فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

رقم الحديث 2063 [2063] ( لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ) الْمَصَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْمَصِّ وَهُوَ أَخْذُ الْيَسِيرِ مِنَ الشَّيْءِ كَمَا فِي الضِّيَاءِ وَفِي الْقَامُوسِ مَصِصْتُهُ بَالْكَسْرِ أَمُصّهُ وَمَصَصْتُهُ أَمُصُّهُ كَخَصَصْتُهُ أَخُصُّهُ شَرِبْتُهُ شُرْبًا رَفِيقًا
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَصَّةَ وَالْمَصَّتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمُ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ وَيَدُلُّ بمفهومه على أن الثلث مِنَ الْمَصَّاتِ تَقْتَضِي التَّحْرِيمَ
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن ماجه ( )


رقم الحديث 2064 [264] الرضخ اعطاء
( بن إدريس) أي أبو معاوية وبن إِدْرِيسَ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ ( مَا يُذْهِبُ) مِنَ الْإِذْهَابِ أَيْ مَا يُزِيلُ ( مَذَمَّةَ الرَّضَاعَةِ) أَيْ حَقَّ الْإِرْضَاعِ أَوْ حَقَّ ذَاتِ الرَّضَاعِ
فِي الْفَائِقِ الْمَذَمَّةُ وَالذِّمَامُ بَالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ الْحَقُّ وَالْحُرْمَةُ الَّتِي يُذَمُّ مُضَيِّعُهَا يُقَالُ رَعَيْتُ ذِمَامَ فُلَانٍ وَمَذَمَّتُهُ
وَعَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمِذَمَّةُ بَالْكَسْرِ الذِّمَامُ وَبَالْفَتْحِ الذَّمُّ
قَالَ الْقَاضِي وَالْمَعْنَى أَيْ شَيْءٌ يُسْقِطُ عَنِّي حَقَّ الْإِرْضَاعِ حَتَّى أَكُونَ بِأَدَائِهِ مُؤَدِّيًا حَقَّ الْمُرْضِعَةِ بِكَمَالِهِ وَكَانَتِ الْعَرَبُ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَرْضِخُوا لِلظِّئْرِ بِشَيْءٍ سِوَى الْأُجْرَةِ عِنْدَ الْفِصَالِ وَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ ( الْغُرَّةُ) أَيِ الْمَمْلُوكُ ( الْعَبْدُ أَوِ الْأَمَةُ) بَالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنَ الْغُرَّةِ وَقِيلَ الْغُرَّةُ لَا تُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الْأَبْيَضِ مِنَ الرَّقِيقِ وَقِيلَ هِيَ أَنْفَسُ شَيْءٍ يُمْلَكُ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْغُرَّةُ الْمَمْلُوكُ وَأَصْلُهَا الْبَيَاضُ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِأَكْرَمِ كُلِّ شَيْءٍ كَقَوْلِهِمْ غُرَّةُ الْقَوْمِ سَيِّدُهُمْ
وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ الْمَمْلُوكُ خَيْرُ مَا يُمْلَكُ سُمِّيَ غُرَّةً وَلَمَّا جَعَلَتِ الظِّئْرُ نَفْسَهَا خَادِمَةً جُوزِيَتْ بِجِنْسِ فِعْلِهَا
وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ يَقُولُ إِنَّهَا قَدْ خَدَمَتْكَ وَأَنْتَ طِفْلٌ وَحَضَنَتْكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ فَكَافِئْهَا بِخَادِمٍ يَخْدُمُهَا وَيَكْفِيهَا الْمِهْنَةَ قَضَاءً لِذِمَامِهَا وَجَزَاءً لَهَا عَلَى إِحْسَانِهَا انْتَهَى
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بَالْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَطِيَّةِ لِلْمُرَاضَعَةِ عِنْدَ الْفِطَامِ وَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَبُوهُ هُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَقِيلَ كَانَ يَنْزِلُ الْعَرْجَ
ذَكَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ.

