فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ مِنَ الْقَضَاءِ

رقم الحديث 3203 [3203]
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رُوِيَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةِ وجوه حسان كلها
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ بَلْ مِنْ تِسْعَةٍ كُلِّهَا حِسَانٍ وَسَاقَهَا كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهِ فِي تَمْهِيدِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَامِرِ بْنِ ربيعة وبن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْخَمْسَةِ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِسْكِينَةِ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي صَلَاةِ الْمُصْطَفَى عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بَعْدَ دَفْنِهَا بِشَهْرٍ وَحَدِيثِ الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِ طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روى البخاري عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى قَبْر مَنْبُوذ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفه قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَس وَبُرَيْدَةَ وَزَيْد بْن ثَابِت وَأَبِي هُرَيْرَة وَعَامِر بْن رَبِيعَة وَأَبِي قَتَادَةَ وَسَهْل بْن حُنَيْف
قَالَ الترمذي وحديث بن عَبَّاس حَدِيث حَسَن صَحِيح
وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهمْ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق.

     وَقَالَ  بَعْض أَهْل الْعِلْم لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْر وَهُوَ قَوْل مَالِك بْن أَنَس.

     وَقَالَ  عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك إِذَا دُفِنَ الْمَيِّت وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ صُلِّيَ عَلَى الْقَبْر
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد وَمَنْ يَشُكّ فِي الصَّلَاة عَلَى الْقَبْر يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّة وُجُوه حِسَان
وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر
وفي الصحيحين عن بن عَبَّاس قَالَ مَاتَ إِنْسَان كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودهُ فَذَكَرَ الْحَدِيث وفيه فأتى قبره فَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَكِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث إِنَّمَا تَدُلّ على قول بن الْمُبَارَك فَإِنَّهَا وَقَائِع أَعْيَان وَاَللَّه أَعْلَم الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إِلَيْكَ وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ وَحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّ أَبِي أُمَامَةَ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى امرأة بعد ما دُفِنَتْ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْمِسْكِينَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَهُوَ فِي الْمِسْكِينَةِ فِي عَشَرَةِ أَوْجُهٍ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِلزُّرْقَانِيِّ
فَالصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ سَوَاءٌ صُلِّيَ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ قَبْلَهُ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
قَالَ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ فَصَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ لَيْلَةٍ وَمَرَّةً بَعْدَ ثَلَاثٍ وَمَرَّةً بَعْدَ شَهْرٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ فِي ذَلِكَ وَقْتًا
وَحَدَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ بِشَهْرٍ إِذْ هُوَ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ صَلَّى بَعْدَهُ
وَحَدَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا إِذَا لَمْ يَبْلَ الْمَيِّتُ انْتَهَى
وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ من طريق عامر عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ دُفِنَ لَيْلًا وَفِيهِ فَصَفَفْنَا خلفه قال بن عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ
( كَانَ يَقُمُّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ يَكْنُسُ وَالْقُمَامَةُ الْكُنَاسَةُ ( فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهِ) أَيْ أَخْبَرْتُمُونِي بِمَوْتِهِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِ ( قَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دُلُّونِي) بِضَمِّ الدَّالِ أَمْرٌ مِنَ الدَّلَالَةِ ( فَصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ على قبره
قال الحافظ زاد بن حِبَّانَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا عَلَيْهِمْ بِصَلَاتِي وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُخَالِفِينَ احْتَجَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَفِيهَا ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَفْنَا خلفه وكبر عليه أربعا قال بن حِبَّانَ فِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ بَيَانُ جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا لِلْأَصَالَةِ انْتَهَى
قُلْتُ لَا يَلِيقُ بِشَأْنِ الْحَافِظِ أَنْ يَنْقُلَ قَوْلَ هَذَا الْمُتَعَقِّبِ فَإِنَّ قَوْلَهُ هَذَا غَلَطٌ بَاطِلٌ وَيَكْفِي لِرَدِّهِ قوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ بَيَانُ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ لِمَنْ لَمْ يَلْحَقِ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَفِي الصَّلَاةِ اخْتِلَافٌ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يَبْلَ صَاحِبُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِلَى شَهْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَبَدًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن ماجه




رقم الحديث 3204 [324] هَكَذَا فِي نُسَخِ الْكِتَابِ وَلَكِنْ أَوْرَدَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ تَرْجَمَةَ الْبَابِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَلَفْظُ الْمُنْذِرِيِّ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ قَتَلَهُ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَفْظُ الْخَطَّابِيِّ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ وَهَكَذَا نَقَلَ الْحَافِظُ أَيْضًا فِي الْفَتْحِ تَرْجَمَةَ الْبَابِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ
( نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ) أَيْ أَخْبَرَ النَّاسَ بِمَوْتِهِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فد تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ فَهَلُمُّوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ
وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النبي نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَأَخْرَجَاهُ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ انْتَهَى
وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِأَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ اسْتَغْفِرُوا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِهِمْ كَمَا يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين أن رسول الله قَالَ إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيُّ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ قُمْنَا فَصَفَفْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ فِي الْفَتْحِ النَّجَاشِيِّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ كَيَاءِ النَّسَبِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ وَرَجَّحَهُ الصَّغَانِيُّ وَهُوَ لَقَبٌ مِنْ مَلِكِ الْحَبَشَةِ
وَحَكَى الْمُطَّرِّزِيُّ تَشْدِيدَ الْجِيمِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَخَطَّأَهُ انْتَهَى
وَاسْمُ النَّجَاشِيِّ أَصْحَمَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كُتُبِ الحديث والمغازي وغيرها ووقع في مسند بن شَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَتُهُ صَحْمَةَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ.

