فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى

رقم الحديث 523 [523] ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ) أَيْ صَوْتَهُ أَوْ أَذَانَهُ ( فَقُولُوا) وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنَ السَّلَفِ وبه قال الحنفية وأهل الظاهر وبن وهب
واستدل الجمهور بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ مُؤَذِّنًا فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ فَلَمَّا تَشَهَّدَ قَالَ خَرَجَ مِنَ النَّارِ قَالَ فَلَمَّا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَيْرَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي اكْتِفَاءً بِالْعَادَةِ
وَنُقِلَ الْقَوْلُ الزَّائِدُ وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ صُدُورِ الْأَمْرِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ( مِثْلَ مَا يَقُولُ) أَيْ إِلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَإِلَّا فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ وَبِالْحَقِّ نَطَقْتَ وَبَرِرْتَ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَقِيلَ بِفَتْحِهَا أَيْ صِرْتَ ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ لِيَشْعُرَ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُ بَعْدَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِثْلَ كَلِمَتِهَا
قُلْتُ وَالصَّرِيحُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْكُتَ انْتَهَى ( ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِكُمْ ( فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ ( صَلَاةً) أَيْ وَاحِدَةً ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ أَعْطَاهُ ( بِهَا عَشْرًا) أَيْ مِنَ الرَّحْمَةِ ( ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ) أَمْرٌ مِنْ سَأَلَ بِالْهَمْزِ عَلَى النَّقْلِ وَالْحَذْفِ وَالِاسْتِغْنَاءِ أَوْ مِنْ سَالَ بِالْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزِ أَوِ الْوَاوِ أَوِ الياء قاله علي القارىء ( لِي) أَيْ لِأَجْلِي ( الْوَسِيلَةَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى الْكَبِيرِ يُقَالُ تَوَسَّلْتُ أَيْ تَقَرَّبْتُ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَنْزِلَةِ الْعَلِيَّةِ
انْتَهَى وَقَدْ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ ( فَإِنَّهَا) أَيِ الْوَسِيلَةَ ( مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ مِنْ مَنَازِلِهَا وَهِيَ أَعْلَاهَا وَأَغْلَاهَا ( لَا يَنْبَغِي) بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ نُسْخَةٌ أَيْ لَا يَتَسَيَّرُ وَلَا يَحْصُلُ وَلَا يَلِيقُ ( إِلَّا لعبد) أي واحد ( من عبادالله) أَيْ جَمِيعِهِمْ ( وَأَرْجُو) قَالَهُ تَوَاضُعًا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَفْضَلُ الْأَنَامِ فَلِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَقَامُ غير ذلك الهمام عليه السلام قاله بن الْمَلَكِ ( أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ) قِيلَ هُوَ خَبَرُ كَانَ وُضِعَ مَوْضِعَ إِيَّاهُ وَالْجُمْلَةُ مِنْ بَابِ وَضْعِ الضَّمِيرِ مَوْضِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ أَكُونَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَنَا مُبْتَدَأٌ لَا تَأْكِيدًا وَهُوَ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَكُونَ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمِيرَ وَحْدَهُ وُضِعَ مَوْضِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ ( حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ حَلَّتْ لَهُ فَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ أَيِ اسْتَحَقَّتْ وَوَجَبَتْ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ حَلَّ يَحُلُّ بِالضَّمِّ إِذَا نَزَلَ وَوَقَعَ فِي الطَّحَاوِيِّ مِنْ حديث بن مَسْعُودٍ وَجَبَتْ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَلَّتْ مِنَ الْحِلِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمَةً وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ مُتَابَعَةِ الْمُؤَذِّنِ وَسُؤَالُ الْوَسِيلَةِ لَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