فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

رقم الحديث 1825 [1825] ( لَا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ) أَيِ الْمُحْرِمَةُ وَالِانْتِقَابُ لُبْسُ غِطَاءٍ لِلْوَجْهِ فيه نقبان على العينين تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ مِنْهُمَا
قَالَ فِي الْفَتْحِ النِّقَابُ الْخِمَارُ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى الْأَنْفِ أَوْ تَحْتَ المحاجر
انتهى قاله الشوكاني
وقال بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَلْبَسُ الْمَخِيطَ والخفاف وَلَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا لَا وَجْهَهَا فَتَسْدُلُ الثَّوْبَ سَدْلًا خَفِيفًا تُسْتَرُ بِهِ عَنْ نَظَرِ الرِّجَالِ انْتَهَى ( وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ) تَثْنِيَةُ الْقُفَّازِ بِوَزْنِ رُمَّانٍ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ تَلْبَسُهُمَا الْمَرْأَةُ لِلْبَرْدِ أَوْ ضَرْبٌ مِنَ الْحُلِيِّ لِلْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْقُفَّازُ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ بَعْدَ الْأَلِفِ زَايٌ مَا تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدِهَا فَيُغَطِّي أَصَابِعَهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ مُعَانَاةِ الشَّيْءِ كَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ لِلْيَدِ كَالْخُفِّ لِلرَّجُلِ
وَالنِّقَابُ الْخِمَارُ الذي يشد عَلَى الْأَنْفِ أَوْ تَحْتَ الْمَحَاجِرِ وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ وَلَكِنِ الرَّجُلُ فِي الْقُفَّازِ مِثْلُهَا لكونه في معنى الخف فإن كلامنهما مُحِيطٌ بِجُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ
وَأَمَّا النِّقَابُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ عَلَى الرَّاجِحِ
وَمَعْنَى لَا تَنْتَقِبْ أَيْ لَا تَسْتُرْ وَجْهَهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَمَنَعَهُ الْجُمْهُورُ وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي مَنْعِهَا مِنْ سَتْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بما سِوَى النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي قال علي القارىء .

     قَوْلُهُ  لَا تَنْتَقِبْ نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ أَيْ لَا تَسْتُرْ وَجْهَهَا بِالْبُرْقُعِ وَالنِّقَابِ وَلَوْ سَدَلَتْ عَلَى وَجْهِهَا شَيْئًا مُجَافِيًا جَازَ وَتَغْطِيَةُ وَجْهِ الرجل حَرَامٌ كَالْمَرْأَةِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي رِوَايَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أَيْ مَرْفُوعًا بِذِكْرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَلَا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ كَمَا رَوَاهَا اللَّيْثُ لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَى مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ مَرْفُوعًا كَمَا قَالَ اللَّيْثُ وَرَوَى مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرَ وَهَكَذَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكٌ وَأَيُّوبُ كُلُّهُمْ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ مَوْقُوفًا.
وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدِينِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ مَرْفُوعًا لَكِنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا قَلِيلُ الْحَدِيثِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ مرفوعا بذكر هذا الزيادة ثم قال البخاري تابعه موسى بن عقد وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وبن إِسْحَاقَ فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ أَيْ هَؤُلَاءِ وَاللَّيْثُ بِذْكِرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَرْفُوعًا.

     وَقَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ وَمَالِكٌ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعٍ موقوفا
هذا معنى قول البخاري قالت أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ لَا تَنْتَقِبِ الْمُحْرِمَةُ وَهُوَ اقْتَصَرَهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ فَقَطْ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ لَا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ فَنَقَلَ الْحَاكِمُ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ بن عُمَرَ أُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقُفَّازَيْنِ إِنَّمَا هُوَ من قول بن عُمَرَ لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ إِنَّهُ رَوَاهُ اللَّيْثُ مُدْرَجًا وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ الْحُكْمَ بِالْإِدْرَاجِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ مُفْرَدًا مَرْفُوعًا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْمَدَنِيِّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ جَاءَ النَّهْيُ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ مُبْتَدَأً بِهِ فِي صدره الْحَدِيثِ مُسْنَدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِقًا عَلَى النَّهْيِ عَنْ غَيْرِهِ
قَالَ وَهَذَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِدْرَاجِ وَيُخَالِفُ الطَّرِيقَ الْمَشْهُورَةَ فروى أبو داود أيضا من طريق بن إِسْحَاقَ كَمَا سَيَأْتِي
وَقَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْإِدْرَاجِ لَكِنِ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ الْمَدَنِيَّ مَجْهُولٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ بن عَدِيٍّ مُقْتَصِرًا عَلَى ذِكْرِ النِّقَابِ
وَقَالَ لَا يُتَابَعُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا عَلَى رَفْعِهِ
قَالَ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ مِنْ قَوْلِ بن عُمَرَ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الْإِحْرَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مُقَارِبُ الحال
وفي الوجه الثاني بن إِسْحَاقَ وَهُوَ لَا شَكَّ دُونَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَقَدْ فَصَلَ الْمَوْقُوفَ مِنَ الْمَرْفُوعِ
وَقَوْلُ الشَّيْخِ إِنَّ هَذَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِدْرَاجِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الِاقْتِرَاحِ إِنَّهُ يُضَعِّفُ لَا يَمْنَعُهُ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ ظَنَّهُ مَرْفُوعًا قَدَّمَهُ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْحَدِيثِ سَائِغٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى قَالَهُ العيني رحمه الله