فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

رقم الحديث 482 [482]

رقم الحديث 486 [486]

رقم الحديث 480 [48] ( كَانَ يُحِبُّ الْعَرَاجِينَ) هِيَ جَمْعُ عُرْجُونٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ الْعُودُ الْأَصْغَرُ الَّذِي فِيهِ الشَّمَارِيخُ إِذَا يبس واعوج وهو من الانعراج وهو الانعطاف وَالْوَاوُ وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَتَانِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْعَرَاجِينَ ( فَرَأَى نُخَامَةَ) قَالَ الْحَافِظُ قِيلَ هِيَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ
وَقِيلَ النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ مِنَ الصَّدْرِ وَبِالْمِيمِ مِنَ الرَّأْسِ ( فَحَكَّهَا) أَيِ النُّخَامَةَ ( ثُمَّ أَقْبَلَ) أَيْ تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مُغْضَبًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أَقْبَلَ ( أَيَسُرُّ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مِنَ السُّرُورِ ( أَحَدُكُمْ) بِنَصْبِ الدَّالِ هُوَ مَفْعُولُ يَسُرُّ ( أَنْ يَبْصُقَ) أَيْ يَبْزُقَ وَهُوَ فَاعِلُ يَسُرُّ ( وَالْمَلَكُ عَنْ يَمِينِهِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُهُ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قُلْنَا الْمُرَادُ بِالْمَلَكِ الْكَاتِبُ فَقَدِ اسْتُشْكِلَ اخْتِصَاصُهُ بِالْمَنْعِ مع أن عن يساره ملكا اخر وأجب بِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِمَلَكِ الْيَمِينِ تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا هَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُدَمَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَلَا دَخْلَ لِكَاتِبِ السيئات فيها ويشهد له ما رواه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَوْقُوفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ كَاتِبَ الْحَسَنَاتِ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَمَلَكُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ انْتَهَى
فَالتَّفْلُ حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَلَعَلَّ مَلَكَ الْيَسَارِ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يَتَحَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْيَمِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( فَلَا يَتْفُلُ) أَيْ فَلَا يَبْزُقُ وَهُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ ( وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهُ) قَالَ الْحَافِظُ كَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَفِيَّ رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ بِحَذْفِ كَلِمَةِ أَوْ وَكَذَا لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا أَوْ أَعَمُّ لِكَوْنِهَا تَشْمَلُ مَا تَحْتَ الْقَدَمِ
انْتَهَى
وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ فِيهَا أَيْضًا وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى بِحَذْفِ كَلِمَةِ أَوْ ( فَإِنْ عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ) يَعْنِي غَلَبَ عَلَيْهِ الْبُزَاقُ وَالنُّخَامَةُ ( فَلْيَقُلْ هَكَذَا) مَعْنَاهُ فَلْيَفْعَلْ هكذا ( ووصف لنا بن عجلان) أي قال خالد بين لنا بن عَجْلَانٍ ( ذَلِكَ) أَيْ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ فَلْيَقُلْ هَكَذَا ( أَنْ يَتْفُلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ يَرُدُّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَتَفَلَ فِي ثوبه ثم مسح بعضه على بعض



