و: طالع، بِاللَّامِ أَي: من يدله عَلَيْهِ ويساعده وَقد يُقَال أَيْضا: إِنَّه اسْم الرجل.
قَوْله: ( من بني قينقاع) ، بِفَتْح الْقَاف وَكسر النُّون وَفتحهَا وَضمّهَا ذكر مَعْنَاهُ، قَوْله: ( قينة) ، بِفَتْح الْقَاف: الْأمة، وَهَهُنَا المُرَاد بهَا المغينة.
قَوْله: ( أَلا يَا حمز للشرف النواء) ، وَهَذِه إِشَارَة إِلَى مَا فِي قصيدة مطْلعهَا:
( أَلا يَا حمز للشرف النواء ... وَهن معقَّلات بالفناء)

( ضع السكين فِي اللَّبَّات مِنْهَا ... وضرِّجهن، حَمْزَة، بالدماء)

( وعجِّل من أطايبها لشَرْبٍ ... قَدِيرًا من طبيخٍ أَو شواء)

قَوْله: ( الا) ، كلمة تَنْبِيه قَوْله: ( يَا حمز) ، مرخم.
قَوْله: ( للشرف) ، بِضَمَّتَيْنِ: جمع شَارف هِيَ المسنة من النوق، وَقد مر الْآن.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: الشّرف الْقَوْم المجتمعون على الشَّرَاب.
قَوْله: ( النواء) ، بِكَسْر النُّون: صفة للشرف، وَهُوَ جمع: ناوية، وَهِي السمينة وَفِي ( الْمطَالع) : النواء السمان و: النيّ، بِكَسْر النُّون وَفتحهَا وَتَشْديد الْيَاء: الشَّحْم، وَيُقَال بِالْفَتْح الْفِعْل وبالكسر الِاسْم، وَيُقَال: نَوَت النَّاقة إِذا سمنت فَهِيَ ناوية، وَالْجمع: نواء، وَوَقع عِنْد الْأصيلِيّ فِي مَوضِع وَعند الْقَابِسِيّ أَيْضا: النَّوَى، بِكَسْر النُّون وبالقصر، وَحكى الْخطابِيّ: أَن عوام الروَاة يَقُولُونَ: النَّوَى، بِفَتْح النُّون وَالْقصر، وَفَسرهُ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ، فَقَالَ: النَّوَى جمع نواة، يُرِيد الْحَاجة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هَذَا وهم وتصحيف، ثمَّ فسر النَّوَى بِمَا تقدم، وَفَسرهُ الدَّاودِيّ بالحبا والكرامة، وَهَذَا أبعد.
قَوْله: ( وَهن) ، أَي: الشّرف الْمَذْكُورَة.
معقلات أَي: مشدودات بالعقال، وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يعقل بِهِ الْبَعِير أَي: يشد ويربط حَتَّى لَا يذهب، وَإِنَّمَا شدد معقلات للتكثير.
قَوْله: ( بالفناء،) ، بِكَسْر الْفَاء وَهُوَ الْمَكَان المتسع أَمَام الدَّار.
قَوْله: فِي اللبات، جمع لبة وَهِي المنحر قَوْله: وضرجهن، أَمر من التضريج، بالضاد الْمُعْجَمَة وبالجيم: التدمية.
قَوْله: حَمْزَة، أَي: يَا حَمْزَة، فَحذف مِنْهُ حرف النداء.
قَوْله: من أطايبها، جمع أطيب، الْعَرَب تَقول: أطايب الْجَزُور السنام والكبد.
قَوْله: لشرب، بِفَتْح الشين وَسُكُون الرَّاء: وَهُوَ الْجَمَاعَة يشربون الْخمر.
قَوْله: قَدِيرًا، نصب على أَنه مفعول لقَوْله: وَعجل، والقدير الْمَطْبُوخ فِي الْقدر.
قَوْله: ( فثار إِلَيْهِمَا) ، أَي: إِلَى الشارفين، وثار من ثار يثور إِذا قَامَ بنهضة.
