فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

رقم الحديث 764 [764] ( قَالَ عمرو) أي بن مُرَّةَ ( اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا) حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقِيلَ منصوب على القطع من اسمQوَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ دُعَاء بَعْده
قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا حَدِيث حِمَّصِيٍّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة ثُمَّ إِلَى مَكَّةَ الله وقيل بِإِضْمَارِ أَكْبَرَ وَقِيلَ صِفَةٌ لِلْمَحذُوفِ أَيْ تَكْبِيرًا كَبِيرًا ( وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ أَيْ حَمْدًا كَثِيرًا ( وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أَيْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْعَامِلُ سُبْحَانَ
وَخَصَّ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لِاجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِيهِمَا كَذَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَصَاحِبُ الْمَفَاتِيحِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( ثَلَاثًا) قَيْدٌ لِلْكُلِّ كَذَا فِي الْمَفَاتِيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْأَخِيرِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ لِاسْتِغْنَاءِ الْأَوَّلَيْنِ عَنِ التَّقْيِيدِ لَهُمَا بِتَلَفُّظِهِ ثَلَاثًا ( مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنَ الشَّيْطَانِ ( قَالَ) أَيْ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ( نَفْثُهُ الشِّعْرُ) وَإِنَّمَا كَانَ الشِّعْرُ مِنْ نَفْثَةِ الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَدْعُو الشُّعَرَاءَ الْمَدَّاحِينَ الْهَجَّائِينَ الْمُعَظِّمِينَ الْمُحَقِّرِينَ إِلَى ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَهُمُ الشُّعَرَاءُ الَّذِينَ يَخْتَلِقُونَ كَلَامًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ
وَالنَّفْثُ فِي اللُّغَةِ قَذْفُ الرِّيقِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ ( وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ) وَإِنَّمَا فُسِّرَ النَّفْخُ بِالْكِبْرِ لِأَنَّ المتكبر يتعاظم لاسيما إِذَا مُدِحَ ( وَهَمْزُهُ الْمُوتَةُ) بِسُكُونِ الْوَاوِ بِدُونِ همز والمراد بها ها هنا الْجُنُونُ
وَالْهَمْزُ فِي اللُّغَةِ الْعَصْرُ يُقَالُ هَمَزْتُ الشَّيْءَ فِي كَفِّي أَيْ عَصَرْتُهُ وَهَمْزُ الْإِنْسَانِ اغتيابه
قال المنذري وأخرجه بن ماجه



رقم الحديث 767 [767] ( اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ) تَخْصِيصُ هَؤُلَاءِ بِالْإِضَافَةِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ كَأَنَّهُ قَدَّمَ جِبْرِيلَ لِأَنَّهُ أَمِينُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فَسَائِرُ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ وَأَخَّرَ إِسْرَافِيلَ لِأَنَّهُ أَمِينُ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالصُّورِ فَإِلَيْهِ أَمْرُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ
وَوَسَّطَ مِيكَائِيلَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِطَرَفٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ أَمِينُ الْفِطْرِ وَالنَّبَاتِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْزَاقِ الْمُقَوِّمَةِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ مِيكَائِيلَ وَفِي الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا خِلَافٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( فاطر السماوات وَالْأَرْضِ) أَيْ مُبْدِعَهُمَا وَمُخْتَرِعَهُمَا ( عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) أَيْ بِمَا غَابَ وَظَهَرَ عِنْدَ غَيْرِهِ ( أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ( فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا ( لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) مِنْ بَيَانٍ لِمَا ( بِإِذْنِكَ) أَيْ بِتَوْفِيقِكَ وَتَيْسِيرِكَ ( إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّعْلِيلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 768 [768] ( أَبُو نُوحٍ قُرَّادُ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ الْحَرَّانِيُّ أَبُو نُوحٍ قُرَّادُ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَعَنْهُ أحمد وبن معين وثقه بن الْمَدِينِيِّ ( قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَخْ) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ مِنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ بِقِرَاءَةِ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ لَكِنِ الْمَشْهُورُ عَنْهُ خِلَافُهُ
قَالَ الْحَافِظُ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قال كان رسول الله يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً الْحَدِيثَ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى



