فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - كِتَاب الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ

رقم الحديث 3511 [3511] عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ بِالتَّصْغِيرِ وَاسْمُهُ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
( رَقِيقًا) أَيْ عَبِيدًا ( مِنْ عَبْدِ اللَّهِ) أي بن مسعود ومن مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَى فَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِ أَيْ إِلَى أَشَعْثَ يَعْنِي رَجُلًا ( فِي ثَمَنِهِمْ) أَيْ فِي طَلَبِ ثَمَنِ الْعَبِيدِ ( فَقَالَ) أَيْ فَجَاءَ أَشَعْثُ فَقَالَ ( يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) أَيْ حَكَمًا ( إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ) أَيِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَمْرَ الَّذِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَحَذْفُ الْمُتَعَلِّقِ مُشْعِرٌ بِالتَّعْمِيمِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي فَيَعُمُّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا وَفِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يُنَافِي هَذَا الْعُمُومَ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الْحَذْفِ قَالَهُ فِي النَّيْلِ ( وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ( رَبُّ السِّلْعَةِ) أَيِ الْبَائِعُ ( أَوْ يَتَتَارَكَانِ) أَيْ يَتَفَاسَخَانِ الْعَقْدَ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
وَقَالَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُقَالُ لِلْبَائِعِ احْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ سِلْعَتَكَ إِلَّا بِمَا قُلْتَ فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ مَا اشْتَرَيْتُهَا إِلَّا بِمَا.

قُلْتُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا وَرُدَّتِ السِّلْعَةُ إِلَى الْبَائِعِ وَسَوَاءٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ تَالِفَةً فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُتَرَادَّانِ وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
وَمَعْنَى يَتَرَادَّانِ أَيْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روي حديث بن مسعود من طرق عن بن مَسْعُود يَشُدّ بَعْضهَا بَعْضًا وَلَيْسَ فِيهِمْ مَجْرُوح وَلَا مُتَّهَم وَإِنَّمَا يُخَاف مِنْ سُوء حِفْظ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن وَلَمْ يَنْفَرِد بِهِ فقد رواه الشافعي عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ عَوْن بن عبد الله عن بن مَسْعُود ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث مُنْقَطِع لَا أعلم أحدا يصله عن بن مَسْعُود
وَقَدْ جَاءَ مِنْ غَيْر وَجْه
وَقَدْ رواه الحاكم في المستدرك من حديث بن جُرَيْجٍ أَنَّ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر قَالَ حَضَرْت أَبَا عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَتَاهُ رَجُلَانِ تَبَايَعَا سِلْعَة فَقَالَ أَحَدهمَا أَخَذْت بِكَذَا وَكَذَا.

     وَقَالَ  الْآخَر بِعْت بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة أُتِيَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي مِثْل هَذَا فَقَالَ حَضَرْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْل هَذَا فأمر البائع وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ
وَقَالَ مَالِكٌ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ قَالُوا فَدَلَّ اشْتِرَاطُهُ قِيَامَ السِّلْعَةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ لَا تَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ النقد وإنما جاء بها بن أَبِي لَيْلَى وَقِيلَ إِنَّهَا مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ قِيَامِ السِّلْعَةِ بِمَعْنَى التَّغْلِيبِ لَا مِنْ أَجْلِ التَّفْرِيقِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 3520 [352] ( الَّذِي ابْتَاعَهُ) أَيِ اشْتَرَاهُ ( فَوَجَدَ) أَيِ الْبَائِعُ ( فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ مِثْلُهُمْ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي إِذَا مَاتَ وَالسِّلْعَةُ الَّتِي لَمْ يُسَلِّمِ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهَا بَاقِيَةٌ لَا يَكُونُ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي الْبَابِ مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ إِلَخْ وَرَجَّحَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهَذَا مُرْسَلٌ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَابِعِيٌّ



رقم الحديث 3521 [3521] ( حديث مالك أصح) يعني حديث مالك عن الزُّهْرِيِّ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَا فِي الْأَطْرَافِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ يُرِيدُ الْمُرْسَلُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُسْنَدًا وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ



