فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

رقم الحديث 1008 [1008] ( عَنْ مُحَمَّدِ) بْنِ سِيرِينَ ( إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ مَا بَيْنَ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَقَدْ عَيَّنَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّهَا الظُّهْرُ وَفِي أُخْرَى أَنَّهَا الْعَصْرُ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا تَعَدَّدَتِ الْقِصَّةُ ( الظُّهْرِ) عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْ إِحْدَى ( ثُمَّ سَلَّمَ) فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَرْوِيِّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافٍ بَلْ وَهُمَا قَضِيَّتَانِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ ( ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ أي في جهة القبلة وفي رواية بن عَوْنٍ فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ أَيْ مَوْضُوعَةٍ بِالْعَرْضِ ( فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهَا) أَيِ الْخَشَبَةِ ( إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى) وَفِي رِوَايَةٍ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ( يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ) وَلَعَلَّ غَضَبَهُ لِتَأْثِيرِ التَّرَدُّدِ وَالشَّكِّ فِي فِعْلِهِ وَكَأَنَّهُ كَانَ غَضْبَانَ فَوَقَعَ لَهُ الشَّكُّ لِأَجْلِ غَضَبِهِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( ثُمَّ خَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ) مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُرْوَى بِإِسْكَانِ الرَّاءِ هُمُ الْمُسْرِعُونَ إِلَى الْخُرُوجِ قِيلَ وَبِضَمِّهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ سَرِيعٍ كَقَفِيزٍ وَقُفْزَانٍ ( وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَاهُ) أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِمَا احْتِرَامُهُ وَتَعْظِيمُهُ عَنِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ ( أَنْ يُكَلِّمَاهُ) أَيْ بِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَخَشِيَا أَنْ يُكَلِّمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُقْصَانِ الصَّلَاةِ
وقوله أن يكلماه بدل اشتمال من ضميرها باه لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هَيْبَةُ تَكْلِيمِهِ لَا نَحْوَ نَظَرهِ وَاتِّبَاعِهِ ( فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ) وَفِي رِوَايَةِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ آخِرُهُ قَافٌ وكان في يديه طول
لقب ذي الْيَدَيْنِ لِطُولٍ كَانَ فِي يَدَيْهِ
وَفِي الصَّحَابَةِ رَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ ذِي الْيَدَيْنِ وَوَهِمَ الزُّهْرِيُّ فَجَعَلَ ذَا اليدين وذا الشمالين واحد وقد بين العلماء وهمه
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ ذُو الْيَدَيْنِ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ وَإِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ الَّذِي جَاءَ ذِكْرُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ الْخِرْبَاقُ.
وَأَمَّا ذُو الشِّمَالَيْنِ فَإِنَّهُ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرٍو انْتَهَى
( فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الصَّادِ وَكُلُّهَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ أَيْ شَرَعَ اللَّهُ قَصْرَ الرُّبَاعِيَّةِ إِلَى اثْنَيْنِ ( قَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ) بِالْوَجْهَيْنِ أَيْ فِي ظني ( فأومأوا) أي أشاروا برؤوسهم
قَالَ فِي السَّيْلِ إِنَّ الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَطْعِهَا إِذَا كَانَتْ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ التَّمَامِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَهَا وَلَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَكَذَا كَلَامُ مَنْ ظَنَّ التَّمَامَ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ العلماء من السلف والخلف وهو قول بن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَأَخِيهِ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ.

