فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ

رقم الحديث 3926 [3926] بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ إِزَالَةُ الْمِلْكِ يُقَالُ عَتَقَ يَعْتِقُ عِتْقًا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتُفْتَحُ وَعَتَاقًا وَعَتَاقَةً
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ عَتَقَ الْفَرَسُ إِذَا سَبَقَ وَعَتَقَ الْفَرْخُ إِذَا طَارَ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَتَخَلَّصُ بِالْعِتْقِ وَيَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ
ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ


بِالْفَتْحِ مَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ وَبِالْكَسْرِ مَنْ تَقَعُ مِنْهُ وَكَافُ الْكِتَابَةِ تُفْتَحُ وَتُكْسَرُ
قَالَ الرَّاغِبُ اشْتِقَاقُهَا مِنْ كَتَبَ بِمَعْنَى أَوْجَبَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا أَوْ بِمَعْنَى جَمَعَ وَضَمَّ وَمِنْهُ كَتَبَ عَلَى الْخَطِّ
فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ مَأْخُوذَةً مِنْ مَعْنَى الِالْتِزَامِ وَعَلَى الثَّانِي مَأْخُوذَةً مِنَ الْخَطِّ لِوُجُودِهِ عند عقدها غالبا
قال بن التِّينِ كَانَتِ الْكِتَابَةُ مُتَعَارَفَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يُؤَدِّي) مِنَ الْأَدَاءِ ( بَعْضَ كِتَابَتِهِ فَيَعْجِزُ) أَيْ عَنْ أَدَاءِ بَعْضِهَا ( أَوْ يَمُوتُ) قَبْلَ أَدَاءِ الْبَعْضِ
( عَبْدٌ) أَيْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّ ( مَا بَقِيَ) ما دائمة ( من كتابته درهم) وأخرجه بن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عليه من كتابته شيء
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ
وَقَدْ روى بن أبي شيبة وبن سَعْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِي فَقَالَتْ سُلَيْمَانُ فَقُلْتُ سُلَيْمَانُ فَقَالَتْ أَدَّيْتَ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابَتِكَ.

قُلْتُ نَعَمْ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا قَالَتْ ادْخُلْ فَإِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ رَأْيِي
قُلْتُ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ وَكَانَ فِيهِ خِلَافٌ عَنِ السَّلَفِ فَعَنْ عَلِيٍّ إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَعَنْهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ ما أدى وعن بن مَسْعُودٍ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَدَّى الْمِائَةَ عَتَقَ
وَعَنْ عَطَاءٍ إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ عَتَقَ
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الْمُكَاتَبُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي إِرْسَالِهِ وَوَصْلِهِ
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْآتِي وَهُوَ أَقْوَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ بِيعَتْ بَعْدَ أَنْ كُوتِبَتْ وَلَوْلَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَصِيرُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ حُرًّا لَمُنِعَ بَيْعُهَا
وَقَدْ نَاظَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عنه فقال أترجمه لوزني أَوْ تُجِيزُ شَهَادَتَهُ إِنْ شَهِدَ فَقَالَ عَلِيٌّ لَا فَقَالَ زَيْدٌ فَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى أَنَّ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَبْدًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَإِذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ وَلَمْ يَحْدُثْ لِغَيْرِهِ فِيهِ مِلْكٌ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ مِنْ بَيْعِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ نُجُومَهُ بِكَمَالِهَا لَمْ يَكُنْ مَحْكُومًا بِعِتْقِهِ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يَصِرْ حُرًّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَأْخُذُ الْمَالَ سَيِّدُهُ وَيَكُونُ أَوْلَادُهُ رَقِيقًا لَهُ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ انْتَهَى
وَقَالَ الْأَرْدُبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ إِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ بَعْضِهَا مَاتَ رَقِيقًا قَلَّ الْبَاقِي أَوْ كَثُرَ تَرَكَ وَفَاءً أَوْ لَمْ يَتْرُكْ خَلَّفَ وَلَدًا أَوْ لَمْ يُخَلِّفْ لِهَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ تَرَكَ وَفَاءً عَتَقَ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ فَلَا
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ خَلَّفَ وَلَدًا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَفِيهِ أَيْضًا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَفِيهِ مَقَالٌ انْتَهَى



رقم الحديث 3927 [3927] ( عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَجَمْعُهَا أَوَاقِيُّ بِفَتْحِ الهمزة وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا وَرُوِيَ بِمَدِّ الْأَلِفِ بِلَا يَاءٍ أَيْ أَوَاقٍ وَهُوَ لَحْنٌ كَذَا فِي الْأَزْهَارِ ( أَوَاقٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْأَوَاقِيُّ جَمْعُ أُوقِيَّةٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالْجَمْعُ يُشَدَّدُ وَيُخَفَّفُ وَكَانَتِ الْأُوقِيَّةُ قَدِيمًا عِبَارَةً عَنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا انْتَهَى
وَقَالَ فِي مَادَّةِ وَقَا الْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمٌ لِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَزْنُهُ أُفْعُولَةٌ وَالْأَلِفُ زَائِدَةٌ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهِيَ لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ وَالْجَمْعُ الْأَوَاقِيُّ مُشَدَّدًا وَقَدْ يُخَفَّفُ انْتَهَى ( فَهُوَ عَبْدٌ) وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ السُّنَنِ فَهُوَ رَقِيقٌ
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ رِقٌّ مَمْلُوكٌ وَكُلُّ مَمْلُوكٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ كَمَا قَالَ بِهِ الأكثرون خلافا لعلي رضي الله عنه وبن عباس وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَآخَرِينَ
قَالَهُ الْأَرْدُبِيلِيُّ
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَمْرٌو وَعَلَى هَذَا فُتْيَا الْمُفْتِينَ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَيْسَ هُوَ عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ قَالُوا هُوَ وَهْمٌ وَلَكِنَّهُ هُوَ شَيْخٌ آخَرُ) وُجِدَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَمِيعُ النُّسَخِ عَنْهَا خَالٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هذا القول عن أبي داود الحافظ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَلَا الْعَلَّامَةُ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِهِ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ فَذَكَرَهُ ثم قال وقال المقرئ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ انْتَهَى
وَإِنِّي لَمْ أَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مَحْفُوظَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