     وَقَالَ  هَكَذَا قَالَ لَنَا يَزِيدُ وَإِنَّمَا هُوَ صَمْحَةُ يَعْنِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْحَاءِ وَهَذَانِ شَاذَّانِ وَالصَّوَابُ أَصْحَمَةُ بِالْأَلِفِ
قال بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةٌ انْتَهَى ( إِلَى الْمُصَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْمَوْتَى فِيهِ ( وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) قَدِ اسْتَدَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ كَمَا يَلُوحُ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ
وَمِمَّنِ اخْتَارَ هَذَا الشَّيْخُ الْخَطَّابِيُّ وَشَيْخُ الإسلام بن تَيْمِيَّةَ وَالْعَلَّامَةُ الْمُقْبِلِيُّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ عَنِ الْبَلَدِ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وجمهور السلف حتى قال بن حَزْمٍ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْعُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ دُعَاءٌ لَهُ وَهُوَ إِذَا كَانَ مُلَفَّفًا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يُدْعَى لَهُ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ فِي الْقَبْرِ بِذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ بِهِ وَهُوَ مُلَفَّفٌ
وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ لَا يُشْرَعُ ذَلِكَ
وَقَدِ اعْتَذَرَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضٍ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِهَا أَحَدٌ فَتَعَيَّنَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ تَرْجَمَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ إِلَّا أَنَّنِي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ انْتَهَى.
وَتَعَقَّبَهُ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ فَقَالَ وَهُوَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ فَلَمْ يُرْوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي بَلَدِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَمَحَلُّهُ فِي اتِّسَاعِ الْحِفْظِ مَعْلُومٌ انْتَهَى
قُلْتُ نَعَمْ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا لَكِنْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَسْلَمَ وَشَاعَ إِسْلَامُهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَكَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ فَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ مَا صَلَّى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَلَدِهِ
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أبو داود الطيالسي وأحمد وبن مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ وَاللَّفْظُ لِابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ قَالُوا مَنْ هُوَ قَالَ النجاشي
ولفظ غيره أن النبي قَالَ إِنَّ أَخَاكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِلْمَانِعِينَ بَلْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الْمَانِعِينَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِأَرْضِكُمْ هِيَ الْمَدِينَةُ كَأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إِنَّ النَّجَاشِيَّ إِنْ مَاتَ فِي أَرْضِكُمُ الْمَدِينَةَ لَصَلَّيْتُمْ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مَاتَ فِي غَيْرِ أَرْضِكُمُ الْمَدِينَةِ فَصَلُّوا عَلَيْهِ صَلَاةَ الْغَائِبِ فَهَذَا تشريع منه وسنة للأمة الصلاة على كل غَائِبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْحَافِظُ وَمِنْ ذَلِكَ قول بعضهم كشف له عَنْهُ حَتَّى رَآهُ فَتَكُونُ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ ولا خلاف في جوازها
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ وَلَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ كَافٍ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَانِعِ وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَ قَائِلِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيُّ في أسبابه بغير إسناد عن بن عباس قال كشف للنبي عَنْ سَرِيرِ النَّجَاشِيِّ حَتَّى رَآهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ
وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَقَامَ وَصَفُّوا خَلْفَهُ وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّ جَنَازَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الأوزاعي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْهُ
وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ وَنَحْنُ لَا نَرَى إِلَّا أَنَّ الْجَنَازَةَ قُدَّامَنَا
وَمِنَ الِاعْتِذَارَاتِ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ غَائِبٍ غَيْرِهِ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّ خَبَرَهُ قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعِ طُرُقِهِ
وَاسْتَنَدَ مَنْ قَالَ بِتَخْصِيصِ النَّجَاشِيِّ بِذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِرَادَةِ إِشَاعَةِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا أَوِ اسْتِئْلَافِ قُلُوبِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاتِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ فُتِحَ بَابُ هَذَا الْخُصُوصِ لَانْسَدَّ كَثِيرٌ مِنْ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ لَتَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي على نقله
وقال بن الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِمُحَمَّدٍ قُلْنَا وَمَا عَمِلَ بِهِ مُحَمَّدٌ تَعْمَلْ بِهِ أُمَّتُهُ يَعْنِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ قَالُوا طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَأُحْضِرَتِ الْجَنَازَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْنَا إِنَّ رَبَّنَا عَلَيْهِ لَقَادِرٌ وَإِنَّ نَبِيَّنَا لَأَهْلٌ لِذَلِكَ وَلَكِنْ لَا تَقُولُوا إِلَّا مَا رُوِّيتُمْ وَلَا تَخْتَرِعُوا حَدِيثًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ وَلَا تُحَدِّثُوا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ وَدَعُوا الضِّعَافَ فَإِنَّهَا سَبِيلُ تَلَافٍ إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ تَلَافٍ
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ مْ رُفِعَ الْحِجَابُ عَنْهُ مَمْنُوعٌ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَكَانَ غَائِبًا عَنِ الصَّحَابَةِ الذين صلوا عليه مع النبي.

قُلْتُ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ بِالْجِيمِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ قَالَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ وَمَا نَرَى شَيْئًا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَصْلُهُ في بن مَاجَهْ لَكِنْ أَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى
وَفِي زَادِ الْمَعَادِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ غَائِبٍ فَقَدْ مَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ غُيَّبٌ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا تَشْرِيعٌ مِنْهُ وَسُنَّةٌ لِلْأُمَّةِ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ هَذَا خَاصٌّ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ.

