فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

رقم الحديث 2115 [2115]

رقم الحديث 2116 [2116] (أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِهَذَا الْخَبَرِ) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ المذكور (فاختلفوا إليه) أي إلى بن مَسْعُودٍ (أَوْ قَالَ مَرَّاتٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (لَا وَكْسَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ لَا نَقْصَ (وَلَا شَطَطَ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ وَلَا زِيَادَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْوَكْسُ النُّقْصَانُ وَالشَّطَطُ الْعُدْوَانُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْحَقِّ يُقَالُ اشْتَطَّ الرَّجُلُ فِي الْحُكْمِ إِذَا تَعَدَّى الْحَقَّ وَجَاوَزَهُ (فَإِنْ يَكُ) حُكْمِي هَذَا وَقَضَائِي (فَمِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ (وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّيQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وفيه أن الصواب في قول واحد ولا يكون القولان المتضادان صوابا معا
وهو منصوص الأئمة الأربعة والسلف
وأكثر الخلف
وفيه أن الله تعالى هو الموفق للصواب الملهم له بتوفيقه وإعانته وأن الخطأ من النفس وَمِنَ الشَّيْطَانِ أَيْ مِنْ قُصُورِ عِلْمِي وَمِنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ وَتَلْبِيسِهِ عَلَيَّ وَجْهَ الْحَقِّ فِيهِ (والله ورسوله يريان) يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ثُمَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكَا شَيْئًا لَمْ يُبَيِّنَاهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ وَلَمْ يُرْشِدَا إِلَى صَوَابِ الْحَقِّ فِيهِ إِمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً وَهُمَا بَرِيئَانِ مِنْ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِمَا الْخَطَأُ الَّذِي يُؤْتَى الْمَرْءُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ عَجْزِهِ وَتَقْصِيرِهِ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ بِمَوْتِ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّدَاقِ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ وَبِهِ قَالَ بن مسعود وبن سيرين وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ
وعن علي وبن عباس وبن عُمَرَ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَأَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إِلَّا الْمِيرَاثَ فَقَطْ وَلَا تَسْتَحِقُّ مَهْرًا وَلَا مُتْعَةً لِأَنَّ الْمُتْعَةَ لَمْ تَرِدْ إِلَّا لِلْمُطَلَّقَةِ وَالْمَهْرُ عِوَضٌ عَنِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَقَعْ مِنَ الزَّوْجِ
وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بَالِاضْطِرَابِ فَرُوِيَ مَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَمَرَّةً عَنْ رَجُلٍ مِنْQوالشيطان ولا يضاف إلى الله ولا إلى رسوله
ولا حجة فيه للقدرية المجوسية إذا إضافته إلى النفس والشيطان إضافة إلى محله ومصدره وهو النفس وشبهها وهو الشيطان وتلبيسه الحق بالباطل بل فيه رد على القدرية الجبرية الذين يبرئون النفس والشيطان من الأفعال البتة ولا يرون للمكلف فعلا اختياريا يكون صوابا أو خطأ
والذي دل عليه قول بن مسعود وهو قول الصحابة كلهم وأئمة السنة من التابعين ومن بعدهم هو إثبات القدر الذي هو نظام التوحيد
إثبات فعل العبد الأختياري
الذي هو نظام الأمر والنهي
وهو متعلق المدح والذم والثواب والعقاب والله أعلم

قال الحافظ شمس الدين بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ سعيد بن جبير عن بن عَبَّاس
أَنَّ رَجُلًا كَلَّمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْء فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْحَمْد لِلَّهِ نَحْمَدهُ وَنَسْتَعِينهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّه فَلَا مُضِلّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِي لَهُ وَأَشْهَد أَنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك لَهُ وَأَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله أَمَّا بَعْد وَالْأَحَادِيث كُلّهَا مُتَّفِقَة عَلَى أَنَّ نَسْتَعِينهُ وَنَسْتَغْفِرهُ وَنَعُوذ بِهِ بِالنُّونِ وَالشَّهَادَتَانِ بِالْإِفْرَادِ وَأَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَشْهَد أَنَّ محمدا عبده ورسوله أَشْجَعَ أَوْ نَاسٍ مِنْ أَشْجَعَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاضْطِرَابَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ صَحَابِيٍّ وَصَحَابِيٍّ وَهَذَا لَا يُطْعَنُ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ
وَقَالُوا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لَا تَقْبَلْ قَوْلَ أَعْرَابِيٍّ بَوَّالٍ عَلَى عَقِبَيْهِ فِيمَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَلَوْ سُلِّمَ ثُبُوتُهُ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بَالْحَدِيثِ مَعْقِلٌ الْمَذْكُورُ بَلْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ بَلْ مَعَهُ الْجَرَّاحُ كَمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَيْضًا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا نَفَيَا مَهْرَ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْمَسِّ وَالْفَرْضِ لَا مَهْرَ مَنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَأَحْكَامُ الْمَوْتِ غَيْرُ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