فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ مَنْ يَأْخُذُ الشَّيْءَ عَلَى الْمِزَاحِ

رقم الحديث 4414 [4414] ( قَالَ السَّبِيلُ الْحَدُّ) أَيِ السَّبِيلُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سبيلا هُوَ الْحَدُّ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 4413 [4413] وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الفاحشة أي الزنى مِنْ نِسَائِكُمْ هُنَّ الْمُسْلِمَاتُ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْحُكَّامِ مِنْكُمْ أَيْ رِجَالِكُمُ المسلمين فإن شهدوا يعني الشهود بالزنى فأمسكوهن في البيوت أَيِ احْبِسُوهُنَّ فِيهَا وَامْنَعُوهُنَّ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لأن المرأة إنما تقع في الزنى عِنْدَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ إِلَى الرِّجَالِ فَإِذَا حُبِسَتْ في البيت لم تقدر على الزنى
قال في فتح البيان عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا فَجَرَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ وَإِنْ عَاشَتْ عَاشَتْ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النُّورِ الزانية والزاني فاجلدوا فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فَمَنْ عَمِلَ شَيْئًا جُلِدَ وَأُرْسِلَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ انتهى حتى يتوفاهن الموت أَيْ مَلَائِكَتُهُ أَوْ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لهن سبيلا طَرِيقًا إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا
قَالَ السُّيُوطِيُّ أُمِرُوا بِذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا بِجَلْدِ الْبِكْرِ مِائَةً وَتَغْرِيبِهَا عَامًا وَرَجْمِ الْمُحْصَنَةِ
وَفِي الْحَدِيثِ لَمَّا بَيَّنَ الْحَدَّ قَالَ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ انْتَهَى
وَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ
وَقَالَ الْخَازِنُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نَاسِخِهَا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ نَاسِخَهَا هُوَ حَدِيثُ عُبَادَةَ يَعْنِي خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي الْحَدِيثَ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْحَدِّ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْحَدِيثِ وَالْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْجَلْدِ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَحْصُلِ النَّسْخُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أو أن يجعل الله لهن سبيلا يَدُلُّ عَلَى إِمْسَاكِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ مَمْدُودًا إِلَى غَايَةِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَأَنَّ ذَلِكَ السَّبِيلَ كَانَ مُجْمَلًا فَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْحَدِيثَ
صَارَ هَذَا الْحَدِيثُ بَيَانًا لِتِلْكَ الْآيَةِ الْمُجْمَلَةِ لَا نَاسِخًا لَهَا انْتَهَى
وَبَقِيَّةُ الْآيَةِ مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا وَاللَّذَانِ يأتيانها أي الفاحشة الزنى أَوِ اللِّوَاطَ مِنْكُمْ أَيِ الرِّجَالِ فَآذُوهُمَا بِالسَّبِّ وَالضَّرْبِ بِالنِّعَالِ فَإِنْ تَابَا مِنْهَا وَأَصْلَحَا الْعَمَلَ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا وَلَا تُؤْذُوهُمَا ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ توابا) عَلَى مَنْ تَابَ ( رَحِيمًا) بِهِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وهذا منسوخ بالحد إن أريد بها الزنى وَكَذَا إِنْ أُرِيدَ اللِّوَاطُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ لَا يُرْجَمُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا بَلْ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ وَإِرَادَةُ اللِّوَاطِ أَظْهَرُ بِدَلِيلِ تَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَالْأَوَّلُ أَرَادَ الزَّانِيَ وَالزَّانِيَةَ وَيَرُدُّهُ تَبْيِينُهُمَا بِمِنَ الْمُتَّصِلَةِ بِضَمِيرِ الرِّجَالِ وَاشْتِرَاكُهُمَا فِي الْأَذَى وَالتَّوْبَةِ وَالْإِعْرَاضِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي النِّسَاءِ مِنَ الْحَبْسِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْجَمَلُ .

     قَوْلُهُ  وَاشْتِرَاكُهُمَا فِي الْأَذَى إِلَخْ نُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي ذَلِكَ لَا يَخُصُّ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَبِأَنَّ الِاتِّصَالَ بِضَمِيرِ الرِّجَالِ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ النِّسَاءِ فِي الْخِطَابِ كَمَا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ انْتَهَى ( وَذَكَرَ) أَيِ اللَّهُ تَعَالَى ( الرَّجُلَ بَعْدَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ جَمَعَهُمَا) أَيْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلًا الْمَرْأَةَ حيث قال واللاتي يأتين الفاحشة ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّجُلَ لَكِنْ لَا وَحْدَهُ بَلْ جَمَعَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حَيْثُ قَالَ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا أَيِ الرَّجُلُ الزَّانِي وَالْمَرْأَةُ الزَّانِيَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ اللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا عند بن عباس رضي الله عنهما الزنى لَا اللِّوَاطُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( فَنَسَخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْجَلْدِ) أَيِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