     وَقَالَ هُ أَصْحَابُهُمَا
وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى صَلَاتَهُ عَلَى الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ مِنَ الْبُعْدِ وَالصَّحَابَةُ وَإِنْ لم يروه فهم تابعون للنبي فِي الصَّلَاةِ
قَالُوا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لم ينقل عنه أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ الْغَائِبِينَ غَيْرِهِ وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ كَمَا أَنَّ فِعْلَهُ سُنَّةٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ يُعَايِنَ سَرِيرَ الْمَيِّتِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَيُرْفَعَ لَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ غَائِبٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ الْعَلَاءَ بْنَ زَيْدٍ قال علي بن الْمَدِينِيِّ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ
وَقَالَ شيخ الإسلام بن تَيْمِيَّةَ الصَّوَابُ أَنَّ الْغَائِبَ إِنْ مَاتَ بِبَلَدٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فِيهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الغائب كما صلى النبي عَلَى النَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِنْ صُلِّيَ حَيْثُ مَاتَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سقط لصلاة المسلمين عليه والنبي صَلَّى عَلَى الْغَائِبِ وَتَرَكَهُ وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ وهذا لَهُ مَوْضِعٌ وَهَذَا لَهُ مَوْضِعٌ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا انْتَهَى
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ وَلِأَصْحَابِنَا عَنْهُ أجوبة أحدها أن النبي رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ فَرَآهُ فَيَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَيِّتٍ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلِ بَيِّنَةٍ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ
قُلْتُ ورد ما يدل على ذلك فروى بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حصين أن النبي قَالَ إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ تُوُفِّيَ فَقُومُوا صَلُّوا عليه فقام رسول الله وَصَفُّوا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّ جَنَازَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ
الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضٍ لَمْ يَقُمْ فِيهَا عَلَيْهِ فَرِيضَةُ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ
ثُمَّ يدل على ذلك أن النبي لَمْ يُصَلِّ عَلَى غَائِبٍ غَيْرِهِ وَقَدْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَهُمْ غَائِبُونَ عَنْهُ وَسَمِعَ بِهِمْ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ إِلَّا غَائِبًا وَاحِدًا انْتَهَى
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَدَلَائِلُ الْخُصُوصِيَّةِ وَاضِحَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أُحْضِرَ رُوحُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ رُفِعَتْ لَهُ جَنَازَتُهُ حَتَّى شَاهَدَهَا كَمَا رُفِعَ لَهُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ حِينَ سَأَلَتْهُ قُرَيْشٌ عَنْ صِفَتِهِ انْتَهَى
قُلْتُ دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ لَيْسَ عَلَيْهَا دليل ولا برهان بل قوله فَهَلُمُّوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ وَقَولُهُ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ وَقَوْلُ جَابِرٍ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ قَالَ اسْتَغْفِرُوا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ بِأَصْحَابِهِ فَصَلَّى بِهِمْ كَمَا يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ وَقَوْلُ عِمْرَانَ فَقُمْنَا فَصَفَفْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ ببطل دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْغَائِبِ إِنْ كَانَتْ خاصة بالنبي فلا معنى لأمره أَصْحَابَهُ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ بَلْ نَهَى عَنْهَا لِأَنَّ ما كان خاصا به لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ لِأُمَّتِهِ أَلَا تَرَى صَوْمَ الْوِصَالِ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ بِهِ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِهِمْ لِأَدَائِهِ
وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عليها وليس هنا دليل عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ بَلْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِهَا
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ أَوْ أُحْضِرَ رُوحُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى لقادر عليه وأن محمدا لَأَهْلٌ لِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ وَإِنَّمَا ذكره الواحدي عن بن عَبَّاسٍ بِلَا سَنَدٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلِذَا قال بن الْعَرَبِيِّ وَلَا تُحَدِّثُوا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ وَدَعُوا الضِّعَافَ
وأما ما رواه أبو عوانة وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ لَفْظَهُ وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّ جَنَازَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِي لَفْظٍ وَنَحْنُ لَا نَرَى إِلَّا الْجَنَازَةَ قُدَّامَنَا وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ خَلْفَ النبي كَمَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ وَالْحَالُ أَنَّا لَمْ نَرَ الْمَيِّتِ لَكِنْ صَفَفْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْمَيِّتِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ قُدَّامَنَا وَنَظُنُّ أَنَّ جنازته بين يديه لصلاته كعلى الحاضر المشاهد فحينئذ يؤول مَعْنَى لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَعْنَى لَفْظِ أَحْمَدَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ مُجَمِعٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ وَمَا نَرَى شيئا ومن ها هنا انْدَفَعَ قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ شَنَّعَ عَلَى بن الْعَرَبِيِّ.

