فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الْهَدْيِ فِي الْكَلَامِ

رقم الحديث 4260 [4260] ( عَنْ رَقَبَةَ) بِقَافٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ( عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( على رأس منصوب) لعله رأس بن الزبير رحمه الله ( فقال) أي بن عمر ( فليقل هكذا) أي فليقل هَكَذَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعْنِي فَلْيَمُدَّ عُنُقَهُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ هَكَذَا مَنْ مَشَى إِلَى رَجُلٍ لِقَتْلِهِ فَلْيَمُدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عُنُقَهُ إِلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ لِأَنَّ الْقَاتِلَ فِي النَّارِ وَالْمَقْتُولَ فِي الْجَنَّةِ فَمَدُّ الْعُنُقِ إِلَيْهِ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَخْ) غَرَضُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمَيْرٍ أَوْ سُمَيْرَةَ) أَيْ رَوَى بِالشَّكِّ بَيْنَ سُمَيْرٍ مُصَغَّرًا وَبَيْنَ سُمَيْرَةَ مُصَغَّرًا مَعَ التَّاءِ ( وَرَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمَيْرَةَ) أَيْ رَوَى لَيْثٌ بِلَفْظِ سُمَيْرَةَ مُصَغَّرًا مَعَ التَّاءِ وَلَمْ يَشُكَّ كَمَا شَكَّ الثَّوْرِيُّ ( وَقَالَ هو في كتابي بن سَبَرَةَ إِلَخْ) يَعْنِي قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّ اسْمَ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي كِتَابِي سَبَرَةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ سَمُرَةُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْمِيمِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ سُمَيْرَةُ بِالتَّصْغِيرِ مَعَ التَّاءِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمَيْرٍ أَوْ سُمَيْرَةَ وَسَبَرَةَ وَسَمُرَةَ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا وَذَكَرَ الْخِلَافُ فِي اسْمِ أَبِيهِ.

     وَقَالَ  حَدِيثُهُ فِي الْكُوفِيِّينَ وَذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ مُقْتَصِرًا مِنْهُ عَلَى الْمُسْنَدِ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ رَقَبَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْهُ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سُمَيْرٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 4261 [4261] ( عَنِ الْمُشَعَّثِ) بِتَشْدِيدٍ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ وَيُقَالُ مُنْبَعِثٌ بِسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( فَذَكَرَ الْحَدِيثَ) أَوْرَدَ الْبَغَوِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ كُنْتُ رَدِيفًا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا جَاوَزْنَا بُيُوتَ الْمَدِينَةِ قَالَ كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ جُوعٌ تَقُومُ عَنْ فِرَاشِكَ وَلَا تَبْلُغْ مَسْجِدَكَ حَتَّى يُجْهِدَكَ الْجُوعُ قَالَ.

قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ تَعَفَّفْ يَا أَبَا ذَرٍّ قَالَ كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَوْتٌ يَبْلُغُ الْبَيْتَ الْعَبْدِ حَتَّى أَنَّهُ يُبَاعُ الْقَبْرُ بِالْعَبْدِ قَالَ قلت الله ورسوله أعلم ورسوله قَالَ تَصْبِرْ يَا أَبَا ذَرٍّ قَالَ كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَتْلٌ تَغْمُرُ الدِّمَاءُ أَحْجَارَ الزَّيْتِ قَالَ.

قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ قَالَ.

قُلْتُ وَأَلْبَسُ السِّلَاحَ قَالَ شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا.