رقم الحديث 771 [771] ( أنت نور السماوات وَالْأَرْضِ) أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَخَالِقُ نُورِهِمَا
وَقَالَ أَبُو عبيد معناه بنورك يهتدي أهل السماوات والأرض ( أنت قيام السماوات والأرض) وفي رواية لمسلم قيم السماوات وَالْأَرْضِ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ صِفَاتِهِ الْقَيَّامُ وَالْقَيِّمُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَيُّومُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَقَائِمٌ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ قال الهروي ويقال قوام
قال بن عَبَّاسٍ الْقَيُّومُ الَّذِي لَا يَزُولُ
وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمَعْنَاهُ مُدَبِّرُ أَمْرِ خَلْقِهِ وَهُمَا شَائِعَانِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ والحديث ( أنت رب السماوات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لِلرَّبِّ ثَلَاثُ مَعَانٍ فِي اللُّغَةِ السَّيِّدُ الْمُطَاعُ وَالْمُصْلِحُ وَالْمَالِكُ
قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى السَّيِّدِ الْمُطَاعِ فَشَرْطُ الْمَرْبُوبِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ سَيِّدُ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ بَلِ الْجَمِيعُ مُطِيعٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
( أَنْتَ الْحَقُّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَقُّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّقُ وُجُودُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ صَحَّ وُجُودُهُ وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقٌّ وَمِنْهُ الْحَاقَّةُ أَيِ الْكَائِنَةُ حَقًّا بِغَيْرِ شَكٍّ ( وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ إِلَخْ) أَيْ كُلُّهُ مُتَحَقِّقٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِلِقَائِكَ الْبَعْثُ لَا الْمَوْتُ ( لَكَ أَسْلَمْتُ) أَيْ لَكَ اسْتَسْلَمْتُ وَانْقَدْتُ لِأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ ( وَبِكَ آمَنْتُ) أَيْ صَدَّقْتُ بِكَ وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ ( وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ) أَيْ أَطَعْتُ وَرَجَعْتُ إِلَى عِبَادَتِكَ أَيْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ رَجَعْتُ إِلَيْكَ فِي تَدْبِيرِي أَيْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ ( وَبِكَ خَاصَمْتُ) أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي من البراهين والقوة خاصمت من عائذ فِيكَ وَكَفَرَ بِكَ وَقَمَعْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْفِ ( وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ) أَيْ كُلَّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ حَاكَمْتُهُ إِلَيْكَ وَجَعَلْتُكَ الْحَاكِمُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَا غَيْرَكَ مِمَّا كَانَتْ تَحَاكَمُ إِلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ صَنَمٍ وَكَاهِنٍ وَنَارٍ وَشَيْطَانٍ وَغَيْرِهَا فَلَا أَرْضَى إِلَّا بِحُكْمِكَ وَلَا أَعْتَمِدُ غَيْرَهُ ( فَاغْفِرْ لِي) معنى سؤاله الْمَغْفِرَةَ مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ أَنَّهُ يَسْأَلُ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَخُضُوعًا وَإِشْفَاقًا وَإِجْلَالًا وَلِيُقْتَدَى بِهِ فِي أَصْلِ الدُّعَاءِ وَالْخُضُوعِ وَحُسْنِ التَّضَرُّعِ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الْمُعَيَّنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن ماجه

رقم الحديث 777 [777]
( عَنِ الْحَسَنِ) أَيِ الْبَصْرِيِّ الْإِمَامِ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ ( سَمُرَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ ( سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ ( وَسُورَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَالْمَعْنَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ ( قَالَ) أَيِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ( فَأَنْكَرَ ذَلِكَ) أَيْ مَا حَفِظَهُ سَمُرَةُ مِنَ السَّكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ( عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) فَاعِلُ أَنْكَرَ
وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ هَذَا كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ ( إِلَى أُبَيِّ) بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ سَيِّدِ الْقُرَّاءِ كَتَبَ الْوَحْيَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَلَهُ مَنَاقِبُ جَمَّةٌ ( فَصَدَّقَ) أَيْ أبي ( سَمُرَةَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ صَدَّقَ أَيْ صَدَّقَ أُبَيٌّ سَمُرَةَ وَوَافَقَهُ.

     وَقَالَ  إِنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ انْتَهَى
قُلْتُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فَقَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا وَقِيلَ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ
وَقَالَ البخاري قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ نَفَى قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وقال فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ تَحْتَ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ سننه منها حديث نهةىعن بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَحَدِيثُ جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ وَحَدِيثُ لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا بِغَضَبِ اللَّهِ وَلَا بِالنَّارِ وَحَدِيثُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مُقْتَضَى تَصَرُّفِهِ جَدِيرًا بِالتَّصْحِيحِ
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رُوَاةُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ انْتَهَى ( كَذَا قَالَ حُمَيْدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَذَا هُوَ .