     وَقَالَ  قَدْ جَاءَ مَا يُؤَيِّدُ رَفْعَ الْحِجَابِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ فَمَا حَدَّثَنَا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ انْتَهَى
فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْحِجَابِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فكان الميت غائبا عن أصحابه الذين صلوا عليه مع النبي
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ فَيَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَيِّتٍ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا رَأْيٌ وَتَصْوِيرُ صُورَةٍ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الصَّرِيحِ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ فَلَا يُعْبَأُ بِهِ
وَقَولُهُمْ وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ كَمَا أَنَّ فِعْلَهُ سُنَّةٌ فَمَنْظُورٌ فِيهِ لِأَنَّ الْعَدَمَ وَالتَّرْكَ لَيْسَ بِفِعْلٍ نَعَمْ إِذَا كَانَ الْعَدَمُ مُسْتَمِرًّا فِي زَمَانِ النبي والخلفاء الراشدين ففعله يكون بدعة وها هنا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْعَدَمِ وَالتَّرْكِ سُنَّةً مَعَ كَوْنِ الْفِعْلِ سنة أنه كَانَ يَكْتَفِي بِتَرْكِهِ أَيْضًا فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ السُّنَّةِ لَا يُثَابُ فَاعِلُهُ فَإِنَّ مُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا يُثَابُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا لَا عَلَى تَرْكِ الْآخَرِينَ نَعَمْ يَكْفِيهِ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ تِلْكَ الرَّكْعَتَانِ وَمُصَلِّي الْأَرْبَعَةِ فَثَوَابُهُ أَكْمَلُ مِنْ ثَوَابِ الْأَوَّلِ
هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الشَّهِيدِ مُحَمَّدِ إِسْمَاعِيلَ الدَّهْلَوِيِّ
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ أَنَّهُ مِنْ باب الضرورة لأنه مات بأرض لم يقم فِيهَا عَلَيْهِ فَرِيضَةُ الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْحَافِظِ
وَقَولُهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ عَلَى غَائِبٍ غَيْرَ النَّجَاشِيِّ وَقَدْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ لِإِثْبَاتِ السُّنِّيَّةِ أَوْ لِاسْتِحْبَابِ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ يَكْفِي فِيهِ وُرُودُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا أَوْ سُكُوتِيًّا وَلَا يَلْزَمُ لِإِثْبَاتِ السُّنِّيَّةِ كَوْنُ الْحَدِيثِ مَرْوِيًّا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْوَاقِعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَإِلَّا لَا يَثْبُتُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ صَلَاةَ الْجَنَازَةِ اسْتِغْفَارٌ ودعاء وقد بين لنا رسول الله أَنَّ طَرِيقَ أَدَائِهَا بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ النَّوْعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مَشْهُودًا حَاضِرًا قُدَّامَ الْمُصَلِّينَ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْعُمْدَةُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا النَّوْعِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يثبت عن النبي قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ الشَّاهِدِ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهُ عَلَى قَبْرِهِ أَوْ صَلَّى صَلَاةَ الْغَائِبِ عَلَيْهِ
وَالنَّوْعُ الثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِ الْمَيِّتِ لِمَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوِ الْقَرْيَةِ لَكِنْ مَا أَمْكَنَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ حَتَّى دُفِنَ أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمَّا دَخَلَ أُخْبِرَ بِمَوْتِهِ فَصَلَّى عَلَى قبره كما فعل رسول الله فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِسْكِينَةِ أُمِّ سَعْدٍ وَأُمِّ أَبِي أُمَامَةَ وَطَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَجَاءَ نَعْيُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الْغَائِبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ أَوِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ الله بِالنَّجَاشِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ الْمُزَنِيِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُمْدَةَ فِي هَذَا هُوَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْضُ قَدْ يَسْقُطُ لِصَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَدُعَاءٌ مَحْضٌ وَاسْتِغْفَارٌ خَالِصٌ لِلْمَيِّتِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ
الوجه الثالث أن صلاة النبي عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْأَوَّلُ النَّجَاشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِصَّتُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَالِاعْتِمَادُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ وَيُضَمُّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ
وَالْغَائِبُ الثَّانِي مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ
وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
أَمَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالُوا مَاتَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَتْ قِصَّتُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَأَنَسٍ مُسْنَدَةً وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مُرْسَلَةً فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَسُمُّوَيَةُ في فوائده وبن مَنْدَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ محبوب بن هلال عن عطاء بن أبي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَزَلَ جبرائيل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يامحمد مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ أَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ( قَالَ نَعَمْ) فَضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ أَكَمَةً وَلَا شَجَرَةً إِلَّا تَضَعْضَعَتْ فَرَفَعَ سَرِيرَهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفُهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ ملك فقال يا جبرائيل بِمَا نَالَ مُعَاوِيَةُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ قَالَ بِحُبِّ قل هو الله أحد وقراءته إياها جاثيا وَذَاهِبًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ
وَأَوَّلُ حديث بن الضُّرَيْسِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالشَّامِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ
وأخرج بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيُّ عَنِ بن مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
قَالَ هَذَا إِسْنَادٌ لَا بَأْسَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَصْرِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كَانَ صَدُوقًا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَلَقَّنُ بِآخِرِهِ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَانَ صَدُوقًا كَثِيرَ الْخَطَأِ وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ كَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ
وَأَمَّا مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ لَا يُعْرَفْ وَحَدِيثُهُ مُنْكَرٌ انْتَهَى
وَفِي زَادِ الْمَعَادِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعْ عَلَيْهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ وَمَحْبُوبٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ليس بالمشهور وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ انْتَهَى
وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى أَنَسٍ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ.

     وَقَالَ  الْبُخَارِيُّ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ وَهُوَ مِنْ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ كَذَا فِي الْمُقَدِّمَةِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ هِيَ ما ذكرها بن مَنْدَهْ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عن أنس قال بن مَنْدَهْ وَرَوَاهُ نُوحُ بْنُ عَمْرِو عَنْ بَقِيَّةَ عن محمد بن زياد عن أبي أمامة نَحْوَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا هُوَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْمُحَارِبِيِّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ قَدْ ضُعِّفَ لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ يُكْتَبْ حَدِيثُهُ.

