فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ

رقم الحديث 3774 [3774] (وَأَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى بَطْنِهِ) أَيْ وَاقِعٌ عَلَى بَطْنِهِ وَوَجْهِهِ يُقَالُ بَطَحَهُ كَمَنَعَهُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَانْبَطَحَ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَى مَائِدَةٍ يَكُونُ عَلَيْهَا مَا يُكْرَهُ شَرْعًا كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِظْهَارِ الرِّضَى بِهِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مُنْبَطِحًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ جَعْفَرٌ يَعْنِي بن بُرْقَانَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مُنْكَرٌ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ بُرْقَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ

(

رقم الحديث 3771 [3771] ( مارؤي) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ( رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالرَّفْعِ ( يَأْكُلُ مُتَّكِئًا) قَالَ الْحَافِظُ اختلف السلف في حكم الأكل متكئا فزعم بن الْقَاصِّ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَصَائِصِ النَّبَوِيَّةِ.
وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ قَدْ يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمُتَعَظِّمِينَ وَأَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ قَالَ فَإِنْ كَانَ بِالْمَرْءِ مَانِعٌ لَا يَتَمَكَّنُ مَعَهُ الْأَكْلَ إِلَّا مُتَّكِئًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَرَاهَةً ثُمَّ سَاقَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ أَكَلُوا كَذَلِكَ وَأَشَارَ إِلَى حَمْلِ ذَلِكَ عَنْهُمْ عَلَى الضَّرُورَةِ وَفِي الْحَمْلِ نَظَرٌ انْتَهَى ( وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلَانِ) أَيْ لَا يَطَأُ الْأَرْضَ خَلْفَهُ رَجُلَانِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْشِي قُدَّامَ الْقَوْمِ بَلْ يَمْشِي فِي وَسَطِ الْجَمْعِ أَوْ فِي آخِرِهِمْ تَوَاضُعًا
قَالَ الطِّيبِيُّ التَّثْنِيَةُ فِي رجلان لا تُسَاعِدُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَلَعَلَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ تَوَاضُعِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْشِي مَشْيَ الْجَبَابِرَةِ مَعَ الْأَتْبَاعِ وَالْخَدَمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ غَيْرِهِ وَفَائِدَةُ التَّثْنِيَةِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ وَرَاءَهُ كَأَنَسٍ وَغَيْرِهِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ بِهِ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّوَاضُعَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ الرَّجُلَانِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُحْتَمَلُ كَسْرُ الرَّاءِ وَسُكُونُ الْجِيمِ أَيِ الْقَدَمَانِ وَالْمَعْنَى لَا يَمْشِي خَلْفَهُ أَحَدٌ ذو رجلين انتهى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَشُعَيْبٌ هَذَا هُوَ وَالِدُ عَمْرِو بْنِ شعيب
ووقع هنا وفي كتاب بن مَاجَهْ شُعَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ يَنْسُبُهُ إِلَى جَدِّهِ حِينَ حَدَّثَ عَنْهُ وذلك شائع وإن أراد بأبيه جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ فَيَكُونُ مُسْنَدًا وَشُعَيْبٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَاللَّهُ عز وجل أعلم

( )


رقم الحديث 3772 [3772] هِيَ إِنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ الْمَبْسُوطَةِ وَجَمْعُهَا صِحَافٌ
( وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي يَلِيهِ ( فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا) وَفِي رواية الترمذي وبن مَاجَهْ وَأَحْمَدَ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا قال القارىء وَالْوَسَطُ أَعْدَلُ الْمَوَاضِعِ فَكَانَ أَحَقَّ بِنُزُولِ الْبَرَكَةِ فِيهِ
وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَكْلِ مِنْ جَوَانِبِ الطَّعَامِ قَبْلَ وَسَطِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَعْلَى الثَّرِيدِ وَوَسَطِ الْقَصْعَةِ وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِي أَكِيلَهُ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَوَاكِهِ.
وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى التَّحْرِيمِ
قَالَ الْغَزَّالِيُّ وَكَذَا لَا يَأْكُلُ مِنْ وَسَطِ الرَّغِيفِ بَلْ مِنِ اسْتِدَارَتِهِ إِلَّا إِذَا قَلَّ الْخُبْزُ فَلْيَكْسِرِ الْخُبْزَ
وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِ الْبَرَكَةِ تَنْزِلُ فِي وَسَطِ الطَّعَامِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْهُ إِذَا أَكَلَ مَعَ غَيْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّ وَجْهَ الطَّعَامِ هُوَ أَفْضَلُهُ وَأَطْيَبُهُ فَإِذَا كَانَ قَصَدَهُ بِالْأَكْلِ كَانَ مُسْتَأْثِرًا بِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ
وَفِيهِ مِنْ تَرْكِ الْأَدَبِ وَسُوءِ الْعِشْرَةِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ فَأَمَّا إِذَا أَكَلَ وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى
قُلْتُ هَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَا يُقْبَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِنَّمَا يُعْرَفُونَ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَوَجْهُ الطَّعَامِ أَفْضَلُ وَأَطْيَبُهُ فَإِذَا قَصَدَهُ بِالْأَكْلِ كَانَ مُسْتَأْثِرًا بِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ وَفِيهِ مِنْ تَرْكِ الْأَدَبِ مَا لَا يَخْفَى فَإِذَا أَكَلَ وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ بَعْضُهُمْ