رقم الحديث 3548 [3548] بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَعَ الْقَصْرِ عَلَى وَزْنِ حُبْلَى وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعُمْرِ وَهُوَ الْحَيَاةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الدَّارَ وَيَقُولُ لَهُ أَعْمَرْتُكَ إِيَّاهَا أَيْ أَبَحْتُهَا لَكَ مُدَّةَ عُمْرِكَ وَحَيَاتِكَ فَقِيلَ لَهَا عُمْرَى لِذَلِكَ هَذَا أَصْلُهَا لُغَةً.
وَأَمَّا شَرْعًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَى إِذَا وَقَعَتْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْآخِذِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ إِلَّا إِنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ ( عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ) كِلَاهُمَا عَلَى وَزْنِ عَظِيمٍ ( الْعُمْرَى) اسْمٌ مِنْ أَعْمَرْتُكَ الشَّيْءَ أَيْ جَعَلْتُهُ لَكَ مُدَّةَ عُمْرِكَ ( جَائِزَةٌ) أَيْ صَحِيحَةٌ مَاضِيَةٌ لِمَنْ أُعْمِرَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَالْمَعْنَى يَمْلِكُهَا الْآخِذُ مِلْكًا تَامًّا بِالْقَبْضِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 3551 [3551] ( مِنْ أُعْمِرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( عُمْرَى) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ ( وَلِعَقِبِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِهَا وَالْعَقِبُ أَوْلَادُ الْإِنْسَانِ مَا تَنَاسَلُوا ( مَنْ يَرِثُهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِمَنْ أُعْمِرَ ( مِنْ عَقِبِهِ) بَيَانٌ لِمَنْ يَرِثُهُ
وَالْمَعْنَى أَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى الدَّافِعِ كَمَا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ ذَكَرَ الْعَقِبَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ
وَقَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمُعْطِي إِنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَى وَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا إِذَا لَمْ يَذْكُرْ عَقِبَهُ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
وَسَيَأْتِي كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

رقم الحديث 3509 [359] ( فَاقْتَوَيْتُهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيِ اسْتَخْدَمْتُهُ وَهَذَا فِعْلٌ جَائِزٌ لِأَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ يُوَفَّى بِالْعَمَلِ إِذَا جَاءَ التَّغَيُّبُ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَتْوُ وَالْقَتَا مُثَلَّثَةٌ حُسْنُ خِدْمَةِ الْمُلُوكِ وَاقْتَوَيْتُهُ اسْتَخْدَمْتُهُ شاذ لأن افعل لَازِمٌ انْتَهَى ( فَأَغَلَّ) أَيِ الْعَبْدُ ( غَلَّةً) فِي الْقَامُوسِ الْغَلَّةُ الدَّخْلَةُ مِنْ كِرَاءِ دَارٍ وَأُجْرَةِ غُلَامٍ وَفَائِدَةِ أَرْضٍ ( فَخَاصَمَنِي) أَيِ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ ( فَأَمَرَنِي) أَيِ الْقَاضِي الَّذِي خَاصَمَ إِلَيْهِ ( أَنْ أَرُدَّ الْغَلَّةَ) أَيْ إِلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ ( فَأَتَاهُ) أَيِ الشَّرِيكُ ( فَحَدَّثَهُ) أَيْ عُرْوَةُ ذَلِكَ الشَّرِيكَ لِيَمْتَنِعَ عَنْ أَخْذِ الْغَلَّةِ عَنْ مَخْلَدٍ لِكَوْنِ الْغُلَامِ فِي ضَمَانِ مَخْلَدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَا أَعْرِفُ لِمَخْلَدِ بْنِ خِفَافٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فَقُلْتُ لَهُ فَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ إِنَّمَا رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ وَهُوَ ذاهب الحديث
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ سُئِلَ أَبِي عَنْهُ يَعْنِي مَخْلَدَ بْنَ خِفَافٍ فَقَالَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ بن أَبِي ذِئْبٍ وَلَيْسَ هَذَا إِسْنَادٌ يَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خِفَافٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ.

