فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْمَذْيِ

رقم الحديث 190 [190] ( انْتَهَشَ) النَّهْشُ بِالْمُعْجَمَةِ أَخْذُ اللَّحْمِ بِالْأَضْرَاسِ وَبِالْإِهْمَالِ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفِ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ



رقم الحديث 191 [191] ( قَرَّبْتُ) بِشِدَّةِ الرَّاءِ ( وَلَمْ يَتَوَضَّأِ) الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَبَادِرَ مِنَ السِّيَاقِ



رقم الحديث 192 [192] ( كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ ها هنا الشَّأْنُ وَالْقِصَّةُ لَا مُقَابِلَ النَّهْيِ
انْتَهَى
أَيْ آخِرُ الْوَاقِعَتَيْنِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ) بِنُضْجٍ وَطَبْخٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 193 [193] ( مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ) وَهَذَا مِنِ بن السَّرْحِ تَوْثِيقٌ لِابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ
قُلْتُ وَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِ جَرْحٌ ( ثُمَامَةَ) بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ( الْمُرَادِيُّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى مُرَادٍ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ ( مِصْرَ) بَدَلٌ مِنْ ضمير المتكلم ( الجزء) بفتح الجيم وسكون الزاء الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ( لَقَدْ رَأَيْتُنِي) الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَيَاءُ الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَسَابِعٌ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي ( فَنَادَاهُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِعْلَامِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ لَكِنْ لَا عَلَى الطَّرِيقِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا التَّثْوِيبُ بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ وَالْإِيذَانِ ( وَبُرْمَتُهُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هِيَ الْقِدْرُ وَجَمْعُهَا الْبِرَامُ بِكَسْرِ الْبَاءِ
قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ
( أَطَابَتْ بُرْمَتُكُ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَالطَّيِّبُ خِلَافُ الْخَبِيثِ يُقَالُ طَابَ الشَّيْءُ يَطِيبُ طِيبَةً وَتَطْيَابًا وَنِسْبَةُ الطِّيبَةِ إِلَى الْبُرْمَةِ مَجَازٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ طِيبَةِ الْبُرْمَةِ تَطْيَابُ مَا فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ أَيْ نَضُجَ مَا فِي الْبُرْمَةِ وَصَارَ لَائِقًا لِلْأَكْلِ ( بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) أَيْ أَنْتَ مُفْدًى بِهِمَا أَوْ فَدَيْتُكَ بِهِمَا ( فَتَنَاوَلَ مِنْهَا بَضْعَةً) أَيْ أَخَذَ مِنَ الْبُرْمَةِ قِطْعَةً مِنَ الذِي هُوَ فِيهَا وَهُوَ اللَّحْمُ ( يَعْلِكُهَا) أَيْ يَمْضُغُهَا ( أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا ( وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إِلَى مَضْغِهِ لِتِلْكَ الْقِطْعَةِ ثُمَّ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَهُ الرَّاوِي وَقْتَ تَحْدِيثِهِ بِذَلِكَ أَيْ أَنَا مُتَيَقِّنٌ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ بَعْدَ الْأَكْلِ لِلصَّلَاةِ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَعَلَى أن أكل ما غيرته النار ليس بناقص لِلْوُضُوءِ



رقم الحديث 194 [194] 76 بَاب التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَيْ وُجُوبِ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ مِنْهُ
( الْأَغَرِّ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشِدَّةِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ( الْوُضُوءُ مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ زَيْنِ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ لَفْظُهُ الخبر ومعناه الأمر أي توضؤوا مِمَّا غَيَّرَتْهُ النَّارُ

رقم الحديث 195 [195] ( فَسَقَتْهُ) أَيْ أَبَا سُفْيَانَ ( قَدَحًا) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ إِنَاءٌ يَسَعُ مَا يَرْوِي رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ( يا بن أُخْتِي أَلَا تَوَضَّأْ) أَيْ تَتَوَضَّأْ
وَفِي رِوَايَةِ الطحاوي قالت يا بن أَخِي تَوَضَّأْ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُحْدِثْ شَيْئًا ( أَوْ قَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلى أنه لا ينتفض الْوُضُوءُ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلى وجوب الشَّرْعِيِّ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَاسْتَدَلَّتْ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ عَنْ أَحَادِيثِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ بَلِ اخْتَصَرَهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أَحَدُ رُوَاتِهِ كَمَا عَرَفْتَ
وَثَانِيهَا أَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا على الوجوب وهذا اختيار الخطابي وبن تَيْمِيَّةَ صَاحِبِ الْمُنْتَقَى
وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْفَمِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا وَحَقِيقَةُ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ غَسْلُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تغتسل لِلْوُضُوءِ فَلَا يُخَالَفُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ إِلَّا لِدَلِيلٍ
وَالَّذِي تَطْمَئِنُّ بِهِ الْقُلُوبُ مَا حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الرَّاجِحُ مِنْهَا نَظَرْنَا إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَّحْنَا بِهِ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَارْتَضَى بِهَذَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَكَلُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَمْ يتوضئوا
قال الحافظ بن حَجَرٍ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَكَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَصَلَّوْا وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا
وَفِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّ النَّارُ آثَارٌ أُخَرُ مَرْوِيَّةٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ الله عنهم أجمعين