فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ

رقم الحديث 3842 [3842] ( وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ) بِهِ أخذ فِي الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ أَنَّ الْمَائِعَ يَنْجُسُ كُلُّهُ دُونَ الْجَامِدِ وَخَالَفَ فِي الْمَائِعِ جَمْعٌ مِنْهُمُ الزهري والأوزاعي قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الزَّيْتِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَذَهَبَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ فَلَا تَقْرَبُوهُ وَاسْتَدَلُّوا فِيهِ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ أَرِيقُوهُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ نَجِسٌ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالِاسْتِصْبَاحُ بِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَيَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ مُعَلَّقًا.

     وَقَالَ  وَهُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ يَقُولُ هَذَا خَطَأٌ قَالَ وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ




رقم الحديث 3834 [3834]
الْإِقْرَانُ ضَمُّ تَمْرَةٍ إِلَى تَمْرَةٍ لِمَنْ أَكَلَ مَعَ جَمَاعَةٍ ( عَنْ جَبَلَةَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ ( بْنِ سُحَيْمٍ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرًا ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِقْرَانِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا النَّهْيَ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَدَبِ وَالصَّوَابُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَيَحْصُلُ الرضى بِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ أَوْ بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَرِينَةِ حَالٍ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ حَرُمَ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَكْلٍ اشْتُرِطَ رِضَاهُ وَيَحْرُمُ لِغَيْرِهِ وَيَجُوزُ لَهُ هُوَ إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْآكِلِينَ مَعَهُ
وَحَسُنَ لِلْمُضِيفِ أَنْ لَا يَقْرِنَ لِيُسَاوِيَ ضَيْفَهُ إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّيْءُ كَثِيرًا يَفْضُلُ عَنْهُمْ مَعَ أَنَّ الْأَدَبَ فِي الْأَكْلِ مُطْلَقًا تَرْكُ مَا يَقْتَضِي الشَّرَهَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْجِلًا يُرِيدُ الْإِسْرَاعَ لِشُغْلٍ آخَرَ
وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ شَرْطَ هَذَا الِاسْتِئْذَانِ إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِهِمْ حَيْثُ كَانُوا فِي قِلَّةٍ مِنَ الشَّيْءِ فَأَمَّا الْيَوْمُ مَعَ اتِّسَاعِ الْحَالِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْذَانٍ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ التَّفْصِيلِيُّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَيْفَ وَهُوَ غَيْرُ ثابت
وقد أخرج بن شَاهِينٍ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَهُوَ فِي مُسْنَدِ البزار من طريق بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ وَأَنَّ اللَّهَ وَسَّعَ عَلَيْكُمْ فَاقْرِنُوا فَلَعَلَّ النَّوَوِيَّ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفًا
قَالَ الْحَازِمِيُّ حَدِيثُ النَّهْيِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا ( إِلَّا أَنْ تَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَكَ) مَفْعُولٌ أَيِ الَّذِينَ اشْتَرَكُوا مَعَكَ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ فَإِذَا أَذِنُوا جَازَ لَكَ الْإِقْرَانُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ
قَالَ شُعْبَةُ لَا أَرَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلَّا مِنْ كَلِمَةِ بن عُمَرَ يَعْنِي الِاسْتِئْذَانَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه




رقم الحديث 3835 [3835] ( كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْقِثَّاءُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّ الْقَافِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِمَا يَقُولُهُ النَّاسُ الْخِيَارُ وَبَعْضُ النَّاسِ يُطْلِقُ الْقِثَّاءَ عَلَى نَوْعٍ يُشْبِهُ الْخِيَارَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ حَنِثَ بِالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَوْعًا غَيْرَهُ فَتَفْسِيرُ الْقِثَّاءِ بِالْخِيَارِ تَسَامُحٌ انْتَهَى
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ كَيْفِيَّةُ أَكْلِهِ لَهُمَا فَأَخْرَجَ الْأَوْسَطُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ رَأَيْتُ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِثَّاءً وَفِي شِمَالِهِ رُطَبًا وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ ذَا مَرَّةً وَمِنْ ذَا مَرَّةً وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ جَوَازُ أَكْلِهِمَا مَعًا وَالتَّوَسُّعِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ هَذَا وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا فَمَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ اعْتِيَادِ التَّوَسُّعِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 3837 [3837] ( وَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ) بِفَتْحٍ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ ( حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ) بِالتَّصْغِيرِ ( عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَهُمَا عَطِيَّةُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَاسْمُ أَبِيهِمَا بُسْرٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ ( فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا) أَيْ قَرَّبْنَاهُمَا إِلَيْهِ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ زُبْدٌ عَلَى وَزْنِ قُفْلٍ مَا يُسْتَخْرَجُ بِالْمَخْضِ مِنْ لَبَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.
وَأَمَّا لَبَنُ الْإِبِلِ فَلَا يُسَمَّى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ زُبْدًا بَلْ يُقَالُ لَهُ جُنَّابٌ وَالزُّبْدَةُ أَخَصُّ مِنَ الزُّبْدِ انْتَهَى
وَفِي الصُّرَاحِ زُبْدٌ بِالضَّمِّ كفك وسرشير زبدة مسكه
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا عبد الله وعطية




