فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْكِرِ

رقم الحديث 3249 [3249] ( أَدْرَكَهُ) أَيْ عُمَرُ ( وَهُوَ) أَيْ عُمَرُ ( فِي رَكْبٍ) قَالَ فِي السُّبُلِ الرَّكْبُ أَيْ رُكْبَانُ الْإِبِلِ اسْمُ جَمْعٍ أَوْ جَمْعٌ وَهُمُ الْعَشَرَةُ فَصَاعِدًا وَقَدْ يَكُونُ الْخَيْلُ ( وَهُوَ يَحْلِفُ) أَيْ عُمَرُ ( فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَمَنْ كَانَ حَالِفًا) أَيْ مُرِيدًا لِلْحَلِفِ ( فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ) أَيْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ خَاصَّةً لَكِنْ قَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِاللَّهِ وَذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْعَلِيَّةِ ( أَوْ لِيَسْكُتْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ أَنَّهُ يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الْمَحْلُوفِ بِهِ وَحَقِيقَةُ الْعَظَمَةِ مُخْتَصَّةٌ بِاللَّهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فَلَا يُضَاهَى بِهِ غَيْرُهُ وَهَكَذَا حُكْمُ غَيْرِ الْآبَاءِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ
وَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ فَهِيَ كَلِمَةٌ تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْيَمِينُ انْتَهَى
قُلْتُ أَوْ أَنَّ هَذَا وَقَعَ قَبْلَ وُرُودِ النَّهْيِ
قَالَ.
وَأَمَّا قَسَمُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَخْلُوقَاتِهِ نَحْوَ الصَّافَّاتِ وَالطُّورِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالْعَادِيَاتِ فَاللَّهُ يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ أَوِ التَّقْدِيرِ وَرَبِّ الطُّورِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْكَعْبَةُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْأَمَانَةُ وَالْحَيَاةُ وَالرُّوحُ وَغَيْرُهَا وَمِنْ أَشَدِّهَا كَرَاهَةً الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 3248 [3248]
( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) أَيْ بِأُصُولِكُمْ فَبِالْفُرُوعِ أَوْلَى ( وَلَا بِالْأَنْدَادِ) أَيِ الْأَصْنَامِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَنْدَادُ جَمْعُ نِدٍّ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مِثْلُ الشَّيْءِ الَّذِي يُضَادُّهُ فِي أُمُورِهِ وَيُنَادُّهُ أَيْ يُخَالِفُهُ وَيُرِيدُ بِهَا مَا كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ انْتَهَى
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَلِ الْمَنْعُ لِلتَّحْرِيمِ قَوْلَانِ عِنْدَ المالكية كذا قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمُ الْكَرَاهَةُ وَالْخِلَافُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمُ التَّحْرِيمُ وَبِهِ جزم الظاهرية
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ بالإجماع ومراده بنفي الجواز الكراهة أَعَمُّ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْحَلِفَ بِهَا
وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَعْصِيَةٌ فَأَشْعَرَ بِالتَّرَدُّدِ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْكَرَاهَةِ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِالتَّفْصِيلِ فَإِنِ اعْتَقَدَ فِي الْمَحْلُوفِ فِيهِ مِنَ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ حُرِّمَ الْحَلِفُ بِهِ وَكَانَ بذلك الاعتقاد كافر انتهى
وَالْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ



رقم الحديث 3250 [325] ( نَحْوَ مَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ ( بِهَذَا) أَيْ بِأَبِي ( ذَاكِرًا) أَيْ قَائِلًا لَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي ( وَلَا آثِرًا) بِلَفْظِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ الْأَثَرِ يَعْنِي وَلَا حَاكِيًا لَهَا عَنْ غَيْرِي نَاقِلًا عَنْهُ
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَمِنْهُ حَدِيثٌ مَأْثُورٌ عَنْ فُلَانٍ أَيْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ وَالْأَثَرُ الرِّوَايَةُ وَنَقْلُ كَلَامِ الْغَيْرِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ آثِرًا أَيْ مُوثِرًا وَقِيلَ يُرِيدُ مُخْبِرًا بِهِ مِنْ قَوْلِكَ أَثَرْتُ الْحَدِيثَ أَثْرَةً إِذَا رَوَيْتَهُ يَقُولُ مَا حَلَفْتُ ذَاكِرًا عَنْ نَفْسِي وَلَا مُخْبِرًا بِهِ عَنْ غَيْرِهِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ
وَقَالَ الْمِزِّيُّ حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى

رقم الحديث 3251 [3251] ( فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ ( فَقَدْ أَشْرَكَ) قَالَ القارىء قِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ غَيْرَهُ فِي التَّعْظِيمِ الْبَلِيغِ فَكَأَنَّهُ مُشْرِكٌ إِشْرَاكًا جَلِيًّا فَيَكُونُ زجرا بطريق المبالغة قال بن الهمام من حلف بغير الله كالنبي وَالْكَعْبَةِ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ وَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِ أَشْرَكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ في ذلك وقد تمسك به قَالَ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ انْتَهَى
قَالَ الْمِزِّيُّ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 3252 [3252] (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ) قَالَ الْمِزِّيُّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الصَّلَاةِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمُ انْتَهَى
وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسْخَةِ الْمُنْذِرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (أَفْلَحَ وَأَبِيهِ) لَعَلَّ هَذَا وَقَعَ قَبْلَ وُرُودِ النَّهْيِ أَوِ التَّقْدِيرُ وَرَبِّ أَبِيهِ أَوْ كَلِمَةٌ جَرَتْ عَلَى اللسان من أن يقصد بها اليمين

(

رقم الحديث 3253 [3253]
أَيْ بِلَفْظِ الْأَمَانَةِ
(مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِمَّنِ اقْتَدَى بِطَرِيقَتِنَا
قَالَ الْقَاضِي أَيْ مِنْ ذَوِي أسوتنا بَلْ هُوَ مِنَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِغَيْرِنَا فَإِنَّهُ مِنْ دَيْدَنِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَعِيدَ عليه قاله القارىء
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ فِيهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُحْلَفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَالْأَمَانَةُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِهِ فَنُهُوا عَنْهَا مِنْ أَجْلِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا نُهُوا أَنْ يَحْلِفُوا بِآبَائِهِمْ وَإِذَا قَالَ الْحَالِفُ وَأَمَانَةُ اللَّهِ كَانَتْ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَعُدُّهَا يَمِينًا وَالْأَمَانَةُ تَقَعُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَدِيعَةِ وَالنَّقْدِ وَالْأَمَانِ وَقَدْ جَاءَ فِي كُلٍّ مِنْهَا حَدِيثٌ
قال المنذري وبن بُرَيْدَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ وَالْحَدِيثُ سُكِتَ عَنْهُ

(

رقم الحديث 3254 [3254] اللَّغْوُ السَّاقِطُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ وَلَغْوُ الْيَمِينِ السَّاقِطُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْأَيْمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيمانكم أَيْ لَا يُعَاقِبُكُمْ بِلَغْوِ الْيَمِينِ الَّذِيQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه الصَّوَاب فِي هَذَا أَنَّهُ قَوْل عَائِشَة كَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاس
وَهُوَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عن عائشة قولها ورواه بن حِبَّان فِي صَحِيحه عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا يَحْلِفُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلْحَلِفِ نَحْوَ لَا وَاللَّهِ بَلَى وَاللَّهِ
( عَنْ عَطَاءٍ) هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ ( هُوَ) أَيْ اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ ( كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ صَادِرًا عَنْ عَقْدِ قَلْبٍ وَإِنَّمَا جَرَى بِهِ اللِّسَانُ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ ( كَلَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ مِنَ الْأَيْمَانِ مَا لَا يَكُونُ عَنْ قَصْدِ الْحَلِفِ وَإِنَّمَا جَرَى عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ إِرَادَةِ الْحَلِفِ
وَإِلَى تَفْسِيرِ اللَّغْوِ بِهَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ونقله بن المنذر عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ .

     قَوْلُهُ  تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو أُنْزِلَ فِي قَوْلِهِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وَتَفْسِيرُ عَائِشَةَ هَذَا أَقْرَبُ لِأَنَّهَا شَهِدَتِ التَّنْزِيلَ فَهِيَ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهَا وَهِيَ عَارِفَةٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّ صِدْقَهُ فَيَنْكَشِفُ خِلَافَهُ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ
وَذَهَبَ طَاوُسٌ إِلَى أنها لحلف وهو غضبان وفي ذلك تفسير أُخَرُ لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ
وَعَنْ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَأَبِي قِلَابَةَ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ لَا يُرَادُ بِهَا الْيَمِينُ وَهِيَ مِنْ صِلَةِ الْكَلَامِ
كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالسُّبُلِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري وأخرجه أيضا البيهقي وبن حِبَّانَ وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ مَوْقُوفًا ( إِبْرَاهِيمُ) بْنُ مَيْمُونٍ الْمَرْوَزِيُّ ( الصَّائِغُ) بالفارسية ذركر هو أحد الثقات وثقه بن مَعِينٍ ( قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مسلم الخرساني القائم بدعوة العباسية
قال بن خَلِّكَانَ قَتَلَ فِي دَوْلَتِهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ صَبْرًا فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَبُو مُسْلِمٍ خَيْرٌ أَوِ الْحَجَّاجُ قَالَ لَا أَقُولُ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَانَ خَيْرًا مِنْ أَحَدٍ وَلَكِنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ شَرًّا مِنْهُ
وَقُتِلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ أَبُو مسلم الخرساني الظَّالِمُ مَقْتُولًا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( بِعَرَنْدَسَ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ كَذَا فِي النُّسَخِ
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَرَنْدَسُ الْأَسَدُ الْعَظِيمُ وَالنُّونُ وَالسِّينُ زَائِدَتَانِ انْتَهَى
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْفَرَنْدَسُ بِالْفَاءِ قبل الرَّاءِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مَعْنَاهُ ( قَالَ) أَبُو دَاوُدَ ( وَكَانَ) أَيْ إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ ( إِذَا رَفَعَ الْمِطْرَقَةَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ يُضْرَبُ بِهَا الْحَدِيدُ وَنَحْوُهُ ( فَسَمِعَ) إِبْرَاهِيمُ ( النِّدَاءَ) أَيِ الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ ( سَيَّبَهَا) أَيْ تَرَكَ إِبْرَاهِيمُ المطرقة تهيأ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا ثَنَاءٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ أَنَّ عَمَلَهُ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ تَرَكَ الْعَمَلَ بِالْمِطْرَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءٍ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ في رفعه ووقفه والله أعلم

( )


رقم الحديث 3255 [3255]
قَالَ فِي النِّهَايَةِ المعاريض جمع من معراض التَّعْرِيضِ وَهُوَ خِلَافُ التَّصْرِيحِ مِنَ الْقَوْلِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ التَّعْرِيضُ نَوْعٌ مِنَ الْكِنَايَةِ ضِدُّ التَّصْرِيحِ
وَقَالَ الرَّاغِبُ هُوَ كَلَامٌ لَهُ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ فَقَصَدَ قَائِلُهُ الْبَاطِنَ وَيُظْهِرُ إِرَادَةَ الظَّاهِرِ انْتَهَى
( عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ) هَكَذَا هَذَا الْإِسْنَادُ كَمَا فِي الْمَتْنِ فِي النُّسَخِ الصحيحة في بعض النسح خِلَافُهُ وَهُوَ غَلَطٌ
وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَيْمَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ وَمُسَدَّدٌ كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ.

     وَقَالَ  مُسَدَّدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ هُمَا وَاحِدٌ انْتَهَى
قُلْتُ أَبُو صَالِحٌ هُوَ ذَكْوَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ كُنْيَتُهُ أَبُو الزِّنَادِ ( يَمِينُكَ) أَيْ حَلِفُكَ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ .

     قَوْلُهُ  ( عَلَى مَا) مَا مَوْصُولَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ النِّيَّةُ ( يُصَدِّقُكَ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى النِّيَّةِ ( صَاحِبُكَ) ) أَيْ خَصْمُكَ وَمُدَّعِيكَ وَمُحَاوِرُكَ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَيْهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ التَّوْرِيَةُ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْيَمِينِ بِقَصْدِ الْمُسْتَحْلِفِ إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْحَالِفِ فَلَهُ التَّوْرِيَةُ قاله القارىء وَفِي فَتْحِ الْوَدُودِ مَعْنَاهُ يَمِينُكَ وَاقِعٌ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَلَا تُؤَثِّرُ التَّوْرِيَةُ فِيهِ وَهَذَا إِذَا كَانَ لِلْمُسْتَحْلِفِ حَقُّ اسْتِحْلَافٍ وَإِلَّا فَالتَّوْرِيَةُ نَافِعَةٌ قَطْعًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ إِنَّهُ أَخِي لِذَلِكَ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ تَنْبِيهًا عَلَى الْمُرَادِ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليمين على نية المستحلف قال القارىء أَيْ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّحْلِيفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ فِي الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ طَالِبِ الْحِنْثِ فَإِنْ أَضْمَرَ الْحَالِفُ تَأْوِيلًا عَلَى غَيْرِ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ لَمْ يَسْتَخْلِصْ مِنَ الْحِنْثِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَصْدِ الْمُحَلِّفِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّفُ هُوَ الْحَاكِمُ أَوِ الْغَرِيمُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّفُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا
وَقِيلَ هُوَ مُقَيَّدٌ بِصِدْقِ الْمُحَلِّفِ فِيمَا ادَّعَاهُ أَمَّا لَوْ كَانَ كَاذِبًا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ إِلَّا إِذَا اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ فِي دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ قَالَ وَالتَّوْرِيَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحْلِفِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ
وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَمِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِيَمِينِهِ لَهُ نِيَّتُهُ وَيُقْبَلُ .

     قَوْلُهُ .
وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِغَيْرِهِ حَقٌّ عَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ يمينه بظاهر سَوَاءٌ حَلَفَ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِاسْتِحْلَافٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 3256 [3256] (عَنْ جَدَّتِهِ) أَيْ لِإِبْرَاهِيمَ هِيَ مَجْهُولَةٌ لَا تُعْرَفُ (عَنْ أَبِيهَا) أَيْ لِلْجَدَّةِ (سُوَيْدٍ) بدل عن أبيها (فأخذه) أي وائلا (عدوله) أَيْ لِوَائِلٍ (فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ) أَيْ ضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالْحَرَجُ الْإِثْمُ وَالضِّيقُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (أَنْ يَحْلِفُوا) يَعْنِي كَرِهُوا الْحَلِفَ وَظَنُّوهُ إِثْمًا (وَحَلَفَتُ أَنَّهُ) أَيْ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأُخُوَّةِ إِلَّا أخوة الْإِسْلَامِ فَإِنَّ كُلَّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُطْلَقُ بَيْنَهُمَا اسْمُ الْأُخُوَّةِ وَيَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَيَبَرُّ الْحَالِفُ إِذَا حَلَفَ أَنَّ هَذَا الْمُسْلِمَ أَخُوهُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ قُرْبَةٌ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَلِهَذَا استحسن ذلك صلى الله عليه وَسَلَّمَ مِنَ الْحَلِفِ.

     وَقَالَ  صَدَقْتَ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
قال المنذري والحديث أخرجه بن مَاجَهْ
وَسُوَيْدُ بْنُ حَنْظَلَةَ لَمْ يُنْسَبْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى
وَفِي الْإِصَابَةِ قَالَ الْأَزْدِيُّ مَا رَوَى عَنْهُ إِلَّا ابنته قال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لَهُ نَسَبًا انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَعَزَاهُ الْمُنْذِرِيُّ إِلَى مُسْلِمٍ فَيُنْظَرُ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ انْتَهَى
قُلْتُ مَا وَجَدْنَا لَفْظَ مُسْلِمٍ فِي نُسْخَةِ الْمُنْذِرِيِّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النُّسَخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(