     وَقَالَ  بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمِيعُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ
وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ التَّكَلُّمُ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا يبطلها مستدلين بحديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّكَلُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالُوا هُمَا نَاسِخَانِ لهذا الحديث
وأجيب بأن حديث بن مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ مُتَقَدِّمًا عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ بأعوام والمتقدم لا ينسح الْمُتَأَخِّرَ وَبِأَنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَحَدِيثَ بن مَسْعُودٍ أَيْضًا عُمُومِيَّانِ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِمَنْ تَكَلَّمَ ظَانًّا لِتَمَامِ صَلَاتِهِ فَيَخُصُّ بِهِ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ مِنْ غَيْرِ إِبْطَالٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ أَيْضًا أَنَّ الْكَلَامَ عَمْدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا كَمَا فِي كَلَامِ ذِي الْيَدَيْنِ
وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالُوا وَفِي رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُقَالُ يُرِيدُ الصَّحَابَةَ نَعَمْ فَإِنَّهُ كَلَامٌ عَمْدٌ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا تَكَلَّمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِاسْتِفْسَارِ وَالسُّؤَالِ عِنْدَ الشَّكِّ وَإِجَابَةِ الْمَأْمُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ
وَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا لِلتَّمَامِ وَتَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ مُعْتَقِدِينَ لِلنَّسْخِ وَظَنُّوا حِينَئِذٍ التَّمَامَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَمِيرُ الْيَمَانِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَزْمَ بِاعْتِقَادِهِمُ التَّمَامَ مَحَلُّ نَظَرٍ بَلْ فِيهِمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالنِّسْيَانِ وَهُوَ ذُو الْيَدَيْنِ نَعَمْ سَرَعَانُ النَّاسِ اعْتَقَدُوا الْقَصْرَ وَلَا يَلْزَمُ اعْتِقَادُ الْجَمِيعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا عُذْرَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ لِمَنْ يَتَّفِقُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ
وَمَا أَحْسَنَ كَلَامَ صَاحِبِ الْمَنَارِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَ الْمَهْدِيِّ وَدَعْوَاهُ نَسْخَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ رَدَّهُ بِمَا رَدَدْنَاهُ ثُمَّ قَالَ وَأَنَا أَقُولُ أَرْجُو اللَّهَ لِلْعَبْدِ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَامِلًا لِذَلِكَ وَيُثَابُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَأَخَافُ عَلَى الْمُتَكَلِّفِينَ وَعَلَى الْمُجْبِرِينَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ لِلِاسْتِئْنَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَحْوَطَ كَمَا تَرَى لِأَنَّ الْخُرُوجَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ ممنوع وإبطال العمل
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ إِذَا وَقَعَتْ سَهْوًا أَوْ مَعَ ظَنِّ التَّمَامِ لَا تَفْسُدُ بِهَا الصَّلَاةُ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَفِي أُخْرَى يَجُرُّ رِدَاءَهُ مُغْضَبًا وَكَذَلِكَ خُرُوجُ سَرَعَانُ النَّاسِ فَإِنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ قَطْعًا وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ رَبِيعَةَ وَنُسِبَ إِلَى مَالِكٍ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْهُ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يَخْتَصُّ جَوَازُ الْبِنَاءِ إِذَا كَانَ الْفَصْلُ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ وَقِيلَ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ وَقِيلَ بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ
وَيَدُلُّ أَيْضًا أَنَّهُ يَجْبُرُ ذَلِكَ سُجُودُ السَّهْوِ وُجُوبًا لِحَدِيثِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِ السَّهْوِ
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
وفي رواية قال فقام النَّاسُ نَعَمْ ثُمَّ رَفَعَ وَلَمْ يَقُلْ وَكَبَّرَ ولم يذكر فأومأوا إِلَّا حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ.

قُلْتُ فَالتَّشَهُّدُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِي التَّشَهُّدِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَشَهَّدَّ وَفِي رِوَايَةٍ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ ( ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ لِلْإِحْرَامِ لِإِتْيَانِهِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي فَلَوْ كَانَ التَّكْبِيرُ لِلسُّجُودِ لَكَانَ مَعَهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ لِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَكْبِيرَةُ إِحْرَامٍ أَوْ يُكْتَفَى بِتَكْبِيرِ السُّجُودِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ التَّكْبِيرِ لَكِنْ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ.
وَأَمَّا نِيَّةُ إِتْمَامِ مَا بَقِيَ فَلَا بُدَّ مِنْهَا
ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ ( وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ ( مِثْلَ سُجُودِهِ) لِلصَّلَاةِ ( أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ) مِنْ سُجُودِهِ ( وَكَبَّرَ وَسَجَدَ) ثَانِيَةً ( مِثْلَ سُجُودِهِ) لِلصَّلَاةِ ( أَوْ أَطْوَلَ) مِنْهُ ( ثُمَّ رَفَعَ) أَيْ ثَانِيًا مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ( وَكَبَّرَ) وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ تَشَهَّدَ بَعْدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ( قَالَ) أَيُّوبُ ( فَقِيلَ لِمُحَمَّدِ) بْنِ سِيرِينَ وَالْقَائِلُ سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ ( سَلَّمَ) بِحَذْفِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ ( فِي السَّهْوِ) أَيْ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ عِنْدَ الْفَرَاغِ ( فَقَالَ) مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ( ثُمَّ سَلَّمَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقُهُ فسؤال سلمة بن علقمة من بن سِيرِينَ عَنْ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلِ هَلْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ وَالثَّانِي هَلْ تَشَهَّدَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