رقم الحديث 481 [481] ( عَنْ صَالِحِ بْنِ خَيْوَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ بِالْمُهْمَلَةِ السَّبَأَى بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مَقْصُورًا وَيُقَالُ الْخَوْلَانِيُّ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ مِنَ الرَّابِعَةِ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ قَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَقِّ الْأَزْدِيُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ خَيْوَانُ بالخاء المعجمة إلا قد أخطأ
وقال بن مَاكُولَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ يُونُسٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَكِنَّهُ وَهِمَ ( عَنْ أَبِي سهلة السائب بن خَلَّادٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ السَّائِبُ بْنُ خلاد بن سويد الخزرجي أبو مهلة الْمَدَنِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَعَمِلَ لِعُمَرَ عَلَى الْيَمِينِ وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ ( قَالَ أَحْمَدُ) بْنُ صَالِحٍ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ إِنَّ السَّائِبَ هُوَ ( مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ ( أَنَّ رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا) أَيْ صَلَّى بِهِمْ إِمَامًا وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا وَفْدًا ( فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ) أَيْ فِي جِهَتِهَا ( يَنْظُرُ) أَيْ يُطَالِعُ فِيهِ ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِقَوْمِهِ لَمَّا رَأَى مِنْهُ قِلَّةَ الْأَدَبِ ( حِينَ فَرَغَ) أَيْ هَذَا الرَّجُلُ مِنَ الصَّلَاةِ ( لا يصلي لَكُمْ) بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لَا يُصَلِّي لَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ بَعْدَ الْيَوْمِ
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَصْلُ الْكَلَامِ لَا تُصَلِّ لَهُمْ فَعَدَلَ إِلَى النفي ليؤذن بأنه لا يصلح ل مامة وأن بينه وبينها منافاة
وأيضا في اعراض عَنْهُ غَضَبٌ شَدِيدٌ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْهُ مَحَلًّا لِلْخِطَابِ وَكَانَ هَذَا النَّهْيُ فِي غَيْبَتِهِ ( فَمَنَعُوهُ) فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ الْمَنْعِ ( فَذَكَرَ) الرَّجُلُ ( ذَلِكَ) أي منع القوم إياه عن امامة ( لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .

     وَقَالَ  ذكروا أنك منعتني عن امامة بِهِمْ أَكَذَلِكَ هُوَ ( فَقَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَعَمْ) أَنَا أَمَرْتُهُمْ بِذَلِكَ ( وَحَسِبْتُ) أَيْ قَالَ الرَّاوِي وَظَنَنْتُ ( أَنَّهُ) أي الرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالَ) أَيْ لَهُ زِيَادَةٌ عَلَى نَعَمْ ( إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وَالْمَعْنَى أَنَّكَ فَعَلْتَ فِعْلًا لَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَظِيمٌ فَقَالَ اللَّهُ تعالى إن الذين يؤيذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا وا خرة وأعد لهم عذابا مهينا وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِبَيَانِ أَنَّ إِيذَاءَ رَسُولِهِ لِمُخَالَفَةِ نَهْيِهِ لَا سِيَّمَا بِحَضْرَتِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةُ إِيذَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِشْكَاةِ وَهَذَا مِنْهُ مَبْنِيُّ عَلَى جعل ايذاء عَلَى حَقِيقَتِهِ
قَالَ مَيْرَكُ وَلِحَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ فَتَفَلَ بِالْقِبْلَةِ وَهُوَ يُصَلِّي لِلنَّاسِ فَلَمَّا كَانَ صَلَاةُ الْعَصْرِ أَرْسَلَ إِلَى آخَرَ فَأَشْفَقَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يارسول اللَّهِ أَنَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ قَالَ لَا
وَلَكِنَّكَ تَفَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ تَؤُمُّ النَّاسَ فَآذَيْتَ اللَّهَ وَالْمَلَائِكَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ جيد
قال ميرك والحديث أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
( فَبَزَقَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى) فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَزَقَ بِنَفْسِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ
( ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ) فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَزَقَ ثُمَّ دَلَكَ الْبُزَاقَ بِنَعْلِهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ ( فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ) كَهِزَبْرٍ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمَ اسْمُ بَلَدٍ وَسُمِّيَتْ بِاسْمِ بَانِيهَا دمشاقُ بْنُ كَنْعَانَ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ ذَكَرَهُ الْقُضَاعِيُّ ( بَصَقَ) أَيْ بَزَقَ ( على البوري) بضم الباء الموحدة
قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْحَصِيرُ الْمَعْمُولُ مِنَ الْقَصَبِ وَيُقَالُ فِيهَا بَارِيَةٌ وَبُورِيَاءُ ( ثُمَّ مَسَحَهُ بِرِجْلِهِ) أَيْ ثُمَّ مَسَحَ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ الْبُزَاقَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى الْحَصِيرِ بِرِجْلِهِ ( فَقِيلَ لَهُ) أَيْ لِوَاثِلَةَ ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ) أَيْ يَبْزُقُ عَلَى الْبُورِيِّ ثُمَّ يَمْسَحُهُ بِرِجْلِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ


( فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ أَجْلَسَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ( ثم عقله) أي شد الرجل البعير ( متكىء بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ) زِيدَتْ فِيهِ أَلِفٌ وَنُونٌ مَفْتُوحَةٌ قَدْ جَاءَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ ظَهْرًا منهم قدام النبي ظهرا مِنْهُمْ وَرَاءَهُ فَهُوَ مَكْنُوفٌ مِنْ جَانِبَيْهِ وَمِنْ جَوَانِبِهِ إِذَا قِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْقَوْمِ مُطْلَقًا
وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متكىء بَيْنَ الْقَوْمِ
هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي النِّهَايَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ كُلُّ مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا عَلَى وطاء فهو متكىء والعامة لا تعرف المتكىء إِلَّا مَنْ مَالَ فِي قُعُودِهِ مُعْتَمِدًا عَلَى أحد شقيه ( هذا الأبيض المتكىء) هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَدْ أَجَبْتُكَ) أَيْ سَمِعْتُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ إِنْشَاءُ الْإِجَابَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ لَهُ قَدْ أَجَبْتُكَ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ لَهُ الْجَوَابَ لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَدْعُوَهُ بِاسْمِ جَدِّهِ وَأَنْ يَنْسُبَهُ إِلَيْهِ إِذْ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ كَافِرًا غَيْرُ مُسْلِمٍ فَأَحَبَّ أَنَّ يَدْعُوَهُ بِاسْمِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ
قَالَ وَهَذَا وَجْهٌ
وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ حَمَلَ عَلَى الْكُفَّارِ وانهزموا أنا النبي لا كذب أنا بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا إِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ بِهَذَا الْقَوْلِ مَذْهَبَ الِانْتِسَابِ إِلَى شَرَفِ الْآبَاءِ عَلَى سَبِيلِ الِافْتِخَارِ بِهِمْ وَلَكِنَّهُ ذَكَّرَهُمْ بِذَلِكَ رُؤْيَا كَانَ رَآهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ إِحْدَى دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَكَانَتِ الْقِصَّةُ مَشْهُورَةً عِنْدَهُمْ فَعَرَّفَهُمْ بِأَنْبَائِهَا وَذَكَّرَهُمْ بِهَا وَخُرُوجُ الْأَمْرِ عَلَى الصِّدْقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



رقم الحديث 483 [483]

رقم الحديث 484 [484]