رقم الحديث 3773 [3773] (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ صَدُوقٌ مِنَ الْخَامِسَةِ (أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ المهملة صحابي صغير ولأبيه صُحْبَةٌ (كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْعَةٌ) أَيْ صَحْفَةٌ كَبِيرَةٌ (يُقَالُ لَهَا الْغَرَّاءُ) تَأْنِيثُ الْأَغَرِّ بِمَعْنَى الْأَبْيَضِ الْأَنْوَرِ (فَلَمَّا أَضْحَوْا) بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ دَخَلُوا فِي الضُّحَى (وَسَجَدُوا الضُّحَى) أَيْ صَلَّوْهَا (أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ) أَيْ جِيءَ بِهَا (وَقَدْ ثُرِّدَ) بِضَمِّ مُثَلَّثَةٍ وَكَسْرِ رَاءٍ مُشَدَّدَةٍ (فِيهَا) أَيْ فِي الْقَصْعَةِ (فَالْتَفُّوا) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَضْمُومَةِ أَيْ اجْتَمَعُوا (عَلَيْهَا) أَيْ حَوْلَهَا (فَلَمَّا كَثُرُوا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (جَثَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مِنْ جِهَةِ ضِيقِ الْمَكَانِ تَوْسِعَةً عَلَى الْإِخْوَانِ
وَفِي الْقَامُوسِ كَدَعَا وَرَمَى جُثُوًّا وَجُثِيًّا بِضَمِّهِمَا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (مَا هذه الجلسة بِكَسْرِ الْجِيمِ
قَالَ الطِّيبِيُّ هَذِهِ نَحْوُهَا فِي قوله تعالى ما هذه الحياة الدنيا كَأَنَّهُ اسْتَحْقَرَهَا وَرَفَعَ مَنْزِلَتَهُ عَنْ مِثْلِهَا (إِنْ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا) أَيْ مُتَوَاضِعًا سَخِيًّا وَهَذِهِ الْجِلْسَةُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ وَأَنَا عَبْدٌ وَالتَّوَاضُعُ بِالْعَبْدِ أَلْيَقُ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ هَذِهِ جِلْسَةُ تَوَاضُعٍ لَا حَقَارَةَ وَلِذَلِكَ وَصَفَ عَبْدًا بِقَوْلِهِ كَرِيمًا (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا) أَيْ مُتَكَبِّرًا مُتَمَرِّدًا (عَنِيدًا) أَيْ مُعَانِدًا جَائِرًا عَنِ الْقَصْدِ وَأَدَاءِ الْحَقِّ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ (كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا) مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَيْ لِيَأْكُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ أَطْرَافِ الْقَصْعَةِ (وَدَعُوا) أَيِ اتْرُكُوا (ذُرْوَتَهَا) بِتَثْلِيثٍ (بِضَمِّ) الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَسْرُ أَصَحُّ أَيْ وَسَطُهَا وَأَعْلَاهَا (يُبَارَكْ) بالجزم على جواب الأمر
قال القارىء وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ أَيْ هُوَ سَبَبُ أَنْ تَكْثُرَ الْبَرَكَةُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْقَصْعَةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أُكِلَ مِنْ أَعْلَاهَا انْقَطَعَ الْبَرَكَةُ من أسفلها
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
وَبُسْرٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وبعدها راء مهملة




رقم الحديث 3775 [3775]

رقم الحديث 3776 [3776]
( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ) ظَاهِرُ الْأَمْرِ فِيهِمَا لِلْوُجُوبِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ فَقَالَ لَهُ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ لَا اسْتَطَعْتَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ بَعْدُ ( فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُشْبِهُ أَفْعَالَ الشَّيْطَانِ وَأَنَّ لِلشَّيْطَانِ يَدَيْنِ وَأَنَّهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