     قَوْلُهُ  وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ



رقم الحديث 786 [786]
أَيْ بِالْبَسْمَلَةِ
( مَا حَمَلَكُمْ) أَيْ مَا الْبَاعِثُ وَالسَّبَبُ لَكُمْ ( عَمَدْتُمْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ قَصَدْتُمْ ( إِلَى بَرَاءَةِ) هِيَ سُورَةُ التَّوْبَةِ وَهِيَ أَشْهَرُ أَسْمَائِهَا وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخْرَى تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ( وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ) أَيْ مِنْ ذَوَاتِ مِائَةِ آيَةٍ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَوَّلُ الْقُرْآنِ السَّبْعُ الطُّوَالُ ثُمَّ ذَوَاتِ الْمِئِينَ أَيْ ذَوَاتِ مِائَةِ آيَةٍ ثُمَّ الْمَثَانِي ثُمَّ الْمُفَصَّلِ انْتَهَى ( إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي) أَيْ مِنَ السَّبْعِ الْمَثَانِي وَهِيَ السَّبْعُ الطُّوَالُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمَثَانِي مِنَ الْقُرْآنِ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْمِئِينَ وَيُسَمَّى جَمِيعُ الْقُرْآنِ مَثَانِيَ لِاقْتِرَانِ آيَةِ الرَّحْمَةِ بِآيَةِ الْعَذَابِ وَتُسَمَّى الْفَاتِحَةُ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ أَوْ ثُنِّيَتْ فِي النُّزُولِ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَثَانِي السُّوَرُ الَّتِي تَقْصُرُ عَنِ الْمِئِينَ وَتَزِيدُ عن المفصل كأن المئين جعلت مبادىء وَالَّتِي تَلِيهَا مَثَانِيَ
انْتَهَى ( فَجَعَلْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطُّوَالِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ ( وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ تَوْجِيهُ السُّؤَالِ أَنَّ الْأَنْفَالَ لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ الطُّوَالِ لِقِصَرِهَا عَنِ الْمِئِينَ لِأَنَّهَا سَبْعٌ وَسَبْعُونَ آيَةٍ وَلَيْسَتْ غَيْرَهَا لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَرَاءَةَ
( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ) وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ( فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ) الْوَحْيَ كَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ ( وفي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) كَقِصَّةِ هُودٍ وَحِكَايَةِ يُونُسَ ( وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ) أَيْ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا النِّسْبَةُ التَّرْتِيبِيَّةُ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَالْآخِرِيَّةِ فَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَكَانَ هَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ قَالَ إِنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ رَوْقٍ وَأَبُو يعلى عن مجاهد وبن أبي حاتم عن سفيان وبن لَهِيعَةَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ بَرَاءَةَ مِنَ الْأَنْفَالِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْتَبِ الْبَسْمَلَةَ بَيْنَهُمَا مَعَ اشْتِبَاهِ طُرُقِهِمَا
وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ مُسْتَقِلٍّ
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ إِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا لأن جبريل عليه السلام لم ينزلبها فيها وعن بن عَبَّاسٍ لَمْ تُكْتَبِ الْبَسْمَلَةَ فِي بَرَاءَةَ لِأَنَّهَا أَمَانٌ وَبَرَاءَةٌ نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ
وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَوَّلَهَا لَمَّا سَقَطَ سَقَطَتْ مَعَهُ الْبَسْمَلَةُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْدِلُ الْبَقَرَةَ لِطُولِهَا وَقِيلَ إنها ثابتة أولها في مصحف بن مَسْعُودٍ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ ( وَكَانَتْ قِصَّتُهَا) أَيْ بَرَاءَةَ ( شَبِيهَةٌ بِقِصَّتِهَا) أَيِ الْأَنْفَالِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ وَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ مَعْنَوِيٌّ وَلَعَلَّ الْمُشَابَهَةَ فِي قَضِيَّةِ الْمُقَاتَلَةِ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ قاتلوهم يعذبهم الله وَنَحْوَهُ وَفِي نَبْذِ الْعَهْدِ بِقَوْلِهِ في الأنفال فانبذ إليهم وقال بن حَجَرٍ لِأَنَّ الْأَنْفَالَ بَيَّنَتْ مَا وَقَعَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مُشْرِكِي مَكَّةَ وبراءة بينت ما وقع له ما مُنَافِقِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مِمَّا ظَهَرَ لِي فِي أَمْرِ الِاقْتِرَانِ بَيْنَهُمَا
( فَظَنَنْتُ أَنَّهَا) أَيِ التَّوْبَةُ ( مِنْهَا) أَيِ الْأَنْفَالِ ( فَمِنْ هُنَاكَ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ تَبْيِينِهِ وَوُجُوهٍ مَا ظَهَرَ لَنَا مِنَ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُمَا ( وضعتهما في السبع الطول وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا سُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْفَصْلِ وَلَمْ تَنْزِلْ وَلَمْ أَكْتُبْ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي عَدَمِ نزول البسملة وهو أن بن عَبَّاسٍ سَأَلَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِمَ لَمْ تَكْتُبْ قَالَ لِأَنَّ بِسْمِ اللَّهِ أَمَانٌ وَلَيْسَ فِيهَا أَمَانٌ أُنْزِلَتْ بِالسَّيْفِ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَكْتُبُهَا أَوَّلَ مُرَاسَلَاتِهِمْ فِي الصُّلْحِ وَالْأَمَانِ وَالْهُدْنَةِ فَإِذَا نَبَذُوا الْعَهْدَ وَنَقَضُوا الْأَيْمَانَ لَمْ يَكْتُبُوهَا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ فَصَارَتْ عَلَامَةَ الْأَمَانِ وَعَدَمُهَا عَلَامَةَ نَقْضِهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَمَانٌ.