رقم الحديث 3838 [3838] (عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (فَلَا يَعِيبُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَلِكَ أَيِ اسْتِمْتَاعَنَا بِآنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ (عَلَيْهِمْ) فِيهِ الْتِفَاتٌ أَيْ عَلَيْنَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ ظَاهِرُ هَذَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غير غسل لها وتنظيف وهذه الْإِبَاحَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ انْتَهَى
قُلْتُ الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا وَفِي رِوَايَتِهِ فَنَغْسِلُهَا وَنَأْكُلُ فِيهَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 3839 [3839] ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ( مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ ( إِنَّا نُجَاوِزُ) بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نَمُرُّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ( فَارْحَضُوهَا) أَيِ اغْسِلُوهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ الرَّحْضُ الْغَسْلُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا مِنْ حَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا إِلَّا بَعْدَ الْغَسْلِ وَالتَّنْظِيفِ فَأَمَّا ثِيَابُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ كَمِيَاهِ الْمُسْلِمِينَ وَثِيَابِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمٍ لَا يَتَحَاشَوْنَ النَّجَاسَاتِ أَوْ كَانَ مِنْ عَادَاتِهِمُ اسْتِعْمَالُ الْأَبْوَالِ فِي طُهُورِهِمْ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ ثِيَابِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَمْ يُصِبْهَا شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَمَّا مَا ذَكَرْتُ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُونَ فِي آنِيَتِهِمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الترمذي وبن ماجه بنحوه


رقم الحديث 3840 [384] (نَتَلَقَّى عِيرًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هِيَ الْإِبِلِ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ (زَوَّدَنَا) أَيْ جَعَلَ زَادَنَا (جِرَابًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ (كُنَّا نَمَصُّهَا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (بِعِصِيِّنَا) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ عَصًا (الْخَبَطَ) بِفَتْحَتَيْنِ وَرَقُ الشَّجَرِ السَّاقِطُ بِمَعْنَى الْمَخْبُوطِ (ثُمَّ نَبُلُّهُ) أَيِ الْخَبَطَ (كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الرَّمْلُ الْمُسْتَطِيلُ الْمَحْدُوبُ (الضَّخْمِ) أي العظيم (تدعى العنبر) هِيَ سَمَكَةٌ كَبِيرَةٌ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِهَا التُّرْسُ (فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْتَةٌ) أَيْ هَذِهِ مَيْتَةٌ (ثُمَّ قَالَ لَا إِلَخْ) الْمَعْنَى أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَوَّلًا بِاجْتِهَادِهِ إِنَّ هَذَا مَيْتَةٌ وَالْمَيْتَةُ حَرَامٌ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهَا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَقَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ لَكُمْ وَإِنْ كَانَ مَيْتَةً لِأَنَّكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَيْتَةَ لِمَنْ كَانَ مُضْطَرًّا فَكُلُوا فَأَكَلُوا
وَأَمَّا طَلَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَحْمِهِ وَأَكْلُهُ ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي تَطْيِيبِ نُفُوسِهِمْ فِي حِلِّهِ وَأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي إِبَاحَتِهِ وَأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِهِ لِكَوْنِهِ طُعْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى خَارِقَةً لِلْعَادَةِ كَرَّمَهُمُ اللَّهُ بِهَا
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دَوَابَّ الْبَحْرِ كُلَّهَا مُبَاحَةٌ وَأَنَّ مَيْتَتَهَا حَلَالٌ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِ فَأَكَلَ وَهَذَا حَالُ رَفَاهِيَةٍ لَا حَالُ ضَرُورَةٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ فَقَدْ ذَبَحَهَا اللَّهُ لَكُمْ وَذَكَّاهَا لَكُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَا فِي الْبَحْرِ ذَكِيٌّ
وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ عَيْشُهُ فِي الْمَاءِ فَهُوَ حَلَالٌ قِيلَ فَالتِّمْسَاحُ قَالَ نَعَمْ
وَغَالِبُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِبَاحَةُ دَوَابِّ الْبَحْرِ كُلِّهَا إِلَّا الضُّفْدَعَ لِمَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا
وَكَانَ أبو ثور يَقُولُ جَمِيعُ مَا يَأْوِي إِلَى الْمَاءِ فَهُوَ حَلَالٌ فَمَا كَانَ مِنْهُ يُذَكَّى لَمْ يَحِلَّ إِلَّا بِذَكَاةٍ وَمَا كَانَ مِنْهُ لَا يُذَكَّى مِثْلَ السَّمَكِ حَلَّ حَيًّا وَمَيِّتًا
وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ دَوَابَّ الْبَحْرِ كُلَّهَا إِلَّا السَّمَكَ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِالسَّرَطَانِ بأس
وقال بن وَهْبٍ سَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ أَكْلِ خِنْزِيرِ الْمَاءِ وَكَلْبِ الْمَاءِ وَإِنْسَانِ الْمَاءِ وَدَوَابِّ الْمَاءِ كُلِّهَا فَقَالَ أَمَّا إِنْسَانُ الْمَاءِ فَلَا يُؤْكَلُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَالَاتِ وَالْخِنْزِيرُ إِذَا سَمَّاهُ النَّاسُ خِنْزِيرًا فَلَا يُؤْكَلُ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْخِنْزِيرَ.
وَأَمَّا الْكِلَابُ فَلَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يختلفوا أن المارما هي مُبَاحٌ أَكْلُهُ وَهُوَ يُشْبِهُ الْحَيَّاتِ وَتُسَمَّى أَيْضًا حَيَّةَ الْبَحْرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْأَسْمَاءِ وَالْأَشْبَاهِ فِي حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا هِيَ كُلُّهَا سُمُوكٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَشْكَالُهَا وَصُوَرُهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة فَدَخَلَ فِيهِ مَا يُصَادُ مِنْ حَيَوَانِهِ لِأَنَّهُ لَا يُخَصُّ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ
وَسُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ طَهُورٌ مَاؤُهُ حَلَالٌ مَيْتَتُهُ فَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا مِنْهَا دُونَ شَيْءٍ فَقَضِيَّةُ الْعُمُومِ تُوجِبُ فِيهَا الْإِبَاحَةَ إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الدَّلِيلُ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