     وَقَالَ  أَبُو زُرْعَةَ أَحَادِيثُهُ مُتَقَارِبَةٌ سِوَى حَدِيثَيْنِ وَذَكَرَهُ بن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَذَكَرَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُسْتَقِيمَةٌ وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً كَذَا فِي الْمِيزَانِ وَالْخُلَاصَةِ
وَالطَّرِيقُ الثالثة هي ما رواها بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ
كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
وَقَالَ الحافظ في الإصابة وأخرجه بن الأعرابي وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنْبَأَنَا الْعَلَاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ الله غَزْوَةَ تَبُوكَ فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمًا بِنُورٍ وَشُعَاعٍ وَضِيَاءٍ لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَعَجَّبَ النَّبِيُّ مِنْ شَأْنِهَا إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَبَعَثَ اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَالَ بِمَ ذَاكَ قَالَ بكثرة تلاوته قل هو الله أحد فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَهَلْ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَقْبِضَ لَكَ الْأَرْضَ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى عليه والعلاء أبو محمد هو بن زَيْدٍ الثَّقَفِيُّ هُوَ وَاهٍ انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْعَلَاءُ هَذَا بن زيد ويقال بن زيد اتفقوا على ضعفه
قال البخاري وبن عَدِيٍّ وَأَبُو حَاتِمٍ هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى ضَعِيفَةٍ
قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ الْعَلَاءُ بْنُ زَيْدٍ الثَّقَفِيُّ بَصْرِيٌّ رَوَى عَنْ أَنَسٍ
قَالَ بن الْمَدِينِيِّ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وقال بن حِبَّانَ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ مِنْهَا الصَّلَاةُ بِتَبُوكٍ صَلَاةَ الْغَائِبِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بن معاوية الليثي
قال بن حِبَّانَ وَهَذَا مُنْكَرٌ وَلَا أَحْفَظُ فِي أَصْحَابِ رسول الله هَذَا وَالْحَدِيثُ فَقَدْ سَرَقَهُ شَيْخٌ شَامِيٌّ فَرَوَاهُ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ انْتَهَى
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ وَكِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ عَمْرٍو السَّكْسَكِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بتبوك فنزل عليه جبرائيل فقال يا رسول الله إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيَّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ أَتُحِبُّ أَنْ أَطْوِيَ لَكَ الْأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَرُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفُهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي كُلِّ صَفٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثم رجع وقال النبي لِجِبْرِيلَ بِمَ أَدْرَكَ هَذَا قَالَ بِحُبِّ سُورَةِ قل هو الله أحد وَقِرَاءَتُهُ إِيَّاهَا جَائِيًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
وَأَخْرَجَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بِدِمَشْقَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُوَيٍّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أبي أمامة قال أتى رسول الله جبرائيل وَهُوَ بِتَبُوكَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدَ اشْهَدْ جَنَازَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ في أصحابه ونزل جبرائيل في سبعين ألف مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَوَضَعَ جَنَاحَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْجِبَالِ فَتَوَاضَعَتْ وَوَضَعَ جَنَاحَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِينَ فَتَوَاضَعَتْ حَتَّى نَظَرْنَا إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رسول الله وَجَبْرَئِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ فَذَكَرَهُ
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ نُوحٍ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
وَفِي الْإِصَابَةِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي فَوَائِدِهِ وَالْخَلَّالُ فِي فَضَائِلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وبن عَبْدِ الْبَرِّ جَمِيعًا مِنْ طَرِيقِ نُوحٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ انْتَهَى
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ نُوحٍ قال بن حِبَّانَ يُقَالُ إِنَّهُ سَرَقَ هَذَا الْحَدِيثَ انْتَهَى لكن قال الحافظ في الإصابة وقال بن حِبَّانَ فِي تَرْجَمَةِ الْعَلَاءِ مِنَ الضُّعَفَاءِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ سَرَقَهُ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَرَوَاهُ عَنْ بَقِيَّةَ فَذَكَرَهُ
قُلْتُ فَمَا أَدْرِي عَنَى نُوحًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ نُوحًا فِي الضُّعَفَاءِ انْتَهَى كلام الحافظ
وقال الحافظ بن الْأَثِيرِ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ وَيُقَالُ اللَّيْثِيُّ وَيُقَالُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ أَبُو عَمْرٍو هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ رَوَى حَدِيثَهُ مَحْبُوبُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيُّ عَنِ بن أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَلَاءِ أَبِي مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عن محمد بن زياد عن أبي أمامة الْبَاهِلِيِّ نَحْوَهُ
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَسَانِيدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ قَالَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ وَإِخْوَتِهِ النُّعْمَانُ وَسُوَيْدُ وَمَعْقِلُ وَكَانُوا سَبْعَةَ مَعْرُوفِينَ فِي الصَّحَابَةِ مَشْهُورِينَ قَالَ.
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَلَا أَعْرِفُهُ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْتُ وَفَضْلُ قل هو الله أحد لَا يُنْكَرُ انْتَهَى
وَفِي تَجْرِيدِ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ وَيُقَالُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ رسول الله إِنْ صَحَّ فَهُوَ الَّذِي قِيلَ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فصلى عليه النبي وهو بتبوك ورفع له جبرائيل الْأَرْضَ وَلَهُ طُرُقٌ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ انْتَهَى
وَفِي الإصابة قال بن عَبْدِ الْبَرِّ أَسَانِيدُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَلَوْ أَنَّهَا فِي الْأَحْكَامِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهَا حُجَّةً وَمُعَاوِيَةُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ مَعْرُوفٌ هُوَ وَإِخْوَتُهُ.
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَلَا أعرفه
قال بن حَجَرٍ قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ وَيَدْفَعُهُ مَا وَرَدَ أَنَّهُ رُفِعَتِ الْحُجُبُ حَتَّى شَهِدَ جَنَازَتَهُ فَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ انْتَهَى
وَأَمَّا طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ الْحَافِظُ رَوَيْنَاهَا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ لِابْنِ الضُّرَيْسِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدٍ
وَأَمَّا طَرِيقُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ فَأَخْرَجَهَا البغوي وبن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي سَهْلٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كان غازيا بتبوك فأتاه جبرائيل فَقَالَ يَا مُحَمَّدٌ هَلْ لَكَ فِي جَنَازَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْمُرْسَلُ
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَنْ أَدَاةُ الرُّوَاةِ وَإِنَّمَا تَقْدِيرُ الْكَلَامِ أَنَّ الْحَسَنَ أَخْبَرَ عَنْ قِصَّةِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ انْتَهَى
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ كما قال الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالذَّهَبِيُّ أَنَّ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ لَكِنْ فِيهِ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ رُوِيَ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ فَطَرِيقُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَلَاءُ الثَّقَفِيُّ عَنْهُ ضَعِيفَةٌ جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ هَذَا السَّنَدِ
وَأَمَّا طَرِيقُ مَحْبُوبِ بْنِ هِلَالٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَا يَنْحَطُّ دَرَجَتُهُ عَنِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ لغيره وَمَحْبُوبٌ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الذَّهَبِيُّ.