وَقَولُهُمْ آيَةُ رَحْمَةٍ وَعَدَمُهَا عَذَابٌ
قَالَ الطِّيبِيُّ دَلَّ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُمَا نَزَلَتَا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطول بها ثم قيل السبع الطول هِيَ الْبَقَرَةُ وَبَرَاءَةُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لكن روى النسائي والحاكم عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا الْبَقَرَةُ وَالْأَعْرَافُ وَمَا بَيْنَهُمَا
قَالَ الرَّاوِي وَذَكَرَ السَّابِعَةَ فَنَسِيتُهَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْفَاتِحَةُ فَإِنَّهَا مِنَ السَّبْعِ الْمَثَانِي أَوْ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَنَزَلَتْ سَبْعَتُهَا مَنْزِلَةً الْمِئِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْأَنْفَالُ بِانْفِرَادِهَا أَوْ بِانْضِمَامِ ما بعدها إليها
وصح عن بن جبير أنها يونس وجاء مثله عن بن عَبَّاسٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَنْفَالَ وَمَا بَعْدَهَا مُخْتَلَفٌ فِي كَوْنِهَا مِنَ الْمَثَانِي وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُورَةٌ أَوْ هُمَا سُورَةٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَدِ اسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِخَطِّ الْمُصْحَفِ فَتَكُونَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا أَثْبَتُوهَا بِخَطِّ الْقُرْآنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ عن يزيد الفارسي عن بن عباس ويزيد الفارسي قد روى عن بن عَبَّاسٍ غَيْرَ حَدِيثٍ وَيُقَالُ هُوَ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزٍ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ هُوَ الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حنبل وذكر غيرهما أنهما اثنان أن الفارسي غير بن هرمز وأن بن هُرْمُزٍ ثِقَةٌ وَالْفَارِسِيَّ لَا بَأْسَ بِهِ
انْتَهَى



رقم الحديث 790 [79]