     وَقَالَ  الْأَزْدِيُّ مَخْلَدُ بْنُ خِفَافٍ ضَعِيفٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

رقم الحديث 3510 [351] ( ابْتَاعَ غُلَامًا) أَيِ اشْتَرَاهُ ( فَخَاصَمَهُ) أَيِ الْبَائِعُ ( فَرَدَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ ( فَقَالَ الرَّجُلُ) يَعْنِي الْبَائِعَ ( قَدِ اسْتَغَلَّ غُلَامِي) أَيْ أَخَذَ مِنْهُ غَلَّتَهُ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا إِسْنَادٌ لَيْسَ بِذَاكَ)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ يُشِيرُ إِلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَضْعِيفِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ
وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مُخْتَصَرًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
وَقَالَ أَيْضًا اسْتَغْرَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ
قُلْتُ تَرَاهُ تَدْلِيسًا قَالَ لَا
وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ الْبَصْرِيُّ وَقَدِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو سلمة يحيى بن خلف الجو باري وَهُوَ مِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلِهَذَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّهُ عزوجل أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ




رقم الحديث 3512 [3512] (فَذَكَرَ مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى الْحَدِيثِ السَّابِقِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن ماجه وأخرجهQأَنْ يَحْلِف ثُمَّ خَيَّرَ الْمُبْتَاع إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ الشَّافِعِيّ حَدَّثَنَا سَعِيد بْن سَالِم الْقَدَّاح حدثنا بن جُرَيْجٍ فَذَكَرَهُ
قَالَ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد قَالَ أُبَيّ أُخْبِرْت عَنْ هِشَام بْن يُوسُف عن بن جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُبَيْد
قَالَ أَحْمَد.

     وَقَالَ  حَجَّاج الْأَعْوَر عَبْد الْمَلِك بْن عُبَيْدَة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْن سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر كَمَا قَالَ سَعِيد بْن سَالِم ورواية هشام بن يوسف وحجاج عن بن جُرَيْجٍ أَصَحّ
وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَبْد الْمَلِك بْن عُبَيْد عَنْ بَعْض وَلَد عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة مُرْسَل
وَذَكَرَ بَعْده عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر قَالَ هُوَ الْكُوفِيّ أَبُو عُمَر الْقُرَشِيّ مَاتَ سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَكَانَ أَفْصَح النَّاس سَمِعَ جُنْدُبًا وَرَأَى الْمُغِيرَة رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيّ وَشُعْبَة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ أَبُو الْعُمَيْس وَمَعْن بْن عَبْد الرَّحْمَن وَعَبْد الرَّحْمَن الْمَسْعُودِيّ وَأَبَان بْنُ تَغْلِب كُلّهمْ عَنْ الْقَاسِم عَنْ عَبْد اللَّه مُنْقَطِعًا
وَلَيْسَ فِيهِ وَالْمَبِيع قَائِم بعينه وبن أَبِي لَيْلَى كَانَ كَثِير الْوَهْم فِي الْإِسْنَاد وَالْمَتْن وَأَهْل الْعِلْم بِالْحَدِيثِ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ مَا يَنْفَرِد بِهِ لِكَثْرَةِ أَوْهَامه
وَأَصَحّ إِسْنَاد رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب رِوَايَة أَبِي الْعُمَيْس عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن قَيْس بْن مُحَمَّد بْن الْأَشْعَث عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه
فَذَكَرَ الْحَدِيث الَّذِي فِي أَوَّل الْبَاب التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ بن مَسْعُودٍ.

     وَقَالَ  هَذَا مُرْسَلٌ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ الله لم يدرك بن مَسْعُودٍ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كُلُّهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِهَا إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَفِي لَفْظٍ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ ولا يصح وإنما جاءت من رواية بن أَبِي لَيْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَقِيلَ إِنَّهَا مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَصَحُّ إِسْنَادٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ رِوَايَةُ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يُرِيدُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

