فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي فَضْلِ صَوْمِهِ

رقم الحديث 2132 [2132] ( فَذَكَرَ مَعْنَاهُ) أَيْ فذكرQحنبل ويحيى بن معين وبن الْمُبَارَك وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زُرْعَة الرَّازِيَّانِ وَغَيْرهمْ وَسُئِلَ عَنْهُ مَالِك بْن أَنَس أَكَانَ ثِقَة فَقَالَ لَا وَلَا فِي دِينه
وَلَهُ عِلَّة أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمَعْرُوف أَنَّهُ إِنَّمَا يُرْوَى مُرْسَلًا عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا رَوَاهُ قَتَادَة ويزيد بن نعيم وعطاء الخرساني
كُلّهمْ عَنْ سَعِيد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَكَرَ عَبْد الْحَقّ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَالْإِرْسَال هُوَ الصَّحِيح
وَقَدْ اِشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعَة أَحْكَام أَحَدهَا وُجُوب الصَّدَاق عَلَيْهِ بِمَا اِسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجهَا وَهُوَ ظَاهِر لِأَنَّ الْوَطْء فِيهِ غَايَته أَنْ يَكُون وَطْء شُبْهَة إِنْ لَمْ يَصِحّ النِّكَاح
الثَّانِي بُطْلَان نِكَاح الحامل من الزنى
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نِكَاح الزَّانِيَة
فَمَذْهَب الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل أَنَّهُ لَا يَجُوز تَزَوُّجهَا حَتَّى تَتُوب وَتَنْقَضِي عِدَّتهَا فَمَتَى تَزَوَّجَهَا قَبْل التَّوْبَة أَوْ قَبْل اِنْقِضَاء عِدَّتهَا كَانَ النِّكَاح فَاسِدًا وَيُفَرَّق بَيْنهمَا وَهَلْ عِدَّتهَا ثَلَاث حِيَض أَوْ حَيْضَة عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُ
وَمَذْهَب الثَّلَاثَة أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَتَزَوَّجهَا قَبْل تَوْبَتهَا وَالزِّنَا لَا يَمْنَع عِنْدهمْ صِحَّة الْعَقْد كَمَا لَمْ يُوجِب طَرَيَانُهُ فَسْخه
ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي نِكَاحهَا فِي عِدَّتهَا فَمَنَعَهُ مَالِك اِحْتِرَامًا لِمَاءِ الزوج وصيانة لاختلاط النسب الصريح بولد الزنى وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوز الْعَقْد عَلَيْهَا مِنْ غَيْر اِنْقِضَاء عِدَّة ثُمَّ اِخْتَلَفَا فَقَالَ الشَّافِعِيّ
يَجُوز الْعَقْد عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِأَنَّهُ لَا حُرْمَة لِهَذَا الْحَمْل.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَأَبُو حَنِيفَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ لَا يَجُوز الْعَقْد عَلَيْهَا حَتَّى تَضَع الْحَمْل لِئَلَّا يَكُون الزَّوْج قَدْ سَقَى مَاءَهُ زَرْع غَيْره وَنَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوطَأ الْمَسْبِيَّة الْحَامِل حَتَّى تَضَع مَعَ أَنَّ حَمْلهَا مَمْلُوك لَهُ فَالْحَامِل من الزنى أَوْلَى أَنْ لَا تُوطَأ حَتَّى تَضَع وَلِأَنَّ مَاء الزَّانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَة فَمَاء الزَّوْج مُحْتَرَم فَكَيْفَ يَسُوغ لَهُ أَنْ يَخْلِطهُ بِمَاءِ الْفُجُور وَلِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِلَعْنِ الَّذِي يُرِيد أَنْ يَطَأ أَمَته الْحَامِل مِنْ غَيْره مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ( زَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتِهِ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ إِنْ ثَبَتَ لِمَنْ رَأَى الْحَمْلَ مِنَ الْفُجُورِ يَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْوَطْءُ عَلَى مَذْهَبِهِ مَكْرُوهٌ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا جَعَلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ فِي هذا الحديث من رواية بن نعيم عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا
وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ وَقَعَ صَحِيحًا لَمْ يَجُزِ التَّفْرِيقُ لِأَنَّ حُدُوثَ الزنى بَالْمَنْكُوحَةِ لَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ وَلَا يُوجِبُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ إِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ مَنْسُوخًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّQوَكَانَتْ مَسْبِيَّة مَعَ اِنْقِطَاع الْوَلَد عَنْ أَبِيهِ وَكَوْنه مَمْلُوكًا لَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَصِحّ الْعَقْد عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تُوطَأ حَتَّى تَضَع
الثَّالِث وُجُوب الْحَدّ بِالْحَبْلِ وَهَذَا مَذْهَب مَالِك وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَحُجَّتهمْ قَوْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَالرَّجْم حَقّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء إِذَا كَانَ مُحْصَنًا إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَة أَوْ كَانَ حَمْل أَوْ اِعْتِرَاف مُتَّفَق عَلَيْهِ وَلِأَنَّ وجود الحمل أمارة ظاهرة على الزنى أَظْهَر مِنْ دَلَالَة الْبَيِّنَة وَمَا يَتَطَرَّق إِلَى دَلَالَة الْحَمْل يَتَطَرَّق مِثْله إِلَى دَلَالَة الْبَيِّنَة وَأَكْثَر
وَحَدِيث بَصْرَة هَذَا فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِجَلْدِهَا بِمُجَرَّدِ الْحَمْل مِنْ غَيْر اِعْتِبَار بَيِّنَة وَلَا إِقْرَار
وَنَظِير هَذَا
حَدُّ الصَّحَابَة فِي الْخَمْر بِالرَّائِحَةِ وَالْقَيْء
الْحُكْم الرَّابِع إِرْفَاق وَلَد الزنى وَهُوَ مَوْضِع الْإِشْكَال فِي الْحَدِيث وَبَعْض الرُّوَاة لَمْ يَذْكُرهُ فِي حَدِيثه كَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيد وَغَيْره وَإِنَّمَا قَالُوا فَفَرَّقَ بَيْنهمَا وَجَعَلَ لَهَا الصَّدَاق وَجَلَدَهَا مِائَة وَعَلَى هَذَا فَلَا إِشْكَال فِي الْحَدِيث وَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة فَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا لَعَلَّهُ كَانَ فِي أَوَّل الْإِسْلَام حِين كَانَ الرِّقّ يَثْبُت عَلَى الْحُرّ الْمَدِين ثُمَّ نُسِخَ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا مَجَاز وَالْمُرَاد بِهِ اِسْتِخْدَامه