رقم الحديث 798 [798] ( وَهَذَا لفظه) أي لفظ بن الْمُثَنَّى ( عَنْ يَحْيَى) أَيْ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى وهو بن أبي كثير ( قال بن المثنى وأبي سلمة) أي قال بن الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ
وَأَمَّا مُسَدَّدٌ فَقَالَ في روايته عن عبد الله بن أبي قَتَادَةَ فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ ( ثُمَّ اتفقا) أي مسدد وبن الْمُثَنَّى ( فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ الْأُولَى ( وَسُورَتَيْنِ) أَيْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةٌ ( وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا) وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَنَسْمَعُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ قَالَ الْحَافِظُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ فِي السِّرِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ قلنا كان يفعل ذلك عمد البيان الْجَوَازِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي التَّدَبُّرِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِسْرَارَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ
وَقَولُهُ أَحْيَانًا يَدُلُّ عَلَى تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ انْتَهَى
قُلْتُ الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسِرُّ فِي السِّرِّيَّةِ وَيُسْمِعُ بَعْضَ الْآيَاتِ أَحْيَانًا فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ مُطْلَقًا فِي السِّرِّيَّةِ بَعِيدٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
( وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنَ الظُّهْرِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَأنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّشَاطَ فِي الْأُولَى يَكُونُ أَكْثَرَ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفُ فِي الثَّانِيَةِ حَذَرًا مِنَ الْمَلَلِ انْتَهَى
وَيَأْتِي فِي الْبَابِ حِكْمَةٌ أُخْرَى لِتَطْوِيلِ الْأُولَى
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ سَعْدٍ الْآتِي حَيْثُ قَالَ أَمَدَّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ تَطْوِيلُهُمَا عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهمَا فِي الطُّولِ
وَقَالَ مَنِ اسْتَحَبَّ اسْتِوَاءَهُمَا إِنَّمَا طَالَتِ الْأُولَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ.
وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ أَنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا ذَلِكَ كانوا ثلاثين من الصحابة
وادعى بن حِبَّانَ أَنَّ الْأُولَى إِنَّمَا طَالَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِالزِّيَادَةِ فِي التَّرْتِيلِ فِيهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَقْرُوءِ فِيهِمَا
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا
ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ( وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ) أَيْ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ وَيُطَوِّلُ الْأُولَى وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 799 [799] (بِبَعْضِ هَذَا) أَيْ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا (وَزَادَ) أَيِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ هَمَّامٍ وَأَبَانَ كِلَيْهِمَا (فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وَرَوَى مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبَانَ وَهَمَّامٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ
فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ
وَلَمْ يُوجِبْ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْقِرَاءَةَ بَلْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ والسكوت والجمهور عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَنِ الصَّحِيحَةِ
انْتَهَى (وَزَادَ) أَيِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ (عَنْ هَمَّامٍ) وَحْدَهُ (وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ يُطَوِّلُ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّطْوِيلِ وَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَيْ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى إِطَالَةً لَا يُطِيلُهَا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ غَيْرَ إِطَالَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَتَكُونُ هِيَ مَعَ مَا فِي حَيِّزِهَا صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ (وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّطْوِيلُ فِي الْأُولَى بِصَلَاةِ الظُّهْرِ بَلْ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ
قَالَ الْحَافِظُ تَحْتَ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ بَابٌ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَيْ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُطَوِّلُ فِي أُولَى الصُّبْحِ خَاصَّةً
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْمَسْأَلَةِ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى إِنْ كَانَ يَنْتَظِرُ أَحَدًا وَإِلَّا فَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ
وروى عبد الرزاق نحوه عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الْأُولَى مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَكْثُرَ النَّاسُ فَإِذَا صَلَّيْتُ لِنَفْسِي فَإِنِّي أَحْرِصُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ الْأُولَيَيْنِ سَوَاءً
وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ دَائِمًا.
وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ يَتَرَجَّى كَثْرَةَ الْمَأْمُومِينَ وَيُبَادِرُ هُوَ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَيَنْتَظِرُ وَإِلَّا فَلَا
وَذَكَرَ فِي حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الصُّبْحِ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَكُونُ عَقِبَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُوَاطِئُ السَّمْعُ وَاللِّسَانُ الْقَلْبَ لِفَرَاغِهِ وَعَدَمِ تَمَكُّنِ الِاشْتِغَالِ بِأُمُورِ الْمَعَاشِ وَغَيْرِهَا مِنْهُ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ
انْتَهَى



رقم الحديث 824 [824] ( عَنْ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَنْهُ مَكْحُولٌ وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ ( أَبْطَأَ عُبَادَةُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ) أَيْ تَأَخَّرَ عَنْهَا ( فَأَقَامَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ) زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ( فَالْتَبَسَتْ) أَيِ اخْتَلَطَتْ ( وأنا أقول) أي في نفسي ( مالي يُنَازِعُنِي) أَيْ يُعَالِجُنِي وَلَا يَتَيَسَّرُ ( الْقُرْآنُ) بِالرَّفْعِ أَيْ لَا يَتَأَتَّى لِي فَكَأَنِّي أُجَاذِبُهُ فَيَعْصَى وَيَثْقُلُ عَلَيَّ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَبِالنَّصْبِ أَيْ يُنَازِعُنِي مَنْ وَرَائِي فِيهِ بِقِرَاءَتِهِمْ عَلَى التَّغَالُبِ يَعْنِي تُشَوِّشَ قِرَاءَتِهِمْ عَلَى قِرَاءَتِي وَيُؤَيِّدُ مَا فِي نُسْخَةِ يُنَازِعُنِي بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى حَذْفِ الْوَاوِ وَنَصْبِ الْقُرْآنِ لَكِنْ فِي صِحَّتِهَا نَظَرٌ إِذْ لَا يَجُوزُ التَّأْكِيدُ إِلَّا فِي الِاسْتِقْبَالِ بِشَرْطِ الطَّلَبِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهَا فَاتِحَتُهُ كَمَا سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُهَا
قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالْحَدِيثُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ.

     وَقَالَ  هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهَرَ أَوْ أَسَرَّ