(

رقم الحديث 3513 [3513]
قَالَ فِي الْفَتْحِ الشُّفْعَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَغَلِطَ مَنْ حَرَّكَهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ لُغَةً مِنَ الشَّفْعِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَقِيلَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ مِنَ الْإِعَانَةِ
وَفِي الشَّرْعِ انْتِقَالُ حِصَّةِ شَرِيكٍ إِلَى شَرِيكٍ كَانَتِ انْتَقَلَتْ إِلَى أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ الْعِوَضِ الْمُسَمَّى انْتَهَى
( أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم) هذا هو بن عُلَيَّةَ قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ غَلَطٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ) بِكَسْرِ الشينQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه قِيلَ لَهُ وَمِنْ أَيْنَ قُلْت قَالَ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ جَابِر مُفَسَّرًا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّفْعَة فِيمَا لَمْ يُقْسَم فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُود فَلَا شُفْعَة وَأَبُو سَلَمَة مِنْ الْحُفَّاظ
وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْر وَهُوَ مِنْ الْحُفَّاظ عَنْ جَابِر مَا يُوَافِق قَوْل أَبِي سَلَمَة وَيُخَالِف مَا رَوَى عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان
وَفِيهِ مِنْ الْفَرْق بَيْن الشَّرِيك وَبَيْن الْمُقَاسِم فَكَانَ أَوْلَى الْأَحَادِيث أَنْ يُؤْخَذ بِهِ عِنْدنَا وَاَللَّه أَعْلَم لِأَنَّهُ أَثْبَتهَا إِسْنَادًا وَأَبْيَنهَا لَفْظًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَقهَا فِي الْفَرْق بَيْن الْمُقَاسِم وَغَيْر الْمُقَاسِم
هَذَا آخِر كَلَامه
قَالَ التِّرْمِذِيّ وَإِنَّمَا تَرَكَ شُعْبَة حَدِيث عَبْد الْمَلِك لِحَالِ هَذَا الْحَدِيث
تَمَّ كَلَامه وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مِنْ أَشْرَكْتُهُ فِي الْبَيْعِ إِذَا جَعَلْتُهُ لَكَ شَرِيكًا ثُمَّ خُفِّفَ الْمَصْدَرُ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ وَسُكُونِ الثَّانِي فَيُقَالُ شِرْكٌ وَشَرِكَةٌ كَمَا يُقَالُ كَلِمٌ وَكَلِمَةٌ
قَالَهُ فِي النَّيْلِ ( رَبْعَةٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ تَأْنِيثُ رَبْعٍ وَهُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَرْتَبِعُونَ فِيهِ فِي الرَّبِيعِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الدَّارُ وَالْمَسْكَنُ
وَقَولُهُ رَبْعَةٌ بَدَلٌ مِنْ شِرْكٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الرَّبْعُ وَالرَّبْعَةُ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَرْبَعُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَيَتَوَطَّنُهُ يُقَالُ هَذَا رَبْعٌ وَهَذَا رَبْعَةٌ بِالْهَاءِ كَمَا قَالُوا دَارٌ وَدَارَةٌ
قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الشُّفْعَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَهُوَ اتِّفَاقٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُهَا عَنِ الْمَقْسُومِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَكِنْ دَلَالَتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَقْسُومِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا فِي الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنَ الْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى
( أَوْ حَائِطٍ) أَيْ بُسْتَانٍ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ فَيَأْخُذُ أَوْ يَدَعُ فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّQوَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق أُمَيَّة بْن خَالِد قَالَ قُلْت لِشُعْبَة مَالَك لَا تُحَدِّث عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان قَالَ تَرَكْت حَدِيثه قَالَ قُلْت تُحَدِّث عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْعَرْزَمِيّ وَتَدَع عَبْد الْمَلِك وَقَدْ كَانَ حَسَن الْحَدِيث قَالَ مِنْ حُسْنهَا فَرَرْت
وَقَالَ أَحْمَد بْن سَعِيد الدَّارِمِيّ سَمِعْت مُسَدَّدًا وَغَيْره مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد قَالَ قَالَ شُعْبَة لَوْ أَنَّ عَبْد الْمَلِك جَاءَ بِمِثْلِهِ آخَر أَوْ اِثْنَيْنِ لَتَرَكْت حَدِيثه يَعْنِي حَدِيث الشُّفْعَة
وَقَالَ أَبُو قُدَامَة عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان قَوْله لَوْ رَوَى عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان حَدِيثًا مِثْل حَدِيث الشُّفْعَة لَتَرَكْت حَدِيثه
وَقَالَ بَعْض النَّاس هَذَا رَأْي لِعَطَاءٍ أَدْرَجَهُ عَبْد الْمَلِك فِي الْحَدِيث إِدْرَاجًا
فَهَذَا مَا رَمَى بِهِ النَّاس عَبْد الْمَلِك وَحَدِيثه
وَقَالَ آخَرُونَ عَبْد الْمَلِك أَجَلّ وَأَوْثَق مِنْ أَنْ يُتَكَلَّم فِيهِ
وَكَانَ يُسَمَّى الْمِيزَان لِإِتْقَانِهِ وَضَبْطه وَحِفْظه وَلَمْ يَتَكَلَّم فِيهِ أَحَد قَطُّ إِلَّا شُعْبَة وَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَجْل هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ كَلَام بَاطِل
فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُضَعِّفهُ إِلَّا مِنْ أَجْل هَذَا الْحَدِيث كَانَ ذَلِكَ دَوْرًا بَاطِلًا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُت ضَعْف الْحَدِيث حَتَّى يَثْبُت ضَعْف عَبْد الْمَلِك فَلَا يَجُوز أَنْ يُسْتَفَاد ضَعْفه مِنْ ضَعْف الْحَدِيث الَّذِي لَمْ يُعْلَم ضَعْفه إِلَّا مِنْ جِهَة عَبْد الْمَلِك وَلَمْ يُعْلَم ضَعْف عَبْد الْمَلِك إِلَّا بِالْحَدِيثِ وَهَذَا مُحَال مِنْ الْكَلَام فَإِنَّ الرَّجُل مِنْ الثِّقَات الْأَثْبَات الْحُفَّاظ الَّذِينَ لَا مَطْمَح لِلطَّعْنِ فِيهِمْ
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَخَرَّجَ لَهُ عِدَّة

