فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ وَلِيِّ الْعَمْدِ يَرْضَى بِالدِّيَةِ

رقم الحديث 3967 [3967] ( لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ) قَالَ الْمِزِّيُّ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ وَيُقَالُ مُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ الْبَهْزِيُّ وَهُوَ بَهْزُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ سَكَنَ الْبَصْرَةَ ثُمَّ سَكَنَ الْأُرْدُنَّ مِنَ الشَّامِ انْتَهَى ( فَذَكَرَ مَعْنَى) حَدِيثِ ( مُعَاذِ) بْنِ هِشَامٍ ( وَزَادَ) الرَّاوِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ ( وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ إِلَّا كَانَتَا فَكَاكَهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا لُغَةٌ أَيْ كَانَتَا خَلَاصَ المعتق بكسر التَّاءِ ( مِنَ النَّارِ) فَعِتْقُهُمَا سَبَبٌ لِخَلَاصِهِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ( يُجْزَى) بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّايِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ أَيْ يَقْضِي وَيَنُوبُ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى يَوْمَ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نفس شيئا قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَالْمُنَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( مِنْهُمَا) أَيْ مِنِ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ ( مِنْ عِظَامِهِ) أَيِ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ انْتَهَى فَعِتْقُ الْمَرْأَةِ أَجْرُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِتْقِ الذَّكَرِ فَالرَّجُلُ إِذَا أَعْتَقَ امْرَأَةً كَانَتْ فِكَاكَ نِصْفِهِ مِنَ النَّارِ وَالْمَرْأَةُ إِذَا أَعْتَقَتِ الْأَمَةَ كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنَ النَّارِ
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ عِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَعِتْقُ الذَّكَرِ يَعْدِلُ عِتْقَ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ عُتَقَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكُورًا
وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلِ الْأَفْضَلُ عِتْقُ الْإِنَاثِ أَمِ الذُّكُورِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ الْإِنَاثُ لِأَنَّهَا إِذَا أُعْتِقَتْ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا سَوَاءً تَزَوَّجَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ
قُلْتُ وَمُجَرَّدُ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ لَا يَصْلُحُ لِمُعَارَضَةِ مَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ فِكَاكِ الْمُعْتِقِ إِمَّا رَجُلٍ أَوِ امْرَأَتَيْنِ وَأَيْضًا عِتْقُ الْأُنْثَى رُبَّمَا أَفْضَى فِي الْغَالِبِ إِلَى ضَيَاعِهَا لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى التَّكَسُّبِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ عِتْقُ الذُّكُورِ أَفْضَلُ لِمَا فِي الذَّكَرِ مِنَ الْمَعَانِي الْعَامَّةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي الْإِنَاثِ كَالْقَضَاءِ وَالْجِهَادِ وَلِأَنَّ مِنَ الْإِنَاثِ مَنْ إِذَا أُعْتِقَتْ تَضِيعُ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ سَالِمٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ شُرَحْبِيلَ
مَاتَ شُرَحْبِيلُ بِصِفِّينَ)
هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَمْ تُوجَدْ إِلَّا فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ في الأطراف

رقم الحديث 3968 [3968]
( مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ) وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَيَتَصَدَّقُ ( عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَ احْتِضَارِهِ ( يُهْدِي) مِنَ الْإِهْدَاءِ ( إِذَا شَبِعَ) لِأَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ إِنَّمَا هِيَ عِنْدَ الطَّمَعِ فِي الدُّنْيَا وَالْحِرْصِ عَلَى الْمَالِ فَيَكُونُ مُؤْثِرًا لِآخِرَتِهِ عَلَى دُنْيَاهُ صَادِرًا فِعْلُهُ عَنْ قَلْبٍ سَلِيمٍ وَنِيَّةٍ مُخْلَصَةٍ فَإِذَا أَخَّرَ فِعْلَ ذَلِكَ حَتَّى حَضَرَهُ الْمَوْتُ كَانَ اسْتِيثَارًا دُونَ الْوَرَثَةِ وَتَقْدِيمًا لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي دُنْيَاهُ فَيَنْقُصُ حَظُّهُ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الحاكم وأقره الذهبي
وقال بن حجر إسناده حسن وصححه بن حِبَّانَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِزِيَادَةِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُعْتِقُ كَالَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ


رقم الحديث 3969 [3969] (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ) فَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (قَرَأَ وَاتَّخِذُوا) أى بصيغة الأمر كما هو الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ
وَقَدْ جَاءَتِ الْقِرَاءَةُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي أَيْضًا وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَقَرَأَ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ الْحَدِيثَ
قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ كَانُوا يقرؤون (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قَالَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا
وَأَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَرَأَهَا (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلى) بِخَفْضِ الْخَاءِ انْتَهَى
وَفِي غَيْثِ النَّفْعِ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ (وَاتَّخِذُوا) قَرَأَ نَافِعٌ وَالشَّامِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ فِعْلًا مَاضِيًا وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ انْتَهَى
وَقَولُهُ تَعَالَى وَاتَّخِذُوا) الْآيَةَ هُوَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ قِيلَ الْحَرَمُ كُلُّهُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَقِيلَ أَرَادَ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعَ مَشَاهِدِ الْحَجِّ مِثْلَ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَالرَّمْيِ وَسَائِرِ الْمَشَاهِدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي يُصلِّي عِنْدَهُ الْأَئِمَّةُ وَذَلِكَ الْحَجَرُ هُوَ الَّذِي قام إبراهيم عليه السلام عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ عِنْدَهَ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِمَسْحِهِ وَتَقْبِيلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الطَّوَافِ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أن رسول الله اعْتَمَرَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رسول الله لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