فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ

رقم الحديث 1701 [1701] أَيْ شَيْءٌ يُلْتَقَطُ وَهُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْمُحَدِّثِينَ
وَقَالَ عِيَاضٌ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي قَالَهَا الْجُمْهُورُ وَاللَّغَةُ الثَّانِيَةُ لُقْطَةٌ بِإِسْكَانِهَا وَالثَّالِثَةُ لُقَاطٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَالرَّابِعَةُ لَقَطٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ
( إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ) أَيْ فَأَعْطِيهِ ( وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ) أَيِ انْتَفَعْتُ بِهِ ( قَالَ) سُوَيْدٌ ( فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ ( عَرِّفْهَا) بِالتَّشْدِيدِ أَمْرٌ مِنَ التَّعْرِيفِ وَهُوَ أَنْ يُنَادِيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَقَاهَا فِيهِ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَيَقُولُ مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ فَلِيَطْلُبْهُ عِنْدِي ( فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا) أَيْضًا بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّعْرِيفِ وَحَوْلًا نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ ( مَنْ يَعْرِفُهَا) بِالتَّخْفِيفِ مِنْ عَرَفَ يَعْرِفُ مَعْرِفَةً وَعِرْفَانًا
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَتَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَتَى بَعْدَ الْمَرَّتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَثَالِثَةٌ بِاعْتِبَارِ التَّعْرِيفِ ورابعة باعتبار مجيئه إلى النبي قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( وَوِعَاءَهَا) الْوِعَاءُ بِالْمَدِّ وَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَقَدْ تُضَمُّ وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ قبل وعاء أخيه وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِعَاءِ بِقَلْبِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ هَمْزَةً وَالْوِعَاءُ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ سَوَاءً كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ( وَالْوِكَاءُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الصُّرَّةُ وَغَيْرُهَا وَزَادَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْعَفَّاصِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَمْلِكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَيَأْكُلَهَا إِنْ شَاءَ غَنِيًّا كَانَ الْمُلْتَقِطُ لَهَا أَوْ فَقِيرًا
وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ مَيَاسِيرِ الْأَنْصَارِ وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بَعْدَ تَعْرِيفِ السَّنَةِ لَأَشْبَهَ أَنْ لَا يُبِيحَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا إِلَّا بِالْقَدْرِ الَّذِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْفَقْرِ إِلَى حَدِّ الْغِنَى فَلَمَّا أَبَاحَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا كُلِّهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِبَاحَةُ التَّمْلِيكِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ
.

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ إِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا تَصَدَّقَ بِهَا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ علي وبن عباس رضي الله عنهما وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ ( قَالَ وَلَا أَدْرَى أَثْلَاثًا قَالَ عَرِّفْهَا أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وإلا فاستمتع بها فاستمتعت بها فلقيت بعده بِمَكَّةَ فَقَالَ لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى
وَالْقَائِلُ شُعْبَةُ وَالَّذِي قَالَ لَا أَدْرِي هُوَ شَيْخُهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَقَدْ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ شُعْبَةُ فَسَمِعْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ يَقُولُ عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضًا فَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ شُعْبَةُ فَلَقِيتُ سَلَمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فقال لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا وَاحِدًا فَالْمَعْنَى أَيْ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ لَا أَدْرِي أَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفْلَةَ عَرِّفْهَا ثَلَاثًا أَيْ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ عَرِّفْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا
قَالَ الْحَافِظُ وَأَغْرَبَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالْقَائِلُ هُوَ سُوَيْدُ بْنُ غَفْلَةَ انْتَهَى
وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ وَإِنْ تَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْمُنْذِرِيُّ
بَلِ الشَّكُّ فِيهِ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ وَهُوَ سَلَمَةُ لَمَّا اسْتَثْبَتَهُ فِيهِ شُعْبَةُ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ بِغَيْرِ شَكِّ جَمَاعَةٌ وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ
وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ حَدِيثِ أُبَيٍّ هَذَا وَحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْآتِي فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ يُحْمَلُ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَلَى مَزِيدِ الْوَرَعِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي اللُّقَطَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّعَفُّفِ عنها وحديث زيد على ما لابد مِنْهُ أَوْ لِاحْتِيَاجِ الْأَعْرَابِيِّ وَاسْتِغْنَاءِ أُبَيٍّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إِنَّ اللُّقَطَةَ تُعَرَّفُ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ إِلَّا شَيْءٌ جَاءَ عَنْ عُمَرَ انْتَهَى
وَقَدْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عن شواذ من الفقهاء وحكى بن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ يُعَرِّفُهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ عَامًا وَاحِدًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى عِظَمِ اللُّقَطَةِ وَحَقَارَتِهَا وَزَادَ بن حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ قَوْلًا خَامِسًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أشهر
وجزم بن حزم وبن الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ غَلَطٌ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ سَلَمَةَ أَخْطَأَ فِيهَا ثُمَّ تَثَبَّتَ وَاسْتَذْكَرَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى عَامٍ وَاحِدٍ وَلَا يُؤَاخَذُ إِلَّا بِمَا لَمْ يَشُكَّ فِيهَا رَاوِيهِ
وَقَالَ بن الجوزي يحتمل أن يكون عَرَفَ أَنْ تَعْرِيفَهَا لَمْ يَقَعْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي فَأَمَرَ أُبَيًّا بِإِعَادَةِ التَّعْرِيفِ كَمَا قَالَ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ انْتَهَى
وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا عَلَى مِثْلِ أُبَيٍّ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ رِوَايَةً عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي التَّعْرِيفِ مُفَوَّضٌ لِأَمْرِ الْمُلْتَقِطِ فَعْلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إِلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ
كَذَا فِي الْفَتْحِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا بِنَحْوِهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَعَرِّفْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فَإِذَا جَاءَ طَالِبُهَا فَأَخْبَرَكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ النَّسَائِيِّ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 1702 [172] (بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بن كثير (قال) النبي لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (عَرِّفْهَا حَوْلًا) أَيْ سَنَةً وَاحِدَةً (قَالَ ثَلَاثَ مِرَارٍ) أَيْ قَالَ النَّبِيُّ ذَلِكَ الْكَلَامِ لِأُبَيٍّ ثَلَاثَ مِرَارٍ (قَالَ) سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ لَمَّا اشْتَبَهَ فِيهِ بَعْدَ إِلْقَائِهِ بمكة (فلا أدري قال) النبي (لَهُ) أَيْ لِأُبَيٍّ (ذَلِكَ الْكَلَامَ وَهُوَ عَرِّفْهَا حَوْلًا (فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مِرَارٍ (أَوْ) قال النبي لِأُبَيٍّ ذَلِكَ الْكَلَامَ مُفَرَّقًا (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَيْ أَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