فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُغَالَاةِ فِي الْكَفَنِ

رقم الحديث 2791 [2791] الخ أَيْ فِي أَوَّلِ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ ( ذِبْحٌ) بِكَسْرِ الذَّالِ اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ مِنَ الْحَيَوَانِ ( فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحَجَّةِ) أَيْ ظَهَرَ
فَفِي الْقَامُوسِ هَلَّ الْهِلَالُ ظَهَرَ كَأَهَلَّ وَأَهَلَّ وَاسْتَهَلَّ بِضَمِّهِمَا ( فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَخْ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَرْكِ أَخْذِ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ بَعْدَ دُخُولِ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَرَبِيعَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُكْرَهُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ يُكْرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ يَحْرُمُ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ انْتَهَىQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذَا الْحَدِيث وَفِي حُكْمه
فَقَالَتْ طَائِفَة لَا يَصِحّ رَفْعه وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَاب الْعِلَل وَوَقَفَهُ عَبْد اللَّه بْن عَامِر الْأَسْلَمِيّ وَيَحْيَى الّقَطَّانُ وَأَبُو ضَمْرَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيد وَوَقَفَهُ عُقَيْل عَلَى سَعِيد قَوْله
وَوَقَفَهُ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط عَنْ سَعِيد عَنْ أُمّ سَلَمَة قولها
ووقفه بن أَبِي ذِئْب عَنْ الْحَرْث بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أُمّ سَلَمَة
قَوْلهَا وَوَقَفَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة وَقَتَادَةُ وَصَالِح بْن حَسَّان عَنْ سَعِيد قَوْله
وَالْمَحْفُوظ عَنْ مَالِك مَوْقُوف
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالصَّحِيح عِنْدِي قَوْل مَنْ وَقَفَهُ وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَصَحَّحُوا رَفْعه
مِنْهُمْ مُسْلِم بْن الْحَجَّاج وَرَوَاهُ فِي صَحِيحه مَرْفُوعًا
وَمِنْهُمْ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ قَالَ هذا حديث حسن صحيح
ومنهم بن حِبَّان خَرَّجَهُ فِي صَحِيحه
وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيُّ قَالَ هَذَا حَدِيث قَدْ ثَبَتَ مَرْفُوعًا مِنْ أَوْجُه لَا يَكُون مِثْلهَا غَلَطًا وَأَوْدَعَهُ مُسْلِم فِي كِتَابه
وَصَحَّحَهُ غَيْر هَؤُلَاءِ وَقَدْ رَفَعَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيد عَنْ أُمّ سَلَمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَهُ شُعْبَة عَنْ مَالِك عَنْ عَمْرو بْن مُسْلِم عَنْ سَعِيد عَنْ أُمّ سَلَمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَيْسَ شُعْبَة وَسُفْيَان بِدُونِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَقَفُوهُ وَلَا مِثْل هَذَا اللَّفْظ مِنْ أَلْفَاظ الصَّحَابَة بَلْ هُوَ الْمُعْتَاد مِنْ خِطَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ أَيَعْجِزُ أَحَدكُمْ أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ إِذَا أَتَى أَحَدكُمْ الْغَائِط إِذَا جَاءَ أَحَدكُمْ خَادِمه بِطَعَامِهِ وَنَحْو ذَلِكَ
وَأَمَّا اِخْتِلَافهمْ فِي مَتْنه فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ طَائِفَة مِنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ
فَذَهَبَ إِلَيْهِ سَعِيد بْن قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ بِهِ وَيَمْنَعُ الْمُضَحِّيَ مِنْ أَخْذِ أَظْفَارِهِ وَشَعْرِهِ أَيَّامَ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أحمد وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَرَخَّصَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّQالْمُسَيِّب وَرَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَإِسْحَاق بن راهويه والإمام أحمد وغيرهم
وذهب آخرون إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوه لَا مُحَرَّم
وَحَمَلُوا الْحَدِيث عَلَى الْكَرَاهَة مِنْهُمْ مَالِك وَطَائِفَة مِنْ أَصْحَاب أَحْمَد مِنْهُمْ أَبُو يَعْلَى وَغَيْره
وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى الْإِبَاحَة وَأَنَّهُ غَيْر مَكْرُوه وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه
وَاَلَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِهِ مِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَعْف هَذَا التَّعْلِيل وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا خِلَاف الْحَدِيث الثَّابِت عَنْ عَائِشَة الْمُتَّفَق عَلَى صِحَّته أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَث بِهَدْيِهِ وَيُقِيم حَلَالًا لَا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء
قَالَ الشَّافِعِيّ فَإِنْ قَالَ قَائِل مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ اِخْتِيَار لَا وَاجِب قِيلَ لَهُ رَوَى مَالِك عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر عَنْ عَمْرَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ أَنَا فَتَلْت قَلَائِد هَدْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي بَكْر فَلَمْ يَحْرُم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم شَيْء أَحَلَّهُ اللَّه لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْي
قَالَ الشَّافِعِيّ وَفِي هَذَا دَلَالَة عَلَى مَا وَصَفْت وَعَلَى أَنَّ الْمَرْء لَا يُحْرِم بِبَعْثِهِ بِهَدْيِهِ يَقُول الْبَعْث بِالْهَدْيِ أَكْثَر مِنْ إِرَادَة الْأُضْحِيَّة
وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيث بِخِلَافِهِ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُم عَلَيْهِ الْوَطْء وَاللِّبَاس الطِّيب فَلَا يَحْرُم عَلَيْهِ حَلْق الشَّعْر وَلَا تَقْلِيم الظُّفْر
وَأَسْعَد النَّاس بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ قَالَ بِظَاهِرِهِ لِصِحَّتِهِ وَعَدَم مَا يُعَارِضهُ
وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ فِي أَهْله فَإِنَّهُ يُقِيم حَلَالًا وَلَا يَكُون مُحْرِمًا بِإِرْسَالِ الْهَدْي رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَف يَكُون بِذَلِكَ مُحْرِمًا وَلِهَذَا رَوَتْ عَائِشَة لَمَّا حُكِيَ لَهَا هَذَا الْحَدِيث
وَحَدِيث أُمّ سَلَمَة يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي أَمْسَكَ فِي الْعَشْر عَنْ أَخْذ شَعْره وَظُفْره وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَلَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثُمَّ قَلَّدَهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ اللِّبَاسُ وَالطِّيبُ كَمَا يَحْرُمَانِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْحَتْمِ وَالْإِيجَابِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه بمعناهQخَاصَّة فَأَيّ مُنَافَاة بَيْنهمَا وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَد وَغَيْره يَعْمَل بِكِلَا الْحَدِيثَيْنِ هَذَا فِي مَوْضِعه وَهَذَا فِي مَوْضِعه
وَقَدْ سَأَلَ الْإِمَام أَحْمَد أَوْ غَيْره عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ هَذَا لَهُ وَجْه وَهَذَا لَهُ وَجْه
وَلَوْ قُدِّرَ بِطَرِيقِ الْفَرْض تَعَارُضهمَا لَكَانَ حَدِيث أُمّ سَلَمَة خَاصًّا وَحَدِيث عَائِشَة عَامًّا
وَيَجِب تَنْزِيل الْعَامّ عَلَى مَا عَدَا مَدْلُول الْخَاصّ تَوْفِيقًا بَيْن الْأَدِلَّة
وَيَجِب حَمْل حَدِيث عَائِشَة عَلَى مَا عَدَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث أُمّ سَلَمَة فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَل مَا نَهَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا
وَأَيْضًا فَعَائِشَة إِنَّمَا تَعْلَم ظَاهِر مَا يُبَاشِرهَا بِهِ أَوْ يَفْعَلهُ ظَاهِرًا مِنْ اللِّبَاس وَالطِّيب
وَأَمَّا مَا يَفْعَلهُ نَادِرًا كَقَصِّ الشَّعْر وَتَقْلِيم الظُّفْر مِمَّا لَا يُفْعَل فِي الْأَيَّام الْعَدِيدَة إِلَّا مَرَّة
فهي لم تخبر بوقوعه منه صلى الله عليه وسلم فِي عَشْر ذِي الْحِجَّة وَإِنَّمَا قَالَتْ لَمْ يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء
وَهَذَا غَايَته أَنْ يَكُون شَهَادَة عَلَى نَفْي فَلَا يُعَارِض حَدِيث أُمّ سَلَمَة
وَالظَّاهِر أَنَّهَا لَمْ تُرِدْ ذَلِكَ بِحَدِيثِهَا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَاحْتِمَال تَخْصِيصه قَرِيب فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى دَلِيل
وَخَبَر أُمّ سَلَمَة صَرِيح فِي النَّهْي فَلَا يَجُوز تَعْطِيله أَيْضًا
فَأُمّ سَلَمَة تُخْبِر عَنْ قَوْله وَشَرْعه لِأُمَّتِهِ فَيَجِب اِمْتِثَاله
وَعَائِشَة تُخْبِر عَنْ نَفْي مُسْتَنِد إِلَى رُؤْيَتهَا وَهِيَ إِنَّمَا رَأَتْ أَنَّهُ لَا يَصِير بِذَلِكَ مُحْرِمًا يَحْرُم عَلَيْهِ مَا يَحْرُم عَلَى الْمُحْرِم
وَلَمْ تُخْبِر عَنْ قَوْله إِنَّهُ لَا يَحْرُم عَلَى أَحَدكُمْ بِذَلِكَ شَيْء
وَهَذَا لَا يُعَارِض صَرِيح لَفْظه
وَأَمَّا رَدّ الْحَدِيث بِالْقِيَاسِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ قِيَاس فَاسِد مُصَادِم لِلنَّصِّ لَكَفَى ذَلِكَ فِي رَدّ الْقِيَاس وَمَعْلُوم أَنَّ رَدّ الْقِيَاس بِصَرِيحِ السُّنَّة أَوْلَى مِنْ رَدّ السُّنَّة بِالْقِيَاسِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق
كَيْف وَأَنَّ تَحْرِيم النِّسَاء وَالطِّيب وَاللِّبَاس أَمْر يَخْتَصّ بِالْإِحْرَامِ لَا يَتَعَلَّق بِالضَّحِيَّةِ.