رقم الحديث 3514 [3514] ( فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ) وَفِي بَعْضِ النسخ في كل مالم يُقْسَمْ بِلَفْظِ مَا الْمَوْصُولَةِ مَكَانَ لَفْظِ مَالٍ ( فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ) أَيْ حَصَلَتْ قِسْمَةُ الْحُدُودِ فِي الْمَبِيعِ وَاتَّضَحَتْ بِالْقِسْمَةِQأَحَادِيث وَلَمْ يَذْكُر لِصَحِيحِ حَدِيثه وَالِاحْتِجَاج بِهِ أَحَد مِنْ أَهْل الْعِلْم وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيّ وَلَمْ يَرْوِ مَا يُخَالِف الثِّقَات بَلْ رِوَايَته مُوَافِقَة لِحَدِيثِ أَبِي رَافِع الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَلِحَدِيثِ سَمُرَة الَّذِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ فَجَابِر ثَالِث ثَلَاثَة فِي هَذَا الْحَدِيث أَبِي رَافِع وَسَمُرَة وَجَابِر فَأَيّ مَطْعَن عَلَى عَبْد الْمَلِك فِي رِوَايَة حَدِيث قَدْ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة
وَاَلَّذِينَ رَدُّوا حَدِيثه ظَنُّوا أَنَّهُ مُعَارِض لِحَدِيثِ جَابِر الَّذِي رَوَاهُ أَبُو سَلِمَة عَنْهُ الشُّفْعَة فِيمَا لَمْ يَقْسِم فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُود وَصُرِفَتْ الطُّرُق فَلَا شُفْعَة
وَفِي الْحَقِيقَة لَا تَعَارُضَ بَيْنهمَا فَإِنَّ مَنْطُوق حَدِيث أَبِي سَلِمَة اِنْتِفَاء الشُّفْعَة عِنْد تَمَيُّز الْحُدُود وَتَصْرِيف الطُّرُق وَاخْتِصَاص كُلّ ذِي مِلْك بِطَرِيقٍ وَمَنْطُوق حَدِيث عَبْد الْمَلِك إِثْبَات الشُّفْعَة بِالْجِوَارِ عِنْد الِاشْتِرَاك فِي الطَّرِيق وَمَفْهُومه اِنْتِفَاء الشُّفْعَة عِنْد تَصْرِيف الطُّرُق فَمَفْهُومه مُوَافِق لِمَنْطُوقِ حَدِيث أَبِي سَلَمَة وَأَبِي الزُّبَيْر ومنطوقه غير معارض له وهذا بَيِّن وَهُوَ أَعْدَل الْأَقْوَال فِي الْمَسْأَلَة
فَإِنَّ النَّاس فِي شُفْعَة الْجِوَار طَرَفَانِ وَوَسَط
فَأَهْل الْمَدِينَة وَأَهْل الْحِجَاز وَكَثِير مِنْ الْفُقَهَاء يَنْفُونَهَا مُطْلَقًا
وَأَهْل الْكُوفَة يُثْبِتُونَهَا عِنْد الِاشْتِرَاك فِي حَقّ مِنْ حُقُوق الْمِلْك كَالطَّرِيقِ وَالْمَاء وَنَحْوه وَيَنْفُونَهَا عِنْد تَمَيُّز كُلّ مِلْك بِطَرِيقِهِ حَيْثُ لَا يَكُون بَيْن الْمُلَّاك اِشْتَرَاك
وَعَلَى هَذَا الْقَوْل تَدُلّ أَحَادِيث جَابِر مَنْطُوقهَا وَمَفْهُومهَا وَيَزُول عَنْهَا التَّضَادّ وَالِاخْتِلَاف وَيُعْلَم أَنَّ عَبْد الْمَلِك لَمْ يَرْوِ مَا يُخَالِف رِوَايَة غَيْره
وَالْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي مَذْهَب أَحْمَد وَأَعْدَلهَا وَأَحْسَنهَا هَذَا الْقَوْل الثَّالِث وَاَللَّه الْمُوَفِّق لِلصَّوَابِ مَوَاضِعُهَا
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَالْحُدُودُ جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ هُنَا مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الْأَمْلَاكُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَصْلُ الْحَدِّ الْمَنْعُ فَفِي تَحْدِيدِ الشَّيْءِ مَنْعُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَمَنْعُ دُخُولِ غَيْرِهِ فِيهِ انْتَهَى
( وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُشَدَّدَةِ أَيْ بُيِّنَتْ مَصَارِفُهَا وَشَوَارِعُهَا
قاله القسطلاني
