فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - كِتَاب الزَّكَاةِ

رقم الحديث 1267 [1267] ( فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ لِمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَطَوَّعُ بِهِ الْإِنْسَانُ إِنْشَاءً وَابْتِدَاءً دُونَ مَا كَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِسَبَبٍ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَقْتِ قَضَاءِ رَكْعَتَيِ الفجر فروي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَقْضِيهِمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وبه قال عطاء وطاووس وبن جُرَيْجٍ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ يَقْضِيهِمَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ أُحِبُّ قَضَاءَهُمَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ
وَقَالَ مَالِكٌ أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَهُمَا ضُحًى إِلَى وَقْتِ زَوَالِ الشَّمْسِ وَلَا يَقْضِيهِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي وبن ماجه
وقال الترمذي لا نعرفه مِثْلَ هَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يُرْوَى مُرْسَلًا وَأَنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ قَيْسٍ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ بن بُحَيْنَةَ قَالَ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا وَفِي رِوَايَةٍ يُوشِكُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ أَرْبَعًا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةِ الْمَنْعِ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَطُولَ الْأَمْرُ وَيَكْثُرَ ذَلِكَ فَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ تَغَيَّرَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يُجِيزُ صَلَاةَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِيQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَيْس هَذَا هُوَ قَيْس بْن عَمْرو ويقال قيس بن فهد وجعلهما بن السكن اثنين بن فهد وبن عَمْرو
وَسَعْد بْن سَعِيد رَاوِيه عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم فِيهِ اِخْتِلَاف الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَإِنْ أَدْرَكَهَا مَعَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ أَبِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا انْتَهَى