قَوْله: ( فجب) ، بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة: أَي قطع.
قَوْله: ( أسنمتها) ، الأسنمة جمع سَنَام، وَلَكِن المُرَاد إثنان، وَهَذَا من قبيل قَوْله تَعَالَى: { فقد صغت قُلُوبكُمَا} ( التَّحْرِيم: 4) .
وَالْمرَاد: قلبا.
كَمَا قَوْله: ( وبقر) بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْقَاف، أَي: شقّ خواصراهما، وَالْمرَاد: خصراهما، والخاصرة الشاكلة.
قَوْله: ( ثمَّ أَخذ من أكبادهما) ، الأكباد جمع كبد، وَإِنَّمَا أَخذ من أكبادهما وَأخذ السنامين لأَنا قد ذكرنَا الْآن أَن الْعَرَب تَقول: أطايب الْجَزُور السنام والكبد.
قَوْله: ( قلت لإبن شهَاب) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج الرَّاوِي، وَهُوَ من قَوْله هَذَا إِلَى قَوْله: قَالَ عَليّ، لَيْسَ من الحَدِيث، وَهُوَ مدرج وَقَوله: ( قَالَ عَليّ) ، هُوَ ابْن أبي طَالب لَا عَليّ بن الْحُسَيْن الْمَذْكُور فِيهِ، وَذكره ابْن شهَاب تَعْلِيقا.
قَوْله: ( أفظعني) أَي: خوفني.
قَالَ ابْن فَارس: أفظع الْأَمر وفظع: اشْتَدَّ وَهُوَ مفظع وفظين ومادته: فَاء وظاء مُعْجمَة وَعين مُهْملَة.
قَوْله: ( وَعِنْده زيد بن حَارِثَة) ، أَي: عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَزيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل الْقُضَاعِي الْكَلْبِيّ، حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومولاه، أَصَابَهُ سباء فاشتري لِخَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَوَهَبته لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صبي فَأعْتقهُ وتبناه.
قَالَ ابْن عمر: مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إلاَّ زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزلت { ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ( الْأَحْزَاب: 5) .
وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين حَمْزَة، قتل بمؤتة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَدخُول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزيد بن حَارِثَة عِنْده فِيهِ خُصُوصِيَّة بِهِ، وَكَانُوا يلجأون إِلَيْهِم فِي نوائبهم.
قَوْله: ( فتغيظ عَلَيْهِ) ، أَي: أظهر الغيظ عَلَيْهِ.
قَوْله: ( إِلَّا عبيد لآبائي؟) أَرَادَ بِهِ التفاخر عَلَيْهِم بِأَنَّهُ أقرب إِلَى عبد الْمطلب وَمن فَوْقه.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: يَعْنِي أَن عبد الله أَبَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا طَالب عَمه كَانَا كالعبدين لعبد الْمطلب فِي الخضوع لِحُرْمَتِهِ وَجَوَاز تصرفه فِي مَالهمَا، وَعبد الْمطلب جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْجد كالسيد.
قَوْله: ( يقهقر) ، فِي مَحل النصب على الْحَال، وَمَعْنَاهُ: رَجَعَ إِلَى وَرَائه.
قَوْله: ( وَذَلِكَ قبل تَحْرِيم الْخمر) ، أَي: الْمَذْكُور من هَذِه الْقَضِيَّة كَانَ قبل تَحْرِيم الْخمر، لِأَن حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، اسْتشْهد يَوْم أحد وَكَانَ يَوْم أحد فِي السّنة الثَّالِثَة من الْهِجْرَة يَوْم السبت منتصف شَوَّال، وَتَحْرِيم الْخمر بعده، فَلذَلِك عذره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ وَفعل وَلم يؤاخذه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن للغانم قد يعْطى من الْغَنِيمَة بِوَجْهَيْنِ: من الْخمس، وَمن الْأَرْبَعَة أَخْمَاس، قَالَه التَّيْمِيّ.
وَفِيه: أَن مَالك النَّاقة لَهُ الِانْتِفَاع بهَا بِالْحملِ عَلَيْهَا.
