فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

رقم الحديث 4399 [4399] ( أُتِيَ عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أَتَاهُ النَّاسُ بِمَجْنُونَةٍ ( قَدْ زَنَتْ) حَالٌ ( فَاسْتَشَارَ) أَيْ طَلَبَ الْمَشُورَةَ ( فِيهَا) فِي شَأْنِ تِلْكَ الْمَجْنُونَةِ هَلْ تُرْجَمُ أَمْ لَا ( قَالَ) أَيْ بن عَبَّاسٍ ( فَقَالَ) أَيْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( ارْجِعُوا بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْمَجْنُونَةِ وَالْخِطَابُ لِمَنْ كَانَ عِنْدَهَا ( ثُمَّ أَتَاهُ) أَيْ أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فَقَالَ) أَيْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( أَمَا عَلِمْتَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى حَرْفِ النَّفْيِ ( حَتَّى يَعْقِلَ) أَيْ يَصِيرَ ذَا عَقْلٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبُلُوغُ ( قَالَ) أَيْ عُمَرُ ( بَلَى) حَرْفُ إِيجَابٍ ( قَالَ) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ( فَمَا بَالُ) أَيْ فَمَا حَالُ ( هَذِهِ) الْمَرْأَةِ ( تُرْجَمُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ مَعَ كَوْنِهَا مَجْنُونَةً ( قَالَ) عُمَرُ ( لَا شَيْءَ) عَلَيْهَا الْآنَ ( قَالَ) عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فَأَرْسِلْهَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْ قَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَطْلِقْ هَذِهِ المجنونة ( قال) أي بن عَبَّاسٍ ( فَأَرْسَلَهَا) أَيْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فَجَعَلَ يُكَبِّرُ) أَيْ فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ وَعَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يُكَبِّرُونَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ وَشَأْنٍ فَخِيمٍ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلِمَ عَدَمَ صَوَابِ رَأْيِهِ وَظَنَّ عَلَى نَفْسِهِ وُقُوعَ الْخَطَأِ بِرَجْمِ الْمَرْأَةِ الْمَجْنُونَةِ إِنْ لَمْ يُرَاجِعْهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخَذَ الْفُقَهَاءُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَكِنْ ذكر بن حِبَّانَ أَنَّ الْمُرَادَ بِرَفْعِ الْقَلَمِ تَرْكُ كِتَابَةِ الشَّرِّ عَنْهُمْ دُونَ الْخَيْرِ
وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّبِيِّ دُونَ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ لِأَنَّهُمَا فِي حَيِّزِ مَنْ لَيْسَ قَابِلًا لِصِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُ لِزَوَالِ الشُّعُورِ وحكى بن الْعَرَبِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ سُئِلَ عَنْ إِسْلَامِ الصَّبِيِّ فَقَالَ لَا يَصِحُّ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَعُورِضَ بِأَنَّ الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْهُ قَلَمُ الْمُؤَاخَذَةِ.
وَأَمَّا قَلَمُ الثَّوَابِ فَلَا لِقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ لَمَّا سَأَلَتْهُ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلِقَوْلِهِ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا جَرَى لَهُ قَلَمُ الثَّوَابِ فَكَلِمَةُ الْإِسْلَامِ أَجَلُّ أَنْوَاعِ الثَّوَابِ فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّهَا تَقَعُ لَغْوًا وَيُعْتَدُّ بِحَجِّهِ وَصَلَاتِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَحْتَلِمَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ قَبْلَ ذَلِكَ
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ يُؤَاخَذُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالرِّدَّةِ وَكَذَا مَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَيُعْتَبَرُ طَلَاقُهُ لِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى حَتَّى يَكْبُرَ وَالْأُخْرَى حَتَّى يَشِبَّ وتعقبه بن الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ حَتَّى يَحْتَلِمَ هِيَ الْعَلَامَةُ الْمُحَقَّقَةُ فَيَتَعَيَّنُ اعْتِبَارُهَا وَحَمْلُ بَاقِي الرِّوَايَاتِ عَلَيْهَا انْتَهَى