رقم الحديث 1297 [1297] ( ياعماه) إِشَارَةٌ إِلَى مَزِيدِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهُوَ مُنَادَى مُضَافٌ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَقُلِبَتْ يَاؤُهُ أَلِفًا وَأُلْحِقَتْ بِهَاءِ السَّكْتِ كَيَا غُلَامَاهُ ( أَلَا أَمْنَحُكَ) أَيْ أَلَا أُعْطِيكَ مِنْحَةً
قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الْمَنْحُ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ شَاةً أَوْ نَاقَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا إِذَا ذَهَبَ دَرُّهَا هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى قِيلَ فِي كُلِّ عَطَاءٍ ( أَلَا أَحْبُوكَ) يُقَالُ حَبَاهُ كذا وبكذا إذ أَعْطَاهُ وَالْحِبَاءُ الْعَطِيَّةُ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ قَرِيبُ الْمَعْنَى
وَكَرَّرَ أَلْفَاظًا مُتَقَارِبَةَ الْمَعْنَى تَقْرِيرًا للتأكيد قال السيوطي وأفرط بن الْجَوْزِيِّ فَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بِمُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إِنَّهُ مَجْهُولٌ
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِ الْخِصَالِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ الْمُقَدَّمَةِ وَالْمُؤَخَّرَةِ أساء بن الْجَوْزِيِّ بِذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ
وَقَولُهُ إِنَّ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَجْهُولٌ لَمْ يصب فيه فإن بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيَّ وَثَّقَاهُ
وَقَالَ فِي أَمَالِي الْأَذْكَارِ هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خلف الإمام وأبو داود وبن ماجه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ البيهقي وغيرهم وقال بن شَاهِينَ فِي التَّرْغِيبِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ هَذَا قَالَ وَمُوسَى بن عبد العزيز وثقه بن معين والنسائي وبن حِبَّانَ وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ وَأَخْرَجَ لَهُ فِي الْأَدَبِ حَدِيثًا فِي سَمَاعِ الرَّعْدِ
وَبِبَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ
وَمِمَّنْ صَحَّحَ هَذَا الحديث أو حسنه غير من تقدم بن مَنْدَهْ وَأَلَّفَ فِي تَصْحِيحِهِ كِتَابًا وَالْآجُرِّيُّ وَالْخَطِيبُ وَأَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَأَبُو الحسن بن المفضل والمنذري وبن الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَآخَرُونَ
وَقَالَ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ صَلَاةُ التَّسْبِيحِ أَشْهَرُ الصَّلَوَاتِ وَأَصَحُّهَا إِسْنَادًا
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الشَّرَفِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَمَعَنَا هَذَا الْحَدِيثُ فَسَمِعْتُ مُسْلِمًا يَقُولُ لَا يُرْوَى فِيهَا إِسْنَادٌ أَحْسَنُ مِنْ هذا
وقال الترمذي قد رأى بن الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ صَلَاةَ التَّسْبِيحِ وَذَكَرُوا الْفَضْلَ فِيهَا
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يُصَلِّيهَا وَتَدَاوَلَهَا الصَّالِحُونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ
وَلِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ هَذَا طُرُقٌ فَتَابَعَ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أخرجه بن راهويه وبن خزيمة والحاكم وتابع عكرمة عن بن عَبَّاسٍ عَطَاءٌ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ وَمُجَاهِدٌ
وَوَرَدَ حَدِيثُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَابْنِهِ الْفَضْلِ وَأَبِي رَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالْأَنْصَارِيِّ الَّذِي أَخْرَجَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَهُ وَسَيَجِيءُ
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ غلط بن الْجَوْزِيِّ بِلَا شَكٍّ فِي جَعْلِهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ لِأَنَّهُ رَوَاهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا وَغَايَةُ مَا عَلَّلَهُ بِمُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ مَجْهُولٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ وَزَيْدُ بن المبارك الصنعاني وغيرهم
وقال فيه بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَلَوْ ثَبَتَتْ جَهَالَتُهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَوْضُوعًا مَا لَمْ يَكُنْ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْوَضْعِ
وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِهِمَا أَنْ يَكُونَ حَدِيثُهُمَا مَوْضُوعًا انْتَهَى
( عَشْرَ خِصَالٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِلْأَفْعَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ الْخَصْلَةُ هِيَ الْخِلَّةُ أَيْ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ ذُنُوبُكُ وَالْخِصَالُ الْعَشْرُ مُنْحَصِرَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَقَدْ زَادَهَا إِيضَاحًا بِقَوْلِهِ عَشْرُ خِصَالٍ بَعْدَ حَصْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَيْ هَذِهِ عَشْرُ خِصَالٍ
وَقَالَ مَيْرَكُ فَالْخِصَالُ الْعَشْرُ هِيَ الْأَقْسَامُ الْعَشْرُ مِنَ الذُّنُوبِ
وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ بِالْعَشْرِ الْخِصَالِ التَّسْبِيحَاتُ وَالتَّحْمِيدَاتُ وَالتَّهْلِيلَاتُ وَالتَّكْبِيرَاتُ فَإِنَّهَا سِوَى الْقِيَامِ عَشْرٌ عَشْرٌ انْتَهَى ( أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) بِالنَّصْبِ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ أَيْ مَبْدَأَهُ وَمُنْتَهَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ من الذنب مالا يُوَاقِعُهُ الْإِنْسَانُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ( سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ) وَالضَّمِيرُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا عَائِدٌ إِلَى قَوْلِهِ ذنبك وفي شرح العلامة الاردبيلي ها هنا بَحْثٌ شَرِيفٌ ( أَنْ تُصَلِّيَ) أَنْ مُفَسِّرَةٌ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ أَوْ هِيَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْمُقَدَّرُ عَائِدٌ إِلَى ذَلِكَ أَيْ هُوَ يَعْنِي الْمَأْمُورَ بِهِ أَنْ تُصَلِّيَ ( فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ) أَيْ قَبْلَ الرُّكُوعِ ( خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً) وَفِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ.
وَأَمَّا مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يَفْعَلُهُ مِنْ جَعْلِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَبَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَشْرًا وَلَا يُسَبِّحُ فِي الِاعْتِدَالِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ فَجَعَلَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ عَشْرًا لَكِنَّهُ أَسْقَطَ فِي مُقَابِلَتِهَا مَا يُقَالُ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وفي رواية عن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِشْرِينَ فِي السَّجْدَةِ الثانية
قال القارىء وَهَذَا وَرَدَ فِي أَثَرٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ( ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا) أَيْ بَعْدَ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا أَيْ بعد التسبيح وَالتَّحْمِيدِ ( وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا) أَيْ بَعْدَ تَسْبِيحِ السُّجُودِ ( ثُمَّ تَسْجُدُ) أَيْ ثَانِيًا ( ثُمَّ تَرْفَعُ رَأَسَكَ) أَيْ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ( فَتَقُولُهَا عَشْرًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ عَلَى مَا فِي الحصن
قال القارىء وَهُوَ يَحْتَمِلُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَجِلْسَةَ التَّشَهُّدِ انْتَهَى
قُلْتُ الْحَدِيثُ الثَّانِي فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ لَا غَيْرُهَا ( فَذَلِكَ) أَيْ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّسْبِيحَاتِ ( خَمْسٌ وَسَبْعُونَ) مَرَّةً ( فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) أَيْ فِي مَجْمُوعِهَا بِلَا مُخَالَفَةٍ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّلَاثِ فَتَصِيرُ ثَلَاثَ مِائَةِ تَسْبِيحَةٍ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَبْدَأُ فِي الرُّكُوعِ بِسُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَفِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا ثُمَّ يُسَبِّحُ التَّسْبِيحَاتِ الْمَذْكُورَةَ
وَقِيلَ لَهُ إِنْ سَهَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ هَلْ يُسَبِّحُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ عَشْرًا عَشْرًا قَالَ لَا إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثُ مِائَةِ تسبيحة
وذكر الترمذي عن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ إِنْ صَلَّاهَا لَيْلًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ صَلَّاهَا نَهَارًا فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ غَيْرَ أَنَّ التَّسْبِيحَ الَّذِي يَقُولُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ يُؤَدِّي إِلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يُسَبِّحُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَشْرًا وَالْبَاقِي كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَا يُسَبِّحُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ
قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن ماجه