وقال القارىء أَيْ بُيِّنَتِ الطُّرُقُ بِأَنْ تَعَدَّدَتْ وَحَصَلَ لِكُلٍّ نصيب طريق مخصوص ( فلا شفعة) قال القارىء أَيْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ دُونَ الْجَارِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا مَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ لِلْجِوَارِ لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ يَقُولُ إِنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ لَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ بَلْ شَيْءٌ زَادَهُ جَابِرٌ انْتَهَى
قُلْتُ رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِدْرَاجُ بِدَلِيلٍ وَوُرُودُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْإِدْرَاجِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هريرة الآتية
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ الْحُدُودُ جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ الْفَاصِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ هُنَا مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْأَمْلَاكُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ أَيْ بُيِّنَتْ أَقْسَامُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِأَنْ قُسِّمَتْ وَصَارَ كُلُّ نَصِيبٍ مُنْفَرِدًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّ الْأَرْضَ بِالْقِسْمَةِ صَارَتْ غَيْرَ مَشَاعَةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَخْتَصُّ بِالْمَشَاعِ وَأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْيَنُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِ الشُّفْعَةِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَكَلِمَةُ إِنَّمَا يُعْمَلُ تَرْكِيبُهَا فَهِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْءِ الْمَذْكُورِ نَافِيَةٌ لِمَا سِوَاهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَقْسُومِ
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ فَقَدْ يَحْتَجُّ بِكُلِّ لَفْظَةٍ مِنْهَا قَوْمٌ أَمَّا اللَّفْظَةُ الْأُولَى فَفِيهَا حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَرَ الشُّفْعَةَ فِي الْمَقْسُومِ.
وَأَمَّا اللَّفْظَةُ الْأُخْرَى فَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يُثْبِتُ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَقْسُومًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ عِنْدِي فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ الطَّرِيقُ إِلَى الْمَشَاعِ دُونَ الْمَقْسُومِ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّرِيقَ تَكُونُ فِي الْمَشَاعِ شَائِعًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدْخُلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَيَتَوَصَّلُ إِلَى حَقِّهِ مِنَ الْجِهَاتِ كُلِّهَا فَإِذَا قُسِمَ الْعَقَارُ بَيْنَهُمْ مُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَطَرَّقَ شَيْئًا مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ وَأَنْ يَدْخُلَ إِلَى مِلْكِهِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ جُعِلَ لَهُ فَمَعْنَى صَرْفِ الطُّرُقِ هُوَ وُقُوعُ الْحُدُودِ هُنَا
ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ عَلَّقَ الْحُكْمَ فِيهِ بِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا وُقُوعُ الْحُدُودِ وَصَرْفُ الطُّرُقِ مَعًا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُثْبِتُوهُ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ نَفْيُ صَرْفِ الطُّرُقِ دُونَ نَفْيِ وُقُوعِ الْحُدُودِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري والترمذي وبن مَاجَهْ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا