فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي جَامِعِ النِّكَاحِ

رقم الحديث 1883 [1883] ( طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَبِعًا) مِنَ الضَّبْعِ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَهُوَ وَسَطُ الْعَضُدِ وَقِيلَ هُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ وَالِاضْطِبَاعُ أَنْ يَأْخُذَ الْإِزَارَ أَوِ الْبُرْدَ فَيَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ إِبْطِهِ الْأَيْمَنِ وَيُلْقِي طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ مِنْ جِهَتَيْ صَدْرِهِ وَظَهْرِهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِبْدَاءِ الضَّبْعَيْنِ
قِيلَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلتَّشَجُّعِ كَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  مُضْطَبِعًا هُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الضَّبْعِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ إِزَارَهُ تَحْتَ إِبْطِهِ الْأَيْمَنِ وَيَرُدَّ طَرَفَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَيَكُونَ مَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ مَكْشُوفًا وَكَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْحَافِظِ
وَهَذِهِ الْهَيْئَةُ هِيَ المذكورة في حديث بن عَبَّاسٍ الْآتِي
وَالْحِكْمَةُ فِي فِعْلِهِ أَنَّهُ يُعِينُ عَلَى إِسْرَاعِ الْمَشْيِ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ الجمهور سوى مالك قاله بن الْمُنْذِرِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الِاضْطِبَاعُ في طواف يسن فيه المرمل ( بِبُرْدٍ أَخْضَرَ) وَلَفْظُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِبُرْدٍ لَهُ حَضْرَمِيٍّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الترمذي وبن مَاجَهْ أَخْضَرَ



رقم الحديث 1884 [1884] ( فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ) الرَّمَلُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ هُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى دُونَ الْعَدْوِ فِيمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَهُزَّ فِي مَشْيِهِ كَتِفَيْهِ كَالْمُبَارِزِ الْمُتَبَخْتِرِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَالرَّمَلُ فِي الْأَطْوَافِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْجُمْهُورِ كَذَا فِي الْمُحَلَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ ( أرديتهم) جمع رداء ( تحت اباطهم) قال بن رَسْلَانَ الْمُرَادُ أَنْ يَجْعَلَهُ تَحْتَ عَاتِقِهِمُ الْأَيْمَنِ ( ثُمَّ قَذَفُوهَا) أَيِ أَلْقَوْهَا وَطَرَحُوا طَرَفَيْهَا ( عَلَى عَوَاتِقِهِمْ) الْعَاتِقُ الْمَنْكِبُ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وأخرج نحو بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الطَّبَرَانِيُّ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ حديث بن عَبَّاسٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثَ الاضطباع النووي


رقم الحديث 1885 [1885] بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَمَرَّ آنِفًا تَفْسِيرُهُ
( قَدْ رَمَلَ بِالْبَيْتِ) قَالَ النَّوَوِيُّ الرَّمَلُ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوَافَاتِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنَ السَّبْعِ وَلَا يُسَنُّ ذَلِكَ إِلَّا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَفِي طَوَافٍ وَاحِدٍ فِي الْحَجِّ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُشْرَعُ فِي طَوَافِ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِأَنَّ شَرْطَ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ طَافَ الْإِفَاضَةِ
فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ وَفِي نِيَّتِهِ أَنَّهُ يَسْعَى بَعْدَهُ اسْتُحِبَّ الرَّمَلُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي نِيَّتِهِ لَمْ يَرْمُلْ فِيهِ بَلْ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ سَوَاءً أَرَادَ السَّعْيَ بَعْدَهُ أَمْ لَا انْتَهَى ( مَوْتَ النَّغَفِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَاءٍ دُودٌ يَسْقُطُ مِنْ أُنُوفِ الدَّوَابِّ وَاحِدَتُهَا نَغَفَةٌ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اسْتُحْقِرَ وَاسْتُضْعِفَ مَا هُوَ إِلَّا نَغَفَةٌ ( وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ) اسْمُ جَبَلٍ بِمَكَّةَ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ ( وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يُسَنُّ فِعْلُهُ لكافة الأمة على معنى القرية كَالسُّنَنِ الَّتِي هِيَ عِبَادَاتٌ وَلَكِنْ شَيْءٌ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّةَ أَصْحَابِهِ وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ قَدْ أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ انْتَهَى ( عَلَى بَعِيرِهِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا والمروة للراكب لعذر
قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بن عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ انْتَهَى
يَعْنِي نَفْيَ كون الطواف بصفة الركوب سنابل الطَّوَافُ مِنَ الْمَاشِي أَفْضَلُ ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ ( لَا يُدْفَعُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  الْآتِي لَا يُصْرَفُونَ ( وَلِيَرَوْا مَكَانَهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الطُّفَيْلِ هُوَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ
وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْحُرِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ثَلَاثَتِهِمْ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ بِنَحْوِهِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ



رقم الحديث 1886 [1886] ( وَهَنَتْهُمْ) بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ أَيْ أَضْعَفَتْهُمْ يُقَالُ وهنته وأوهنته لغتان ( يثرب) هُوَ اسْمُ الْمَدِينَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسُمِّيَتْ فِي الإسلام المدينة وطيبة وَطَابَةُ ( يَقْدَمُ) بِفَتْحِ الدَّالِ.
وَأَمَّا بِضَمِّ الدَّالِ فَمَعْنَاهُ يَتَقَدَّمُ ( وَلَقُوا مِنْهَا) أَيْ مِنْ يَثْرِبَ ( شَرًّا) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ ( فَأَمَرَهُمْ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْأَشْوَاطَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ شَوْطٍ وَهُوَ الْجَرْيُ مَرَّةً إِلَى الْغَايَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الطَّوْفَةُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الطَّوَافِ شَوْطًا
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ إِنَّهُ يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهُ شَوْطًا وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا ( وَأَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا منسوخ بحديث نافع عن بن عُمَرَ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ وَيَجِيءُ بَسْطُ الْكَلَامِ هُنَاكَ ( إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ الرِّفْقُ وَالشَّفَقَةُ وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَيَجُوزُ النَّصْبُ
وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ إِظْهَارِ الْقُوَّةِ بِالْعِدَّةِ وَالسِّلَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلْكُفَّارِ إِرْهَابًا لَهُمْ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ الرِّيَاءِ الْمَذْمُومِ
وَفِيهِ جَوَازُ الْمَعَارِيضِ بِالْفِعْلِ كَمَا تَجُوزُ بِالْقَوْلِ وَرُبَّمَا كَانَتْ بِالْفِعْلِ أَوْلَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

رقم الحديث 1887 [1887] ( فِيمَا الرَّمَلَانُ) بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَهِيَ لُغَةٌ وَالْأَكْثَرُ يَحْذِفُونَهَا وَالرَّمَلَانُ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ رَمَلَ ( والكشف عن المناكب) هو الاضطباع ( وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ أَثْبَتَهُ وأحكمه أصله وطىء فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً كَمَا فِي وَقَّتْتُ وَأَقَّتْتُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا هُوَ وَطَّأَ أَيْ ثَبَّتَهُ وَأَرْسَاهُ بِالْوَاوِ وَقَدْ تُبْدَلُ أَلِفًا ( لَا نَدَعُ شَيْئًا) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي آخِرهِ ثُمَّ رَمَلَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ قَدْ هَمَّ بِتَرْكِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ لِأَنَّهُ عَرَفَ سَبَبَهُ وَقَدِ انْقَضَى فَهَمَّ أَنْ يَتْرُكَهُ لِفَقْدِ سَبَبِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حِكْمَةٌ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَرَأَى أَنَّ الِاتِّبَاعَ أَوْلَى وَيُؤَيِّدُ مَشْرُوعِيَّةَ الرَّمَلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَا ثبت في حديث بن عباس أنهم رملوا في حجة الوداع مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد نفى الله في ذلك الوقت الكفر وَأَهْلُهُ عَنْ مَكَّةَ
وَالرَّمَلُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثَابِتٌ أَيْضًا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ يَسُنُّ الشَّيْءَ لِمَعْنًى فَيَزُولُ وَتَبْقَى السُّنَّةُ عَلَى حَالِهَا
وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الرَّمَلَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَيَرَى عَلَى مَنْ تَرَكَهُ دَمًا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.

     وَقَالَ  عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ عَلَى تَارِكِهِ شيء انتهى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