فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ الْحَبَشَةِ

رقم الحديث 3815 [3815] الطَّافِي بِغَيْرِ هَمْزٍ مِنْ طَفَا إِذَا عَلَا عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَرْسُبْ وَالسَّمَكُ الطَّافِي هُوَ الَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ بِلَا سَبَبٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
( مَا أَلْقَى الْبَحْرُ) أَيْ كُلُّ مَا قَذَفَهُ إِلَى السَّاحِلِ ( أَوْ جَزَرَ عَنْهُ) بِجِيمٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ انْكَشَفَ عَنْهُ الْمَاءُ وَذَهَبَ وَالْجَزْرُ رُجُوعُ الْمَاءِ خَلْفَهُ وَهُوَ ضِدُّ الْمَدِّ وَمِنْهُ الْجَزِيرَةُ
وَالْمَعْنَى وَمَا انْكَشَفَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ ( وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا) أَيِ ارْتَفَعَ فَوْقَ الْمَاءِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ ( فَلَا تَأْكُلُوهُ) اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى كَرَاهَةِ السمك الطافي قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ الطَّافِيَ مِنَ السَّمَكِ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق وأبي أيوب الأنصارى وإليه ذهب بن أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَرِهَا الطَّافِيَ مِنَ السَّمَكِ وَإِلَيْهِ ذهب جابر بن زيد وطاووس وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى
قُلْتُ يَدُلُّ على إباحة السمك الطافي حديث جابر قَالَ غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ عزوجل لَكُمْ أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ فَأَكَلَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا
فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مَيْتَةِ الْبَحْرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا مَاتَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالِاصْطِيَادِ
وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّ جِهَةَ كَوْنِهَا حَلَالًا لَيْسَتْ سَبَبَ الِاضْطِرَارِ بَلْ كَوْنُهَا مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ
قَالَ الْحَافِظُ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إِلَّا مَوْقُوفًا فَقَدْ عَارَضَهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي حِلَّهُ لِأَنَّهُ سَمَكٌ لَوْ مَاتَ فِي الْبَرِّ لَأُكِلَ بِغَيْرِ تَذْكِيَةٍ وَلَوْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ أَوْ قَتَلَتْهُ سَمَكَةٌ أُخْرَى فَمَاتَ لَأُكِلَ فَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ وَهُوَ فِي الْبَحْرِ انْتَهَى
قُلْتُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَافِظُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا بِلَفْظِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الطَّافِي حَلَالٌ وَوَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ ( وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا الْحَدِيثُ) أَيْ رُوِيَ مَرْفُوعًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن ماجه