     وَقَالَ  وَلَا أَعْلَمُ لِلْحَجَّاجِ بْنِ مَالِكٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالَ النَّمَرِيُّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ ( قَالَ النُّفَيْلِيُّ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ ( حَجَّاجُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيُّ) بِزِيَادَةِ لَفْظِ الْأَسْلَمِيِّ ( وَهَذَا) أَيْ لَفْظُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ( لَفْظُهُ) أَيْ لَفْظُ حَدِيثِ النُّفَيْلِيِّ


رقم الحديث 2065 [265] ما معنى مِنْ وَمِنَ النِّسَاءِ بَيَانٌ لَهَا أَيْ بَابُ النِّسَاءِ اللَّاتِي يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ
( لَا تُنْكَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( عَلَى عَمَّتِهَا) سَوَاءَ كَانَتْ سُفْلَى كَأُخْتِ الْأَبِ أَوْ عُلْيَا كَأُخْتِ الْجَدِّ مَثَلًا ( عَلَى خَالَتِهَا) سُفْلَى كَانَتْ أَوْ عُلْيَا ( وَلَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى) أَيْ سِنًّا غَالِبًا أَوْ رُتْبَةً فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ وَالْمُرَادُ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ ( عَلَى الصُّغْرَى) أَيْ بِنْتِ الْأَخِ أَوْ بِنْتِ الْأُخْتِ وَسُمِّيَتْ صُغْرَى لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِنْتِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كَالْبَيَانِ لِلْعِلَّةِ وَالتَّأْكِيدِ لِلْحُكْمِ ( وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى) كَرَّرَ النَّفْيَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِلتَّأْكِيدِ لِقَوْلِهِ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا إِلَخْ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ تَزَوُّجِ الْعَمَّةِ عَلَى بِنْتِ أخيها والخالة على بنت أختها الفضيلة الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ كَمَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا يُخَافُ مِنْ وُقُوعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُنَّ لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ فِي الْحَظِّ مِنَ الزَّوْجِ تُوقِعُ الْمُنَافَسَةَ بَيْنَهُنَّ فَيَكُونُ مِنْهَا قَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَبَيْنَ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي الْوَطْءِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ



رقم الحديث 2067 [267] ( كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ وَالْعَمَّتَيْنِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ كُرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ أَيْ وَبَيْنَ مَنْ هُمَا عَمَّةٌ وَخَالَةٌ لَهَا فَالظَّرْفُ الثَّانِي مِنْ مَدْخُولِ بَيْنَ مَتْرُوكٌ فِي الْكَلَامِ لِظُهُورِهِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ أَيْ وَبَيْنَ مَنْ هُمَا خَالَتَانِ لَهَا وَالْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الصَّغِيرَةُ مِمَّنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا وَالْكَبِيرَةُ مِنْهَا أَوِ الْأَبَوِيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أَبٍ وَالْأُمِّيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أُمٍّ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْعَمَّتَيْنِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الْخَالَةُ وَمَنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الْخَالَةِ تَغْلِيبًا وَكَذَا الْعَمَّتَيْنِ وَالْكَلَامُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِكَمَالِ الدَّمِيرِيِّ قَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى الْمَجَازِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَمَّةٌ وَالْأُخْرَى خَالَةٌ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةُ الْأُخْرَى
تَصْوِيرُ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَابْنُهُ فَتَزَوَّجَا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا فَتَزَوَّجَ الْأَبُ الْبِنْتَ وَالِابْنُ الْأُمَّ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ مِنْ هَاتَيْنِ الزَّوْجَتَيْنِ فَابْنَةُ الْأَبِ عَمَّةُ بِنْتِ الِابْنِ وَبِنْتُ الِابْنِ خَالَةٌ لِبِنْتِ الْأَبِ
وَتَصْوِيرُ الْعَمَّتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ رَجُلٍ وَيَتَزَوَّجَ الْآخَرُ أُمَّهُ فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى
وَتَصْوِيرُ الْخَالَتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ ابْنَةَ رَجُلٍ وَالْآخَرُ ابْنَتَهُ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالَةُ الْأُخْرَى انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ خَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْحَرَّانِيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