     وَقَالَ  حَدِيثُهُ منكر فقد ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَإِنَّمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعْ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ
وقد قال الذهبي في ترجمة علي بن المديني فانظر إلى أصحاب رسول الله الْكِبَارَ وَالصِّغَارَ مَا فِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدِ انْفَرَدَ بِسُنَّةٍ وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ مِنَ الْعِلْمِ فَإِنَّ تَفَرُّدَ الثِّقَةِ الْمُتْقِنِ يُعَدُّ صَحِيحًا غَرِيبًا وَإِنَّ تَفَرُّدَ الصَّدُوقِ وَمَنْ دُونَهُ يُعَدُّ مُنْكَرًا انْتَهَى مُخْتَصَرًا وَمَحْبُوبٌ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّدُوقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَهُوَ أَدْوَنُ مِنْ طَرِيقِ مَحْبُوبٍ
وَأَمَّا سَنَدُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ شَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ هو حافظ رحال
قال بن يُونُسَ كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ لَيْسَ بِذَاكَ تَفَرَّدَ بِأَشْيَاءَ انْتَهَى وَهَذَا لَيْسَ بِجَرْحٍ وَنُوحُ بْنُ عُمَرَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ جَرْحٌ وَرَوَى عَنْهُ اثْنَانِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ وَلِذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَخَبَرُ مُعَاوِيَةَ قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعِ طُرُقِهِ انْتَهَى
قُلْتُ اعْتِمَادِي فِي هَذَا الْبَابَ عَلَى حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فَيَنْضَمُّ إِلَى خَبَرِ النَّجَاشِيِّ وَتَحْدُثُ لَهُ بِهِ الْقُوَّةُ
وَأَمَّا كَشْفُ السَّرِيرِ لِلنَّبِيِّ كما في قصة معاوية فهو إكراما له كما كشف للنبي فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَهَلْ مِنْ قَائِلٍ إِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لَا تَجُوزُ إِلَّا لمن كشف له الجنة والنار
وأما الصلاة عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْرَجَهَا الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ بِمُؤْتَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكُشِفَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشام فهو ينظر إلى معركتهم فقال أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَمَضَى حَتَّى اسْتُشْهِدَ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ.

     وَقَالَ  اسْتَغْفِرُوا لَهُ قَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَسْعَى ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَمَضَى حتى استشهد فصلى عليه رسول الله وَدَعَا لَهُ.

     وَقَالَ  اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَهُوَ يَطِيرُ فِيهَا بِجَنَاحَيْنِ حَيْثُ شَاءَ وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَالْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّجَاشِيُّ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَدْ آمَنَ برسول الله وَصَدَّقَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ وَالْمُسْلِمُ إِذَا مَاتَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَقُومُ بِحَقِّهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَزِمَ رَسُولَ الله أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِذْ هُوَ نَبِيُّهُ وَوَلِيُّهُ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِهِ فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فَإِذَا صَلَّوْا عَلَيْهِ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ وَلَمْ يَتَوَجَّهُوا إِلَى بَلَدِ الْمَيِّتِ إِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ انْتَهَى
قُلْتُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مَنْظُورٌ فِيهِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الميت الغائب وزعمو أن النبي كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْفِعْلِ إِذْ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُشَاهِدِ لِلنَّجَاشِيِّ
لِمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَدْ سُوِّيَتْ لَهُ الْأَرْضُ حَتَّى يُبْصِرَ مَكَانَهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ رَسُولَ الله إِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الشَّرِيعَةِ كَانَ علينا المتابعة والإيتساء بِهِ وَالتَّخْصِيصُ لَا يُعْلَمْ إِلَّا بِدَلِيلٍ
وَمِمَّا يبين ذلك أن النبي خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَفَّ بِهِمْ وَصَلَّوْا مَعَهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ فَاسِدٌ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ لَمْ يَأْتِ الْمَانِعُونَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ سِوَى الِاعْتِذَارِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ كَانَ فِي أَرْضٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فِيهَا وَهُوَ أَيْضًا جُمُودٌ عَلَى قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ يَدْفَعُهُ الْأَثَرُ وَالنَّظَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
( أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ) فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ أَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ قد أسلم قال بن الأثير أسلم في عهد النبي وَأَحْسَنَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى أَرْضِهِ وَأَخْبَارُهُ مَعَهُمْ وَمَعَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمِينَ مَشْهُورَةٌ
تُوُفِّيَ بِبِلَادِهِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ بِالْمَدِينَةِ انْتَهَى
وَفِي الْإِصَابَةِ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النبي ولم يهاجر إليه وكان ردا لِلْمُسْلِمِينَ نَافِعًا وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمَغَازِي فِي إِحْسَانِهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَيْهِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى ( وَلَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ) هَذَا مَحَلُّ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ النَّجَاشِيَّ ما رحل إلى النبي لِأَجْلِ مَخَافَةِ مُلْكِهِ وَضَيَاعِ سَلْطَنَتِهِ وَبَغَاوَةِ رَعَايَاهُ الذين كانوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَأَقَامَ فِي أَرْضِهِ وَمَاتَ فِيهَا وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ




رقم الحديث 3205 [325]