وَفِيه: جَوَاز الاحتشاش.
وَفِيه: سنة الْوَلِيمَة.
وَفِيه: إناخة النَّاقة على بابُُ غَيره إِذا لم يتَضَرَّر بِهِ.
وَفِيه: تبسط الْمَرْء فِي مَال قَرِيبه إِذا كَانَ يعلم أَنه يحلله مِنْهُ.
وَفِيه: قبُول خبر الْوَاحِد، لِأَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عمل على قَول من أخبر بِفعل حَمْزَة حِين استعدى عَلَيْهِ.
وَفِيه: جَوَاز الِاجْتِمَاع على شرب الشَّرَاب الْمُبَاح.
وَفِيه: جَوَاز الْغناء بالْقَوْل والمباح من القَوْل وإنشاد الشّعْر.
وَفِيه: إِبَاحَة السماع من الْأمة.
وَفِيه: جَوَاز النَّحْر بِالسَّيْفِ.
وَفِيه: جَوَاز التَّخْيِير فِيمَا يَأْكُلهُ، كاختيار الكبد، وَذَلِكَ لَيْسَ بإسراف.
وَفِيه: أَن من دلّ إنْسَانا على مَال لقريبه لَيْسَ ظَالِما.
وَفِيه: حل ذَبِيحَة من ذبح نَاقَة غَيره بِغَيْر إِذْنه.
وَفِيه: جَوَاز تَسْمِيَة الْإِثْنَيْنِ باسم الْجَمَاعَة.
وَفِيه: جَوَاز الاستعداء على الْخصم للسُّلْطَان.
وَفِيه: أَن للْإنْسَان أَن يستخدم غَيره فِي أُمُوره، لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا زيدا وَذهب بِهِ مَعَه.
وَفِيه: سنة الاسْتِئْذَان فِي الدُّخُول واستئذان الْوَاحِد كَاف عَنهُ وَعَن الْجَمَاعَة.
وَفِيه: أَن السَّكْرَان يلام إِذا كَانَ يعقل اللوم.
وَفِيه: أَن الإِمَام يلقى الْخصم فِي كَمَال الْهَيْئَة، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ رِدَاءَهُ حِين ذهب إِلَى حَمْزَة.
وَفِيه: جَوَاز إِطْلَاق الْكَلَام على التَّشْبِيه، كَمَا قَالَ حَمْزَة: هَل أَنْتُم إلاَّ عبيد آبَائِي؟ أَي: كعبيد آبَائِي؟ وَفِيه: إِشَارَة إِلَى شرف عبد الْمطلب.
وَفِيه: عِلّة تَحْرِيم الْخمر من أجل مَا جنى حَمْزَة على الشَّارِع من هجر القَوْل.
وَفِيه: أَن للْإِمَام أَن يمْضِي إِلَى أهل بَيت إِذا بلغه أَنهم على مُنكر فيغيره.
وَفِيه: أَن تضمين الْجِنَايَات من ذَوي الْأَرْحَام العادم فِيهَا أَن يهدر من أجل الْقَرَابَة، كَمَا هدر عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قيمَة الناقتين مَعَ تَأْكِيد الْحَاجة إِلَيْهِمَا، وَإِلَى مَا كَانَ يستقبله من الْإِنْفَاق فِي وَلِيمَة عرسه.
وَفِيه: أَن السَّكْرَان إِذا طلق أَو افترى لَا شَيْء عَلَيْهِ، وعورض أَن الشَّارِع وعلياً تركا حقوقهما، وَأَيْضًا فالخمر كَانَت حَلَالا إِذْ ذَاك، بِخِلَاف الْآن، فَيلْزم بذلك لِأَنَّهُ أدخلهُ على نَفسه، هَكَذَا ذكرُوا هَذِه الْأَشْيَاء، وَفِي هَذَا الزَّمَان لَا يمشي بعض ذَلِك، بل يقف عَلَيْهِ من لَهُ اعتناء بالفقه، وَالله أعلم.