رقم الحديث 485 [485] ( يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ) بِتَقْدِيمِ الزَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ الْقَاصُّ يُكَنَّى أَبَا حَزْرَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّاءِ وَهُوَ بِهَا أَشْهَرُ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ أَوْ بَعْدَهَا ( وَفِي يَدِهِ) أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( عُرْجُونُ بْنُ طَابٍ) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَالْعُرْجُونُ بِضَمِّ الْعَيْنِ هُوَ الْعُودُ الْأَصْغَرُ الَّذِي فِيهِ الشَّمَارِيخُ إِذَا يبس واعوج وهو من الانعراج وهو الانعطاف وجمعه عراجين والواو والنون فيه زائدتان
وبن طَابٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُنْسَبُ إِلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ عَادَاتِهِمْ أَنَّهُمْ يَنْسُبُونَ أَلْوَانَ التَّمْرِ كُلِّ لَوْنٍ إِلَى أَحَدٍ
انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْعُرْجُونُ عُودُ كِبَاسَةِ النَّخْلِ وَهُوَ الْعِذْقُ وَسُمِّيَ عُرْجُونًا لِانْعِرَاجِهِ وَهُوَ انْعِطَافِهِ وبن طَابٍ وَهُوَ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّخْلِ منسوب إلى بن طَابٍ كَمَا نُسِبَ أَلْوَانُ التَّمْرِ فَقِيلَ لَوْنُ بن حُبَيْقَ ( هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ عَلَى وَزْنِ زُبَيْرٍ وبن حُبَيْقَ رَجُلٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَلْوَانُ التَّمْرِ) وَلَوْنُ كَذَا وَلَوْنُ كَذَا
انْتَهَى
قُلْتُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ الْكِبَاسَةُ الْعِذْقُ وَهُوَ عُنْقُودُ النَّخْلِ وَهُوَ جَامِعُ الشَّمَارِيخِ ( فَنَظَرَ) أَيْ فَطَالَعَ ( فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً) قِيلَ هِيَ مَا يخرج من الصدر
قال علي القارىء أَيْ جِدَارِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمِحْرَابَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّاسُ قِبْلَةً لِأَنَّ الْمَحَارِيبَ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ ثُمَّ كَرِهَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ اتِّخَاذَهَا وَالصَّلَاةَ فِيهَا قَالَ الْقُضَاعِيُّ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَامِلٌ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْمَدِينَةِ لَمَّا أَسَّسَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَدَمَهُ وَزَادَ فِيهِ وَيُسَمَّى مَوْقِفُ الْإِمَامِ مِنَ الْمَسْجِدِ مِحْرَابًا لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مَجَالِسِ الْمَسْجِدِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَصْرِ مِحْرَابٌ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَنَازِلِ وَقِيلَ الْمِحْرَابُ مَجْلِسُ الْمَلِكِ سُمِّيَ بِهِ لِانْفِرَادِهِ فِيهِ وَكَذَلِكَ مِحْرَابُ الْمَسْجِدِ لِانْفِرَادِ الْإِمَامِ فِيهِ
وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَلِّي يُحَارِبُ فِيهِ الشَّيْطَانَ
قَالَ الطِّيبِيُّ النُّخَامَةُ الْبُزَاقَةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ وَمِنْ مَخْرَجِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَلَا يَبْزُقَنَّ لَكِنْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ غَيْرُ صَحِيحٍ إِذِ الْخَاءُ الْمُعْجَمَةُ مَخْرَجُهَا أَدْنَى الْحَلْقِ
وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ النُّخَاعَةُ وَالنُّخَامَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْخَيْشُومِ عِنْدَ التَّنَحْنُحِ
وَفِي الْقَامُوسِ النُّخَاعَةُ النُّخَامَةُ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْخَيْشُومِ
انْتَهَى
قُلْتُ مَا قَالَهُ القارىء مِنْ أَنَّ الْمَحَارِيبَ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وُجُوَدَ الْمِحْرَابِ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثْبُتُ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَضَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ الْمِحْرَابَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ الْحَدِيثُ
وَأُمُّ عَبْدِ الْجَبَّارِ هِيَ مَشْهُورَةٌ بِأُمِّ يَحْيَى كَمَا فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِ الصغير
وقال الشيخ بن الْهُمَامِ مِنْ سَادَاتِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ امْتِيَازَ الْإِمَامِ مُقَرَّرٌ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ فِي حَقِّ الْمَكَانِ حَتَّى كَانَ التَّقَدُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَبَنَى فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيب مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
انْتَهَى
وَأَيْضًا لَا يُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَحَارِيبِ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْكَرَاهَةِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ولايسمع كَلَامُ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ
( فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا) أَيْ تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النُّخَامَةِ ( فَحَتَّهَا بِالْعُرْجُونِ) أَيْ حَكَّ النُّخَامَةَ بِالْعُرْجُونِ