رقم الحديث 3206 [326] وَالْقَبْرُ يُعَلَّمُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِعْلَامِ أَيْ يُجْعَلُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ الْقَبْرُ بِهَا
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَالْعَلَمُ رَسْمُ الثَّوْبِ وَعَلَّمَهُ رَقَمَهُ فِي أَطْرَافِهِ وَقَدْ أَعْلَمَهُ جَعَلَ فِيهِ عَلَامَةً وَجَعَلَ لَهُ عَلَمًا وَأَعْلَمَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ فَهُوَ مُعْلِمٌ وَالثَّوْبُ معلم انتهى
وبوب بن مَاجَهْ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي القبر انتهى
( عن المطلب) هو بن أبي وداعة أبو عبد اللهالمدني ( مَظْعُونٌ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ ( أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ) هُوَ جَوَابُ لَمَّا ( أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ) أَيْ كَبِيرٍ لِوَضْعِ الْعَلَامَةِ ( فَلَمْ يَسْتَطِعْ) ذَلِكَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ ( فَقَامَ إِلَيْهَا) وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ عَلَى تَأْوِيلِ الصَّخْرَةِ ( وَحَسَرَ) أَيْ كَشَفَ وَأَبْعَدَ كُمَّهُ ( عَنْ ذِرَاعَيْهِ) أَيْ سَاعِدَيْهِ ( حِينَ حَسَرَ) أَيْ كَشَفَ الثَّوْبَ ( عَنْهُمَا) أَيْ عَنِ الذِّرَاعَيْنِ ( فَوَضَعَهَا) أَيِ الصَّخْرَةَ ( عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيْ رَأْسِ قَبْرِ عُثْمَانَ ( وَقَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَتَعَلَّمُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ بَابِ الْفِعْلِ أَيْ أَتَعَرَّفُ ( بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْحِجَارَةِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أُعْلِمُ بِهَا مُضَارِعُ مُتَكَلِّمٍ مِنَ الْإِعْلَامِ وَمَعْنَاهُ أُعَلِّمُ النَّاسَ بِهَذِهِ الْحِجَارَةِ ( قَبْرَ أَخِي) وَأَجْعَلُ الصَّخْرَةَ عَلَامَةً لِقَبْرِ أَخِي وَسَمَّاهُ أَخًا تَشْرِيفًا لَهُ وَلِأَنَّهُ كَانَ قُرَشِيًّا أَوْ لِأَنَّهُ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ ( وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى قُرْبِهِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَضُمُّ إِلَيْهِ فِي الدَّفْنِ انْتَهَى
وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنَ التَّرْجَمَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ مَدَنِيٌّ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ


رقم الحديث 3207 [327] أَيْ عَظْمَ الْمَيِّتِ وَقْتَ الْحَفْرِ
( هَلْ يَتَنَكَّبُ) أَيْ يَتَجَنَّبُ وَيَعْتَزِلُ ( ذَلِكَ الْمَكَانَ) وَيَحْفِرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ( كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي بَيَانِ سَبَبِ الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَأَخْرَجَ الْحَفَّارُ عَظْمًا سَاقًا أَوْ عَضُدًا فَذَهَبَ لِيَكْسِرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْسِرْهَا فَإِنَّ كَسْرَكَ إِيَّاهُ مَيِّتًا كَكَسْرِكَ إِيَّاهُ حَيًّا وَلَكِنْ دُسَّهُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ ( كَكَسْرِهِ حَيًّا) يَعْنِي فِي الْإِثْمِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُهَانُ مَيِّتًا كَمَا لَا يُهَانُ حَيًّا
قال بن الملك وإلى أن الميت يتألم
قال بن حَجَرٍ وَمِنْ لَازِمِهِ أَنَّهُ يَسْتَلِذُّ بِمَا يَسْتَلِذُّ به الحي انتهى
وقد أخرج بن أبي شيبة عن بن مَسْعُودٍ قَالَ أَذَى الْمُؤْمِنِ فِي مَوْتِهِ كَأَذَاهُ فِي حَيَاتِهِ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ




رقم الحديث 3208 [328] ( اللَّحْدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا
فِي النِّهَايَةِ اللَّحْدُ الشَّقُّ الَّذِي يُعْمَلُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضه الَّذِي هَلَكَ فِيهِ اِلْحَدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبَن نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَوْضِعِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِيلَ عَنْ وَسَطِ الْقَبْرِ إِلَى جَانِبِهِ يُقَالُ لَحَدْتُ وَأَلْحَدْتُ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُقَالُ لَحَدَ يَلْحَدُ كَذَهَبَ يَذْهَبُ وَأَلْحَدَ يُلْحِدُ إِذَا حَفَرَ الْقَبْرَ وَاللَّحْدُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا مَعْرُوفٌ وَهُوَ الشَّقُّ تَحْتَ الْجَانِبِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الْقَبْرِ انْتَهَى
زَادَ الْمُنَاوِيُّ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ وَيُوضَعْ فِيهِ وَيُنْصَبُ عَلَيْهِ اللَّبِنُ ( لَنَا) أَيْ هُوَ الَّذِي نُؤْثِرُهُ وَنَخْتَارُهُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ ( وَالشَّقُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ أَنْ يُحْفَرَ وَسَطَ أَرْضِ الْقَبْرِ وَيُبْنَى حَافَتَاهُ بِلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ ( لِغَيْرِنَا) مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ فَاللَّحْدُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ اللَّحْدِ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الشَّقِّ
قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّحْدَ آثَرُ لَنَا وَالشَّقُّ لَهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّحْدِ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنَ الشَّقِّ لَا الْمَنْعُ مِنْهُ لَكِنْ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ اللَّحْدِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ وَإِلَّا فالشق أفضل
قال بن تَيْمِيَّةَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى مُخَالَفَتِنَا لِأَهْلِ الْكِتَابِ في كل ما هو شعارهم حتى في وضع الميت في أسفل القبر انتهى
كذا في فتح القدير للمناوي قلت حديث بن عباس هكذا مروي بلفظ اللحد لنا والشق لغيرناوروى أحمد في مسنده مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ بلفظ اللحد لنا والشق لغيرنا من أهل الكتاب قال العلقمي والمناوي فيه أبو الْيَقْظَانَ الْأَعْمَى عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَفْظُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَلْحِدُوا وَلَا تَشُقُّوا فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدَّفْنَ فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ جَائِزَانِ لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ صُلْبَةٌ لَا يَنْهَارُ تُرَابُهَا فَاللَّحْدُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً فَالشَّقُّ أَفْضَلُ
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي اللَّحْدُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وغيره انتهى
والحاصل أن حديث بن عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الضَّرْحِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَحَكَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ اللَّحْدِ وَالشَّقِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذلك ما أخرجه أحمد وبن مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَآخَرُ يَضْرَحُ فَقَالُوا نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ هَذَا المعنى من حديث بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ كَانَ يَضْرَحُ وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَلْحَدُ وحديث أنس إسناده حسن وحديث بن عَبَّاسٍ فِيهِ ضَعْفٌ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَانَ يَضْرَحُ أَيْ يَشُقُّ فِي وَسَطِ الْقَبْرِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الضَّرْحُ الشَّقُّ انْتَهَى
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَّرَ مَنْ كَانَ يَضْرَحُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي لَنَا المسلمين وبغيرنا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَثَلًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ اللَّحْدِ بَلْ عَلَى كَرَاهِيَةِ غَيْرِهِ وإن كان المراد بغيرنا الْأُمَمُ السَّابِقَةُ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْأَفْضَلِيَّةِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَيْسَ اللَّحْدُ وَاجِبًا وَالشَّقُّ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَإِلَّا لَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ الرَّسُولِ أَوْ تَقْرِيرٍ مِنْهُ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلًا عَمِلَ عَمَلَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَعِنْدَ أحمد من حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ أَنَّهُمْ أَلْحَدُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لحدا وأخرجه بن أبي شيبة عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ أَلْحَدُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولأبي بكر وعمر
وحديث بن عَبَّاسٍ الَّذِي فِي الْبَابِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ المنذري وصححه بن السَّكَنِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ كَمَا وَجَدْنَا ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ جَامِعِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ قَالَ جَمْعٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.

     وَقَالَ  أحمد منكر الحديث
وقال بن معين ليس بالقوي
وقال بن عَدِيٍّ حَدَّثَ بِأَشْيَاءْ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا
وَقَالَ بن الْقَطَّانِ فَأَرَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَصِحُّ مِنْ أجله
وقال بن حَجَرٍ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
فإن قلت لما كان عند بن عَبَّاسٍ عِلْمٌ فِي ذَلِكَ لِمَ تَحَيَّرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَلْ يُلْحِدُونَ لَهُ أَوْ يَضْرَحُونَ.

قُلْتُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ صَلَّى الله عليه وسلم ذلك لم يحضرعند مَوْتِهِ
وَقَدْ أَغْرَبَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ حيث قال في معنى حديث بن عَبَّاسٍ وَمَعْنَى اللَّحْدُ لَنَا أَيْ لِأَجْلِ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَالشَّقُّ لِأَجْلِ أَمْوَاتِ الْكُفَّارِ انْتَهَى وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِنَا أَهْلُ الْكِتَابِ كَمَا وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ جَرِيرٍ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشَّقُّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ فَضِيلَةِ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


رقم الحديث 3209 [329] (عَنْ عَامِرِ) وَهُوَ الشعبي (والفضل) بن عَبَّاسٍ (أَدْخَلُوهُ أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ) أَيْ عَامِرُ الشَّعْبِيُّ (وَحَدَّثَنِي مُرَحَّبُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ فَالشَّعْبِيُّ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ أَوَّلًا ثُمَّ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا مِنْ رِوَايَةِ مرحب قال بن الأثير مرحب أو بن مُرَحَّبٍ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ مِنَ الصَّحَابَةِ
رَوَى زُهَيْرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ هَكَذَا عَلَى الشَّكِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُرَحَّبٍ أَوْ أَبُو مُرَحَّبٍ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف أو العباس وأسامة ورواه الثورى وبن عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي مُرَحَّبٍ وَلَمْ يَشُكَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاخْتَلَفُوا عَنِ الشَّعْبِيِّ كَمَا تَرَى وَلَيْسَ يُؤْخَذُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ مَعَهُمْ إِلَّا مِنْ هَذَا الوجه
وأما بن شهاب فروى عن بن الْمُسَيِّبِ قَالَ إِنَّمَا دَفَنُوهُ الَّذِينَ غَسَّلُوهُ وَكَانُوا أَرْبَعَةً عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَالْعَبَّاسُ وَصَالِحُ شُقْرَانٍ قَالَ وَلَحَدُوا لَهُ وَنَصَبُوا اللَّبِنَ نَصْبًا قَالَ وَقَدْ نَزَلَ مَعَهُمْ فِي الْقَبْرِ خَوْلِيُّ بْنُ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ انْتَهَى (قَالَ) أَيْ عَلِيٌّ (إِنَّمَا يَلِي) أَيْ يَتَوَلَّى (الرَّجُلُ أَهْلَهُ) وَهُوَ بِمَعْنَى الِاعْتِذَارِ عَنْ تَوْلِيَةِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ دَخَلِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا وَأَعْلَى مِنْهُ دَرَجَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ



رقم الحديث 3210 [321] ( عَنْ أَبِي مُرَحَّبٍ) قِيلَ اسْمُهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ ( قَالَ) أَيْ أَبُو مُرَحَّبٍ ( أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) أَيْ إِلَى الَّذِينَ نَزَلُوا فِي قَبْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري ( )