رقم الحديث 1298 [1298] (يَرَوْنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يَظُنُّونَ (وَأُثِيبُكَ) أَيْ أُعْطِيكَ
يُقَالُ أَثَابَهُ اللَّهُ إِثَابَةً جَازَاهُ وَأَثَابَ اللَّهُ الرَّجُلَ مَثُوبَتَهُ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا (قَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَهُ غَدًا (إِذَا زَالَ النَّهَارُ) أَيْ زَالَتِ الشَّمْسُ (فَاسْتَوِ جَالِسًا وَلَا تَقُمْ حَتَّى تُسَبِّحَ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّكْبِيرَاتِ وَالتَّحْمِيدَاتِ وَالتَّهْلِيلَاتِ فِي جلسة الاستراحة
قال السيوطي في اللآلىء قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ
وَقَالَ الحافظ بن حَجَرٍ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي الْجَوْزَاءِ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ مَعَ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ
وَقَدْ أَكْثَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ تَخْرِيجِ طُرُقِهِ عَلَى اخْتِلَافِهَا انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ (الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي الْجَوْزَاءِ ضَعِيفٌ كُلٌّ يَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكَرِيِّ وَفِيهِ مَقَالٌ.

قُلْتُ لَهُ قَدْ رَوَاهُ الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ مَنْ حَدَّثَكَ.

قُلْتُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ الْمُسْتَمِرُّ شيخ ثقة وكأنه أعجبه
قال الحافظ بن حَجَرٍ فَكَأَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَبْلُغْهُ إِلَّا مَنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَهُ مُتَابَعَةُ الْمُسْتَمِرِّ أَعْجَبَهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ تَضْعِيفِهِ
كذا في اللآلىء (عن بن عباس قوله مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (وَقَالَ) الرَّاوِي (فِي حَدِيثِ رَوْحٍ) هذه الجملة التالية (فقال) أي بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ هَذَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مَرْفُوعًا وَلَا أَقُولُ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بصيغة المتكلم قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي أَمَالِي الْأَذْكَارِ وَرِوَايَةُ رَوْحٍ وَصَلَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ عَنْهُ
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ هِشَامِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا
وَعَبْدُ الْقُدُّوسِ شَدِيدُ الضَّعْفِ كَذَا في اللآلىء



