فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ

رقم الحديث 3618 [3618] ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مِنْهَالٍ وَقَبْلَ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَسَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا لَا يَخْفَى ( فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا على اليمين) أي اقترعا عليها
قال القارىء وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ اسْتَهِمَا نِصْفَيْنِ عَلَى يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَجْهُ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ إِذَا تَسَاوَى الْخَصْمَانِ فَتَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ مُرَجِّحٍ لَا يَسُوغُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَصِيرُ إِلَى مَا فِيهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَهُوَ الْقُرْعَةُ وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّسْوِيَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا بَيْنَ الْخُصُومِ
وَقَدْ طَوَّلَ أَئِمَّةُ الْفِقْهِ الْكَلَامَ عَلَى قِسْمَةِ الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بَيْنَ مُتَنَازِعِيهِ إِذَا كَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ مُقَرَّبَةٍ لَهُمْ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ .

     قَوْلُهُ  وَالْيَمِينُ عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى خَصْمِهِ.
وَأَمَّا الْقُرْعَةُ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الْحَلِفِ فَالَّذِي فِي فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُعَيِّنُ لِلْيَمِينِ مِنْهُمَا مَنْ شَاءَ عَلَى مَا يَرَاهُ
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ لَكِنِ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ هُوَ الْقُرْعَةُ لِلْحَدِيثِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ




رقم الحديث 3619 [3619] ( قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ طريق بن جريج عن بن أبي مليكة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنِ بن عُمَرَ بِلَفْظِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
وأخرجه الإسماعيلي من رواية بن جُرَيْجٍ بِلَفْظِ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّالِبِ وَالْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الله بن إدريس عن بن جريج وعثمان بن الأسود عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كُنْتُ قَاضِيًا لِابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الطَّائِفِ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمَرْأَتَيْنِ فَكَتَبْتُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَإِسْنَادُهَا حَسَنٌ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِيمَا يَدَّعِيهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ بَلْ يَحْتَاجُ إلى بينة أو تشديق الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِي كَوْنِهِ لَا يُعْطَى بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أُعْطِيَ بِمُجَرَّدِهَا لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَا يُمْكِنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَصُونَ مَالَهُ وَدَمَهُ.
وَأَمَّا الْمُدَّعِي فَيُمْكِنُهُ صِيَانَتُهَا بِالْبَيِّنَةِ
وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ عَلَى كُلِّ مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ حَقٌّ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي اخْتِلَاطٌ أَمْ لَا
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَفُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ إِنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ إِلَّا عَلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خُلْطَةٌ لِئَلَّا يَبْتَذِلَ السُّفَهَاءُ أَهْلَ الْفَضْلِ بِتَحْلِيفِهِمْ مِرَارًا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ فَاشْتُرِطَتِ الْخُلْطَةُ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْخُلْطَةِ فَقِيلَ هِيَ مَعْرِفَتُهُ بِمُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ وَقِيلَ تَكْفِي الشُّبْهَةُ وَقِيلَ هِيَ أَنْ تَلِيقَ بِهِ الدَّعْوَى بِمِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ فِي كتاب ولاسنة وَلَا إِجْمَاعٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه




رقم الحديث 3620 [362] أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
( حَلَّفَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ رَجُلٍ ( احْلِفْ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ( بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) قَالَ فِي فَتْحِ الودود تغلظ اليمين بذكر بعض الصفات ( ماله) أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي ( يَعْنِي الْمُدَّعِي) أَيْ يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ في قوله ماله الْمُدَّعِي وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْمُدَّعِي قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَفِيهِ مَقَالٌ
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا مَقْرُونًا




رقم الحديث 3621 [3621] بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّحْلِيفِ
( فَجَحَدَنِي) أَيْ أَنْكَرَ عَلَيَّ ( فَقَدَّمْتُهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ جِئْتُ به ورافعت أَمْرَهُ ( قَالَ لِلْيَهُودِيِّ احْلِفْ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ يَحْلِفُ فِي الْخُصُومَاتِ كَمَا يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ ( إِذًا) بِالتَّنْوِينِ هَكَذَا بِالتَّنْوِينِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ
قَالَ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ قَالَ سِيبَوَيْهِ مَعْنَاهَا الْجَوَابُ وَالْجَزَاءُ فَالْجَزَاءُ نَحْوَ أَنْ يُقَالَ آتِيكَ فَتَقُولُ إِذَنْ أُكْرِمُكَ أَيْ إِنْ أَتَيْتَنِي إِذَنْ أُكْرِمُكَ.