قُلْتُ فَكَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ نَاحِيَةَ ثَوْبِكَ عَلَى وَجْهِكَ لِيَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ وَالْعَلَّامَةُ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
وَقَالَ مَيْرَكُ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ انْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ بِاللَّفْظِ الَّذِي سَاقَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ وَعَزَاهُ مُخَرِّجُوهُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ فَلَعَلَّهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ) أَيْ بِسَبَبِ الْقَحْطِ أَوْ وَبَاءٌ مِنْ عُفُونَةِ هَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا ( يَكُونُ البيت فيه بالوصيف) قال الخطابي البيت ها هنا الْقَبْرُ وَالْوَصِيفُ الْخَادِمُ يُرِيدُ أَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ عَنْ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ حَتَّى لَا يُوجَدَ فِيهِمْ من يحفر قبر الميت أو دفنه إِلَّا أَنْ يُعْطَى وَصِيفًا أَوْ قِيمَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَوَاضِعُ القبور عَنْهُمْ فَيَبْتَاعُونَ لِمَوْتَاهُمُ الْقُبُورَ كُلُّ قَبْرٍ بِوَصِيفٍ انْتَهَى
وَقَدْ تَعَقَّبَ التُّورْبَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَإِنِ اسْتَمَرَّ بِالْأَحْيَاءِ وَفَشَا فِيهِمْ كُلَّ الْفَشْوِ لَمْ يَنْتَهِ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْأَمْكِنَةَ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَوْضِعِ الْقُبُورِ الْجَبَّانَةُ الْمَعْهُودَةُ وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَجَاوَزُونَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَصَابِيحِ وَالْمِشْكَاةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَوْتٌ يَبْلُغُ الْبَيْتَ الْعَبْدُ حَتَّى إِنَّهُ يُبَاعُ الْقَبْرُ بِالْعَبْدِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الثَّانِي وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَقِلَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا فَيُبَاعُ بَيْتٌ بِعَبْدٍ مَعَ أن قيمة البيت تكون أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْغَالِبِ الْمُتَعَارَفِ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي كُلِّ بَيْتٍ كَانَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا عَبْدٌ يَقُومُ بِمَصَالِحِ ضَعَفَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَحْتَمِلُهُمَا لَفْظُ الْمُؤَلِّفِ أَبِي دَاوُدَ
وَأَمَّا لَفْظُ الْمَصَابِيحِ وَالْمِشْكَاةِ الْمَذْكُورُ فَكَلَّا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ
( يَعْنِي الْقَبْرَ) تَفْسِيرٌ لِلْبَيْتِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ( وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أَيْ بِحَالِي وَحَالِ غَيْرِي فِي تِلْكَ الْحَالِ وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ ( أَوْ قَالَ) لِلشَّكِّ ( مَا خَارَ اللَّهُ) أَيِ اخْتَارَ ( تَصَبَّرْ) قال القارىء بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَمْرٌ مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ وَفَى نُسْخَةٍ تَصْبِرُ مُضَارِعُ صَبَرَ عَلَى أَنَّهُ خبر بمعنى الْأَمْرِ ( أَحْجَارُ الزَّيْتِ) قِيلَ هِيَ مَحَلَّةٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِهَا
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هِيَ مِنَ الحرة التي كَانَتْ بِهَا الْوَقْعَةُ زَمَنَ يَزِيدَ وَالْأَمِيرُ عَلَى تِلْكَ الْجُيُوشِ الْعَاتِيَةِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ الْمُسْتَبِيحُ بِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ نُزُولُهُ بِعَسْكَرِهِ فِي الْحَرَّةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَبَاحَ حُرْمَتَهَا وَقَتَلَ رِجَالَهَا وَعَاثَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ خَمْسَةً فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( غَرِقَتْ بِالدَّمِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَرِقَتْ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَزِمَتْ وَالْعُرُوقُ اللُّزُومُ ( عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) أَيِ الْزَمْ أَهْلَكَ وَعَشِيرَتَكَ الَّذِينَ أَنْتَ مِنْهُمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ الْإِمَامُ أَيِ الْزَمْ إِمَامَكَ وَمَنْ بَايَعْتَهُ ( شَارَكْتَ الْقَوْمَ) أَيْ فِي الْأَثِمِ ( إِذًا) بِالتَّنْوِينِ أَيْ إِذَا أَخَذْتَ السَّيْفَ وَوَضَعْتَهُ عَلَى عاتقك
قال بن الْمَلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  شَارَكْتَ لِتَأْكِيدِ الزَّجْرِ عَنْ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَإِلَّا فَالدَّفْعُ وَاجِبٌ
قَالَ القارىء وَالصَّوَابُ أَنَّ الدَّفْعَ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْخَصْمُ مُسْلِمًا إِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَسَادٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ كَافِرًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ مَهْمَا أَمْكَنَ ( أَنْ يَبْهَرَكَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ يَغْلِبَكَ ( شُعَاعُ السَّيْفِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ بَرِيقِهِ وَلَمَعَانِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِعْمَالِ السَّيْفِ ( فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكِ) أَيْ لِئَلَّا تَرَى وَلَا تَفْزَعَ وَلَا تَجْزَعَ وَالْمَعْنَى لَا تُحَارِبْهُمْ وَإِنْ حَارَبُوكَ بَلِ اسْتَسْلِمْ نَفْسَكَ لِلْقَتْلِ ( يَبُوءُ) أَيْ يَرْجِعُ الْقَاتِلُ ( بِإِثْمِكَ) أَيْ بِإِثْمِ قَتْلِكَ ( وَبِإِثْمِهِ) أَيْ وَبِسَائِرِ إِثْمِهِ ( وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُشَعِّثَ) مَفْعُولٌ وَالْفَاعِلُ .

     قَوْلُهُ  غَيْرُ حَمَّادٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه بن مَاجَهْ



رقم الحديث 4262 [4262] ( إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) أَيْ قُدَّامَكُمْ ( كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ) مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا شَاعَتْ وَلَا يُعْرَفُ سَبُبُهَا وَلَا طَرِيقٌ لِلْخَلَاصِ مِنْهَا
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِطَعُ اللَّيْلِ طَائِفَةٌ مِنْهُ وَقِطْعَةٌ وَجَمْعُ الْقِطْعَةِ قِطَعٌ أَرَادَ فِتْنَةً مُظْلِمَةً سَوْدَاءَ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا انْتَهَى ( يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا إِلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مُؤْمِنًا لِتَحْرِيمِهِ دَمَ أَخِيهِ وَعِرْضَهُ وَمَالَهُ كَافِرًا لِتَحْلِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( وَالْمَاشِي فِيهِ خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي) السَّعْيُ دويدن وشتاب كردن وكسب وكار كردن وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّبَاعُدَ عَنْهَا خَيْرٌ فِي أَيِّ مَرْتَبَةٍ كَانَتْ فَالْقَاعِدُ أَبْعَدُ ثُمَّ الْوَاقِفُ فِي مَكَانِهِ ثُمَّ الْمَاشِي مِنَ السَّاعِي
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ( كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ) جَمْعُ حِلْسٍ وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ تَحْتَ الْقَتَبِ أَيِ الْزَمُوا بُيُوتَكُمْ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ فِيمَنْ نَعْرِفُهُ بِكُنْيَتِهِ وَلَا نَقِفُ عَلَى اسْمِهِ أَبُو كَبْشَةَ سَمِعَ أَبَا مُوسَى رَوَى عَنْهُ عَاصِمٌ كَنَّاهُ لَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَارِمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي بن إِسْمَاعِيلَ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي الْأَشْرَافِ أبو كبشة أظنه البداء بْنَ قَيْسٍ السَّكُونِيَّ عَنْ أَبِي مُوسَى وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ بْنُ مَاكُولَا أَبَا كَبْشَةَ الْبَرَاءَ بْنَ قَيْسٍ وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَبَا كَبْشَةَ السَّكُونِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ثُمَّ قَالَ وَأَبُو كَبْشَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَوَى عَنْهُ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَبْلَهُ
وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّفَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ فِي الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَبُو كَيْسَةَ بِالْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ
انْتَهَى
كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 4263 [4263] ( إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ) بِاللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ لِلتَّأْكِيدِ فِي خَبَرِ إِنَّ ( جُنِّبَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ بَعُدُ وَالتَّكْرَارُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّكْرَارُ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ الْفِتَنِ وَآخِرِهَا ( وَلَمَنِ ابْتُلِيَ وَصَبَرَ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَطْفٌ عَلَى لَمَنْ جُنِّبَ ( فَوَاهًا) مَعْنَاهُ التَّلَهُّفُ وَالتَّحَسُّرُ أَيْ وَاهًا لِمَنْ بَاشَرَ الْفِتْنَةَ وَسَعَى فِيهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِعْجَابُ وَالِاسْتِطَابَةُ وَلِمَنْ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ ما أَحْسَنَ وَمَا أَطْيَبَ صَبْرُ مَنْ صَبَرَ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى مَعْنَى التَّعَجُّبِ لَصَحَّ بِالْفَتْحِ أَيْضًا كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ التَّلَهُّفُ وَقَدْ تُوضَعُ مَوْضِعَ الْإِعْجَابِ بِالشَّيْءِ يُقَالُ وَاهًا لَهُ
وَقَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى التَّوَجُّعِ وَقِيلَ التَّوَجُّعُ يُقَالُ فِيهِ آهًا
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ زَمَانِكُمْ فِيمَا غَيَّرْتُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ إِنْ يَكُنْ خَيْرًا فَوَاهًا وَاهًا وَإِنْ يَكُنْ شَرًّا فَآهًا آهًا وَالْأَلِفُ فِيهَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ وَآهًا وَيُتْرَكُ تَنْوِينُهُ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ مِنْ طِيبِ شَيْءٍ وَكَلِمَةُ تَلَهُّفٍ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