وَمَضَى تَفْسِيرُ الْعُرْجُونِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاشَرَ بِيَدِهِ بِعُرْجُونٍ فِيهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ ( أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ) مِنَ الْإِعْرَاضِ ( فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلُ وَجْهِهِ) قِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأْوِيلُهُ أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا بِالصَّلَاةِ قِبَلُ وَجْهِهِ فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ وَفِيهِ إِضْمَارُ حَذْفٍ وَاخْتِصَارٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بكفرهم أَيْ حُبَّ الْعِجْلِ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ التي كنا فيها يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ
وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ كَمَا قَالُوا بَيْتُ اللَّهِ وَنَاقَتِهِ وَكَعْبَةُ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النُّخَامَةَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ طَاهِرَةٌ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَدْلُكَهَا بِثَوْبِهِ
( فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ) أَيْ لَا يَبْزُقَنَّ جِهَةِ وَجْهِهِ ( وَلَا عَنْ يَمِينِهِ) تَعْظِيمًا لِلْيَمِينِ وَزِيَادَةً لِشَرَفِهَا ( عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى) بِحَذْفِ كَلِمَةِ أَوْ وَمَرَّ بَيَانُهُ ( فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ) أَيْ بِالرِّجْلِ ( بَادِرَةٌ) أَيْ حِدَّةٌ وَبَادِرَةُ الْأَمْرِ حِدَّتُهُ وَالْمَعْنَى إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْبُصَاقُ وَالنُّخَامَةُ ( فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا) أَيْ فَلْيَفْعَلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ( وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ ثُمَّ دَلَكَهُ) أَيْ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ عَلَى فَمِهِ حَتَّى يَتَلَاشَى الْبُزَاقُ فِيهِ ثُمَّ دَلَكَ الثَّوْبَ وَهَذَا عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِقَوْلِهِ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ( أَرُونِي) مِنَ الْإِرَاءَةِ ( عَبِيرًا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ عَلَى وزن أمير قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْعَبِيرُ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمَعُ مِنْ أَخْلَاطٍ ( فَقَامَ فَتًى) أَيْ شَابٌّ ( مِنَ الْحَيِّ) مِنَ الْقَبِيلَةِ ( يَشْتَدُّ) أَيْ يَعْدُو ( فَجَاءَ بِخَلُوقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْخَلُوقُ طِيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَتَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ ( فِي رَاحَتِهِ) أَيْ فِي كَفِّهِ ( فَأَخَذَهُ) أَيِ الْخَلُوقَ ( فَجَعَلَهُ) أَيِ الْخَلُوقَ ( عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ) مَرَّ تَفْسِيرُ الْعُرْجُونِ ومعناه بالفارسية خوشه خرما ياخوشه خرما كه خشك وكج كردد ( ثُمَّ لَطَّخَ بِهِ) أَيْ لَوَّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَلُوقِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ النَّدْبُ إِلَى إِزَالَةِ مَا يُسْتَقْذَرُ أَوْ يُتَنَزَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَتَفَقُّدُ الْإِمَامِ أَحْوَالَ الْمَسَاجِدِ وَتَعْظِيمَهَا وَصِيَانَتَهَا وَأَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَأَنَّ النَّفْخَ وَالتَّنَحْنُحَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزَانِ لِأَنَّ النُّخَامَةَ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ نَفْخٍ أَوْ تَنَحْنُحٍ وَمَحَلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يَفْحُشْ وَلَمْ يَقْصِدْ صَاحِبُهُ الْعَبَثَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْهُ مُسَمَّى كَلَامٍ وَأَقَلُّهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مَمْدُودٌ وَفِيهِ أَنَّ البصاق طاهر وكذا النخامة والمخاط خلافا لمن يَقُولُ كُلُّ مَا تَسْتَقْذِرُهُ النَّفْسُ حَرَامٌ
وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّحْسِينَ أَوِ التَّقْبِيحَ إِنَّمَا هُوَ بِالشَّرْعِ فَإِنَّ جِهَةَ الْيَمِينِ مُفَضَّلَةٌ عَلَى الْيَسَارِ وَأَنَّ الْيَدَ مُفَضَّلَةٌ عَلَى الْقَدَمِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَلِيًّا لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاشَرَ الْحَكِّ بِنَفْسِهِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى عِظَمِ تَوَاضُعِهِ زَادَهُ اللَّهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى وَفِيهِ احْتِرَامُ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِيهِ إِذَا بَزَقَ يَبْزُقُ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَبْزُقُ أَمَامَهُ تَشْرِيفًا لِلْقِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ تَشْرِيفًا لِلْيَمِينِ وَفِيهِ جَوَازُ صُنْعِ الْخَلُوقِ فِي الْمَسَاجِدِ
قال المنذري والحديث أخرجه مسلم مطولا