رقم الحديث 1301 [131] ( يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) أَيْ أحيانا لما روى بن مَاجَهْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ ( حَتَّى يَتَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُمَا فِيهِ لِعُذْرٍ مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ ( رَوَاهُ نَصْرٌ الْمُجَدَّرُ) هُوَ نَصْرُ بْنُ زَيْدٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ وَالْمُجَدَّرُ عَلَى وَزْنِ مُعَظَّمٍ لَقَبُ نَصْرِ بْنِ زَيْدٍ
كَذَا فَإِنَّ التَّاجَ ( الْقُمِّيَّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ ( وَأَسْنَدَهُ) أَيْ جَعَلَهُ مَوْصُولًا كَمَا رَوَاهُ مَوْصُولًا طَلْقُ بْنُ غنام بذكر بن عَبَّاسٍ



رقم الحديث 1323 [1323] ( فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِيَنْشَطَ بِهِمَا لِمَا بَعْدَهُمَا
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لَيُصَلِّيَ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ رِوَايَاتِ عَائِشَةَ الْمُخْتَلِفَةِ فِي حِكَايَتِهَا لِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَارَةً وَأَنَّهَا إِحْدَى عَشْرَةَ أُخْرَى بِأَنَّهَا ضَمَّتْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَتْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَمْ تَضُمَّهُمَا فَقَالَتْ إِحْدَى عَشْرَةَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهَا فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ لِأنَّ الْمُرَادَ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ مَوْقُوفَةٍ ثُمَّ لِيُطَوِّلَ بَعْدُ مَا شَاءَ وَفِي أُخْرَى فِيهِمَا تَجَوُّزٌ انْتَهَى
قَالَ فِي الْأَزْهَارِ الْمُرَادُ بِهِمَا رَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَيُسْتَحَبُّ فِيهِمَا التَّخْفِيفُ لِوُرُودِ الرِّوَايَاتِ بِتَخْفِيفِهِمَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ التَّهَجُّدِ يَقُومَانِ مَقَامَ تَحِيَّةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ فَيَكُونُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَمْرًا يَشْرَعُ فِيهِ قَلِيلًا لِيَتَدَرَّجَ
قَالَ الطِّيبِيُّ لِيَحْصُلَ بِهِمَا نَشَاطُ الصَّلَاةِ وَيَعْتَادَ بِهِمَا ثُمَّ يَزِيدَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ



رقم الحديث 1329 [1329] ( فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مَارٌّ بِأَبِي بَكْرٍ ( يُصَلِّي) حَالٌ عَنْهُ ( يَخْفِضُ) حَالٌ عَنْ ضَمِيرِ يُصَلِّي ( تَخْفِضُ صَوْتَكَ) بَدَلٌ أَوْ حَالٌ ( قَدْ أسمعت من ناجيت يارسول اللَّهِ) جَوَابٌ مُتَضَمِّنٌ لِعِلَّةِ الْخَفْضِ أَيْ أَنَا أُنَاجِي رَبِّي وَهُوَ يَسْمَعُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى رَفْعِ الصَّوْتِ ( أُوقِظُ) أَيْ أُنَبِّهُ ( الْوَسْنَانَ) أَيِ النَّائِمَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَغْرِقٍ فِي نَوْمِهِ ( وَأَطْرُدُ) أَيْ أُبْعِدُ ( الشَّيْطَانَ) وَوَسْوَسَتَهُ بِالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ
وَتَأَمَّلْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَرْتَبَتِهِمَا وَمَقَامِهِمَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ فِي فِعْلَيْهِمَا وَحَالَيْهِمَا مِنْ مَرْتَبَةِ الْجَمْعِ لِلْأَوَّلِ وَحَالَةِ الْفَرْقِ لِلثَّانِي وَالْأَكْمَلُ هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ الَّذِي كَانَ حَالَةَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدَلَّهُمَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ لَهُمَا إليه ( ياأبا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا) أَيْ قَلِيلًا لِيَنْتَفِعَ بِكَ سَامِعٌ وَيَتَّعِظَ مُهْتَدٍ ( وَقَالَ لِعُمَرَ اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكِ شَيْئًا) أَيْ قَلِيلًا لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ بِكَ نَحْوُ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ مَعْذُورٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ نَظِيرُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سبيلا كَأَنَّهُ قَالَ لِلصِّدِّيقِ انْزِلْ مِنْ مُنَاجَاتِكِ رَبَّكَ شَيْئًا قَلِيلًا وَاجْعَلْ لِلْخَلْقِ مِنْ قِرَاءَتِكَ نَصِيبًا.