(

رقم الحديث 3841 [3841]
( أخبرنا سفيان) هو بن عُيَيْنَةَ وَهَكَذَا أَيْ أَلْقُوا مَا حَوْلَهَا وَكُلُوا أورده أكثر أصحاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ كَالْحُمَيْدِيِّ وَمُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِمَا
وَوَقَعَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ بن حِبَّانَ بِلَفْظِ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَلَا تَقْرَبُوهُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ غَرِيبَةٌ انْتَهَى ( أَلْقُوا مَا حَوْلَهَا) أَيْ مَا حَوْلَ الْفَأْرَةِ قِيلَ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ جَامِدًا.
وَأَمَّا فِي الْمُذَابِ فَالْكُلُّ حولها قال الحافظ وقد تمسك بن الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ وَمَا حَوْلَهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَامِدًا
قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَوْلٌ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ مَهْمَا نُقِلَ لَخَلَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْحَالِ فَيَصِيرُ مِمَّا حَوْلَهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ كُلِّهِ
قَالَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَ أَنْ يُقَوَّرَ مَا حَوْلَهَا فَيُرْمَى بِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا حَوْلَهَا فَيُقَوِّي مَا تَمَسَّكَ بِهِ بن العربي وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَائِعَ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغْيِيرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ وَقَوْلُ بن نَافِعٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ
وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ بن عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ قَالَ تُؤْخَذُ الْفَأْرَةُ وَمَا حَوْلَهَا فَقُلْتُ إِنَّ أَثَرَهَا كَانَ فِي السَّمْنِ كُلِّهِ قَالَ إِنَّمَا كان وهي حية وإنما مَاتَتْ حَيْثُ وُجِدَتْ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

     وَقَالَ  فِيهِ عَنْ جرفيه زَيْتٌ وَقَعَ فِيهِ جُرَذٌ وَفِيهِ أَلَيْسَ جَالَ في الْجَرِّ كُلِّهِ قَالَ إِنَّمَا جَالَ وَفِيهِ الرُّوحُ ثُمَّ اسْتَقَرَّ حَيْثُ مَاتَ وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 3843 [3843]

رقم الحديث 3844 [3844] (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ) قِيلَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا ذُبَّ آبَ (فَامْقُلُوهُ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ اغْمِسُوهُ فِي الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ وَالْمَقْلُ الْغَمْسُ (وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَكَانَهُ دَوَاءٌ (وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهَا الدَّاءُ) أَيْ إِنَّهُ يُقَدِّمُ بِجَنَاحِهِ يُقَالُ اتَّقَى بِحَقِّ عُمَرَ إِذَا اسْتَقْبَلَهُ بِهِ وَقَدَّمَهُ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنَّهُ يَحْفَظُ نَفْسَهُ بِتَقْدِيمِ ذَلِكَ الْجَنَاحِ مِنْ أَذِيَّةٍ تَلْحَقُهُ مِنْ حرارة ذلك الطعام ذكره بن الْمَلَكِ (فَلْيَغْمِسْهُ) أَيْ كُلَّ الذُّبَابِ لِيَتَعَادَلَ دَاؤُهُ وَدَوَاؤُهُ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَأَنَّهُ يُطْرَحُ وَلَا يُؤْكَلُ وَأَنَّ الذُّبَابَ إِذَا مَاتَ فِي مَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِغَمْسِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ حَارًّا فَلَوْ كَانَ ينجسه لكان أمرا بإفساد الطعام وهو صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَ بِإِصْلَاحِهِ ثُمَّ أَدَّى هَذَا الْحُكْمُ إلى كل مالا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ كَالنَّحْلَةِ وَالزُّنْبُورِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَأَشْبَاهِ ذلك
قال المنذري وأخرجه البخاري وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عن أبي هريرة وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ 5

(