رقم الحديث 1009 [19] ( عَنْ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ) إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَفْظُهُ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نسيت يارسول اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ هَذَا لَفْظُ الْمُوَطَّأِ
وَهَذَا يُوَضِّحُ الْإِغْلَاقَ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ فَإِنَّ أَبَا دَاوُدَ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طريق مالك ولم يسبق أَلْفَاظَهُ بِتَمَامِهِ بَلِ اخْتَصَرَ اخْتِصَارًا لَا يَصِلُ ( بِهِ) الطَّالِبُ إِلَى الْمَقْصُودِ
( لَمْ يَقُلْ) أَيْ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ ( بِنَا) .

     وَقَالَ  حَمَّادٌ فِي روايته صلى بنا ( ولم يقل) مالك ( فأومأوا) كَمَا قَالَ حَمَّادٌ بَلْ ( قَالَ) مَالِكٌ ( فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ) مَكَانَ فَأَوْمَأَ أَيْ نَعَمْ ( قَالَ) مَالِكٌ ( ثُمَّ رَفَعَ) رَأْسَهُ أَيْ ثَانِيًا مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ( وَلَمْ يَقُلْ) مَالِكٌ ( وَكَبَّرَ) كَمَا قَالَهُ حَمَّادٌ فِي رِوَايَتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ وَمَالِكٌ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ رَفَعَ دُونَ وَكَبَّرَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ هَذِهِ الْجُمْلَةَ كَمَا قَالَهَا حَمَّادٌ وَهِيَ ( ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَتَمَّ حَدِيثُهُ) أَيْ حَدِيثُ مَالِكٍ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ ( لَمْ يَذْكُرْ) مَالِكٌ ( مَا بَعْدَهُ) مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ سَلَّمَ إِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ سَلَّمَ
وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ حدثنا يونس أخبرنا بن وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
انْتَهَى ( ولم يذكر فأومأ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) بَلْ حَمَّادٌ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هَكَذَا كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ بِلَفْظِ فأومأوا
وَرَوَى أَسَدٌ عَنْ حَمَّادٍ بِلَفْظِ قَالُوا نَعَمْ وَرِوَايَةُ أَسَدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ) كَحَمَّادِ بْنِ سلمة ومالك الإمام عن أيوب عن بن سيرين وكذا يحيى بن عتيق وبن عون وحميد ويونس وعاصم وغيرهم عن بن سِيرِينَ ( لَمْ يَقُلْ) أَحَدٌ مِنْهُمْ ( فَكَبَّرَ) أَيْ زِيَادَةَ لَفْظَةِ فَكَبَّرَ قَبْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ فَإِنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ كَمَا سَيَجِيءُ ( وَلَا ذَكَرَ رَجَعَ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَقَامِهِ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْلِهِ رَجَعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

رقم الحديث 1010 [11] ( نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ لِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَإِنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ
انْتَهَى
وَأَخْرَجَ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قال قلت لمحمد يعني بن سِيرِينَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَقَدْ رَوَى الْمُؤَلِّفُ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الملك عن بن سِيرِينَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بهم فسهى فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِهِمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وضعفه البيهقي وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا وَوَهَّمُوا رِوَايَةَ أَشْعَثَ لِمُخَالَفَةِ غيره من الحفاظ عن بن سِيرِينَ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ وَكَذَا الْمَحْفُوظُ عَنْ خَالِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَا ذِكْرَ لِلتَّشَهُّدِ فِيهِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَصَارَتْ زِيَادَةُ أَشْعَثَ شَاذَّةً لَكِنْ قَدْ جَاءَ التَّشَهُّدُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ عن بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَالنَّسَائِيِّ وَعَنِ الْمُغِيرَةِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَفِي إِسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ إِلَّا أَنَّهُ بِاجْتِمَاعِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ تَرْتَقِي إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي شيبة عن بن مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ قَالَهُ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ



رقم الحديث 1011 [111] ( عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامِ) بْنِ حَسَّانَ ( وَيَحْيَى بن عتيق وبن عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ) أَيْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ كُلِّهِمْ يَرْوُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ( وَقَالَ هِشَامٌ يعني بن حَسَّانَ كَبَّرَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ( ثُمَّ كَبَّرَ) وَهَذَا التَّكْبِيرُ لِلسُّجُودِ ( وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ لَكِنْ .