وَأَمَّا تَقْلِيم الظُّفْر وَأَخْذ الشَّعْر فَإِنَّهُ مِنْ تَمَام التَّعَبُّد بِالْأُضْحِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَوَّل الْبَاب وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِالشَّعْرِ شَعْرَ الرَّأْسِ وَبِالْبَشَرِ بَشَرَ ( شَعْرِ) الْبَدَنِ فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ قَلْمُ الْأَظْفَارِ وَلَا يُكْرَهُ
وقيل أراد بالشعر جَمِيعَ الشَّعْرِ وَبِالْبَشَرِ الْأَظْفَارَ
وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ جَمِيعِ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ




رقم الحديث 2792 [2792] ( عن بن قُسَيْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ مُصَغَّرًا هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ( أَمَرَ بِكَبْشٍ) أَيْ بِأَنْ يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ وَالْكَبْشُ فَحْلُ الضَّأْنِ فِي أَيِّ سِنٍّ كَانَ
وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهِ فَقِيلَ إِذَا أَثْنَى وَقِيلَ إِذَا أَرْبَعَ
قَالَهُ الْحَافِظُ ( أَقْرَنُ) أَيِ الَّذِي لَهُ قَرْنَانِ مُعْتَدِلَانِ
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَقْرَنُ الَّذِي لَهُ قَرْنَانِ حَسَنَانِ ( يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ) أَيْ يَطَأُ الْأَرْضَ وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ
وَالْمَعْنَى أَنَّ قَوَائِمَهُ وَبَطْنَهُ وَمَا حَوْلَ عَيْنَيْهِ أَسْوَدُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( فَضَحَّى بِهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِيُضَحِّيَ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ( هَلُمِّي الْمُدْيَةَ) أَيْ هَاتِيهَا وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا وَهِيَ السِّكِّينُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( اشْحَذِيهَا) بِالشِّينِQوَقَوْله تَأْخُذ مِنْ شَعْرك وَتَحْلِق عَانَتك فَتِلْكَ تَمَام أُضْحِيَّتك عِنْد اللَّه فَأَحَبَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْفِير الشَّعْر وَالظُّفْر فِي الْعَشْر لِيَأْخُذهُ مَعَ الضَّحِيَّة فَيَكُون ذَلِكَ مِنْ تَمَامهَا عِنْد اللَّه
وَقَدْ شَهِدَ لِذَلِكَ أَيْضًا أنه صلى الله عليه وسلم شَرَعَ لَهُمْ إِذَا ذَبَحُوا عَنْ الْغُلَام عَقِيقَته أَنْ يَحْلِقُوا رَأْسه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَلْق رَأْسه مَعَ الذَّبْح أَفْضَل وَأَوْلَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حَدِّدِيهَا ( فَذَبَحَهُ.

     وَقَالَ  بِسْمِ اللَّهِ إِلَخْ)
أَيْ أَرَادَ ذَبْحَهُ
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ إِلَخْ
قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَتَقْدِيرُهُ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ أَخَذَ فِي ذَبْحِهِ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ مُضَحِّيًا بِهِ
وَلَفْظَةُ ثُمَّ هُنَا مُتَأَوَّلَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ بلا شك ( ثم ضحى به) قال القارىء أَيْ فَعَلَ الْأُضْحِيَّةَ بِذَلِكَ الْكَبْشِ
قَالَ وَهَذَا يُؤَيِّدُ تَأْوِيلَنَا قَوْلَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ ذَبْحَهُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ نَقْلًا عَنِ الْأَسَاسِ أَيْ غَدَّى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجَازٌ وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مَهْمَا أَمْكَنَ ثُمَّ مَعْنَى غَدَّى أَيْ غَدَّى النَّاسَ بِهِ أَيْ جَعَلَهُ طَعَامَ غَدَاءٍ لَهُمُ انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْأَقْرَنِ وَإِحْسَانُ الذَّبْحِ وَإِحْدَادُ الشَّفْرَةِ وَإِضْجَاعُ الْغَنَمِ فِي الذَّبْحِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِضْجَاعَهَا يَكُونُ عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَيْتِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ



رقم الحديث 2793 [2793] ( بَدَنَاتٌ) جَمْعُ بَدَنَةٍ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْإِبِلِ سُمِّيَتْ بِهَا لِعِظَمِهَا وَسِمَنِهَا مِنَ الْبَدَانَةِ وَهِيَ كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَتَقَعُ عَلَى الْجَمَلِ وَالنَّاقَةِ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْبَقَرَةِ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( أَمْلَحَيْنِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأَمْلَحُ مِنَ الْكِبَاشِ هُوَ الَّذِي فِي خِلَالِ صُوفِهِ الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ
وَفِي الْمِرْقَاةِ لِلْقَارِيِّ الْأَمْلَحُ أَفْعَلُ مِنَ الْمُلْحَةِ وَهِيَ بَيَاضٌ يُخَالِطُهُ السَّوَادُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ
وَقِيلَ بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَقِيلَ هُوَ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ الْكَبْشَيْنِ فَقَطْ بِنَحْوِهِ