     وَقَالَ  لِعُمَرَ ارْتَفِعْ مِنَ الْخَلْقِ هَوْنًا وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ مِنْ مُنَاجَاةِ رَبِّكَ نَصِيبًا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِنَّمَا أَسْنَدَهُ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ
وَأَكْثَرُ النَّاسِ إِنَّمَا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ مُرْسَلًا
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا هُوَ الْبَجَلِيُّ السَّيْلَحِينِيُّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ



رقم الحديث 1336 [1336] ( إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ) أَيْ يَنْشَقَّ ( الْفَجْرُ) وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَ بَعْدَ نَوْمٍ أَمْ لَا ( وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ) فِيهِ أَنَّ أَقَلَّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ فَرْدَةٌ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِهِمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ ( وَيَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ) يَعْنِي يَمْكُثُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ سَجَدَاتِ تِلْكَ الرَّكَعَاتِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةٍ ( فَإِذَا سَكَتَ) بِالتَّاءِ
( الْمُؤَذِّنُ) أَيْ فَرَغَ
قَالَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ هَكَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَرَوَى سَكَبَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَمَعْنَاهُ صَبَّ الْأَذَانَ وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ انْتَهَى
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ فِيهِ التَّاءُ الْمُثَنَّاةُ مِنْ فَوْقُ وَلَكِنْ قَيَّدُوهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَذَا فِي الْفَائِقِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَالنِّهَايَةِ لِلْجَزْرِيِّ وقالا أردات عَائِشَةُ إِذَا أَذَّنَ فَاسْتَعَارَتِ السَّكْبَ لِلْإِفَاضَةِ فِي الْكَلَامِ كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ فِي أُذُنِي حَدِيثًا أَيْ أَلْقَى وَصَبَّ
وَقَالَ فِي الْفَائِقِ كَمَا يُقَالُ هَضَبَ فِي الْحَدِيثِ وَأَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ ( بِالْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ) أَيْ بِالنِّدَاءِ الْأُولَى وَهِيَ الْأَذَانُ وَالثَّانِيَةُ الْإِقَامَةُ ( قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ) هُمَا سُنَّةُ الْفَجْرِ ( خَفِيفَتَيْنِ) يَقْرَأُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ ( ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ لِلِاسْتِرَاحَةِ مِنْ تَعَبِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ فَرْضَهُ عَلَى نشاط
كذا قاله بن الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُسْتَحَبُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ انْتَهَى ( حَتَّى يَأْتِيَهِ الْمُؤَذِّنُ) أَيْ يَسْتَأْذِنَهُ لِلْإِقَامَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة



رقم الحديث 1342 [1342] ( لِأَبِيعَ عَقَارًا) عَلَى وَزْنِ سَلَامٍ كُلُّ مِلْكٍ ثَابِتٍ لَهُ أَصْلٌ كَالدَّارِ وَالنَّخْلِ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ رُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى الْمَتَاعِ ( فَأَشْتَرِي بِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْعَقَارِ ( مِنَّا سِتَّةً) بَدَلٌ مِنْ نَفَرٍ ( أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ) أَيْ تَطْلِيقَ النِّسَاءِ وَبَيْعَ الْمَتَاعِ لِإِرَادَةِ الْغَزْوِ ( وَقَالَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ لَقِيتُ بِهِمْ ( أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أَيِ اقْتِدَاءٌ وَمُتَابَعَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ ( فَقَالَ أَدُلُّكُ عَلَى أَعْلَمِ النَّاسِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَيَعْرِفُ أَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ مِنْهُ بِهِ أَنْ يُرْشِدَ السَّائِلَ إِلَيْهِ فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ وَيَتَضَمَّنُ مَعَ ذَلِكَ الْإِنْصَافَ وَالِاعْتِرَافَ بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ وَالتَّوَاضُعَ ( فَاسْتَتْبَعْتُ) أَيِ اسْتَصْحَبْتُ وَطَلَبْتُ مِنْهُ الْمُصَاحَبَةَ وَسَأَلْتُ مِنْهُ أَنْ يَتَّبِعَنِي فِي الذَّهَابِ إِلَى عَائِشَةَ ( عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَيُسَكَّنُ أَيْ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ ( كَانَ الْقُرْآنُ) أَيْ كَانَ خُلُقُهُ جَمِيعُ مَا فُصِّلَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَكَارِمِ الأخلاق فإن النبي كَانَ مُتَحَلِّيًا بِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ حُدُودِهِ والتَّأْدِيبُ بِآدَابِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَقَصَصِهِ وَتَدَبُّرُهُ وَحُسْنُ تِلَاوَتِهِ ( فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صار تطوعا في حق رسول الله وَالْأُمَّةِ فَأَمَّا الْأُمَّةُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّهِمْ بالإجماع وأما النبي فَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ نَسْخُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي التَّاسِعَةِ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِيتَارِ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلَةٍ لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهَا وَيَقْعُدُ فِي الثَّامِنَةِ وَلَا يُسَلِّمُ ( فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ) أَيْ كَبِرَ عُمْرُهُ وَبَدُنَ ( أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ فَرِوَايَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُعُودِ فِي السَّادِسَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ النَّفْيِ لِلْقُعُودِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَلَى الْقُعُودِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ التسليم وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النبي مَا كَانَ يُوتِرُ بِدُونِ سَبْعِ رَكَعَاتٍ.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى إِنَّ الْوِتْرَ وَتَهَجُّدَ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَجْهًا أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ ذَكَرَهَا وَاسْتَدَلَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَأَحَبُّهَا إِلَيْنَا وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُصَلِّيَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَاحِدَةً وَيُسَلِّمُ انْتَهَى
( ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبَاحَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً وَلَفْظُ كَانَ لَا يُلَازِمُ مِنْهَا الدَّوَامَ وَلَا التَّكْرَارَ
قَالَ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا حَدِيثَ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ في الصحيحين بأن آخر صلاته فِي اللَّيْلِ كَانَتْ وِتْرًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا فَكَيْفَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ رَدِّ رِوَايَةِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إِذَا صَحَّتْ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا تَعَيَّنَ انْتَهَى مُلَخَّصًا
( وَلَمْ يَقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ) أَيْ كَامِلًا بِتَمَامِهِ ( وَكَانَ إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى ( وَاللَّهِ هُوَ الْحَدِيثُ) الَّذِي أُرِيدُهُ ( أُكَلِّمُهَا) أَيْ عَائِشَةَ ( حَتَّى أُشَافِهَهَا بِهِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ ( مُشَافَهَةً) أَيْ أَسْمَعُ مِنْهَا مُوَاجَهَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكُ الْكَلَامِ مَعَهَا لِأَجْلِ الْمُنَازَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَهَا أَوْ لأمر آخر لكن هذا فعل بن عَبَّاسٍ لَيْسَ بِهِ حُجَّةٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( مَا حَدَّثْتُكَ) أَيْ لِتَذْهَبَ إِلَيْهَا لِلْحَدِيثِ فَتُكَلِّمَهَا أَوِ الْمُرَادُ أَنَّكَ لَا تُكَلِّمُهَا فَإِنْ عَلِمْتُ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا أَيْضًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي

رقم الحديث 1343 [1343] ( يُسْمِعُنَا) مِنَ الْإِسْمَاعِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْجَهْرِ بِالتَّسْلِيمِ فَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاتِهِ مُغَايِرٌ لِمَا تقدم فيه أنه صلى ثمان رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً فَهَذِهِ رِوَايَةُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالَّتِي تَقَدَّمَتْ هِيَ رِوَايَةُ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ



رقم الحديث 1344 [1344]