     قَوْلُهُ  كَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ هُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ الْإِمَامُ

رقم الحديث 1012 [112] ( حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ) أَيْ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى الْيَقِينَ فِي قَلْبِهِ
قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ أَيْ صَيَّرَ تَسْلِيمَهُ عَلَى اثْنَتَيْنِ يَقِينًا عِنْدَهُ إِمَّا بِوَحْيٍ أَوْ تَذَكُّرٍ حَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا مُسْتَنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا انْتَهَى كَلَامُهُ



رقم الحديث 1015 [115] ( فَقَالَ النَّاسُ قَدْ فَعَلْتَ) احْتَجَّ الْأَوْزَاعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْعَمْدَ إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ تَكَلَّمَ عَامِدًا وَالْقَوْمُ أَجَابُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِدِينَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ كَلَامَ النَّاسِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ زَعَمَ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ وَحُدُوثُ هَذَا الْأَمْرِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَأَجَابَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُونَ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالنَّوَوِيِّ بِأَجْوِبَةٍ شَافِيَةٍ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مَا كَانَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَرَأَى هَذَا حَدِيثًا صَحِيحًا فَقَالَ بِهِ.

     وَقَالَ  هَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي وَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَفَرَّقُوا هَؤُلَاءِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ فِي أَكْلِ الصَّائِمِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهَا يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَمَنْ تَكَلَّمَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنَ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْفَرَائِضَ كَانَتْ تُزَادُ وَتُنْقَصُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَنَّهَا تَمَّتْ وَلَيْسَ هَكَذَا الْيَوْمَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى مَعْنَى مَا تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ الْيَوْمَ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ
قَالَ أَحْمَدُ نَحْوًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ نَحْوَ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى كلامه ( رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ هَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَأَبُو سُفْيَانَ هَذَا احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِحَدِيثِهِ وَاسْمُهُ قَزْمَانُ وَقِيلَ وَهْبٌ وَقِيلَ عَطَاءٌ وَيُقَالُ فيه مولى أبي أحمد ومولى بن أَبِي أَحْمَدَ انْتَهَى