     وَقَالَ  اللَّهُ تَعَالَى مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إله بما خلق الْآيَةَ
وَأَمَّا لَفْظُ إِذًا عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَيْهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ نُونَهَا تُبْدَلُ أَلِفًا
وَقِيلَ يُوقَفُ بِالنُّونِ فَالْجُمْهُورُ يَكْتُبُونَهَا فِي الْوَقْفِ بِالْأَلِفِ وَكَذَا رُسِمَتْ فِي الْمَصَاحِفِ وَالْمَازِنِيُّ وَالْمُبَرِّدُ بِالنُّونِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا ( يَحْلِفَ) بِالنَّصْبِ ( بِمَالِي) أَيْ بِأَرْضِي ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِينَ إِلَخْ)
قَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُطَابِقُ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي.

قُلْتُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا كَأَنَّهُ قِيلَ لِلْأَشْعَثِ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَلِفُ فَإِنْ كَذَبَ فَعَلَيْهِ وَبَالُهُ وَثَانِيهِمَا لَعَلَّ الْآيَةَ تَذْكَارٌ لِلْيَهُودِيِّ بِمِثْلِهَا فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الْوَعِيدِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ أَتَمَّ مِنْهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ


رقم الحديث 3622 [3622] (يُحَلَّفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنَ التَّحْلِيفِ أَوْ بِصِيغَةِ الْمَعْرُوفِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (عَلَى عِلْمِهِ) أَيْ عَلَى عِلْمِ الرَّجُلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ وَمُطَابَقَتِهِ فالضمير المجرور يؤول إِلَى الرَّجُلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَيْ تَحْلِيفُهُ عَلَى عِلْمِهِ إِنَّمَا هُوَ (فِيمَا غَابَ) أَيْ فِي الْمُعَامَلَةِ الَّتِي غَابَتْ (عَنْهُ) أَيْ عَنِ الرَّجُلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْتَكِبْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِذَلِكَ بَلِ ارْتَكَبَهُ غَيْرُهُ بِأَنْ عُومِلَتْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةُ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهَا بِحَقِيقَتِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ بَلْ إِنَّمَا يُحَلِّفُهُ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُدَّعِي احْلِفْ بِهَذَا الْوَجْهِ وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي عَلَيَّ هُوَ مِلْكُهُ قَدْ أَخَذَهُ مِنْهُ أَبِي أَوْ أَخِي مَثَلًا ظُلْمًا وَعُدْوَانًا
(حَدَّثَنِي كُرْدُوسُ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ وَهُوَ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (مِنْ كِنْدَةَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أبو قبيلة من اليمن (من حضرموت) بسكون الضَّادِ وَالْوَاوِ بَيْنَ فَتَحَاتٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ أَقْصَى الْيَمَنِ (فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ) نِسْبَةً إِلَى حَضْرَمَوْتَ (أَبُو هَذَا) أَيْ أَبُو هَذَا الرَّجُلِ الْكِنْدِيِّ (وَهِيَ أَيِ الْأَرْضُ (فِي يَدِهِ) أَيِ الْآنَ (ولكن أحلفه) بتشديد اللام (والله ما يعلم) قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمَحْلُوفُ بِهِ أَيْ أُحَلِّفُهُ بِهَذَا وَالْوَجْهُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ الْقَسَمِيَّةُ منصوبة المحل على المصدر أي أحلفه هذا الْحَلِفَ (أَنَّ أَرْضِي) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهَا أَرْضِي (فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ (وَسَاقَ الْحَدِيثَ) لَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إِذَا طُلِبَتْ يَمِينُ الْعِلْمِ وَجَبَتْ
قَالَهُ فِي النَّيْلِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