رقم الحديث 1016 [116] ( عَنْ ضَمْضَمٍ بْنِ جَوْسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ثُمَّ مُهْمَلَةٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( الْهِفَّانِيِّ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ ثُمَّ النُّونُ هُوَ الْيَمَامِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1020 [12] ( فَلَا أَدْرِي زَادَ أَمْ نَقَصَ) بِالشَّكِّ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصلاة أصح مِنْ رِوَايَةِ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِالشَّكِّ ( فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي) فَكَانَ حَقُّهُمْ أَنْ يُذَكِّرُوهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ إِرَادَةِ قِيَامِهِ إِلَى الْخَامِسَةِ ( فَلْيَتَحَرَّ) التَّحَرِّي طَلَبُ الْحَرِيَّ وَهُوَ اللَّائِقُ وَالْحَقِيقُ وَالْجَدِيرُ أَيْ فَلْيَطْلُبْ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ وَاجْتِهَادِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ التَّحَرِّي الْقَصْدُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّلَبِ وَالْعَزْمُ عَلَى تَحْصِيلِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ فِي ( فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ فليتحر والمعنى فليتم وَالْمَعْنَى فَلْيُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ مَا بَقِيَ مِنْ صلاته بأن الضم إليه ركعة أو ركعتين أو ثلاثا وَلْيَقْعُدْ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَمِلُ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وُجُوبًا وَفِي مَكَانٍ يَحْتَمِلُ الْقَعْدَةَ الْأُخْرَى فَرْضًا
وَبَقِيَ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ اجْتِهَادٌ وَغَلَبَةُ ظَنًّ فَلْيَبْنِ عَلَى الْأَقَلِّ الْمُسْتَيْقَنِ كَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ) وَثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّعْقِيبِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَلَوْ وَقَعَ تَرَاخٍ يَجُوزُ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مُنَافٍ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1026 [126] ( وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ السُّجُودَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ ( شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُمَا رُكْنَاهَا فَكَأَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا قَدْ فَعَلَ رَكْعَةً سَادِسَةً فَصَارَتْ شَفْعًا فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ التَّلْبِيسَ عَلَى المصلي وإبطال صلاته كان السَّجْدَتَانِ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الثَّوَابِ تَرْغِيمًا لَهُ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مُجَرَّدَ حُصُولِ الشَّكِّ مُوجِبٌ لِلسَّهْوِ وَلَوْ زَالَ وَحَصَلَتْ مَعْرِفَةُ الصَّوَابِ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ أَيْ رَدَّهَا إِلَى الشَّفْعِ
قَالَ الْبَاجِيُّ يَحْتَمِلُ أن الصلاة مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشَّفْعِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُوتِرُهَا مِنْ زِيَادَةٍ وَجَبَ إِصْلَاحُ ذَلِكَ بِمَا يَشْفَعُهَا ( وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ) أَيْ إِغَاظَةٌ وَإِذْلَالٌ ( لِلشَّيْطَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ وَمِنْهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ لَبَّسَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَتَعَرَّضَ لِإِفْسَادِهَا وَنَقْضِهَا فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُصَلِّي طَرِيقًا إِلَى جَبْرِ صَلَاتِهِ وَتَدَارُكِ مَا لَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ وَرَدِّهِ خَاسِئًا مُبْعَدًا عَنْ مراده وكملت صلاة بن آدَمَ وَامْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي عَصَى بِهِ إِبْلِيسُ مِنِ امْتِنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ
انْتَهَى
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي أَبْوَابِ السَّهْوِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي أَكْثَرِ أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ وَالصَّحِيحُ مِنْهَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَهِيَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبٍي سَلَمَةَ وَحَدِيثُ عبد الله بن بُحَيْنَةَ
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُجْمَلٌ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَصْنَعُهُ مِنْ شَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ وَلَا فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الصلاة وحاصل الأمر على حديث بن مسعود
فأما حديث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَحَرَّى فِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَمَعْنَى التَّحَرِّيِ عِنْدَهُمْ غَالِبُ الظَّنِّ وَأَكْبَرُ الرَّأْيِ كَأَنَّهُ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ مِنَ الظُّهْرِ هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَتَمَّهَا وَلَمْ يُضِفْ إِلَيْهَا رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا إِذَا كَانَ الشَّكُّ يَعْتَرِيهِ فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا سَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمْ
وأما حديث بن بُحَيْنَةَ وَذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّ مَالِكًا اعْتَبَرَهُمَا جَمِيعًا وَبَنَى مَذْهَبَهُ عَلَيْهِمَا فِي الْوَهْمِ إِذَا وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ زَادَهَا فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثِنْتَيْنِ وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ نُقْصَانٍ سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّ في حديث بن بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ وَهَذَا نُقْصَانٌ فِي الصَّلَاةِ
وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهَا تُتَأَمَّلُ صِفَتُهُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْخِلَافِ وَكَانَ يَقُولُ تَرْكُ الشَّكِّ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِلَى الْيَقِينِ وَالْآخَرُ إِلَى التَّحَرِّي
فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ فَهُوَ أَنْ يُلْقِيَ الشَّكَّ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي وَهُوَ أَكْثَرُ لِتَوَهُّمٍ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حديث بن مَسْعُودٍ
فَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَرَدِّ الْمُجْمَلِ مِنْهَا عَلَى الْمُفَسَّرِ وَالتَّفْسِيرُ إِنَّمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَقَولُهُ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَولُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ قَالَ وَهَذَا فُصُولٌ فِي الزِّيَادَاتِ حَفِظَهَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَبُولُ الزِّيَادَاتِ وَاجِبٌ فَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِهِ أولى
ومعنى التحري المذكور في حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ عَلَى مَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
وَحَقِيقَةُ التَّحَرِّي هُوَ طَلَبُ إِحْدَى الْأَمْرَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا بِالصَّوَابِ وَأَحْرَاهُمَا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ الصَّلَاةِ وَالِاحْتِيَاطِ لَهَا
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَمَنْ أَسْلَمَ فأولئك تحروا رشدا.
وَأَمَّا حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَسُجُودُهُ فِيهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّهْوِ فِي مَذْهَبِهِمْ لِأَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ قَدْ نُسِبَتْ إِلَى السَّهْوِ فِي مَذْهَبِهِمْ فَجَرَى حُكْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى مُشَاكَلَةِ حُكْمِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كُلٌّ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ تَقْدِيمَ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ أَحْرَى الْأَمْرَيْنِ
وَقَدْ ضَعَّفَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ قَوْمٌ زَعَمُوا أَنَّ مَالِكًا أَرْسَلَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا مِمَّا لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ وَمَعْلُومٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْأَحَادِيثَ وَهِيَ عِنْدَهُ مُسْنَدةٌ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ عَادَتِهِ وقد رواه أبو داود من طريق بن عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ سَعِيدٍ أَسْنَدَهُ فَبَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ الشَّيْخُ وَقَدْ أَسْنَدَهُ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَاهُ حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ زَيْرَكٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبَّاسُ الدُّورِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ في صلاته فلم يدركم صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا كَانَتَا شَفْعًا وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامَ الْأَرْبَعِ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ
قَالَ الشَّيْخُ وَرَوَاهُ بن عَبَّاسٍ كَذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثُونَا بِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بن إسماعيل الصائغ قال أخبرنا بن قَعْنَبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ
قَالَ الشَّيْخُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ فِيمَنْ صَلَّى خَمْسًا إِلَى أَنَّهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا سَادِسَةً إِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَكُونُ رَكْعَةً وَقَدْ نَصَّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ بن عَجْلَانَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الرَّابِعَةَ تَكُونُ نَافِلَةً ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِضَافَةِ أُخْرَى إِلَيْهَا
انتهى كلامه بحروفه



رقم الحديث 1030 [13] ( إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ( فَلَبَسَ عَلَيْهِ) بِتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْضًا أَيْ خَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرَ صَلَاتِهِ وَشَوَّشَ خَاطِرَهُ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَبَسْتُ الْأَمْرَ بِالْفَتْحِ أُلْبِسَهُ إِذَا خَلَطْتَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَمِنْهُ قوله تعالى وللبسنا عليهم ما يلبسون وَرُبَّمَا شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا هُوَ بِالتَّخْفِيفِ أَيْ خَلَطَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَهُوَ شَبَّهَهَا عَلَيْهِ وَشَكَّكَهُ فِيهَا ( حَتَّى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى) أَيْ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ ( فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ) أَيِ التَّرَدُّدَ وَعَدَمَ الْعِلْمِ ( سَجْدَتَيْنِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ سَهَا بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
( وَكَذَا) أَيْ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَانْتَهَى حَدِيثُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ جَالِسٌ مِنْ غَيْرِ ذكر جملة قبل أن يسلم ( رواه بن عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَاللَّيْثُ) أَيْضًا فَهَؤُلَاءِ الْحُفَّاظُ مِنْ أصحاب الزهري مالك وبن عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَاللَّيْثُ لَمْ يَقُولُوا قَبْلَ أَنْ يسلم وإنما ذكرها بن إسحاق وبن أخي الزهري كلاهما عن بن شِهَابٍ كَمَا سَيَأْتِي
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا محمول عند مالك والليث وبن وَهْبٍ وَجَمَاعَةٍ عَلَى الْمُسْتَنْكَحِ الَّذِي لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ عَنْهُ وَيَكْثُرُ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ لَكِنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لَهُ فَيَجْزِيهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ دُونَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَنُوبَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي بِهِ.
وَأَمَّا مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ صَلَاتَهُ فَيَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ فَإِنِ اعْتَرَاهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا يَبْنِي لَهَى عَنْهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا غَيْرُ حَدِيثِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَاوِي حَدِيثِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ الْمُتَقَدِّمِ رَوَى أَيْضًا حَدِيثَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
وَمُحَالٌ أن يكون معناهما واحد الاختلاف أَلْفَاظِهِمَا بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ كَمَا ذَكَرْنَا انْتَهَى كَذَا فِي شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ عَلَى الْمُوَطَّأِ